فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Thursday, December 20, 2012

قريش .. تاتشر .. نخنوخ ... . فكرة الدوله و السوق

 لولا الدوله لما كان السوق 
قاعده تؤمن بها كافة المذاهب الأقتصاديه و السياسيه و التاريخيه . الا قله نادره تضم الفوضوين الراديكاليين و مشتقاتهم من ثورين اشتراكيين و ما شابه
 لولا الدوله لما كان السوق قاعده يمكن تتبعها تاريخيا منذ عهود البدائيه الضاربه فى القدم .. منذ أن انتظم الأنسان فى جماعات تبدأ بأسر ثم عائلات ثم قبائل تتمدد مسيطره على موارد طبيعيه من مياه و مراعى و مناطق صيد , منذ بداية التبادل الأول للمنافع بين الناس فرادى و جماعات , فما أن يبدا التبادل فى المنافع و الموارد حتى تظهر الحاجه لوجود قواعد للتبادل و من ثم حتمية وجود سلطه تنظيميه تطبق تلك القواعد المتعارف / المتفق عليها بين الناس , و بنمو التعاملات ينمو ايضا الكيان المنظم لها , و تتكون الدوله فى صورتها البدائيه , مع تطور البشر تطور أيضا الكيان المنظم للتعاملات و العلاقات بين البشر لتكون الدوله , و لنبق قليلا فى الماضى لنتأمل كيفية نشأة أحدى أقوى الدول فى تاريخنا و ايضا أحد أهم اسواق منطقتنا العربيه .. دولة قريش فى مكه 
مكه هى بالتعريف القرآنى ( واد غير ذى زرع ) و بالتعريف العلمى هى واد محصور بين جبال صخريه متشعبه يحتوى بئر ماء غامض المصدر و الأدرار ,  أسكن فيها ابراهيم عليه السلام أسماعيل و أمه و تركهما و رحل , بالتقويم التوراتى كان هذا منذ نحو اربعة آلاف عام , لا نعرف على وجه الدقه كيف تطور المجتمع ( المكى ) ليصبح قبيله متماسكه تنظم ورود الناس الى مكه حاضنة الكعبه المشرفه , لكن من المؤكد أنه قبل الأسلام بنحو ألف عام , أى قبل الميلاد بأربعة قرون كان فى مكه كعبه , يحج أليها الكثير من المؤمنين بديانات أبراهيميه و غير ابراهيميه ( الكعبه كانت مطافا لليهود القرائين , و المسيحيين النسطوريين و منهم ورقة ابن نوفل و ايضا للصابئه و للعديد من الوثنيين من كل بقاع العالم المعروف وقتها ) كما كانت ايضا سوقا بالغ النشاط و الحضور , لتجارة الجزيره العربيه كلها و تخومها , و ما رحلتى الشتاء و الصيف ( المذكورتين فى القرآن الكريم و المنصوص عليهما فى الكثير من ادبيات الرحاله ) الا النتاج الفعلى لنشاط السوق المكى .. فالقريشيين / العرب , اعتادو السفر صيفا ألى الشمال و شتاء الى الجنوب لعقد صفقات تجاريه تستفيد من قواعد الوفره و الندره بشكل بالغ الرقى , و ما عنب الشام و بلح اليمن الشهيرين ألا تنويعا على المشاع من القصص عن التجاره العربيه / المكيه منذ قديم الأزل .
