فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Thursday, November 30, 2006

.................

تحذير هام و خطير
الموضوع التالى يحتوى على عبارات و حقائق و أفكار فى غاية البذائه و الأباحيه .. أحذر كل من يقرؤه أن القراءه مسؤلية القارىء .. و أخلى مسؤليتى عن خدش حياء أيا من القراء ..فحتى العنوان فضلت كتابته بعد التحذير لأرفع عن نفسى مسؤلية خدش الحياء من مجرد أسم الموضوع
أكرر و اشدد .. الموضوع من عنوانه ( الذى سيلى التحذير ) وقح جدا .. أعذر من أنذر
طبقات القحاب .. عبرات تاريخيه فى مواجهة العهر
الدافع لكتابة هذا الموضوع من أساسه هو استقبالى لوصلات مدونات أولها بمسمى مركز المصداقيه للشفافيه ( لا أدرى لم ذكرتى كلمة الشفافيه هنا بأعلانات الملابس الداخليه الحريمى ) تلاه وصله أخرى ..أترك الأطلاع على تفاصيلهما للقراء لكن فى المجمل , مضمون الموقعين هو الدعوه لما أسماه الكتاب بفكر الحزب الوطنى للعبور للمستقبل !!!!! ولا أزيد فى التفاصيل
فورا أحالنى الموضوع لدرس قديم تعلمته من جدى رحمة الله عليه فى ريعان شبابى و حتى قبل أن أشرع فى دراسة أدارة الأعمال أو حتى الأهتمام بالسياسه , ومايلى هو محاولتى لنقل الدرس الذى أعتقده مفيدا للجميع , و لأبدأ بشىء من السفسطه التاريخيه أولا حول ملابسات الموضوع .
فى ثلاثينيات القرن الماضى وجد جدى الحاج عبد الواحد رحمة الله عليه نفسه فى موقف بالغ الصعوبه , كان لم يبلغ التاسعة عشر عاما وقتها .. و أصيب والده الشيخ سليمان ( رحمة الله عليه ) بشلل أثر على حركة ساقه و أصبح غير قادر على القيام بأغلب مهام منصبه كعمده لأكبر قريه فى مركز الرياض بكفر الشيخ ( والتى كانت تابعه أداريا للغربيه ) و بما أن جدى كان أكبر أبناء الشيخ سليمان وجد نفسه مسؤولا بمفرده عن الأضطلاع الكامل بأغلب مهام العمده من رعاية و تنفيذ العداله العرفيه و تحقيق الأمن فى أقليم ممتد يقع فى أقصى شمال البلاد و بعيد كل البعد عن التواجد الرسمى الحقيقى للدوله , فضلا عن التحقيق و التقرير فى مشاكل الأهالى , و تمثيل المركز مشتركا مع ثمانية عمد آخرين أمام الجهات الرسميه , و أهم من ذلك الحفاظ على مصالح الأهالى و قيمهم الأجتماعيه الأصيله مع التعامل مع التغيرات السريعه للأوضاع السياسيه و الأجتماعيه فى تلك الفتره .. ففترة الثلاثينيات من القرن الماضى كانت تمثل أعلى مراحل التحول و التطور الليبرالى لمصر كلها دولة و مجتمعا قبل القضاء على كل اساسيات التطور عام أربعه و خمسين بوئد الدستور المقترح وقتها و اعتماد دستور يكرس حكم الفرد
أضافه لما سبقى فجدى البالغ من العمر وقتها تسعة عشر عاما كان عليه تحمل مسؤليه عائليه تتمثل فى رعاية ثلاثة عشر أخ و أخت هم ناتج زيجات الحاج سليمان من خمسة نساء كان منهن ثلاثه أحياء وقتها .. بالأضافه لرعاية بيته و أولاده حيث تزوج جدى عبد الواحد من الأولى ( جدتى ) فى سن السادسة عشر كديدن أهل الريف فى هذا الوقت , و تزوج الثانيه فى سن الثامنة عشر كاستجابه لنصيحة أبيه الشيخ سليمان الذى قال له ( أنت كبرت و مركزك هايعلى بين الناس , عيب قوى تبقى متجوز واحده بس و تطلب منهم يسمعوا كلامك .. يقولوا عليك أيه ؟ ماتقدرش غير على واحده بس ؟؟ ) كانت تلك هى أعراف الناس وقتها و سبحان من يغير ولا يتغير
المهم جدى عبد الواحد لم يكن يختلف فى شىء عن أبناء اسر الفلاحين من الرأسماليين الوطنيين وقتها .. تلقى تعليمه الأول فى الكتاب و حفظ القرآن و أجاد اللغه العربيه , تلقى تعليم أضافى فى منزل العائله على يد أساتذه أجانب فأجاد الأنجليزيه و الأيطاليه و كثير من قواعد الحساب و الحسابات , مع اهتمام شديد بالتثقيف الذاتى كاستجابه للميل المنتشر وقتها بفعل الحراك السياسى و الأجتماعى النشط فى تلك الأيام , لكن أشهد له كما يشهد أغلب من عاصروه أنه كان ذا رؤيه مستقبليه و فهم عميق للأحداث , ذهنه لا يقبل التشويش و لا يحيد عن الحقائق و بالتالى لا يستجيب للدعاوى الجذابه أيا كانت أغراءاتها .. بل يحلل الأمور بمنطقيه تكاد تكون مطلقه و يوازن الحقائق و المصالح بميزان شديد الحساسيه , يضاف لذلك عزيمته و حزمه و التزامه المطلق بأعراف و أخلاقيات مجتمعه , و هو ماجعله نموذج لشخصيه كاريزميه حقيقيه بالمعنى العلمى للكلمه , يستجيب له من هم أكبر منه سنا و أكثر منه سطوة و مالا
فى هذا الوقت من الزمان شهدت مصر كلها محاولات استقطاب اجتماعيه و سياسيه هامه و مؤثره من جانب القوى الحضاريه المعروفه فى هذا الوقت . و تمثلت ببساطه فى القوى الأوروبيه العريقه مقابل القوه الأمريكيه الناشئه - طبعا لم تكن لدول الزيت حضاره تذكر وقتها و من ثم كان الأستقطاب أيا كان اتجاهه مؤداه نمو حضارى حقيقى و اقتراب من التنميه الفعليه - و كانت مهمة قيادات المجتمع وقتها ( ممثله فى الأعيان و العمد والقيادات الشعبيه ) هى الحفاظ على القيم الأصيله للمجتمع المصرى مع الأستفاده القصوى من نمو و تقدم أطراف عملية الأستقطاب , و بطبيعة الحال مالت الرأسماليه الوطنيه كلها ناحية الجانب الأوروبى المتمتع بجاذبيه تاريخيه خاصه من حيث عراقته و أرستقراطيته و التزامه النسبى مقابل الطرف الأمريكى الفاقد للعراقه و الآتى بحداثات ( وقتها ) توجس منها أغلب أطراف الأمه المصريه , و تمثل الأستقطاب فى عمليتى التعليم و الصناعه فضلا عن التواجد الدينى لبعثات التبشير المسيحيه , و كنموذج للميل المصرى للحضاره الأوروبيه فقد اعتمد فى غالبهم على التعليم الأوروبى لأبنائهم بينما واجهت المدارس الأنجيليه فى محافظات مصر مقاومه و رفض من جانب الوطنيين , و عن مركزنا فقد قاد حملة مقاومة المدرسه الأنجيليه/ الأمريكيه فى طنطا وقتها عمدة قرية كنيسة دمشيت المسيحى الأورثوذوكسى .. و أستجاب له أغلب المواطنين المسلمين و المسيحيين على حد سواء .. باعتبار رأيه فى الأمريكان هو رأى العليم بمذهبهم أكثر منا و هو مصرى موثوق به , و على مستوى الصناعه فرغم جودة الماكينات الأمريكيه و رخص ثمنها المغرى وقتها و الأنتشار المحموم لوكلاء الشركات الأمريكيه فى كل نواحى مصر , ألا أن الرأسماليه الوطنيه اعتمدت فى أدائها كله على الآلات الألمانيه و الأنجليزيه و الأيطايه بوجه عام .. و يكفى نظره لماكينات صناعة الغزل و النسيج و حليج القطن فى المحله أو الطبيعه المعماريه فى أغلب المبانى المنشأه فى تلك الفتره لنعرف مدى التزام الرأسماليه المصريه بمصدر الحضاره الأوروبى فى هذا الوقت .. حتى على مستوى السيارات الخاصه و الأسلحه الشخصيه للأفراد , و رغم تميز تلك الصناعات أمريكيا , ألا أن مسار القدرات الشرائيه للأفراد و المدفوع بميولهم الحضاريه جعل السيارات و الأسلحه الأوروبيه هم التعبير الأمثل عن تميز مستخدمها , بل أن سيارات فورد الشهيره فى هذا الوقت كانت هى المنتجه بمصانع شركة فورد فى أوروبا و تحديدا انجلترا و ألمانيا قبل أغلاقهم لاحقا و تركز الأنتاج فى أمريكا فقط . بل و يمكن ببساطه ملاحظة أن فى تلك الفتره كانت كلمة ( أمريكانى ) عند استخدامها باللهجه العاميه المصريه كانت تشير ألى المزيف أو التقليد أو الغير أصلى بوجه عام
استوجب الأستقطاب سواء الأمريكى أو الأوروبى تواجد كثيف للجاليات الغربيه فى مصر , و خاصة فى المناطق التى تشهد نموا تجاريا و استثماريا و حضاريا , و هو ما سانده أنفتاح و تقدم المجتمع المصرى وقتها و قدرة الأمه على التعايش الراقى بين كل أطياف الحضارات مع الأحتفاظ بخصوصيتها كخط عام , و كان مركز الرياض وقتها لتوسطه بين مركزى سيدى سالم الزراعى و دسوق الصناعى التجارى يشهد نموا مضطردا على الصعيد الأقتصادى و ما يتبعه من الأصعده الأخرى , و تواجد الغربيون بكثافه فى النواحى بل و تحركوا بتحرر مطلق بين القرى سواء عارضين بضائعهم أو خدماتهم العلميه و التقنيه فى مجالات بيع و صيانة الآلات , أو معلمين لأبناء الرأسماليه الوطنيه و مناظرين لمثلائهم من أبناء الطبقه الوسطى المصريه ( أيام كان فى مصر مايسمى بالطبقه الوسطى ) منافسين و مستفزين للأبداعات المصريه التى كانت تتفوق أحيانا , أو تتعلم الدرس المفيد من خسارتها فى المنافسه أحيانا أخرى , استتبع ذلك ببساطه وجود مايسمى بنمط الحياه الغربى و ظهوره على السطح كظاهره اجتماعيه
طبعا لا مجال لأنكار هذا النمط كله و فوائده فى كثير من الأحيان , فوجود و صعود قمه مصريه مثل كوكب الشرق السيده أم كلثوم ماكان حتى ليبدأ لولا و جود مايشجعه فى المجتمع المصرى من أسلوب حياه تمثل فى رعاية الأعيان للحفلات الفنيه الدوريه التى قدمت للمجتمع أمثال كوكب الشرق و عبد الوهاب و غيرهم .. أيضا فكرة وجود صالونات أدبيه وثقافيه يرعاها الرأسماليون الوطنيون و يغذيها مثقفى مصر مناظرين لمثلائهم الأوروبيين ماكانت لتظهر على السطح لولا وجود هذا النمط من الحياه و العائد أساسا للحضاره الغربيه , حتى حركات الترجمه و المسرح و السينيما و تحرير المرأه .. كل عناصر التحضر المشار أليها ترجع و لو كفكره فى الأساس للتعايش المصرى مع مصادر الحضاره الغربيه و استحضار حسناتها كمصدر للتقدم
استطراد : يدفعنى هذا المقطع لمقارنة أداء الرأسماليه المصريه و الطبقه الوسطى الوطنيه وقتها بأداء المترفين المصريين منذ عهد الثروات الزيتيه و مابعدها ..يكفى للمقارنه تذكر قصيدة الأطلال مقابل أغنية العتبه جزاز التى شاعت فى الستينات من القرن الماضى , أو مقارنة كتب العقاد و طه حسين بكتب عذاب القبر و ليلة الدخله الشائعين حاليا
على الصعيد الآخر , كان التأثير السلبى للتواجد الغربى فى مصر متمثلا فى أماكن اللهو التى تراوحت بين نوادى اجتماعيه و بورصات تجاريه و بارات و ملاهى ليليه .. و ايضا مواخير لممارسة البغاء .. و بالأستقطاب تعامل المصريون مع كل أماكن اللهو من البورصا ت التجاريه حتى المواخير , و بطبيعة الظاهره تم تقنين كل هذه النشاطات حتى الدعاره , فأصبحت المواخير و بيوت الدعاره أنشطه مرخصه رسميا بل و بأشراف حكومى من حيث الكشف الصحى على العاهرات و متابعتهن , و طبعا اضفاء الحمايه الرسميه على العاملين فى المهنه من عاهرات و قوادين و خلافه .
و بطبيعة المد الأستقطابى تم افتتاح عدد من المواخير كملحقات بالنوادى الليليه فى المراكز الرئيسيه فى المحافظات كالرياض و بدأت الظاهره الأجتماعيه الضاره , ووجب على الأعيان ممثلين فى عمد القرى التابعه للمركز و كبار الملاك مواجهة الظاهره , و التى تمثل خطرها أساسا فى تزايد المشاكل العائليه فى بيوت الأهالى مع وقوع عدد كبير منهم فى براثن أغراء اللحم الأبيض المشاع ليبددوا دخولهم المحدوده بل و يستدينوا فوقها طلبا للمتعه المتاحه , مع أحجام شباب الفلاحين عن الزواج المبكر الذى اعتاده المجتمع و بداية ظهور العنوسه , و أيضا مع تنامى الأقبال على العاهرات و سذاجة أغلب زبائنهم من الفلاحين البسطاء و الذين لم يتمتعوا بذات الوعى المتاح للطبقات الأعلى .. فظهرت نوعيات جديده من الجرائم تمت أغلبها بتحريض من العاهرات أو القوادين , حيث كان يسهل جدا تحريك الفلاح الغير واعى و دفعه لأرتكاب أفعال لم يكن ليقبلها بفطرته الأساسيه بمجرد الأيحاء له من قبل القواد أو العاهره
استطراد : يذكرنى هذا المقطع بأداء جنود الأمن المركزى البسطاء خلال اعتدائهم على المتظاهرين الشرفاء من أبناء مصر بأوامر من رؤسائهم و ترغيب و ترهيب من منظريهم
وجد جدى رحمة الله عليه نفسه مسؤلا مع آخرين عن مقاومة ظاهرة الدعاره فى الزمام التابع لأدارته و النواحى المجاوره , و كانت اقتراحات اقرانه تتراوح بين التهور المتطرف القاضى بمهاجمة تلك البيوت و تحطيمها على من فيها , و هو مايعرض لمسائله قانونيه حقيقيه باعتبار نشاط الدعاره نشاط طبيعى يتمتع بالحمايه الرسميه .. أو حلول أخرى من باب وعظ الفلاحين و التشديد عليهم .. و هو ايضا حل غير منطقى لا سيما فى مرحلة النمو السكانى الناتج عن التطور الأقتصادى الجاذب لأعداد كبيره من الفلاحين و العمال للمنطقه و ايضا مع تنامى الوعى بالحريات الشخصيه , صار التفكير فى التحكم فى الأهالى أمرا مرفوضا كمبدأ و ايضا يعرض هيبة الأعيان للتراجع فى حالة تمسك الفلاح بحقه الشخصى فى ممارسة الأداء المصرح به حكوميا ..أما الحلول القاضيه بالتوجه للمواخير و محاولة التفاهم مع أهلها من القوادين و العاهرات ليبتعدوا بشرهم عن النواحى .. فكان أمرا فى غاية الخطوره حيث سيعرض الأعيان أنفسهم لتقولات و افتراءات تهدد مراكزهم و سمعتهم من أساسها , و بمنطقية الأمور .. صار الجنوح للعنف أو الميل للتفاهم كلاهما حلين مرفوضين , و أصبح المتاح الوحيد منطقيا هو ..ممارسة الضغوط ,,و جاء دور المنطق و التحليل لحديد قدرات الفريقين المتعارضين و طبائعهما .. لوضع خريطة المعركه/المرحله
رحم الله جدى .. كان ذا عقليه علميه منظمه , الدراسه العميقه و تتبع أخبار و تفاصيل المواخير أوضحت له مايلى
كل القحاب ( جمع قحبه و هى العاهره فى العربيه الفصحى و العاميه على السواء) لهن أخطاء حدثت قبل السقوط فى الدعاره و أخطاء أخرى استمرت بعد احتراف المهنه , فمنهن الهاربه من أسرتها أبان جريمة شرف أو حتى جناية سرقه أو خلافه .. و منهن المطروده من بيت أهلها أو زوجها لوقوعها فى أدمان المخدرات أو الخمور .. و منهن المتهربه من أسرتها بكذبه لتعمل بالدعاره تفرغا أو بعض الوقت طمعا فى العائد المادى فقط
لكن بوجه عام تنقسم القحاب ألى طبقتين
الأولى : القحبه فقط , و أسلوب حياتها الطبيعى يملى عليها أن تكون خارج الماخور بمظهر وسلوك السيده العاديه تماما .. فهى تعمل بالدعاره هاربه أو متهربه من خطأ يطاردها و تخشى دوما افتضاح أمرها خارج الماخور , طبعا تخلع عن نفسها ثوب العفه قبل دخول الماخور لتمارس ماتمارسه لترتدى مره أخرى الثوب العادى بعد انتهاء مهمتها , وطبعا هذا النوع من القحاب له قدره محدوده على تحمل الأذى و خصوصا أذى الفضيحه .. فهى فى الغالب لها أهل و عائله و أحيانا زوج أو أولاد مخدوعين , ومن ثم فالتهديد بفضح أمرها و الأشاره ألى الجزء الذى تسعى لأخفاؤه و الأختفاء منه فى تاريخها أو حاضرها يعتبر ضغطا كافيا عليها لترحل هاربه
الثانيه : القحبه القارحه .. و كلمة قارحه أعتقدها تشير ألى قدرتها الكبيره على تحمل الأذى ووقاحتها المطلقه فى الأعلان عن مهنتها , فالقارحه غالبا ماتكون بالفعل مقطوعه من شجره لو كانت مصريه .. أو هى فى الأصل أجنبيه قدمت من بلادها مهاجره مثل الأرمنيات و الشاميات و اليونانيات .. ويملى عليها قرحها أن تعلن للمجتمع كله طبيعة مهنتها مادامت تحمل الترخيص الرسمى بالمزاوله .. بل منهن من كن يتباهين بنتيجة الكشف الطبى عليهن أذا ما خرجن سليمات بتوزيع النذور و الأحتفال الحقيقى العام للأعلان عن نظافة فرجها و قابليته للأستخدام الفورى بعد العوده من الكشف الطبى .. طبعا القارحه ليس لها ما يهددها .. فنشاطها رسمى .. يحميها القانون .. و لا سبيل للضغط عليها اجتماعيا بأى طريقه
بعد قليل من الضغط على القحاب العاديين بالتهديد بالفضيحه هاجرن بمجملهن من الزمام كله .. بينما بقيت القارحات .. و هن فى الحقيقه المشكله الأساسيه ..فلا العنف يصلح ولا الضغط الأجتماعى يصلح .. طبعا ناهيك عن أى محاولات للوعظ الدينى أو الأخلاقى
هنا وجد جدى أن الحل ليس فى الضغط على القارحات .. ففعلا قدرتهن كبيره على تحمل الضغوط .. لكن الضغط الفعال حقا هو مايمكن ممارسته على زبائن القارحات و المتعاملين معهن ..أى من يمدونهن بمورد الدخل و أسباب الحياه , و بالفعل , تم تعيين عدد كاف من الخفراء و المخبرين لتتبع زبائن الماخور و ليس العاملين فيه .. لتحديد محيط الزبائن الأجتماعى و الاقتصادى و معرفة أكبر قدر من التفاصيل عنهم .. وسرعان ماتراكمت أمام جدى و زملائه معلومات شديدة الأهميه عن زبائن القارحات .. و بدأت الحركه الفعاله .. فزياره من بعض الأعيان لمحل تجارة زبون القارحه و تهديده بفضح ما يفعله أمام جيرانه و عملائه لهو كفيل بأفلاسه تماما نتيجة التجريس و الفضيحه , و زياره لبيت مالك أراض زراعيه و تهديده بفضح أمره أمام أهل قريته و أنسبائه و أصهاره لهو كفيل بضياع هيبته و سمعته تماما , و حتى الموظفين العموميين من زبائن القارحات .. تم تهديدهم برفع شكاوى ضدهم للديوان الملكى نفسه أذا استمروا فى استخدام القارحات و أمدادهن بالمال كأجر للممارسه الجنسيه .
أسابيع قليله و بدأت الأخبار الجيده تأتى .. المواخير بدأت فى معناة الفراغ و الكساد بعد رواج شديد فى فتره سابقه .. القحاب بدأن فى السفورفى الشوارع و الأعلان بوقاحه وحشيه عن خدماتهن لدرجة أن أحداهن خلعت ملابسها عاريه فى الشارع أمام أحد المساجد و تحججت بأن عليها نذر توفيه لشيخ الضريح بأن تستحم عاريه أمام مقامه .. ورغم الثوره المتهوره للأعيان و الأهالى ألا أن جدى رحمه الله أبتسم للخبر .. فجنوح القحاب للجنون و التصرفات الهوجاء لهو دليل حقيقى على قرب أنتهاء عهدهم , و أشاره بأن الضغوط أفلحت تماما .. و كانت أوامره صارمه لرجاله و زملائه .. لا تتعرضوا للقحاب القارحات بالعنف بأى صوره من الصور , ولا تعطوهن أى مبرر للرجوع على مجموعة الأعيان و رجالهم بالشكوى أو التعويض .. أتركوهن .. و مارسوا مزيد من الضغط على المتعاميلن معهن فقط .. الآن الضغط على كرياكو البقال اليونانى .. بأنه لو باع لهم الطعام بالدين مره أخرى .. فلن يتعامل معه أحد من الأعيان .. فبدأ كرياكو بمطالبة القارحات بثمن طعامهن نقدا .. و طبعا للكساد عجزن عن السداد و من ثم الشراء ..
مزيد من الضغط .. تنبيه على كل نساء العائلات .. لا تستقبلن فى بيوتكن الدلالات الفلانيه و الفلانيه .. و اعلنوا لهن أنكن تقاطعن بضائعهن لأنهن يزرن بيوت القارحات .. مزيد من الضغط ..
حتى سائقى الحناطير .. يتم مقاطعة أى سائق حنطور يقبل ركوب القارحات معه تحت أى ظرف من الظروف .. مزيد من الضغط
الضغط أفلح أخيرا .. و حوصرت القارحات فى مكمنهن دون أى عنف أو احتكاك حقيقى قد يعرض الأعيان لأى خسائر , فبدأن فى الرحيل ألى مراكز أخرى بعيده ليس فيها أمثال الحاج عبد الواحد و أقرانه , نهاية المطاف تم تطهير الزمام كله و ماحوله من أى أثر للمواخير .. بل وعادت للأرتفاع مره أخرى معدلات الزواج و تأسيس الأسر و البيوت فى الحلال .. و انتهى الدرس
لم هذا الدرس ؟ و لم تذكرته الآن ؟
بالنظر للوضع السياسى المصرى سواء على مستوى النظام أو حتى احزاب و أغلب جماعات المعارضه .. أجدنى مقتنعا بأن الجميع قحاب تجاوزوا مرحلة القحاب الأعتياديين ألى مرحلة القارحات .. أغلب الأعلاميين لا يجدوا غضاضه فى الترويج لخواء قذر اصطلحوا على تسميته الفكر الجديد و العبور للمستقبل ..المعارضين لا يستحوا من الهجوم على وزير تافه لتصريحه حول قطعة قماش للرأس بينما التعذيب ينزع مايستر به المواطن عورته و يغتصبه فى أقسام الشرطه .. العسكريون لا يخجلون أن يتم تصوير رئيس المخابرات المصريه مصافحا لرئيس وزراء أسرائيل ولا يجرؤ أى منهم على مجرد الشكوى من قتل جنودنا على الحدود فى حوادث تستفز كرامتنا و أمننا .. النقابات بما فيها المحامين و الصحفيين ينكبون على صراعهم الداخلى بين الأخوان و اليسار حول مركز الرئيس .. ولا يفكر أحدهم فى الأضراب مثلا لسجن ايمن نور أو طلعت السادات ..
الجميع صاروا قحاب من النوع القارح .. الذى يجهر بفاحشته بل و يتباهى بها .. فعلا ماعاد فضحهم يجدى شيئا .. لكن ما قد يكون فاعلا هو الضغط عل زبائنهم و المنتفعين منهم .. و المساندين لهم
أن تدويل فضائح النظام لا يعنى أطلاقا الدعوه للتدخل فى الشأن المصرى كما قد يدعى بعض القحاب .. لكنه فضح و ضغط على الأنظمه الجائره التى تساند نظامنا القارح و تمارس القواده على أعماله الشائنه ..
أين القضاء الدولى من جرائم انتهاك أعراض الصحفيات فى المظاهرات ؟ أين الموقف العالمى من الأعتداء على القضاه ؟ اين المحاكما ت الدوليه لجرائم التعذيب ؟ كل هذا تم الأبتعاد عنه بحجة عدم قبول التدخل الأجنبى فى الشؤن الداخليه .. بينما الجهات الأجنبيه مازالت تمنح النظام القارح و قحابه أسباب العيش و تمده بالموارد ليستمر و يستمر ويستمر
الهجوم على زبائن القارحات هو الحل .. و فضح الأنظمه الدوليه المسانده للنظام و قحابه هو الطريق الفاعل
أرجو أن أكون قد وضحت فكرتى .. و أنتظر ممن جرؤ على القراءه مشاركتى بالرأى و المشوره