لولا الدوله لما كان السوق , و قد ادرك حكماء قريش تلك القاعده و طبقوها بالتزام صارم و توسع عبقرى , فبين تاجر هندى و تاجر مصرى لا ضمانات , لا علاقات , لا صله من الأساس , لكن لو تمت الصفقه فى مكه برعاية القريشييين ( العرب ) لصار هناك ضمانه و اطمئنان و ... ( ثقه ) .. فلو اخل الهندى أو المصرى بايا من التزاماتهم تستطيع الدوله القريشيه استخدام تحالفاتها المتوسعه لألزام الطرف المخل بواجباته , كيان يشبه البنوك أو شركات تأمين مخاطر التجاره فى العصر الحديث , القريشيين استطاعو تأسيس دوله متماسكه الكيان و متشعبة التحالفات و المصالح , بحيث تعرف تلك الدوله اين تضغط لتحرك أى مفصل .. و فى مقابل نسبه من ربح الصفقات التجاريه , نسميها ضريبه أو مكوس أو رسوم .. لا يهم .. لكن الهندى و المصرى دفعاها برضا تام و قناعه بأن ثرواتهما فى أمان أذا تم التبادل برعاية .. قريش 
الأدبيات الغربيه و منها عطيل و تاجر بندقية شكسبير , و سلامبو جوستاف فلوبير فضلا عن الكثير من تقارير الرحاله و المؤرخين , جميعهم يذكرو الكيان القريشى / العربى بكل خير فى مجال التجاره الدوليه و التبادل عبر القارات , فحضور التاجر العربى ألى فينيسيا لا يعنى فقط الأستفاده من بضائعه النادره أو ثروته الكبيره , لكن يعنى ايضا أمكانية تحكيمه فيما شجر بين تجار من كل أطراف العالم , فالعراقى و اليونانى يحتكمان لتاجر عربى وصل ألى فينيسيا لتوه ليحكم بينهم فى خلاف حول صفقه تعثرت , و يحكم العربى و يطمئن التاجرين للحكم .. و يثقان ( و هو الأهم ) فى قدرة العربى على تنفيذ حكمه مستفيدا من رسوخ دولته الكائنه فى بؤرة تجاره عالميه و ايضا قوة و تشعب اتفاقات تلك الدوله المكيه مع كافة السلطات الشبيهه فى العالم المعروف .
الأنباط تاجرو من الجبشه الى سمرقند مرورا بالجزيره العربيه , و كانت نسبه من قيمة قوافلهم تذهب مباشرة بكل الرضا لقريش .. فقط لحماية قوافلهم خلال مرورها بالجزيره العربيه و تخومها . الأحباش تاجرو مع الفرس بكثافه ..و ما كان لهم أن يفعلو لولا تأمين القريشيين لمرور قوافل الزنج عبر الجزيره العربيه و حتى بلاد فارس دون أن يتعرض لهم مخلوق .. الدوله القريشيه كانت اساس السوق و التبادل التجارى .. و ايضا الحضارى 
لولا الدوله لما كان السوق .. طبعا .. لكن السوق ايضا قوه رشيده كما الدوله , و مصالحهما أن توافقت فى البدء .. فهى من المؤكد ستتعارض بعد النشوء ., السوق يحتاج الدوله لحماية مصالحه , و الدوله ايضا تحتاج للسوق لتمويل قدراتها الحاميه , فى تلك اللحظه يظهر التوازن الرشيد بين مصالح الكيانين المتعارضين المتلازمين .. الدوله و السوق .. تعتمد الدوله على قدرات السوق تمويلا و حشدا , و يعتمد السوق على قدرات الدوله عدلا أو بطشا .. تتعارض المصالح احيانا لكن سرعان ما يعود التوازن الرشيد بين القوتين ( الدوله و السوق ) .. التاريخ يذكر امثله لا حصر لها لكلا الحالتين التعاون و البطش .. نتذكر معا رحلة عمرو ابن العاص للحبشه مطاردا الهجره الاولى للمسلمين .. تعاون واضح يقدمه السوق للدوله , فعمرو ابن العاص تاجر مليىء و شهير و له علاقات بالنجاشى نفسه ( ملك الحبشه  المسيحى الذى لا يظلم عنده احد ) .. يقوم التاجر بدور وزير خارجية قريش متطوعا .. لخدمة الدوله .
أبان مجاعة المستنصر و تغول التجار على الرعيه و احتكارهم للسلع الأساسيه لا تنفرج ألازمه ألا بعد أن يبطش المستنصر ( الدوله ) بشاهبندر التجارو يطيح برقبته و يصادر املاكه كردع لكل التجار , فيفرج المضاربون عن بضائعهم و تنفرج ألأزمه .. حين قامت الدوله بدرو السيطره على السوق .. تعاون و تضاد .. تصارع خفى أو بين .. لكن العلاقه متلازمه .. فلولا الدوله لما كان السوق .. و ايضا .. لولا السوق لما استمرت الدوله 

أمثلة التزام السوق لحماية الدوله و العكس كبيره , لا مجال هنا للأسهاب فى سردها .. لكن أذكر منها فكاهه غفل عنها تاريخ العرب ( الذى هو لم يكن مكتوبا ) و ذكرها رحاله أيطالى من القرن الخامس الميلادى .. يحكى رجل قريشى أغلب الظن أنه من أعمام عثمان بن عفان أو اعمام ابيه .. هذا القريشى حضر كضامن لصفقه تجاره بين فارسى و صقلى ( من جزيرة صقليه ) .. الصفقه تمت فى مكه المكرمه , حيث اشترى الصقلى قافلة مصنوعات فارسيه ووعد بأداء ثمنها بعد عام .. و ضمن القريشى سداد الثمن .. و بعد عام تخلف الصقلى عن السداد أو حتى الحضور الى مكه .. و صار القريشى ملزما بسداد قيمة الصفقه للفارسى أو .. رد البضاعه للفارسى !!
ما كان من التاجر القريشى ألا أن سافر الى قبرص عن طريق الساحل الشامى .. و هناك استأجر اسطولا مسلحا .. اسطول حقيقى مجهز يحمل جيشا من المرتزقه .. ووجههم ألى صقليه حيث مقام التاجر , و قام الأسطول فعلا بمهاجمة الجزيره الصقليه و افرغ مخازن التاجر كلها بل و اختطف التاجر نفسه و عاد به الى الساحل الشامى و منه الى مكه .. و رد القريشى البضاعه للفارسى .. و ساعتها تسائل الجميع عن هذا التصرف الأحمق للقريشى .. فتكلفة تجييش اسطول للهجوم على جزيره حصينه و اختطاف احد أعيانها و سلبه محتوى مخازنه .. هى تكلفه تفوق أضعاف أضعاف قيمة البضاعه التى كان يمكن للعربى سدادها ببساطه للفارسى دون خساره كبيره كخسارة ( الغزوه ) العابره للبحار ... ما هذا التصرف الأحمق ؟؟ .. هنا كان رد القريشى : سأغرم المال فى كل حال .. فلأشترى هيبتى بمزيد من المال , فما ربحنا ألا لهيبتنا ... و كانت حكمه بالغه من القريشى .. فالمواسم التاليه لهذا الحدث أسست لسمعة هذا العربى القادر على حماية كلمته و تعهداته بأى تكاليف ..
سطوة الدوله تخدم السوق .. و السوق أيضا .. يؤسس لسطوة الدوله

 مع المبالغه الفكريه فى سيطرة الدوله كان قمع السوق و آلياته هو أول الضحايا و هنا كان التوجه اليسارى فى الأقتصاد ( شيوعى / اشتراكى / تروتسكى ... الخ ) ..