Tuesday, November 28, 2006

تشليح

أحبائى .. القهوه العاليه .. و الحاج جرجس ..نشرا بفرحه خبر سعيد علينا جميعا , هو خبر القبض على احد الضباط المنحرفين للتحقيق معه فى تهمة تعذيب مواطن فى أحد اقسام البوليس .
مع فرحتى بهذا الخبر , و طبعا تقديرى و احترامى الشديد للمحامى ناصر أمين الذى قدم البلاغ للنيابه العامه طالبا منها مشددا سرعة التحرك , أرانى بطبيعتى الكابوسيه أنظر للجانب الآخر من الخبر / الأنتصار و بفرحه مماثله أيضا .. فما قام به فرد مصرى هو المحامى الشجاع من اختصام وزير الداخليه ..و مانتج عن ذلك من تحرك العداله البطيئه و مانتوقعه من استمرار حركتها , و أيضا ما أتوقعه من رعب وقع فى قلوب كل المنحرفين فى وزارة الداخليه نتيجة أنتباه العداله أخيرا .. كل هذا يجعلنى أتسائل .. أليس فى مصر مصرى واحد مخلص لكرامة المصرييين سوى هذا المحامى الشجاع ناصر أمين ؟
أليس فى مصر بكل أحزابها و جمعياتها و جماعاتها من يغار لنصرة كرامة المصريين سوى هذا المركز الحقوقى الذى يعمل به المحامى الشجاع ؟
و أتسائل أكثر ؟ أين الأخوان المسلمين بمقاعدهم النيابيه التى تقارب ربع مقاعد البرلمان ؟
أين الناصرييون بجرائدهم و زعم معلمهم أن ارفع رأسك يا أخى ؟
أين اليساريون بجرائدهم و أجنحتهم النشطه فى نقابات المحامين و الصحفيين ؟
بل أيضا أين المصلحين فى لجنة سياسات الحزب الوثنى ؟ أين الدكتوره ( الموزه ) العائده لبيت طاعة جمال مبارك بغرض استكمال مسيرة الأصلاح ؟
أين اليبراليون الباحثون عن شعبيه تعوضهم سجن قادتهم حاليا ؟
أين حركة كفايه ؟
أين مشايخنا المتحمسين للشهاده و المكفرين لكل من خالف وهابيتهم ؟ أليست كرامة المواطن تستحق رفع قضية حسبه كتلك التى أباحت دم نصر حامد أبو زيد ؟ و فتوى كتلك التى أهدرت دم فرج فوده ؟
أين صاحبى القداسه شنوده و مكسيموس من آلام الشعب المصرى ؟
أرانى لا أستطيع التخلى عن طبيعتى الكابوسيه .. و أجيب على الأسئله أعلاه كما يلى
الأخوان ؟ فى شغل شاغل بحساباتهم البرجماتيه .. فكلام الوزير اياه عن الحجاب و ضحالة رد الفعل الحكومى عليه فرصه لا يجب أن تضيع منهم لشحن مزيد من المؤيدين و المريدين للأخوان .. فالأنتخابات القادمه ستضعهم على المحك أمام الكل .. و احتفاظهم بمكانة الأقليه المؤثره فى المجلس ستؤكد للحاكم قدرتهم على الضغط .. و مزيد من المكافئات فى صورة صفقات سياسيه غير معلنه ينتظر أصحاب المبدأ الشهير .. طظ فى مصر
الناصريون ؟ منهمكون فى تأسيس الحزب الناصرى فى موريتانيا و دعم الأشقاء فى الصومال , و البحث عن أى فلسطينى يقبل أن يسمى نفسه ناصريا ليعلنوا تأسيس الحركه الناصريه فى غزه .. و طبعا لا وقت للمصريين عندهم .. فسنة معلمهم تملى عليهم القتال فى اليمن و الجزائر و زائير .. مع ترك سيناء و قناة السويس مكشوفه للأعداء .. و مره أخرى طظ فى المصريين
اليساريون ؟ فى حالة بحث دؤوب للوصول ألى طريقه للأتصال بفينزويلا للحصول على تمويل للحركه اليساريه بعد أن أختفى التمويل السوفيتى باختفاء الأتحاد السوفيتى نفسه و تحول الصين ألى النظام الرأسمالى فى الأقتصاد و تركز التمويل الليبى على المقاتلين فى تشاد
أما عن المصلحين فى لجنة السياسات و خصوصا الدكتوره العائده .. و قدراتها على الأتصال بأمريكا و تباهيهها بحضور اجتماعات على الأفطار مع السفير الأمريكى .. فلا تعليق سوى .. أنها بجد بجد .. موزه .. و اللى معارضنى يبقى مايفهمش فى النسوان
الليبراليون بعد سجن أيمن نور و طلعت السادات و تحلل الوفد بوجه عام مع تباطؤ الحركه الديموقراطيه .. أصبحوا كاليتامى .. يحاربون ليل نهار فقط .. ليتمكنوا من العيش .. لا أكثر ولا أقل .. فلا نمو و لا حتى انحدار .. مجرد سعى دؤووب للبقاء على قيد الحياه ألى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا
حركة كفايه ؟ و لو أن صديقى عمر قناوى قد يغضب من كلامى .. لكنى ببساطه أعتقد أن اختفاء كفايه مصحوب بتركيز السيده كوندوليزا رايس لمجهوداتها على العراق و أيران .. كما كان ظهور كفايه مرتبطا بتركيز كوندوليزا لمجهوداتها على مصر
أما مشايخنا الأفاضل من عينة زبائن قناة الناس .. فطبعا لا شاغل لهم سوى الدعاء لنصرة أخوانهم المجاهدين فى أفغانستان و الشيشان .. و الدعاء على حزب الله الشيعى الكافر فى لبنان .. طبعا دون أن ينسوا سب الدين لكل مسيحى يفكر كمصرى و تعميق الخلط بين المسيحيه و اليهوديه و الصهيونيه .. و تأصيل سبب كل البلاء لأننا ببساطه نحجب نسائنا فقط ولا نضعهم فى النقاب .. يبقى نستاهل اللى يجرالنا .. عشان أحنا كفره ولاد دين .... ولا خلينى مؤدب أحسن
صاحبى القداسه شنوده و ماكسيموس حولا الكنيسه المصريه العريقه التى كانت شريكا كاملا فى ثورة 1919
ألى ساحه للتنافس على كرسى الباباويه .., مع ميل البابا شنوده للمذهب الوهابى فى المسيحيه أعنى التشدد و الجنوح للترهيب من أى تفكير .. بينما يجنح منافسه ماكسيموس لتبنى نموذج عمرو خالد لدينا نحن المسلمين .. فهو القادم بالتفتح و التفاسير اللى تشرح القلب و تسهل على الناس
كارثه فى قيادات هذه البلد كلها .. الخط الأساسى فى تفكير كل القيادات بلا استثناء و الناتج عن معرفتهم الدقيقه بحالة أدمان الأستنماء العقائدى و السياسى للمصرين هو .. أبتعدوا بالشعب عن مواجهة الحقائق .. و اعطوهم من الأوهام و أحلام اليقظه مايكفى زادهم اليومى من الأستنماء و الأغراق فى الوهم , سواء كانت الأحلام جميله ( كالقوميه و العروبه و جنة الخلد و الأصلاح السياسى ..) أو كوابيس كالتعذيب فى الأقسام و عدم قدرة العداله على حمايتهم من البطش و نار الله الموقده لمن لا يعجبه الحجاب أو من يمشى وراء مكسيموس
كل قادة المجتمع بكل طوائفهم يلعبون على وتر واحد و بأساليب متعدده .. أدمان الشعب للأستنماء السياسى و العقائدى
واحد فقط من هذا الشعب كله أفاق من غيبوبة الأحلام .. فقدم البلاغ للنيابه .. فتحركت العداله .. واحد فقط
أراهن على أنه خلال أيام ستنطلق أصوات من بين قادة الشعب المذكورين أعلاه لتؤكد أنه يفطر مع السفير الأمريكى فهو عميل , أو أنه يتلقى أموال من ليبيا , أو أنه علمانى كافر .. أو أنه مسيحى صهيونى ..و للأسف , سيغرق الشعب مره أخرى فى الأستمناء .. و يستمر الوضع كما هو عليه

Thursday, November 23, 2006

اكرم ابنى .. بطل بجد

الحمد لله .. أخيرا خبر حلو فى الأيام الغريبه اللى عايشينها .. أكرم أبنى حصل على المركز الأول فى بطولة الجمهوريه المفتوحه للتايكوندو .. فى وزن تحت 49 كيلو ... الجميل بقى قصة مشوار الفوز .. أولا الأسبوع الماضى اكتشفت أنه مصاب فى رجله .. و كنت مرعوب عليه من التمرين قبل البطوله ..خوفا من تضاعف الأصابه .. لكن الحمد لله أصابته شفيت قبل البطوله بحوالى يومين .. نبهت عليه المره دى يركز كويس فى كلام المدرب .. و ماينفضلوش زى البطوله اللى فاتت و التى حصل فيها على المركز التالت بالعافيه .. ثانيا .. هو لعب أربع مباريات .. فاز فى الأولى بنتيجة عدم التكافؤ حيث فاقت نقاطه سبعة نقاط عن منافسه .. فى المباراه التانيه واجه زميله فى نفس الفريق .. و أعجبنى أنه قال من قبل المباراه كنت سعيدا بأى نتيجه .. فلو فاز هو أو فزت أنا فى النهايه النادى سيحصل على المركز .. فى المباراه الثالثه أيضا فاز بفارق خمس نقاط ..
أما المباراه الأخيره .. فكانت مع بطل نادى الجزيره .. و أعجبنى فى أكرم أنه اعتبرها مباراه ثأريه فبطل نادى الجزيره أخرج زميل أكرم بالضربه القاضيه فى دور الأربعه .. فاعتبر أكرم أن المباراه بينه و بين بطل الجزيره هى مباراة ثأر لصديقه .. و بالفعل نجح فى تسديد قاضيه فنيه لمنافسه فى الجوله الثانيه .. ألا أن التوقيت منع احتساب الضربه كقاضيه .. و فى الجوله الثالثه ضغط على منافسه ليفوز بفارق ستة نقاط كامله .. أى كانت تنقصه نقطه واحده ليتحول فوزه ألى فوز لعدم التكافؤ .. و بمجرد انتهاء المباراه .. و فوزه بالبطوله .. هرع ليهدى الفوز ألى زميله فى الفريق و الذى خرج من دور الأربعه و يقول له ماتزعلش .. أنا اخدت بتارك ..
فخور بتفوق أكرم رياضيا .. لكنى فخور أكثر بكثير بأخلاق الرجال التى تصرف بها و شرفه فى المنافسه .. و نبله فى معاملة اصدقائه و ايضا منافسيه
طبعا لم أحضر البطوله لظروف خاصه .. لكنى تابعتها على التليفون كل نصف ساعه تقريبا
الحمد لله .. و عقبال مزيد من الأفكار المفرحه