و يشهد العالم الحديث بعيد الحرب العالميه الأولى أول تضاد بين قوى الدوله و قوى السوق , يصل التضاد ألى صراع تحكمه ( المغالبه ) بين الدوله و السوق , فتنتصر الدوله فى المعسكر الشرقى / اليسارى .. و ينتصر السوق فى المعسكر الغربى / الرأسمالى .. و لشعور كلا  ( الغالبين ) فى المعسكرين بخطورة النظير الضد فى المعسكر الآخر تكون الحرب البارده .. الدوله الغالبه فى المعسكر الشرقى تشعر بخطورة السوق ( الغالبه ) فى المعسكر الغربى , و يكون النزال بين ( الغالبين ) مريرا و مكلفا لكلاهما , لن أثبت وجهة نظرى هنا فى تحيزى لفكرة تحرر السوق من سيطرة الدوله و ووقوف الدوله فى منطقة المراقب و على تخوم الموجه للسوق , لكن التاريخ اثبت انتصار فكرة السوق المتحرر على فكرة السوق الموجه .. أى .. غلبة السوق على الدوله فى صراعهما المرير .. المدهش هنا أن نهاية الجدار الحديدى للمعسكر الشرقى كانت على يد المرأه الحديديه .. مارجريت تاتشر
كانت بداية ضرب الجدار الحديدى فى بولندا .. مارجريت تاتشر ناصرت ليخ فاونسا الثائر البولندى ضد الشيوعيه و الضربه القاضيه للجدار كانت بفكرة البيروسترويكا ( أعادة البناء ) على يد الرئيس السوفيتى ( ابان كان هناك اتحاد سوفيتى ) ميخائيل جورباتشوف .. بين فاونسا و جورباتشوف قاسم مشترك أعظم هو .. دعم مارجريت تاتشر لكلاهما
تنهى مارجريت تاشر الصراع المرير بين الدوله و السوق .. و كديدن الفائزين فى صراع طال أمده , تتبع الضربه القاضيه ضربات انتقاميه تسمى بالرادعه .. ضربات تفتت كيان الخصم تماما و تردعه عن مجرد التفكير فى الاشتباك مره اخرى حتى لو عادت له قواه .. و تكون فكرة تاتشر ( البذيئه ) .. الخصخصه .. الخصخصه هى فى وجهة نظرى ضربات الردع و تفتيت العمود الفقرى لخصم السوق .. أى الدوله ..  بدون الدخول فى دهاليز التفاصيل .. تلخصت فكرة تاتشر فى أن السوق الحر يحقق نضوجا و مسؤليه اجتماعيه تلقائيه .. بالتالى فيمكن للسوق أن يتولى بنفسه شيئا من مهام الدوله , و يستلزم هذا تخلى الدوله عن دورها جزئيا و بالتدريج للسوق ليتولى بآلياته تقديم الخدمات للمجتمع , وجهة نظرها كانت تحتم وضع السوق أمام التزاماته الأجتماعيه بشكل مباشر بمعنى .. انه لا يجب أن تحصل الدوله ضرائب من التجار لتنشىء بها مدارس أومستشفيات مثلا .. لكن .. تترك الدوله للتجار مهمة انشاء مدارس و مستشفيات بما يحقق صالح المجتمع و التجار !!! بحيث ( حسب رؤيتها البذيئه ) يكون التعليم مثلا مرتبطا باحتياجات اصحاب الأعمال و المستثمرين من العماله .. وتكون الرعايه الصحيه انعكاس لربحية المستثمرين من عائد ارتقاء مستوى الصحه العامه للعمال ... الفكره البذيئه بدأت بالتعليم و الصحه .. و أنتهت بخدمات الأمن و العداله ..حيث كانت اقسام الشرطه تتخلى عن حراسة بعض الأحياء لشركات متخصصه فى الامن و الحراسه يدفع لها رجال أعمال من سكان الحى .. و بينما يتقاضى المواطن العادى أمام محاكم الدوله فيحق للمستثمر أن يذهب بقضيته لمحكمه خاصه اسرع انجازا مقابل دفع رسوم مضاعفه عن التقاضى .. الشريك العبيط لتاتشر على الجانب الآخر من ألاطلنطى رونالد ريجان كان مبهورا بفكر المرأه الحديديه .. فسارع بتطبيق مبادئها فى الولايات المتحده .. و تبعهما الكثير من الدول ( التابعه بطبيعة الحال ) و كانت مصر فى النصف الثانى من عهد مبارك نموذجا حيا لتطبيق الفكره التاتشريه ( البذيئه ) .. الخصخصه ..