Tuesday, November 14, 2006

الميديتشى كنظريه فى التنظيم ..أو .. الحقائق و الحقائق الموازيه

رجعنا لتقل الدم تانى
بحمد الله تعالى عدت ألى طبيعتى الكابوسيه ثقيلة الدم مره أخرى بعد فترة انحراف قصيره .. و أستغفر الله على أسعاد أصدقائى بموضوعى قبل الأخير .. باعتبار أن رسالتى الأولى فى التدوين هى خلق مناخ حميم من النكد و الحيره و الأحباط .. و الله المستعان
الميديتشى هو اسم أسره تنتمى لمملكة ميديا الواقعه فى شمال أيطاليا قبل توحدها . واشتهرت بأفراز الرجل الثانى فى الحكم .. أو مايسمى بوزير الملك أو رئيس الوزراء على مدى نحو ستة قرون انتهت فى القرن الثامن عشر , و قد أرست هذه الأسره تراث حقيقى من علم السيطره و التوجيه من وراء الستار حتى صار نموذج التنظيم الغير رسمى أو التنظيم الموازى للسلطه الرسميه يطلق عليه فى علوم الأداره مصطلح الميديتشى , و للأختصار و لتقريب الفكره العلميه , لنتخيل بعض الأمثله القصصيه البسيطه.. كخادم البيت الأمين الذى يكتسب ثقة صاحب البيت ثم تتطور صلاحياته فى أدارة المنزل من موقعه كخادم ليسيطر على كل مجريات الأمور و توجيه مسار البيت لتحقيق أهدافه الخاصه, فيقرر مثلا أصابة صاحب البيت بالتخمه بوضع كثير من الدهون فى الطعام , و تقديم مبررات تقنع صاحب البيت بأن هذا الطعام هو الأكثر فائده .. و طبعا للثقه العمياء فى الخادم يصدق صاحب البيت و يصاب بالكولسترول فى النهايه .. من هذا المثال البسيط ..يمكن تطوير الأحتمال ألى أضافة السم مثلا فى الطعام دون أن يلحظ صاحب البيت الغافل عن / الواثق فى خادمه المفترض فيه الأمانه و الولاء ..أو يتطور الأمر ألى تحالف الخادم الأمين مع لص من خارج المنزل ليسهل له مهمة سلب محتوياته و سرقة أملاك رب المنزل .. أوأن يستغل الخادم الأمين معرفته الوثيقه بأدق أسرار رب المنزل لتهديده أو ابتزازه أوالضغط عليه لمجرد الحفاظ على مكانه المقرب فى البيت / المؤسسه التى يعمل بها ..أو قد يتعدى الأمر حدود البيت لستغل الخادم البسيط سلطة و قوة صاحب العمل ليفرض سيطرته على الآخرين من الجيران أو الزملاء أو العملاء و الموردين ليحقق مصالحه الخاصه على حساب الأضرار بسمعة أو أموال صاحب العمل الغافل , بل و قد يتطور الأمر ألى تدخل الخادم فى علاقات السيد الغافل الأنسانيه و الأجتماعيه .. ليقرب منه من يرغب .. و يدبر المكائد ليبعد عنه من يرغب فى أبعادهم
بطبيعة الميديتشى فهو لا يطمح أبدا للوصول ألى موقع صاحب البيت / الملك ..فهو قرر منذ بداية مهمته البقاء فى موقع الرجل الثانى ملازما له لا يقبل أبدا التنازل عنه .. و أيضا يرفض التصعيد لموقع الرجل الأول , فهو من مكانه يحقق كل أهدافه دون التعرض لمخاطرة أن يكون المسؤول الأول أمام الناس .. فهو فى النهايه خادم / سكرتير / وزير /عبد المأمور .. و أنا متأكد أننا لو بحثنا فى حياتنا العمليه أو الأجتماعيه أو حتى العائليه فيمكن لك منا أن يلاحظ بوضوح تكرار نموذج الميديتشى فى أى تجمع بشرى من المؤسسات ألى الجامعات و حتى العائلات و الأسر الصغيره
الميديتشى لا يظهر بمفرده من عدم .. لكن يلزمه ظروف واشتراطات أنسانيه و اجتماعيه و اقتصاديه و حضاريه لابد من توافرها قبل أن يبدأ فى أداء مهامه/رسالته .. تلك الظروف التى قد تتوافر قدريا أو .. قد ينجح الميديتشى نفسه فى العمل لتوفيرها لنفسه كنوع من تهيئة الأرض قبل الشروع فى الحركه ,من هذه الظروف مايلى :
أولا / وجود سيد جاهل يتميز بالقصور الشديد فى القدره على التخيل و التفكير قبل الغفله ..فلا يمكن للميديتشى التعامل مع سيد ذو فكر أو نسق ذهنى قابل للتطور و الأستنتاج .. فوجود مثل هذا السيد يعرض مهمة الميديتشى من أساسها للخطر الجسيم
ثانيا / تميز السيد بالجنوح لأتباع الهوى و استسهال الحلول و تفضيله للأسترخاء بدلا من تحمل عناء المواجهه , كأن يكون مبدأ السيد فى الحياه عند مواجهة أى مصاعب هو ( لف و ارجع تانى ..) فنقاط الضعف تلك تجعل من السيد عجينه طريه يمكن للميديتشى تشكيلها و توجيهها كما يشاء دون المخاطره بموضع الميديتشى ذاته ..فالسيد المندفع الذى قد يدخل مثلا فى حرب أو اشتباك مع أسياد آخرين .. قد يعرض حياة الميديتشى للخطر بحتمية مرافقة الميديتشى لسيده فى المواجهات أيضا .. اذا .. يجب أن يكون السيد فضلا عن جهله و غفلته .. يجب أن يكون متقاعسا ميالا للقعود عن المواجهه ..فالسيد المناسب للميديتشى هو من يبتعد تماما عن أسلوب الملاكمه (رياضة المواجهه ) و يلتزم بأسلوب الأسكواش أو البولنج .. الرياضه التى يتجاور فيها المتنافسان ولا يتواجهان ..!!!م
ثالثا / وجود غطاء تشريعى كاف لأبعاد المخاطر عن الميديتشى و ضمان تحميل كل التبعات و العقوبات على السيد أو الرجل الأول .. و هنا تكمن أولى الخدع البارعه التى تستحق الأعجاب بذكاء هذا الميديتشى فهو يعلم بذكائه الحاد أن طبيعة المنطق البشرى تربط بتلقائيه بين المسؤليات و الصلاحيات .. وبالتالى و ليبتعد قدر المستطاع عن المسؤليات فهو يعمل بجهد جهيد لتركيز كل الصلاحيات فى يد الرئيس / السيد ..فتجد الرئيس / السيد المزعوم هو القائد الأعلى للقوات المسلحه و رئيس المجلس الأعلى للشرطه و رئيس المجلس الأعلى للقضاء , و الجامعات . و الصناعه , و التعليم , و الزراعه , و الصحه . و., و.. ألخ .. و يعلن الميديتشى على الملأ و فى كل مناسبه أنه يعمل فقط حسب توجيهات السيد الرئيس ..بينما يعلم تماما قدرته الفائقه على السيطره التامه على الرأس الفارغ لهذا الرئيس السيد
رابعا /الأرض الغنيه بالثروات و الموارد والفارغه من كلاب الحراسه هى المرتع الأمثل للذئاب ..تلك حقيقه واقعه , و بالتالى فالميديتشى لا يستهدف أبدا ارضا فقيره . بل أذا شعر بافتقار الأرض التى يعمل فيها قد يوجه براعته و قدراته لتوفير موارد لهذه الأرض .. ليستمر فى عمله معتصرا لخيرات الأرض لحسابه .. أو .. فله أن يرحل ليستمتع بأمان بحصيلته التى جمعها من الأرض حين كانت غنيه .. أو يتوجه ألى أرض أخرى مناسبه لعمله .. هذا من جهه .. و من جهه أخرى .. يعمل الميديتشى من أول يوم على تفريغ الأرض الغنيه من كل الأمناء المهره ..فوجود كلب حراسه واحد يتمتع بالقوه و يتميز بالولاء و الأمانه .. لهو خطر داهم يحدق الميديتشى و يتهدده بشده .. غالبا ما يلجأ الميديتشى فى هذه الحاله لعمليتين تتمان بالتوازى مع بعضهما ..تسميان مجازا التفريغ و التحييد ثم الأحلال .. التفريغ هو تفريغ الأرض الغنيه من الأمناء المهره تماما .. و الأحلال هو أحلال من لا يجتمع فيه الصفتين ( الأمانه و المهاره ) أبدا محل من يجمع الصفتين معا .. و لتتحول قيادات المجتمع كلها ألى صنفين لا ثالث لهما .. فأما المدير أمين لكنه يفتقد المهاره فى الأداء .. و بالتالى تصبح أمانته محض أوهام خياليه غير قابله للتفاعل مع الواقع الشرير الأكثر منه ذكاء .. أو ..بارع بلا ضمير أو أمانه .. فتكون براعته فى الأداء موجهه تماما للسلب و التكسب من الحرام .. بينما كل عنصر بشرى تجتمع فيه صفتى الأمانه و المهاره يتم أما استبعاده ( التفريغ ) أو الضغط على قدراته و تحجيمه ( التحييد ) و لنتخيل جميعا مجتمعا لا يتمتع فيه بصلاحية الأداره و توجيه الأمور سوى الماهر الحرامى أو الأمين الحمار .. لا يطلق على هذا النوع من الأداء اصطلاح علمى سوى .. الفساد
و قبل الاسترسال أطلب من كل قارىء أن يتوقف للحظه و يراجع سير هاتين العمليتين فى أى مؤسسه يعرفها أو يعمل بها أو يتعامل معها فى هذه البلاد ..من جامعات ألى بنوك ألى شركات ووزارات ..و يحاول تصنيف الحركات التنظيميه من النقل أو التعيين أو الترقيه أو التصفيه التى تمت خلال السنوات الخمس عشر الأخيره , بل قد يكفى نظره لمستوى القيادت و المديرين الحاليين فى كل مؤسسات هذا المجتمع .....هل رأيتم ؟ هل وصلت الفكره ؟؟ حسنا
خامسا / جمود القواعد و أصرار المجتمع على الثبات ..هذه هى أهم سمات المجتمع المناسب لظهور و عمل المديتشى ..فالحراك و الأبتكار و التغيير هم أبشع كوابيس الميديتشى .. فخطة عمله تتركز فى التعامل مع قواعد اللعبه الثابته , و أى تغير فى القواعد أو ورود جديد ينسف عمل الميديتشى تماما و يكشفه بسهوله بالغه ,لذا فالميديتشى ظاهره لا تنمو و لا تعمل ألا فى مجتمعات تقدس كل ما هو تقليدى .. و تقاوم كل تجديد .. فالمرجعيات جاهزه كالكتالوجات .الأزمه الأقتصاديه حلها أما التجربه الرأسماليه أو التجربه الاشتراكيه .. فأما أمريكا و أما روسيا .. ولا مجال للتحالف مع اتحاد أوروبى صاعد .. أو الأستفاده من قوه صينيه متناميه .. أو غزو اقتصادى و سياسى لأفريقيا الأمتداد الطبيعى لمصر .. ناهيك طبعا عن الخروج بنظريه اقتصاديه متكامله تستلهم قواعدها من الواقع المصرى .. و التعليم أما جنوح لسلفيه خليجيه أو استجابه لتحلل أمريكى فى المناهج ..و الصناعه أما تشبه بالأتحاد السوفيتى فى تجاهل الحقائق الماليه و الأصرار على أنتاج من الأبره للصاروخ بدون تخصص أو التشبه بسنغافوره و الأداء بطريقة التجميع أو القص و اللزق
ماسبق كان بعض اشتراطات ظهور و عمل الميديتشى .. و طبعا نجدها متوافره كلها و أكثر فى مصر خلال الربع قرن الماضى , و لن أطيل سردا للتاريخ لكن أهيب بالقراء مراجعة كل شرط و تطبيقه على مصر .. زياده فى التعمق حسب رؤية القارىء
أما عن مواصفات الميديتشى ذاته فهى تتلخص طبعا فى ذكائه الشديد , و أتساع معلوماته و دقتها , وتخليه التام عن طموحات الظهور أو الحصول على أعجاب الناس ..يترافق ذلك مع أنعدام ولاؤه لأى شىء ألا مصلحته الخاصه , و هو مايجعله نموذج للمرتزق المستعد فى أى وقت لبيع أو تأجير قدراته لأى سيد يحقق له مصالحه الخاصه .
حقيقه أخرى هى أن الميديتشى يفضل العمل وحيدا على أرض السيد الغافل , لكن براجماتية وواقعية الميديتشى تملى عليه فى كثير من الأحيان التنسيق أو حتى التعاون مع أكثر من ميديتشى يعملون جميعا على ذات الأرض و تحت نفس السيد الغافل
حقيقه أخرى, هى مرونة موقف الميديتشى من سيده وفقا لطموحات الميديتشى و الظروف التاريخيه المحيطه بالأرض , فالميديتشى يهمه فى الأساس بقاء و استمرا السيد الغافل فى وضعه الثابت دون تغيير , و رغم مايبدو بديهايا من أن زيادة نفوذ و قوة السيد سيعود على الميديتشى بالنفع , ألا أن الحقيقه أن الميديتشى يخشى من تزايد قوة سيده كما يرتعب من فكرة سقوطه ..فصعود السيد أو انهياره يؤدى أيا منهما لتعرض خطط الميديتشى للفشل , لكن بطبيعة التغيرات التاريخيه و لمهارة الميديتشى الفائقه فى قراءة الواقع و سيطرته على كل التفاصيل .. قد يجنح الميديتشى الحيانا للعمل على انهيار سلطة السيد المعلن و أضعاف مكانته سواء على أرضه أو بين الأسياد الآخرين