قبل الأسترسال فى نقد ما حدث فى مصر من ( مبدأ ) الخصخصه , وجب التنويه لأنه فى مطلع الثمانينيات أيضا  و فى قارة أوروبا و تحديدا فى فرنسا ضمير الأوروبيين ظهرت الفكره المناوئه لفكرة تاتشر البذيئه , و سميت بعد لأى و درس و فحص ب ( الحوكمه ) و تلخصت الحوكمه فى أطلاق آليات السوق مع تطوير قدرات و آليات الدوله لتستمر فى ممارسة عملها الرقابى على السوق بما يتماشى مع تنامى قدرات السوق و سرعة التغير فيه .. و كانت الحوكمه ( حسب تعريفى الخاص ) هى تحكيم الراشدين و ترشيد الحاكمين .. أو ما سمى لاحقا فى مطلع القرن الحالى بنظرية الحكم الرشيد .. عموما لا نظرية الخصخصه وصلت الى مرجعيه محدده ولا نظرية الحوكمه وصلت ألى شكل له ملامح .. و بقيت عبارات كالحكم الرشيد أو الديموقراطيه الأجتماعيه أو حتى الخصخصه فى جيلها الجديد مجرد عبارات / أهداف  كلها ( تجريبيه ) قيد الدرس و الفحص و الرصد العلمى, تعكس جميعها ورطة ما سمى حينا بالعولمه أو تنميط المجتمعات و الحكومات .. فجميع الأفكار أعلاه لم تأخذ فى اعتبارها طبائع القوميات و الفرق بين الشعوب و استحالة التنميط السطحى للأداء .. عموما لهذا مقال آخر فى مقام آخر .. و لنعد الآن لمصرنا الحبيبه .. و فكرة الخصخصه البذيئه

فى نهاية التسعينيات ظهرت فى مصرنا الحبيبه فكرة الخصخصه ( البذيئه ) و كطبع الساذجين من المتأمركين ( أعنى جمال مبارك و صحبه عليهم لعنة الله ) نقلوالفكرة ( التى هى قيد الفحص و النقد مازالت ) بحذافيرها ألى أرضنا الحبيبه المبتلاه بأبنائها .. و صارت الخصخصة اولا فى تخلى الحكومه عن دورها فى أدارة القطاع العام .. و كان انسحابا مهينا للدوله يشبه هرولة المهزومين من معركه خاسره .. البيع صار هدفا لا يعلو عليه هدف .. التنصل من المسؤليه الاجتماعيه صارت سمه أخلاقيه .. الهروب من أى التزام قومى صار اسلوب حياه للنظام الذى بدا فى التهالك , قاوم من استطاع من حكماء النظام .. لكن فى العام 1999 كان وضع عاطف عبيد على راس الحكومه المصريه هومسمار نعش الدوله المصريه كلها .. الأنسحاب المهين من المسؤليه صار اسرع وتيره .. التنصل اللاأخلاقى من الالتزام المجتمعى صار أسلوب أداره .. و لأن الناس على دين ملوكهم .. و لأن وجود ( النظام ) هو عنصر حتمى لوجود ( السوق ) بدأ ظهور بدائل لدور الدوله .. و العجيب ان الدوله السطحيه وقتها رحبت بتسليم مهامها جزئيا أو كليا فى بعض الأحيان لسوق ليس برشيد و ليس بمسؤل و ليس به أى مقومات الصلابه اللازمه للبناء و التنميه ( و لهذا مقال آخر فى مقام آخر ) ..
 و يشهد المجتمع أولا شركات الأمن .. التى مثلت بديلا للشرطه و تخصصت فى حماية الأموال أولا .. ثم فى حماية اصحاب الأموال فى جيلها التالى من التطور .. الأمركان مربكا مع وجود فوارق الدخل المرعبه فى مصر .. فبدأت الثغره المميته حينها .. الضربه القاسمه لفكرة الدوله كلها .. فبعد أن جائت شركات خاصه لتولى دور الشرطه .. شرعت الشرطه فى مغازلة الممولين لتؤدى بنفسها دور الشركات الخاصه .. بذات الأداء ( المرن و الطيع ) لصاحب المال و بكفائة و صلاحيات المؤسسه الرسميه .. ولا يخفى على مصرى بالغ فى الفتره من سنة 2000 و حتى الثوره ما كان من علاقة الشرطه برجال الأعمال .. بدأت العلاقه مع كبار الممولين و الصناعيين .. و تم نسخ العلاقه تنازليا حتى صارت مكرره حتى مستوى الباعه الجائلين .. فالصناعى الملياردير يدفع للشرطه الرسميه لتقدم له خدمات مميزه بدءا من فتح أشارة الطريق لموكبه حين يتحرك ألى حماية ضيوفه و أمواله فى تنقلهم ألى استيداء ديونه لدى الأفراد اذا تباطؤو فى السداد  .. مرورا بتبطىء الأجراءات أذا اصاب المستثمر شىء من محاضر الكهرباء أو الضرائب أو حتى الجمارك .. بل وتقديم شىء من ( التسهيلات ) فى اصدار التصاريح الحكوميه مع اتخاذ موقف الحمايه ضد أى مطالبات قضائيه فيما يخص حقوق العمال أو ما شابه .. و بالنسخ تنازليا .. صار البائع المتجول يدفع لمخبر الشارع شيئا من قبيل ( المصروفات الأداريه ) ليسمح له بمخالفة القانون و احتلال الشارع ببضاعته .. و يتدخل المخبر لحماية من يدفع فيمنع عنه منافسة الباعه الآخرين .. و ينبهه مبكرا لكبسات البلديه قبل مرورها ..