حقيقه أخيره .. هى أنه بعد مرحله ناجحه من بداية عمل الميديتشى , يصل فى علاقته بسيده ألى الألتصاق
الحقيقى .. فالنجاح الأول للميديتشى فى مهمته هى أن يصل بسيده ألى وضع عدم القدره على الأستغناء عن الميديتشى أطلاقا .. و يتم ذلك للميديتشى سواء طوعا أو قهرا .. فالسيد أما مصدق للميديتشى و واثق فيه ثقه عمياء ..أو متفاجىء من قدرات الميديتشى و مهدد بالمعلومات التى استطاع جمعها عن انحرافات سيده .. و من ثم يخشى الأستغناء عنه , بل و غالبا مايكون الميديتشى هو مسمار نعش سيده الغافل بتصرفاته وفساده .. و لم لا .. فكما سبق و ذكرنا يتنازل الميديتشى عن كل الصلاحيات للسيد الرئيس و يكتفى بالعمل وفقا لتوجيهاته .. و من ثم فأى تبعات للفساد لا يتحملها مباشرة ألا الرئيس .. لكن أيضا لتراكم قدرات الميديتشى لا يستطيع الرئيس عقابه أو محاسبته .. بل قد يضطر فى مرحله من مكافأة الميديتشى وتكريمه فى نهاية خدمته خوفا من خطورة هذا الميديتشى و حساسية معلوماته و سيطرته على تفاصيل الأمور
ماسبق كله كان مجرد عرض نظرى
نأتى للتطبيق العملى على الواقع المصرى حيث أنه السبب الرئيسى فى كتابة كل ماسبق , و قبلها أكرر الترحم على روح الشهيد الراحل أنور السادات الذى كان أول أعماله العظيمه هى القضاء على مراكز القوى فى مصر .. أو الميديتشى ..
يوسف والى و عاطف عبيد و كمال الشاذلى .. أسماء عرفناها و خبرنا عملهم.. لن أتحدث كثيرا سردا لتاريخ .. لكن أطالب القارىء بشده بمراجعة مايعرفه عنهم و مطابقته بما ذكرته أعلاه ..و أيضا التدبر فى حالتهم الآن بعد تركهم خدمة السيد الغافل .. و أتوجه الآن ألى الواقع الحالى تحديدا فى مجالى الداخليه و الخارجيه و لنبدأ بالأكثر وضوحا .. الداخليه ..و للأختصار و تقليل جرعة ثقل الدم أذكر أحداث أعلق عليها بعده كتحليل لنتائج الحدث و استنتاج من المستفيد منه لتوضيح النظريه
أ - مجزرة الأخوه السودانيين فى ميدان مصطفى محمود
ب- انفجارات الأزهر و مسألة تنظيم الأطفال المزعوم
ج-انفجارات سيناء رغم الحراسه الفائقة التشدد على المرافق السياحيه هناك
د-مصرع شرطيين على الحدود المصريه الأسرائيليه و أسائة معاملة بدو سيناء بعنف غير مسبوق و أضطرار بعض شباب و رجال سيناء للهروب ألى شعاب الجبال المجهوله تماما للداخليه
ه-القبض على رئيس شعبة مكافحة المخدرات فى قليوب متلبسا بتهمة تجارة المخدرات
و-أنتشار و تسرب معلومات مؤكده فى صورة أخبار أو لقطات فيديو عن انتهاكات غير آدميه لرجال الشرطه فى حقوق المواطنين
ز-الأختفاء الأمنى فى أول و ثانى أيام العيد بما أتاح فرصه ذهبيه لفوضى التحرش الجنسى بالأناث فى قلب
العاصمه المصريه
لننظر الآن فى نتائج الأحداث أعلاه فقط و نحاول استنتاج المستفيد منها .. فمجزرة السودانيين أدت مباشرة لانسحاب الشركات المصريه من جنوب السودان بعد أن أنفقت تلك الشركات أموالا طائله على أبحاثها للمشاركه فى أعمار جنوب السودان .. ولا يخفى على أحد تبعية تلك الشركات للجهاز الأمنى المحترم الأخير فى مصر .. جهاز الأمن القومى و الذى أطلق اسم وادى النيل على أغلب شركاته مشيرا ألى عقيده مصريه صميمه تتجه للعمل على استعادة النفوذ المصرى اقتصاديا و سياسيا و حضاريا فى أفريقيا ..أذا .. الحدث فى نهايته أضر بأمن مصر القومى و أفشل جهود جهاز أمنى بارع و أمين و الفائده عادت لأعداء مصر الطامعين فى التدخل فى جنوب السودان
أنفجارات الأزهر و تفاصيلها و مبرراتها الطفوليه الساذجه المعلنه يمكن مراجعتها كلها فى ملف لدى وائل عباس .. و معها انفجارات سيناء التى تمت فى ظل حراسه فائقة التشدد من قبل الداخليه و بصوره تثير الشك فى وجود اختراق أمنى لعناصر الداخليه أنفسهم من جانب الأرهابيين المنفذين للعمليات .. كلا الحدثين لم يؤديا ألا لانهيار الموسم السياحى .. و بصوره ضغطت بشده على خزانة الدوله التى توقعت عوائد مرتفعه من العملات الحره ..و لم يستفد من المسأله سوى المنافس الأسرائيلى فى السياحه
مصرع جنديين مسلحين و مزودان بجهاز لاسلكى على الحدود الأسرائيليه .. دون صدور بيان حقيقى من الجانب الأسرائيلى حول الموضوع ..يثير شكى عن نفسى فى أن الأسرائيليين هم من فعلوها .. و أذا اعتبرنا الأختراق المفترض من جانب الأرهابيين حقيقه ..قد نتخيل أن من قام بقتل الشرطيين هو الميديتشى العامل لصالح أسرائيل .. و متنكر فى صورة أرهابى .. أو فرد من الداخليه
أيضا أسائة معاملة أهل سيناء يعدهم بشكل مباشر ليكونوا قنابل موقوته غاضبه على مصر كلها و ليس النظام المصرى فقط ..بل قد لا يشاركوا فى مقاومة عدوان أسرائيلى مثلا لو حدث فى يوم من الأيام تعبيرا عن غضبهم الساحق على البلاد .. بل و أكثر من ذلك .. فقد يتعاون بعضهم مع معتد قادم من الشرق لاحتلال سيناء لمجرد تحقيق نوع من الحكم الذاتى الحافظ لكرامتهم التى أهدرها ممثلوا النظام المصرى فى سيناء .. رجال الداخليه
لو راجعنا نظرية التفريغ و الأحلال أعلاه .. و تسائلنا كيف يصل ضابط شرطه ألى رتبة العميد أو العقيد و هو ينشط فى مجال تجارة المخدرات عمليا ..يمكننا بسهوله ووضوح تقصى أثر الميديتشى هنا .. و توقعه متكررا فى كثير من المواقع
على غرار الأحلال و التفريغ كسياسه فى الداخليه .. تم الأعتماد على مرضى نفسيين مجرمى السلوك ليتولوا مهمة الأمن العام و المباحث .. نتج عن ذلك حوادث الأنتهاك البشع للمواطنين فى أقسام الشرطه .. حتى هذه المرحله كان يمكن اعتبار المسأله مجرد تجاوزات فرديه .. لكن تصوير هذه الأنتهاكات لا يمكن أن يتم ألا بمعرفة و دراية المنتهكين أنفسهم ..!!! أما تسريب هذه الفيديوهات .. فالأمر لا يمكن أن يتم بعيدا عن جهود حقيقيه من رجال الداخليه أنفسهم ..أما لماذا تقوم الداخليه بذلك ؟ فللأجابه على هذا السؤال ندرس النتيجه أولا ..و نتيجة هذا الفعل تنقسم ألى شطرين .. الأول هو الفقدان التام للثقه فى جهاز الشرطه و استقرار القناعه لدى الواطنين بعدم جدوى وجود الجهاز من أساسه !!! وهو مايعتبر خرقا حقيقيا للعقد الأجتماعى بين المواطن و الدوله .. فالمواطن يمنح الدوله ولائه لأسباب منطقيه أهمها تولى الدوله الحفاظ على أمن المواطنين و الأفراد و ممتلكاتهم ..و بالتالى فأن خرق هذا العقد من جانب الدوله يصرف ولاء المواطن تلقائيا عن دولته ..الشطر الثانى من النتيجه هو دفع المواطن لتجاهل ممثل النظام الذى فقد الثقه فيه خلال حياته اليوميه و الجنوح لشريعة الغاب بدلا من اللجؤ للقانون كراهية فى ممثلى القانون , و يستمر دفع المواطن وولائه فى اتجاه يخرجه تماما من التبعيه للدوله أو النظام ..و يترك النظام بلا عمق حقيقى وبلا شعب يسانده فى أى شىء
بجنوح المواطنين للفوضى و شريعة الغاب و احتقارهم للقواعد القانونيه , و أيضا باستمرار منهج التفريغ و التحييد كمبدأ فى الداخليه .. و فى ظل ضغوط من قواعد اجتماعيه مريضه و مبادىء أخلاقيه معوجه و فى غياب أى قيم عميقه فى المجتمع .. يتكرر ( ولا أقول يحدث للمره الأولى ) التحرش الجنسى الجماعى بالأناث .. و فى قلب العاصمه المصريه فى أيام العيد , و أمعانا من الداخليه فى تعميق كراهية الشعب للنظام .. يأتى الرد الرسمى من وزارة الداخليه بنفى ماحدث تماما .. ولا نسمع عن مجرد المسائله لضباط القسم الواقع فيه الحادث .. و كيان الدوله و السيد الرئيس يشهد مزيد من الأنسحاب
كافة الأفعال أعلاه قامت بها وزارة الداخليه .. و لكن نتائجها النهائيه تركزت بشكل مباشر فى الأضرار بصالح النظام خارجيا و داخليا .. الخادم المؤتمن قرر استغلال غفلة سيده ليضر بمكانته خارجيا و داخليا ..بل و قام الخادم المؤتمن بأفشال أى محاولات أصلاحيه ( أذا وجدت من الأساس ) قررها أو شرع فيها سيده .. و ترك السيد الغافل خاسرا لمزيد من سلطاته على أرضه ..السؤال سيكون .. لصالح من يعمل الميديتشى ؟؟
أما عن الخارجيه .. فالمعروف أن أجهزة وزارة الخارجيه هى المسؤله بشكل مباشر و بحكم التخصص الدقيق عن رسم أجراءات و أفعال الديبلوماسيه المصريه كلها .. من مستوى التمثيل الديبلوماسى و أداؤه و حتى أحاديث السيد الرئيس التى تتعلق بمسائل العلاقات الخارجيه .. و أذكركم بأيام الطيب الذكر السيد عمرو موسى .. هل تذكرون تلك الأيام ؟ و الثلاثى الشرس الذى تشكل من موسى و الشرع و الفيصل و كان يهاجم بشده و يضغط لتحقيق مصالح عربيه استراتيجيه ..؟ هل تذكروا عمرو موسى الرجل الذى تم تحييده فور ظهوره كرجل محبوب من الشعب ؟ المهم ..لو قارنا أيام موقف مصر و موقعها خارجيا أيام عمرو موسى .. بموقف النظام المصرى بعد حديث الرئيس الغافل للصحف الروسيه ودعوته لبوتن بمخالفة دستور بلاده و البقاء فى الحكم .. لرأينا بسهوله أثر الميديتشى فى تضليل الرئيس الغافل ليخسر المزيد و المزيد من ماء وجهه دوليا .. و ليحبط ببراعه مناورته العبيطه للتقرب من الروس كنوع من الضغط على الأغلبيه الديموقراطيه فى الكونجرس الأمريكى ..
مره أخرى الفعل القادم من الخارجيه فى صورة مشوره مصلله يصب مباشرة فى قناة تحطيم نفوذ الرئيس خارجيا .. و السؤال .. لصالح من يعمل الميديتشى هذه المره ؟؟؟
فى النهايه .. و باتباع ذات المنهج فى التحليل و التفكير .. يمكن تحليل أغلب أن لم يكن كل تصرفات الخدم المؤتمنين للسيد الرئيس على النحو المذكور أعلاه .. بل و قد أتوقع وجود جماعتين أو أكثر من الميديتشى تعمل فى ثنايا النظام المصرى .. قد يكون أحدهما للحرس القديم و الأخر للحرس الجديد .. و قد تكون أكثر من جماعه .. و أكثر من سيد حالى و محتمل .. و للمرونه المطلقه فى ولاءات الميديتشى و براجماتيتهم المتناهيه .. من المستحيل تحديد طبيعة العلاقه بينهم .. فقد تكون جماعات الميديتشى متحالفه أحيانا أو متناحره أحيانا .. و قد تكون متوحده أو منشقه ..لكن الحقيقه القائله بأن جماعات الميديتشى هم خدم أمناء للرئيس الحالى أو خليفته المرتقب .. توازيها حقيقه أخرى هامه .. أن الميديتشى جميعهم لا يعملون لصالح السيد أو الساده المعلنين ..
و يكون السؤال الواضح و الملح .. لصالح من يعمل الميديتشى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Friday, November 10, 2006

مالحقناش

مالحقناش نفرفش شويه بعد الموضوع الخفيف الأخير .. نصيبنا بقى و الحمد لله على كل حال , وائل عباس فى الوعى المصرى أتحفنا بتلات شرايط فيديو من العيار الصادم جدا ..و الحاج جرجس فاجئنى برجوعه للتدوين من الأجازه الأكتئابيه و بموضوع يطرح أسئله من العيار التقيل جدا .. عموما اليوم هو موعد مقابلتى لأولادى .. أخرج معهم اليوم بأمر الله و طبعا و أنا أحمل سلاحى الشخصى الغير مرخص كما قررت من قبل .. و حين أعود بأمر الله .. أحاول التفكير بصوره أكثر واقعيه .. و هذه المره ليس فقط بغرض التحليل فقط .. لكن أيضا بغرض السؤال .. و ماذا بعد ؟ .. أرجوكم مراجعة الروابط أعلاه .. و الله المستعان

Monday, November 06, 2006

عن الزمن الجميل

فى غمرة الكآبه و اليأس و الحيره , و أثناء تحضيرى للكتابه عن موضوعات من عيار ( طلعت السادات , أو الرجل فى زمن الكلاب ) أو ( الداخليه فى معادلات أهل القصر ) أو البحث فى النظريه الأجتماعيه الثالثه ( جماعات العمل السرى فى مصر أو الدوله المملوكيه الحديثه ) , تبادرنى القهوه العاليه برقه معهوده لتنصحنى للمره الثانيه نصيحه مخلصه بأن أجنح للتفاهه لمدة ثلاثة أشهر حفاظا على المتبقى من قواى العقليه , يليها فورا و بصدفه حقا سعيده تعليق أخى الحبيب ياسر عوف .. لنتحدث بعدها هاتفيا و نتذكر سويا أيام النجاح و السعاده .. ايام الحريه و الصراع الأنسانى من أجل التفوق .. و ليس الصراع فقط من أجل البقاء أحياء كما هو الحال الآن , أجدنى أسرح مع الذكريات السعيده للزمن الجميل .. و أبتسم متجاوزا حالة الوحده و الوحشه التى أشعر بها لا سيما فى مناسبه كعيد الحب الذى يمر علينا حاليا ( دون أن يشعر به أحد , هو احنا فاضيين ..) و أخلط بين مايحدث لذهنى و بين نصيحة القهوه الغاليه ( العاليه سابقا ) , و أرانى أتساءل .. و لم لا ؟ أذا كان الهروب بالحاله الذهنيه ألى التفاهه هو فى الأساس نوع من البحث عن مشاعر سعيده من باب الوقايه الذاتيه للعقل .. فلم لا يكون هروبى من الكآبه باجترار الذكريات الجميله .. و يتطوع أخى ياسر مضحيا بسمعته تماما ( أساسا سمعته زى الزفت ) و يصرح لى بأن أنشر ذكرياتنا فى العمل و الشقاوه أيام العزوبيه الجميله .. لأشارك أصدقائى و أحبائى فى سعادتى المجتره .. كما شاركتهم من قبل فى جزء من مغامرات مصيدة الزواج الثانى ..
ياسر عوف , سكندرى جدا , ينتمى بالميلاد للأرستقراطيه السكندريه العريقه , و على الرغم من ذلك وبرغم تربيته الفرنسيه الصارمه ألا أن سلوكه و مشاعره عميقة المصريه .. فخلال حديث متأنق يحتوى من الفرنسيه أكثر مما يحتوى من العربيه , و سيجار فى فمه و جلوسه مفرود الظهر كأنه يمتطى حصان .. لا مانع أطلاقا من أصدار صوت اسكندرانى شهير من جيوبه الأنفيه كرد فعل تلقائى يعبر به عن اعتراضه على اى حال مايل يصادفه .. يتعامل بنديه مع الأكسلانسات .. و فى مصانع أبيه و أعمامه يحرص على تناول الغذاء بين العمال مشاركا لهم فى ثمن الطعام البسيط بل و ينهض قبلهم ليسرع بأعداد الشاى للمجموعه كلها .. فهو الأصغر سنا .. و الأصول أصول , على هذا النحو تعارفنا و بدأت صداقتنا منذ نحو عشرين عاما .

وقت تعارفنا كنت أعمل فى مجال البنوك و المصارف , و هو مهندس يعمل فى مصانع أهله .. دارت الدنيا ومر الزمن و تزاملنا بعد ذلك فى أحدى كبرى الشركات الناشطه فى مجال التجاره الدوليه , كانت مهمتى وقتها كمديرتجارى أن أتولى الأشراف على مشروع تجارى صناعى حجم أعماله فى حدود مائتى مليون جنيه سنويا , و مقر العمل فى صعيد مصر .. تحديدا سوهاج و قنا , و مبدئيا يعانى المشروع من تسيب و فساد من الحجم الديناصورى .. و جاء تكليفى بالمهمه من باب أعادة تنظيم الموضوع و بمهمه رئيسيه هى القضاء على السرقه فيه .. كان شرطى الرئيسى هو أن يكون ياسر معى , المسأله ببساطه أن كل من عمل بالمشروع كان لايخرج عن أحد النوعين .. أما ذكى و حرامى .. أو أمين و حمار .. ياسر الوحيد الذى عرفته يتمتع بالذكاء .. و أثق في أمانته ألى أقصى حد , و قبل ياسر الذهاب معى ألى الصعيد متخليا عن رفاهية حياته فى الأسكندريه و مرحبا بالعمل الشاق .. مادامت المسأله فيها تحدى و صراع ضد الفساد .. و قد كان .. المسأله كانت تتم من خلال عصابات حقيقيه منظمه سواء من جانب موظفى القطاع العام كالسكه الحديد و المطاحن .. أو من جانب بعض اللصوص الحقيقين من المتواطئين مع رجال القطاع العام .. بدأت الحرب , بالنسبه للصوص الصغار .. تم التوصل معهم لأتفاقات حقيقيه ليتحولوا من لصوص ألى حرس للبضاعه .. بينما كان الصراع الحقيقى مع عصابات موظفى الحكومه و القطاع العام .. وصلنا لحقائق مرعبه .. منعنا الكثير من السرقات و الأنحراف .. صار الذهاب لمديرية أمن سوهاج أو قنا أجراء شبه يومى لتقديم حصيلتنا من البلاغات ضد الفاسدين .. و بدأ رد الفعل العنيف , تم منعنا من الأطلاع على العديد من المعلومات .. بل و منعنا من مراجعة سلامة الموازين الفنيه و هى الجزء الذى شككنا بعنف أنه مركز الفساد الحقيقى .. بل و جاء التهديد مباشرا برساله مع سائقى الخاص هناك .( يا باشا أنتوا فى الصعيد مش فى مصر ,, يعنى هنا القتيل الغريب مالوش ديه .. و الحكايه اللى انتوا وراها دى كانت بتجيب ملايين لاصحاب نصيبها .. و دول بقى عضمتهم ناشفه هنا ) و أعيد التفكير مرات و مرات .. لا أستطيع السكوت على الفساد .. و فى ذات الوقت .. فعلا مالناش ديه لو مثلا عربيه طلعت فعصتنا و احنا على طريق الجبل الشرقى من قنا لسوهاج ..أو عيارين طايشين و احنا سهرانين فى بلكونة استراحتى على النيل .. نتوصل ألى أن الحل هو الوصول ألى دليل قاطع لا يقبل الشك , نضرب به رؤوس الفساد .. أحاول الوصول ألى موقع المراجعه الرئيسى لأوزان البضاعه لأكتشف منعنا منعا باتا من الأقتراب منه .. بل و فرض حراسه شرسه و غير طبيعيه , بل و يصل التلميح ألى التصريح بأن من سيقترب من المكان فلن يكلفهم الأمر سوى عيار بجنيه .. و فى النهايه قتل خطأ ..
تعليمات مشدده أصدرها للجميع بصفتى المدير المسؤل ( ماحدش فيكم يقرب من الميزان ) مهما كانت المهمه .. فلن اعرض حياة أحد رجالى للخطر و بالأخص صديقى ياسر .. ( فاهم يا ياسر ؟ أياك تقرب من هناك .. )
يمتعض و يمضى صامتا .. و بعد يومين أفاجأ باختفاؤه مع سائقى الخاص و سيارتى منذ الصباح .. اتوقع أنه خرج فى أحد مشاويره العبثيه , شراء زجاجة ويسكى من أسيوط مثلا .. مقابلة موزه فى البلينا .. أى شىء و السلام , و أستعد لتأنيبه هو و السائق بمجرد ظهورهما .. و فى نهاية اليوم قبل منتصف الليل بقليل و أنا أغلى من الغيظ من عمايل زفت ياسر ( اللى ياخد عربيتى بالسواق و ماعرفش كمان هو رايح فين ) أجده على باب استراحتى يدخل وهو تقريبا يرقص فرحا و أنا أتميز غيظا .. و قبل أن أبدأ فى فتح بركان الغضب عليه و على اللى جابوه و على معرفته السوده من أساسه .. يلقى أمامى بظرف به بعض الصور الفوتوغرافيه ..
انا : أيه ده يا زفت ؟
يرد :بص و أنت تعرف
أنا :باقولك أيه ده ؟ أنطق
يرد : الميزان
أنا :أيه ؟
الميزان .. من جوه .. عدادات عيار الماكينات كلها و جدول اللعب كله
و يستمر فى تنطيطه متراقصا .. بينما طلعت السائق الذى أمن شرى بعد أن تجمدت متأملا الصور ينطلق الى المطبخ ليعد لهما شيئا من الطعام و الشراب الفاخر احتفالا ..
فعلا .. هذا المجنون لم يحصل على المعلومه فقط .. بل صورها .. متجاوزا حاجز الحراسه على مدينة أولاد طوق بأكملها .. و عصابة طما ,.. بل و الغفر الحكوميين المدججين بالسلاح .. و غافل المهندسين الفنيين هناك و استطاع النزول فى حفرة الميزان .. بل و تصويره و تصوير ضبط العيار ..
اصرخ : يانهار اسود ..أنت بترقص على ايه يا زفت منك له ؟
مستمرين بالتهليل و التهريج يردان : فيه ايه ؟ مش قلت عاوز دليل يسجن مجلس الأداره الدليل أهو فى أيدك
ألله يخرب بيوتكم .. أنت عارف اللى عملته ده معناه أيه ؟ أنت انكشفت أنك أنت اللى صورت .. لأن مافيش فى المجموعه مهندس اتكلم فى الموضوع غيرك
بطفوله عجيبه يستمرا فى التراقص و هما فرحين بالأنجاز مرددين . و أيه يعنى .. مش أنت هاتسجنهم خلاص .. ؟ مش هايقدروا يعملولنا حاجه ..
يالتهورك يا صديقى .. اللعنه .. ألا تفهم حتى الآن أن الفساد صار أخطبوطيا .. و أن من سنشكو لهم الأمر أنا عن نفسى اشك فى مشاركتهم فى السرقه ..
أدخل حضر شنطة البيه حالا .. ( أقولها للسائق بصرامه لم يستطع مقاومتها بينما ياسر يتجمد مكانه غير مستوعب مايحدث )
هو فيه أيه ؟ ( يسألنى ياسر يعد فترة صمت قصيره )
أنت هاتنزل مصر دلوقتى حالا ..
أنت بتطردنى ولا أيه ؟
ماتبقاش حمار .. أطردك ده ايه .. أنت عملتك دى هاتنعرف خلال اربع ألى ست ساعات .. لو اتكشفت و انت فى سوهاج ماقدرش احميك .. الحل الوحيد أنك تمشى دلوقتى حالا .. و اطمن على وصولك القاهره على الأقل قبل ما ابتدى الأجتماع اللى اعرض فيه الصور دى .. و أنا نفسى بعد الأجتماع هاتحرك فى عز الضهر و ارتب مع مديرية الأمن أزاى أعرف أطلع من هنا
معا .. نضرب الفاسدين بعنف .. و يتطور بلاغنا و جهدنا ألى قضيه أستردت فيها شركتنا مبلغ فى حدود ثلاثين مليون جنيه .. و يقال عدد من الرؤوس الكبيره .. لكن .. كالعاده و كما توقعت .. من شكونا أليه كان شريكا فى الفساد .. و ينتهى عملنا بتلك الشركه و طبعا يتم خصخصة المطاحن فى مصر العليا كلها .. و الغريب أن المستثمرين المشترين كانوا هم المتهمين الأوائل فى بلاغنا