صارت ( الحكومه ) الممثله فى ذهن البسطاء بالشرطه تمارس عملها بصفتها شركه قطاع خاص أو .. مخصخصه .. فمن يدفع يحصل على خدمات الدوله .. و من لا يدفع .. فقانون الطوارىء جاهز لردعه وأزاحته عن طريق السوق الحر الصاعد بقيادة جمال مبارك و صحبه عليهم لعنة الله
الخلط صار اكبر من أن نفرق بين ما هو دوله و ما هو سوق .. ظابط القسم يفاوض البائعين على الأتاوه اليوميه .. و التاجر الكبير يتحرك بمنتهى الحريه أمام دائنيه رغم صدور أحكام قضائيه نهائيه بالقبض عليه ...و المواطن البسيط خارج السوق لا يحصل على خدمات ( الحكومه ) ألا فيما ندر .. فالحكومه صارت خدماتها الرسميه تقدم باسعار تفوق بكثير السعر الرسمى ( الراتب الحكومى ) لها .. و بالتالى فأداء الحكومه فى ( خدمة الشعب ) صار فقط فى اوقات الفراغ و فى اضيق الحدود .. بل أن تأدية تلك الخدمه صارت مضيعه للوقت و المال معا من وجهة نظر فرد الحكومه .. أداء الشرطه هونفسه أداء الشهر العقارى و السجل التجارى و المستشفى العام و التأمين الصحى و البلديه و أدارة الحى و المحليات .. الكل تم ( خصخصته ) ببذائه .. تقلص دور الدوله و جهازها المتضخم بدلامن خدمة الشعب ألى خدمة من يدفع و يملك المال .. و على مالك المال أن يمنح هو بعض الشعب شيئا ليصمتو .. و يكون البرلمان العجيب الذى يمتنع عن مناقشة قانون الأحتكار .. و حين يصدره يكون قانونا معجزا غير قابل للتنفيذ .. و لا تجد راس الدوله حرجا فى ذلك .. ما دام المحتكر سيدفع شيئا للشعب من ارباحه الأحتكاريه ..فماذا كانت الحكومه ستفعل بالضرائب لو حصلتها ؟؟ كانت ستمنحها للشعب أيضا .. فلتقصر الطريق و تترك الأمر لصاحب المال .. ينفق على الشعب بنفسه .. و تعفيه الحكومه من الرسوم مقابل توليه القيام بجزء من دور الحكومه المتآكله 

لولا الدوله لما كان السوق .. بالتالى .. حين يعجز النظام عن فرض ( العداله ) و تقديم الخدمات التنظيميه و الأدرايه .. فالمجتمع / السوق نفسه بأغلبيته التى لا تنتمى لأقلية مليارديرات الخصخصه .. يشرع فى خلق بديل للدوله .. بديل و لو جزئيا .. يحقق شيئا من الرقابه / السيطره / الظبط فى السوق و المجتمع .. و هنا .. تنشأ الكيانات البديله .. و يكون .. نخنوخ 

نخنوخ رجل أعمال .. رجل أعمال تخصص فى تحقيق العائد الريعى .. و العائد الريعى بالتعريف العلمى هو كل عائد ينشأ عن فرض السطوه .. الحكومات بطبيعتها تحقق عوائد ريعيه .. فالجمارك و الضرائب هى عائد يتحقق للدوله نتيجه لفرض سطوتها على مساحة ارض .. من يعمل على تلك الأرض يدفع ضرائب و من يدخل بضائع ألى تلك الرض يدفع جمارك .. من يمر بقناة السويس يدفع رسوم .. من يستخرج أوراقا رسميه يدفع مصاريف ,,و هكذا
 الدول بطبيعتها ذات عوائد ريعيه .. بينما الأفراد و المؤسسات فطبيعتها الأصليه هى تحقيق قيمه مضافه .. من صناعه أوزراعه أو تجاره .. أحيانا و فى تركيب سياسى و اقتصادى خاص يمكن للأفراد تحقيق عائد ريعى .. حين يسمح المناخ بتسقيع اراضى أو عقارات .. فالعائد هنا عائد ريعى نشأ عن فرض السيطره على عقار أو أرض ( قانونا أو بالمخالفه للقانون لا فرق ) .. أو .. حين يكون للأفراد قوه تمكنهم من فرض سطوتهم فى المجتمع .. كالبلطجيه  .. نعم ..  الدخل المتحقق للبلطجى هو بوضوح شديد عائد ريعى .. 