تظل صداقتنا و أخوتنا .. و أشرع فى تولى نشاط تصدير الحاصلات الزراعيه الذى ورثته عن عائلتى .. و ياسر يتفرغ بصوره أو بأخرى لتطوير مصنع شهير اشترته عائلته من القطاع العام .. لقائاتنا مستمره لكن على فترات متباعده .. فى الأسكندريه الجميله غالبا أو القاهره الصاخبه أحيانا .. العجيب فى الموضوع أنه رغم تباعد الفترات بين مقابلاتنا ألا أن حديثنا يتم كأنه متواصل .. لم ينقطع .. مشاعر ود و محبه صادقه .. احترام حقيقى .. لا غرض سوى القيمه الأنسانيه التى يمثلها كلانا للآخر

و للمره الثانيه فى حياتنا العمليه , و بعد أن اشتهرنا كفريق متخصص فى المهام الصعبه .. و بخدعه من أنسان وضيع لم نوقن لوضاعته ألا متأخرا جدا .. أتولى رئاسة أحدى شركات القطاع العام التجاريه المنهاره من أساسها .. المهمه ؟ تعويض أكبر قدر ممكن من خسائر السنوات الثلاثه السابقه و التى بلغت نحو 80% من رأس المال فى فتره لا تتجاوز 9 أشهر أى قبل الجمعيه العموميه للشركه .. الغرض الأساسى لقبولى هذه المهمه كانت عطفى على الأنسان الذى اكتشفت دنائته لاحقا .. فالخسائر تمت فى عهده و أثناء توليه أدارة الشركه .. و أقنعنى بصوره أو بأخرى أنه كان مخدوعا .. و يطلب مساعدتى بسرعه لأنه ببساطه لا يعرف أحد آخر يستطيع أداء المهمه غيرى .. و أقبل بالشرط المعتاد .. ياسر قبل منى .. و يوافقون
و تدور آلة العمل بنشاط عنيف .. استثمر أسمى الشخصى و اسم عائلتى للحصول على طلبيات تصدير حاصلات زراعيه لصالح الشركه المنكوبه .. و يتم الأمر .. ياسر يستغل كل علاقاته بأصدقائه القدامى فى الأسكندريه و أوروبا لنحصل عل عقد تصدير بطاطس للأتحاد الأوروبى .. و بمبلغ خيالى .. و بعد توقيع العقد نكتشف بداية المشاكل المرعبه .. لا يمكننا الوثوق فى أحد لتنفيذ هذا العقد .. و يظهر أحد أعضاء مجلس أدارة الشركه و بالمناسبه عضو فى الحزب الوطنى و أيضا احد البارزين فى تنظيم الروتارى التابع لسوزان مبارك , ليغرينا بتولى التنفيذ بأنفسنا .. و بحذرنا المعتاد نقرر أننا يجب الا نعتمد على أحد .. و أسافر لأستقر مع أخى الحبيب ياسر فى بيته بالأسكندريه .. كان مايزال أعزبا .. و كنت أنا حديث الطلاق وقتها .. للأقضى أمتع و أروع و أنجح فترات حياتى العمليه .. نستيقظ فى السادسه صباحا .. نبدأ الحركه فى السابعه بين شراء المحاصيل من مزارع الطريق الصحراوى و بين الأشراف على التعبئه و الشحن فى محطه بالبحيره على الطريق الزراعى .. نعود منهكين فى العاشره تقريبا .. نغير ملابسنا .. ثم ننطلق للسهر بالخارج لنعود بعد منتصف اليل منهكين .. لكن سعداء جدا بنتائج عملنا .. لنستيقظ فى اليوم التالى فى السادسه صباحا و هكذا ..
خلال تلك الفتره عرفنا معنى النجاح الحقيقى .. العمل الشاق .. استغلال أمكانياتنا الكبيره كلها دفعه واحده لتحقيق أنجاز يومى ملموس .. قدرات تنمو و تتطور يوميا و بشكل يفضح الفاسدين .. و يخيف الفاشلين من الأقتراب .. و ايضا استمتاع بالحياه و الحريه ألى الحد الأقصى .. ألعمل يوميا بين المزارعين و تجار المحاصيل الزراعيه ثم الفنيين فى محطة التعبئه .. و باليل .. السهر فى السكندريه الجميله .. سواء فى بيت ياسر و الذى أعددنا مساحة الأستقبال فيه لتظهر بالفعل برجوازيتنا و توفر الراحه التامه لنا لأصدقائنا ( و طبعا صديقاتنا ... لأننا كنا عزاب وقتها ) أو الخروج للسهر فى أماكن معهوده نعرفهم و يعرفونا خاصة فى شتاء الأسكندريه الجميل .. أنجلو .. سانتا لوتشيا .. الشيخ على .. تريانون .. لوردز أن .. و مغامراتنا لا تنقطع .. فيوميا كوميديا جديده .. و مغامره شيقه .. و فصل مرعب لا يثبت ألا حقيقة أخوتنا و صداقتنا .. مثال
أنجلو :
ببساطه شديده أنجلو صاحب ملهى أنجلو فى العجمى صديق حميم لياسر و بالتبعيه لى .. محله لمن لا يعرفه يقع فى الدور الأرضى من فيلا متوسطة الحجم .. يقطن أنجلو نفسه فى الدور العلوى منها .. و طباخ المحل من عرب مطروح اسمه حميد .. و لأن أنجلو يونانى سكندرى و صديق جدع .. فكنا نخرج عادة للسهر فى أى مكان قبل العروج على أنجلو بعد منتصف الليل لنختم سهرتنا هناك فى جو شبه عائلى جدا .. طبعا الأمر مقبول صيفا .. لكن فى شتاء الأسكندريه القارص البروده .. و خصوصا فى ليالى النوات الممطره بغزاره .. يغلق أنجلو ابواب محله بعد التاسعه .. فمن المجنون الذى يحضر للعشاء فى العجمى فى ليله من ليالى الشتاء العنيف ..؟
.. مين ؟؟ أحنا طبعا .. و الساعه واحده بعد نص اليل .. و العجمى نائمه كلها كأنها فى حالة وفاه .. نوقف سياراتنا تحت بلكونة غرفة أنجلو التى نعرفه ... و فجأه نطلق أكبر ضوضاء ممكنه ليستيقظ اليونانى المسكين و ينظر من البلكونه ليرانا واقفين فى الشارع تحت المطر بمفردنا أو وسط شله كبيره من الأصدقاء نهتف له فيرد بلهجته اليونانيه المحببه
عاوز أيه ؟
أفتح يا أنجلو
لأ يا خبيبى .. أخنا قفلنا خلاص ... بوكره بقى تعالو
أفتح يا أنجلو خلى عندك دم .. الدنيا بتمطر و احنا جعانين
ياسلام يا خبيبى ؟؟ هو كل يوم تروخ تسهر فى حته شكل و تجولى آخر اليل ؟؟ لا ياخبيبى دى دى مخل مخترم
ياأنجلو ماتبقاش ندل .. معانا بنات يا أخى و الدنيا برد
أرجع مطرح ماكنت يا خبيبى .. دى مش ملجأ
ينطلق ياسر بسكندريته كلها .. ماتفتح يابن ال.................... طاخ طيخ بوم .. .
ينزل أنجلو مهرولا ليفتح لنا و هو يوقظ حميد الطباخ و يمسح من على عينيه آثار النوم العميق الذى قاطعناه .. و يبدأ السهر
حميد فى الغالب ينام و هو واقف .. ببساطه تتطوع أى من الصديقات لدخول مطبخ المطعم بنفسها لأعداد عشاء فاخر للمجموعه .. و أذا لم تجد أيا من الخامات .. ببساطه :
هات يا أنجلو مفتاح بيتك
ليه ؟
هو ايه اللى ليه ..؟ أنت هاتحقق معانا ..؟ ماتجيب المفتاح .. فلانه عاوزه ملح ليمون و المطبخ هنا مافيهوش ..
طيب أدى المفتاخ بس اعملولى أكل معاكم
طيب
تنزل صديقتنا من بيت أنجلو محمله بكل محتويات تلاجة بيته الخاصه .. لتضعها أمامنا على العشاء
الله يخرب بيوتكم .. دى أكل يكفينى شهر يا مفاجيع
اتنيل بقى .. أنت لاقى حد يأكلك أساسا .. احمد ربنا اننا بنطبخلك معانا و يصمت السكندرى اليونانى الطيب مبتسما .. و يستمر فى سهرته معنا .. مستغرقا فى دور كوتشينه مع ياسر .. ياسر يلاعبه على حساب السهره .. و عادة نخرج بعد كل هذا دون دفع مبلغ حقيقى .. فياسر كسبان فى الكوتشنه .. و تصفية الحساب ممكن تطلعنا لينا عنده فلوس

بى أم دبليو فى البحر :
من مميزات و عيوب ياسر صديقى أنه أحيانا مابيعرفش يوقف جدعنته .. فتلاقيه يعمل تسع رجاله فى بعض قى وقت يكون عاوز اربعه يشيلوه فيه .. المهم .. فى أحدى سهراتنا لدى أنجلو .. و التى تلت أسبوع عمل عنيف جدا و مرهق .. يبدو أننا تقلنا العيار حبتين .. و يمكن تلات حبات .. عن نفسى فى نهاية السهره كنت تقريبا فقدت حاسة السمع .. و ياسر طبعا كذلك .. فى نهاية السهره قلت لياسر
بص بقى أنا مش قادر اسوق .. قول لأنجلو نبات عنده لحد الصبح و يبقى يحلها حلال
يفتح ياسر صدره كالعاده : تسوق مين .؟ أنا اللى هاسوق طبعا .. أنت تعبان
يابنى مابلاش .. أنت متنيل زي حالاتى .. تعالى نبات فوق و الصباح رباح
لأأأأأأ .. انا اللى هاسوق .. عاوزهم يقولوا علينا ايه .. ؟ سكرنا و ماعرفناش نروح ؟؟
طيب يافالح .. و الله ماباينلها مرواح اليله من أساسه .. و اسلمه مفاتيح سيارتى باستسلام لأن مافياش دماغ بقى للمناهده معاه
سيارتى وقتها كان بى أم دبليو 520 .. و هى تعتبر سياره فاخره .. و حالتها كانت ممتازه فنيا .. أى من غير المحتمل أصابتها بأعطال حتى فى الظروف الصعبه
نخرج من المحل و أنا أنظر بحسد لأصدقائنا الذين يتمتعون بميزة وجود سائقين لسياراتهم .. و أمضى مع ياسر ألى سيارتى .. يجلس خلف المقود .. و أنا أرجع بظهر المقعد و أذهب فى نوم عمييييق .. المطر المنهمر بالخارج كثيف لكن انتظام صوته يدعو للنوم
و فجأه .. أصحو على صوت ياسر يلقى بسيل من السباب الغاضبه و بصوت عالى جدا .. أفتح عينى و أنا أظنه اشتبك فى مشاجره رعناء مع سائق سياره أخرى .. أنهض فلا أجد حولنا أى سيارات .. انظر لياسر لأكتشف أن سبابه كلها موجهه لى أنا ..
فيه أيه يا ياسر ؟
أنت ابن دين ....طاخ طيخ بوم ... انا قلتلك ميت مره تصلح العربيه الزفت دى .. عاجبك كده أهى عطلت ..

عطلت ؟؟ أزاى .؟؟ أتسائل محاولا الفهم .. و أنظر حولى لأكتشف الماء محيط بنا من كل جانب .. يانهار اسود .. احنا فين ؟ يا ياسر
فين يه ؟؟ ماتشوف الموتور الزفت اللى مش راضى يدور ده ..
موتور مش راضى يدور ( أحدث نفسى ) أزاى ؟ ده موتور سته سلندر و جديد .. أزاى يعطل ؟ .. طبعا .. الميه واصله لنص الأبواب .. طبعا الموتور دخله ميه .. الله يخرب بيتك يا ياسر .. أيه اللى حصل بالظبط .. ؟ أتسائل محاولا الأحتفاظ بهدوئى
يرد بغضب :عربيتك الزفت دى مش راضيه تدور ..
طبعا ياياسر ماتدورش .. مش شايف الميه اللى حوالينا .. أحنا بنغرق ياياسر
ينظر حوله مذهولا و قد أنتبه فعلا لأننا غارقين فى الماء ألى مستوى نصف أبواب السياره تقريبا فيسألنتى ببرائه غريبه أيه ده ؟ هو احنا بنغرق بجد ؟
طبعا مش شايف ؟
طيب أنت مش بتعرف تعوم ؟ ..
أيوه .. بس ماباعرفش اعوم و أنا لابس بدله .. هاهاهاه
و يبدأ الضحك الهيستيرى .. ياسر تاه فى العجمى .. طبعا سكران .. و الشوارع غارقه فى المياه .. فقرر العروج على فيلا بعض أصدقائنا لنبيت لديهم . . الفيلا على البحر مباشرة .. ياسر اصلا لم يصل للفيلا و تاه فقرر الخروج ألى البحر و البحث عن الفيلا من هناك .. لا أدرى كيف فعلها .. لكن ببساطه نزل بسيارتى فى الماء .. و الظلام الدامس حولنا لا ندرى أهو البحر أم أحد بحيرات مياه الأمطار .. عموما لا توجد مبانى حولنا ولا صريخ ابن يومين ..