للسهوله .. فالمستهلك يدفع للقيمه المصافه ليستفيد مما يدفع مقابله .. بينما فى حالة الريع .. فالمستهلك يدفع ليتقى شر ما يدفع مقابله
البلطجى يحصل المال من الناس اتقاءا لشره و سطوته .. و أحيانا .. ليستفيد الناس من قوته و قسوته .. نخنوخ كان راجل طيب
مؤسسه بلطجه متقدمه جدا .. بدا حياته كمورد لبلطجيه و قائمين مقام الأمن الحكومى للكباريهات و علب اليل .. و ايضا تدبير حراسه محكمه على مخازن التجار فى الطريق الصحراوى .. و حماية الأراضى ( أو سلبها من اصحابها ) فى الأماكن الفضاء .. نخنوخ حسن المعامله .. متواضع .. محبوب من الناس .. نخنوخ قدم صورة المستبد الطيب .. تحصل امرأه على حكم نفقه على زوجها المقتدر .. و يتهرب من السداد .. تلجا المسكينه للشرطه .. فيشترى طليقها الشرطه .. تلجأ لنخنوخ .. فيسترد لها حقها .. نخنوخ هنا صار بديلا للشرطه .. يحقق العداله بحسم .. و بأنسانيه فى كثر من الأوقات
الممثله الشابه تسأم من مساومات المنتجين و المخرجين لتحصل على فرصه للعمل .. تلجأ للمعلم نخنوخ .. يتصل بمعارفه النافذين .. فيتحقق للفنانه حلمها .. نخنوخ أيضا يحل مشاكل النزاع على الأراضى .. يرد حقوق المالكين مقابل نسبه من الثمن .. يتمم الصفقات و يضمن حقوق الأطراف جميعها ..
فى عهد جمال مبارك و صحبه .. حين اتبعت الدوله طريقة تاتشر البذيئه فى التنصل من مسؤلية تحقيق العدل و حماية السوق ..و حين أشتاق المجتمع لكيان يماثل كيان ( قريش ) ليحقق الصلابه اللازمه للبناء على ألارض و يطبق النظام الحتمى لسير الحياه .. 
جاء نخنوخ ليحقق للمجتمع / السوق احتياجه الحتمى من وجودمنظم .. رشيد .. حاسم .. و صلب .. يتولى تنظيم العلاقات بين الأفراد و المؤسسا ت ..
 لولا الدوله لما كان السوق نعم .. لكن فى نهاية عصر مبارك .. كانت المقوله .. لولا نخنوخ لما كان السوق 
أما عن انحرافات نخنوخ  التى لا تبتعد كثيرا عن انحرافات جهاز الشرطه فى نهايات عهد مبارك .. فلها مقال أخر فى مقام أخر ..أنتظر انتهاء قضية نخنوخ للحديث عنها

استعرضت فيما سبقى مراحل نمو السوق من قريش ألى تاتشر ألى نخنوخ .. أما عن الوضع الحالى .. فأظننى سأكتب أكثر من مقاله فى التمهيد لوصف ما يحدث و توقعاتى للقادم بأمر الله
 و الله المستعان