طيب و العمل دلوقتى ( يتسائل ياسر )
تعرف تليفون غواصه تقطرنا ؟؟ هاهاهاه
لأ أقولك .. أحنا نكلم اصحابنا اللى بيعرفوا يعوموا
مش مشكلة اصحابنا يا ياسر .. المشكله نقولهم يجولنا على فين ؟
أنت بتستعبط .. أنا قلت لفلانه و فلانه يحصلونا على البيت كمان نص ساعه .. يعنى يروحو هناك مايلاقوناش ؟
فلانة أيه يا ياسر .. أنت مجنون يابنى .. ؟ باقولك هانغرق .. هانغرررق ..
المهم .. يتذكر ياسر انه مهندس .. و يخرج ببهلوانيه غريبه من زجاج السياره فاتحا غطاء المحرك .. و ينهمك فى بعض الألاعيب الهندسيه لأصلاح الموقف .. و بعد فتره يصرخ من الخارج و هو غارق فى مياه الأمطار ..جرب تدور كده.. أنتقل لمقعد السائق ... اجرب المفتاح .. فرررررروم .. يدور المحرك
طبعا أنطلق للخلف بالسياره و ياسر خارجها معلق على المحرك المفتوح الغطاء يصرخ .. و انا لا أفكر ألا فى الخروج من الماء أولا .. و نعود للأسكندريه .. نضحك .. و نستعد لصباح يوم جديد فى العمل الشاق و الناجح .

الصعق الكهربائى اليومى :
كنت فى الغالب أستيقظ قبل ياسر بدقائق .. اسرع للحصول على حمام بارد فى الشتاء , أحب الماء شديد البروده .. و ايضا لأزالة آثار السهرات الصاخبه عن رأسى .. فأنا المسؤل عن التعامل المالى و يجب أن أكون شديد اليقظه .. خلاط الدوش فى بيت ياسر من النوع الذى يمكن ظبط حرارة المياه بتحريكه أفقيا .. بينما تحريكه رأسا يؤدى لانسياب الماء .. أحصل على حمامى البارد و أخرج ألى المطبخ لأعداد القهوه لنا .. و أترك خلاط الدوش على وضعه الذى تركته فيه ليستعد ياسر لدخول الحمام بعدى
تقريبا بصفه شبه يوميه .. و أنا واقف فى المطبخ لأعداد قهوتنا أسمع صوته قادما من الحمام
عآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ.. صوت أنسان يتعرض للصعق الكهربائى بعنف .. و تخبيط فى الحمام محاولا القفز من البانيو للخروج من تحت سيل الماء المثلج ليسقط على الغساله أو فى اتجاه الحوض ... مأساه يوميه .. و بعدها يأتينى صوته من الحمام بسيل من شتائمه موجها لى ..
الله يلعن اليوم اللى عرفتك فيه .. أنت جاى من بلدكم عشان تموتنى ..؟ حد يستحمى بميه ساقعه فى الشتا ؟ أنت مابتحسش ؟ ..
أتجاهل مايقوله تماما .. و أستمر فى أعداد النسكافيه .. يخرج من الحمام غاضبا بعد وقت .. لا نتكلم .. أناوله فنجان قهوته .. فيقول من بين اسنانه .. شكرا .. و يبدأ فى العطس
يالصديقى الطيب .. نخرج لعملنا مبكرين ..

الثلاجه المفقوده :
والدة ياسر .. هانم حقيقيه , تحبنى كأبنها .. و أنا أعشق حديثها , تخرجت من المدرسه الألمانيه فى الأربعينات .. زاملت بنات و حفيدات فرغلى باشا و سابا باشا و جاورت هانو باشا ( المسمى على اسمه هانوفيل العجمى ) رغم خفة روحها فتربيتها الأرستقراطيه الصارمه جعلت منها شخصيه جباره عند اللزوم , و رغم قصر قامتها ألا أن لها تأثير فى الجموع يذكرنى بشخصية نابوليون .. المهم .. فى مطبخ ياسر لا يوجد سوى البوتاجاز و الثلاجه , البوتاجاز يستخدم أحيانا لتسخين الطعام الذى يأتينا مطبوخا بصحبة زائراتنا أما الثلاجه فهى لا تحوى سوى الثلج و البيره , و أحيانا ننسى فيها بعض الحلوى أو الطعام , المهم , اعتدنا يوم الجمعه فى الأجازه الأسبوعيه أن نستغرق فى النوم حتى موعد الظهر , لننهض و نغتسل و نلحق بالصلاه فى المسجد القريب بعد أفطار بسيط فى البيت . فى أحد أيام الجمعه .. أستيقظت كالعاده قبل ياسر و أنهيت حمامى الصباحى , لأخرج فأجد ياسر واقفا بباب المطبخ و هو يهرش رأسه بتساؤل يستغرقه .. و ينظر بعجب لفراغ المطبخ أمامه .. اقترب منه متسائلا
صباح الفل يا ياسو .. ايه مالك ؟ بتهرش ليه ؟
يشير ألى المطبخ و هو مازال متسمرا فاغرا فاه باستعجاب ثم يسألنى
بص كده .. المطبخ وسع ولا أنا اللى بيتهيألى
أنظر ألى المطبخ .. فعلا و الله .. وسع كتييير ..
تفتكر البت فلانه التخينه اللى كانت هنا اول امبارح لما دخلت تطبخ .. هى اللى وسعت المطبخ من المشى ؟
مطبخ أيه يا ياسر اللى هايوسع من المشى ؟ أنت لسه مافقتش ؟
أمال أيه يعنى اللى هايوسع المطبخ ؟
آه .. أنت شكلك فعلا مافقتش .. بص كويس يا ياسر يا اخويا .. بص هناك كده .. على اليمين فى الآخر .. مش كان فيه تلاجه ؟؟
آآآآآه التلاجه ..
ثم ينتفض من استغراقه .. و يصرخ .. ايه ده ؟ فين التلاجه ؟؟ تلاجتى فين ؟.؟
و يجرى على التليفون ليكلم بيت والده الواقع فى الدور الأعلى من المبنى الذى نعيش فيه ..فيفهم من الشغاله أن الهانم الكبيره جت الصبح و احنا نايمين و خلت عمال الجراج يشيلوا التلاجه و يطلعوها عندها لأن تلاجتها عطلانه .. أنهمك أنا فى أعداد الأفطار و الشاى .. بينما ياسر يبرم كالقط الحبيس .. و يبرطم .. تلاجتى ؟ هو أيه ؟ أنا مابقاليش شخصيه فى البيت ده ؟ و احنا نايمين .. يعنى أيه .. مش تصحينى طيب .؟ تستأذنى ؟
أمد يدى بالقهوه الصباحيه و انا أبتسم ببساطه : ياسر .. عادى .. أمك مفتريه و انت عارف .. و احمد ربنا انها جت على التلاجه ما أخدتش السرير اللى احنا نايمين عليه كمان .. افطر و تعالى نشوف بقى ورانا أيه
ينفجر فى ثوره عبيطه .. لألألألأ .. أنا حاجتى ما تتاخدش من غير أذنى ...
يعنى عاوز ايه دلوقتى ؟
نطلعلها نجيب التلاجه
هأو
يعنى أيه ؟
يعنى هأو .. ماسمهاش نطلعلها ... أسمها تطلعلها لوحدك .. أمك و انت ابنها أنا ماليش دعوه بيكم
كده ؟.؟ يعنى بتبيعنى ؟
أيوه ببيعك
أنت ندل
ماشى .. بس بص يا ياسر .. أنا اقف معاك قدام خط الصعيد .. قدام حرامية المطاحن , قدام الجن الأزرق .. لكن قدام أمك ؟ .. مستحيل .. ده ابوك نفسه مايعملهاش
و أنصرف لارتداء ملابسى و هو مازال منهمكا فى غضبه و برطمته .. و أنا عند الباب أقول له بص .. أنا رايح اصلى و هاتغدى عند ابراهيم .. البس و استهدى بالله و حصلنى مالوش لزوم العبط اللى بتفكر تعمله ده أمشى يا ندل
أنصرف لحال سبيلى ..
أعود مساء , و قد نسيت مسألة التلاجه تماما .. لأجد ياسر واقفا فى صالة بيته مرتديا شورت و تى شيرت , و يدخن بايب عاجى فخم و يمسك بيده فرشاة تنظيف و منهمك فى تلميع بعض التحف فى البيت .. و على وجهه ابتسامه غريبه كأنه يحاول بها تهدئتى أنا .. أنظر فى اتجاه المطبخ لأجده مازال فارغا من الثلاجه
مساء الخير يا ياسو .. ماجيتش ليه زى ماتفقنا ؟
ابدا ... قلت أقعد ارتب فى البيت شويه
أمممم .. طيب .. و عملت أيه فى حكاية التلاجه ؟
يا أخى تلاجة أيه ؟؟ مش فيه حاجه اسمها بر الوالدين ؟
ياسلام ؟
ايوه طبعا .. مش قالك و بالوالدين أحسانا ؟؟
أه صحيح
و بعدين هو الواحد ليه بركه ألا والدته ؟ هى اللى ربت و تعبت و سهرت .. و الأجر و الثواب عند الله
بقى كده ؟
أيوه طبعا .. أنا اعتبرت أنها تبرع من باب الرحمه بالأهل .
لا و الله عداك العيب يا ياسر .. أنما قولى ؟
نعم ؟
ايه الصوابع الى معلمه على رقبتك دى ؟

كبسه :
قبل زواجى عشت فتره فى الأسكندريه أعمل فى أحد البنوك .. و كانت شقتى فى مصطفى كامل بينما يقطن ياسر فى بيت العائله فى رشدى .. مسافه قريبه تفصل بين بيتينا .. و طبعا لأننا كنا عزاب فالحياه كانت بزرميط .. بمعنى أنى لا أعرف كم نسخه من مفتاح شقتى موجوده مع الأصدقاء و الصديقات .. كنت أعمل بجديه شديده و أعود ألى بيتى مساء لأجده عادة نظيفا مرتبا , بل و أجد بعض الطعام الطازج فيه , و أحيانا ما أقابل بعض الأصدقاء الذين واعتدتهم و نسيت .. المهم
فى أحد الأيام أعود لبيتى لأجد فيه ثلاثة تورتات كبيره .. أى و الله أحداهم من لابوار القاهره حيث لم يكن لابورا افتتح فرعه فى الأسكندريه بعد .. ولا أجد أحد فى المنزل
ياسلااااااام .. يرزق من يشاء بغير حساب و الله ..
لا أتسائل كثيرا فقد اعتدت على مثل هذه الأشياء فى شقة العزوبيه .. و أدخل لأخذ حمامى و أغير ملابسى لأجد ياسر يدخل بمفتاحه من الباب زاعقا : قولى هى التورته جت ؟
أرد من الحمام : و الله ياخويا فيه تلات تورتات بره ... مش عارف قصدك على أيه .. ألا قولى يا ياسر .. التورتات دى بتاعة أيه ؟
يرد من المطبخ : لا ماتشغلش بالك انت مافيش حاجه
و أسمع صوت الباب معلنا عن انصرافه .. عادى .. أدخل حجرتى لأنام قليلا , و بعد نحو ساعه أصحو على صوت طرقات مرحه مزعجه على الباب .. أفتح الباب و أنا بالبيجاما و عيونى شبه مغمضه لأجد أمة لا أله ألا الله على الباب .. أصدقاء و صديقات مرتدين أفضل ما لديهم .. و يهللون بصوت واحد هابى بيرثداى تو يو .. هاهاهاهاهه
و يدفعونى داخلين و أنا مستسلم تماما غير فاهم لأى شىء .. فورا يدور الأستيريو و يبدأ الرقص و الأحتفال .. و أنا بينهم مش فاهم حاجه ..
يحضروا من المطبخ تورتايتين .. و يشعلوا شمع و يغنوا لى عيد ميلاد سعيد .. و أغنى معهم .. و أتلقى الهدايا و التهانى .. و انا مش فاهم حاجه ..
ينصرف الجميع حوالى منتصف الليل .. و انا مازلت بالبيجاما .. و مش فاهم حاجه برضه .. فعيد ميلادى فى يناير .. بينما ماحدث كان تقريبا فى أكتوبر .. هو فيه أيه ؟
ساعه أو أكثر و يحضر ياسر ألى بيتى .. أثار السعاده و ألأرهاق باديه عليه .. و تفوح من ملابسه رائحة برفان حريمى زاعق .. يدخل بدون سلام ليحصل على قطعة تورته متبقيه من الحفل و يجلس أمامى مسترخيا يأكلها ..
هو أيه اللى حصل بقى ؟ ( أسأله قبل أن أنفجر فى وجهه أو ألقيه من البلكونه ) يرد و هو يمضغ التورته .. همفففممفمفف
أخطف التورته من أمامه و أنذره مهددا .. أنت ياتقولى أيه اللى حصل النهارده يا هاتبقى وقعة أهلك زفت
و يحكيلى .. ببساطه الأستاذ كان على علاقه حميمه بفتاه , و تصادف عيد ميلادها اليوم .. و اكتشف أنه مفلس ولا يستطيع شراء هديه لها .. هداه تفكيره أن ينشر أشاعه بين الأصدقاء و الصديقات أن عيد ميلادى أنا اليوم .. و أنى أنا المفلس ( شوفوا البجاحه ) و لذلك أنا مكتئب و لن أحتفل بعيد ميلادى .. طبعا يهب جميع الجدعان و الجدعات يأتون من كل فج عميق .. من القاهره و الأسكندريه و خلافه .. يصلوا ألى الأسكندريه صباحا محملين بما يلزم للأحتفال .. يدخلهم ياسر و خالد و حازم أصدقائى ألى بيتى و يتلقون منهم ماجاؤا به .. ثم يقوموا بتوزيعهم على بيوت الأصدقاء للغداء و الأستعداد للأحتفال , و يضربون لهم موعد فى بيتى مساء .. و انا ماعرفش حاجه خااالص .. شوفوا بكاسة العين ..
و ليحضر ياسر ألى بيتى عصرا .. و يهبش أكبر و أغلى تورته فيهم و يذهب بها ألى صديقته مقنعا اياها أنه سافر للقاهره بطائره خاصه ليحضر لها تورته من لابوار .. و أنه نزل من مطار النزهه ألى بيتها مباشرة ( شوفوا ابن الكدابه ) و طبعا يتلقى مكافأته الحميمه , بينما يتركنى أنا لاستضافة عشرين صديق و صديقه يبرطعون فى بيتى و يأتون على مخزون الطعام و الشراب فيه و يتركوه كالآثار القديمه بعد الزلازل .

رغم الفارق البسيط فى العمر بينى و بين ياسر ألا أنه يكن لى احتراما شديدا كأخ أكبر له .. نحن أصدقاء لكن بحكم تربيته .. فساعة الجد يلتزم بالأصول ألى أقصى درجه كعادة أبناء العائلات المحترمه كلهم , أذكر مره أثناء أقامة ياسر فى القاهره أن كان مرتبطا بشخصيه ظننتها فى البدايه سويه .. المهم .. فى يوم جائتنى تلك الشخصيه تشتكو لى من ياسر و تطالبنى بالتحكيم بينهم .. و أعترف الآن أنى ظلمت ياسر فى حكمى عليه .. بل أعترف أنى حكمت عليه وقتها بما لا يطيقه .. لكنه و التزاما بأخلاق الرجال .. وقرنى أمام الجميع .. و نفذ ماحكمت عليه به دون نقاش .. لم أنتبه لما فعلته به من ظلم ألا بعد سنوات .. و يومها سألته .. طيب لما أنت كنت عارف أنى غلطان و باظلمك .. ماقلتليش ليه ؟
يرد ياسر : يعنى أطلع أخويا الكبير غلطان قدام الناس ؟؟ مايصحش طبعا .. أستحمل شويه بس ما اطلعكش غلطان
يالأخلاق الرجال التى تربينا عليها و تعاملنا بها ..
يا الله .. كم كانت أيام جميله .. حتى بعد أن نتهى مشوارنا فى العمل فى تصدير الحاصلات الزراعيه بكارثه بسبب دنائة أنسان لا يتجاوز فى أخلاقياته أخلاق العبد الخانع .. متواطئا مع أحد أساطين الحزب الوطنى .. بل يصل بالجميع الوقاحه لأن يوقعوا بينى و بين صديقى ياسر .. لنتخاصم نحو العام أو أكثر .. و لانجد من يتدخل ليصلح بيننا .. و يتزوج أخى و لا أستطيع حتى حضور فرحه .. و ينجب محمود .. لأجد مكالمه من اسكندريه .ز و صوت أخى الحبيب يقول لى : طيب زعلان منى أتفلق ماتجيش .. بس ابن اخوك ده .. مش ليه حق عليك تشوفه ؟
تدمع عينانى .. أنطلق ألى الأسكندريه الجميله .. أحتضن أخى و أبن أخى .. أبارك لزوجته التى أكتشف أنها سمعت عنى من ياسر و عائلته أكثر مما سمعت عن أى أحد آخر ..
تدوم أخوتنا .. و يذهب الوضعاء ألى الجحيم .. نرى أنتقام الله منهم بأعيننا .. لكنا معا نفخر بأننا التزمنا بأخلاق الرجال فى عملنا .. و فى لهونا ..
و الله يعيد الزمن الجميل ..

Thursday, November 02, 2006

الرجل و الذكر .. معضله و مفتاح للفهم

الشرقيه .. أو حنان , صديقتى و جارتى منذ سنوات قد تصل ألى العقد الكامل , من قبل أن أشرع فى الكتابه كانت مناقشاتنا بالأضافه ألى مناقشات مجموعة الشغب فى وسط البلد هى المنفذ الرئيسى لتبادل الأفكار , و بعد التدوين صارت تتابعنى ولا تعلق ألا فى التليفون أو خلال لقائاتنا القليله , و فى حوار هاتفى بيننا أول أمس أشكو لها من الكآبه الشديده التى أمر بها حاليا و امتناعى حتى عن التعليق على مدونتى نفسها , قالت لى أنها قرأت الموضوع الأخير و أغلب المنشور عنه فى المدونات , و فاجأتنى بتعليق بسيط للغايه .. عميق بدرجه مذهله ..
من فعل الفعله الشائنه هم مجموعه من الذكور ليس بينهم رجال ..( عارف الفرق بين الذكر و الراجل يا فالح ؟ ) تتسائل على الهاتف بتهكمها الطبيعى .. أصمت ولا أرد .. طبعا أعرف الفارق .. و كم من مره دارت حواراتنا حول هذا الموضوع .. و أشرد بذهنى فى غمرة اكتئابى .. يااااه .. فعلا .. كلهم كانوا ذكور .. لكن أين الرجال فى هذا الموقف ؟ بل أين أخلاقيات الرجال و أنا أتابع آلام ليلى و بهيه ..؟ أين الرجال من بين القطيع حين كنت أفكر فى نظرية الرعويه ؟ أين الرجال بين مدمنى الأستمناء السياسى و العقائدى و الأجتماعى فضلا عن الجنسى ... ياااه ..
يأتى صوتها فى الهاتف ( الو .. الو .. أنت فين ؟؟ اتخرست ولا أيه ؟ )
لأ معاكى
معايا أيه ؟ ده أنت سرحان و المكالمه على حسابى .. المهم هاتيجى تتعشى قلقاس مع الولاد و لأ ؟
طبعا جاى
دقائق و أكون بين ولديها الحبيبين , و هى تمارس أمومتها على ثلاثتنا , من تحضير الطعام الشهى ألى توجيهات صارمه بألا نقلب البيت رأسا على عقب أثناء لعبنا الغبى ( حسب وجهة نظرها ) مع الشاى بعد العشاء نتكلم .. نلخص معا و بوضوح شديد الفارق بين الذكر و الرجل .
الذكر هو صفه أو حاله للكائن الحى ناشئه فقط عن وصفه التشريحى , أما الرجل .. فهو أصلا حاله و صفه أخلاقيه , سلوكيات استقر تقييمها فى مجتمعاتنا منذ القدم بأنها أخلاق الرجال , الرجل ذو كرامه لا يقبل الأهانه , صارم فى الحق , يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الآخرين , مندفع بشجاعه قد تصل ألى التهور دفاعا عن مبادئه , معطاء بكرم يصل ألى الحمق لكل من حوله , يبسط رعايته قبل حمايته على كل أفراد مجتمعه سواء يعرفهم أو لا يعرفهم , الرجل الحقيقى يفتح الباب للمرأه لتمر منه قبله , يحمل عنها الأغراض الثقيله مراعيا رقتها و متطوعا بقوته , الرجل الحقيقى لا يكذب و لا ينافق بل يقول للأعور أنت اعور فى عينه , الرجل الحقيقى لا يخاف شىء ألا الله ثم معاييره الأخلاقيه , الرجل الحقيقى يعيش سنه الحقيقى فيستمتع بشبابه , و يكد عملا فى رجولته , و يحترم شيبته أذا ماتقدم فى السن , الرجل الحقيقى ينظر لليلى ( أى ليلى ) باحترام و تقدير , بل و بعطف لرقتها , و فى حالة ما أذا قابل ليلى من نوعية الراقصه دينا وشبيهاتها .. فهو حتى أن استجاب للمتعه التى تعرضها بجسد رخيص مشاع .. فهو لا يظلمها أجرها .. و لا يعمم تجربة ليلى الفاسده على كل ليلى يقابلها بعدها .. فليلى هى أمه الحبيبه و أخته و ابنته وزوجته و زميلته وصديقته .. الرجل الحقيقى يمثل أضافه لحياة ليلى من جهه , و ليلى الفاضله تكمل شطر سعادته و أخلاقه من ناحيه أخرى .
الرجل الحقيقى يقاوم أى راع قواد يعامل التابعين له كقطيع , الرجل الحقيقى يرفض أصلا أن يكون فردا فى القطيع , و يستحيل على الراعى القواد مهما بلغ به الكفر و الفجر أن يخصى رجولة الرجل , حتى لو استطاع استأصال ذكورة الخانعين , فالرجال الحقيقيين تتجاوز قيمتهم المعطيات التشريحيه بكثير .
الرجل الحقيقى حين يحلم , ينهض بكل همه و عزيمه ساعيا بكل قوته لتحقيق أحلامه , متحملا المخاطر و المشاق ليحول حلمه ألى حقيقه , و لا يغرق أبدا فى الأستمناء والتخيلات المريضه , الرجل الحقيقى هو الثابت قدماه على أرض الواقع , المرتفعة هامته فى السماء طالبا النجاح و الرقى فى كل مايفعله .
يالله .. ذهبت بعيدا و أنا أحاول تفسير ماحدث من حالة السعار الجنسى فى وسط البلد , و هاهى الشرقيه تفسره بسلاسه و تلقائيه .. فعلا كل من شارك فى الجريمه هم من الذكور , لكن أين الرجال فيهم ؟
و يأتى السؤال الملح المؤلم .. أين أخلاق الرجال فى مجتمعنا الآن ؟ أين فئات النموذج المثالى الذى حلمنا به أيام زمان و شخصه فى الأعمال الفنيه أبطال زمان ؟ الرجل الحقيقى .. رشدى أباظه , فريد شوقى , محمود المليجى , توفيق الدقن ... و و ..
حتى فى الأدب , لو قارننا بين أبطال مجتمع نجيب محفوظ فى حكاياته عن الفتوات , و بين القصه الرائعه لعلاء الأسوانى عمارة يعقوبيان .. فأبطال نجيب حتى الأشرار منهم كانت فيهم صفات الرجوله , بينما ابطال الأسوانى حتى الأسوياء منهم .. كانوا مجرد ذكور , و كأن مجتمعنا الحالى لا يقدم للفنان ( فضلا عن الفرد العادى ) نماذج تتجاوز حدود الذكوره فقط أن توافرت .. بينما نضبت نماذج الرجال الحقيقيين فى هذا المجتمع تماما .
ولا غرو .. فهذا الجحش العجوز صابغا شعره بتهتك كأنه ينفى عن نفسه شبهة الحكمه و الوقار , يدير وجهه أذا ما باشر الصهاينه اغتصاب أخوانه فى فلسطين أو لبنان أو العراق , و يمد يده ليقبض ثمن قوادته و خسته من الأمريكان فى صوره سحب دعمهم للحركات الشعبيه المعارضه و مساندتهم المستتره لأبنه الوريث الخائب.
أما الوريث الخائب بتاع البولنج .. فحدث و لا حرج .. و أكرر ماقلته من قبل فى أحد موضوعاتى , فى مراهقتى و شبابى كنت أشاهد الساحات الشعبيه التى مارس فيها جيلى لعب الكره و رفع الأثقال و كمال الأجسام و الملاكمه بدون تكاليف أطلاقا .. استبدلها الوريث الخائب بصالات البولنج , تمارس فيها اللعبه ( التى لا أعلم وجه الرياضه فيها ) بتكلفه تصل ألى خمسه و عشرون جنيها للساعه الواحده , طبعا .. فوالده الجحش العجوز اختار لنفسه سابقا الرياضه الوحيده التى لا يتواجه فيها الخصمان .. الأسكواش .. رحم الله أيام الملاكمه و المصارعه و رفع الأثقال و ألعاب الرجال , و لنتخيل زائر الساحه الشعبيه و نقارنه بزائر صالة البولنج .. فالأول يعتز بعضلاته و يعرض دوما مساعدة الأضعف منه متطوعا بصحته و رجولته مانحا رعايته و حمايته لأهل منطقته و مجتمعه .. بينما الثانى زائر البولنج .. يعتز جدا .. جدا .. بمقدار الجيل فى شعره .. هل رأيتم الفارق بين نموذج الشاب زمان و نموذجه فى الخمسه و عشرون سنه الماضيه ؟
لعنة الله على شلة الذكور المخنثين القابعين على أنفاس هذه البلاد ..
أتذكر الآن قصه حدثت فى شارعنا منذ نحو ثلاثين عاما أو أقل قليلا , كنت أسكن فى شارع السرايات بالعباسيه , و كان هذا الشارع وقتها شديد الهدوؤ لدرجه تزعج فتيات الحى من السير فيه بمفردهم حتى لو فى عز الضهر , ببساطه كان السلوك الجماعى التلقائى لشباب الشارع عموما ( و أرجو مقارنة ماسيلى بالسلوك الجماعى التلقائى للمسعورين جنسيا فى العصر الحالى ) بمجرد مشاهدة فتاه من الجيران وحدها أو مع صديقاتها يمشون فى الشارع , أن يتحرك أى من يراهم منفردا أو مصحوبا بأصدقائه على الرصيف الآخر للشارع فى ذات اتجاه سير الفتاه أو الفتيات , معلنا لهن عن وجوده هو و أصدقاؤه ليطمئنوا أنهن فى حماية جيرانهن من شباب الشارع , و لأنتشار هذه العاده الكريمه ووعى كل الجيران بها .. كانت حين تقوم الفتاه بشراء أى شىء ثقيل الوزن من أحد المحلات الموجوده فى الشارع لا تضطر لحمله أبدا .. فقط تنظر لأول شاب جار لها متواجد فى الشارع حتى لو كانت لا تعرف أسمه , و هو على الفور و بدون سؤال سيتقدم ليحمل عنها ما اشترت قائلا اتفضلى اسبقينى يا أختى .. و غالبا كان لا يعرف أسمها .. أختى نفسها استفادت من هذا التقليد أيما استفاده حين كانت طالبه بكلية الهندسه الواقعه فى شارعنا .. فكانت فقط تخرج بلوحاتها و ماكيتاتها الثقيله من باب الكليه و تقف بجوار أشيائها لا تفعل شىء .. و خلال دقائق فقط يلمحها أى من شباب منطقتنا .. فيتقدم متطوعا ليحمل عنها كل شىء قائلا اتفضلى اسبقينى يا أختى .
صديقة أختى و جارتنا المسيحيه , لم يكن لها أخوه ذكور , لكنها طبعا كانت تحصل على ذات الأمتيازات التى تحصل عليها شقيقاتها المسلمات من أشقائهن المسلمين , و ذات يوم و قرب المستشفى الأيطالى حيث يقع محل يمتلكه والد أحد أصدقائنا , و فى ظهيرة يوم شديد الحراره حيث خلى الشارع من الناس , و انصرف والد صديقى للغذاء تاركا صديقنا الشاب بمفرده بالمحل , و أثناء مرور جارتنا المسيحيه أمام محله ذاهبة لعمتها فى نهاية الشارع , تعرض للفتاه شاب غريب عن المنطقه على مايبدو غره خلو الشارع من الماره .. فصرخت الفتاه ليسمعها جارنا الشاب القابع فى محل والده , لينطلق بكل قوته راكضا لنجدتها , و قبل أن يهرب المجرم دون أن يصيبها بأذى يذكر و لأصرار صديقى و جارى على مطاردته و تربيته , استل الجانى سكينا و طعن به صديقى فى جنبه .. لكن أتعلمون يا حضرات ماذا كان رد فعل الصديق المطعون فور الحادث ؟ ببساطه انهمك يهدىء من روع جارتنا المسيحيه بل و انحنى رغم نزيفه يلملم لها أشيائها التى كانت تحملها و سقطت منها خلال تعرض المجرم لها , و حين وصلنا نحن لمكان الحادث بعد أن سمعنا الصرخات , أصر على الأطمئنان على أن باقى الشباب سيوصلوها بغيتها بأمان قبل أن يستسلم لنا لنحمله للمستشفى
ببساطه كانت تلك أخلاق الشباب فى ضؤ النماذج التى كنا نراها فى المجتمع و السينيما و الأنتاج الأدبى ناهيك عن القيادات السياسيه و أساتذتنا فى المدرسه و الجامعه و مدربينا فى النادى و الساحه الشعبيه .

المسأله ببساطه هى كيفية تحول ملايين الذكور .. ألى رجال .. تلك هى المسأله و مفتاح الحل .. و الله أعلم