فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Wednesday, September 28, 2016

من أرهاصات ليلة بحر متوسطية الهوى .. ثلاثينية الزمان .. قمرها بدر

فى ليلة بحر متوسطية الهوى ..ثلاثينية الزمان ..قمرها بدر .. قالت أيزيس
أذهب فأنت حر.. قلت كن حرا .. فحرا تكون
قالت أيزيس انا لك ألأم قبل أن أكون الشريكة و العشيقه .. فاجمح برعونتك .. فكل ذنب تأتى به مغفور .. حتى البعاد .. قرأته فى كتابك قبل أن تكون .. و فى كتابك وعدت بالعفو .. فاذهب فمصيرك لى .. أنا ايزيس
لو مزق الأعداء أوصالك فسأجمعها من الأحراش .. و سأحمل منك بحورس يقتل الشيطان .. يامصرى لن تضل بعيدا عن أرض النيل .. فيها الخير و فيها الغفران ..فيها الجموح و فيها البناء .. كن كما أنت ..و أنا ايزيس ..سآخذك كما أنت
قالت أيزيس .. مصري أنت .. فلك المنزلة العليا .. لاينازعك فيها حتى رعونتك .. كن كما أنت .. و أنا ايزيس .. فلا تجزع و من أرض النيل لا تهرب
هكذا قالت أيزيس .. و أنا بوعدها من المؤمنين ...
صليت عند العذراء مريم أو عند نفيسة العلم ..فكلاهما عندى .. أيزيس
______________
من أرهاصات ليلة بحر متوسطية الهوى .. ثلاثينية الزمان .. قمرها بدر

Friday, September 23, 2016

حكايتى مع القرصان

 فى العام 2001 و مع بداية ظهور موجات الهجره الغير شرعيه انتابنى الفضول الشديد لفهم ما يحدث .. و لمن لا يعلم فاصول عائلتى من كفر الشيخ و الحمد لله سمعة عائلتى جيده هناك و نحوز على ثقة اهالى المحافظه بشكل مقبول .. و لأن بعض موجات الهجره انطلقت من منطقة البرلس التابعه لكفر الشيخ .. و استغلالا لوضعى الأجتماعى و وجود علاقات نسب و مصاهره بين عائلتى و بعض عائلات منطقة البرلس العريقه هناك .. قمت بالاتصال ببعض الشباب المحترمين فى البرلس ( سنة 2001 كنت لسه شباب و اصحابى شباب برضه ) و وصلت لصديق محامى من اسره عريقه فى البرلس و طلبت منه بوضوح ترتيب مقابله مع ( القرصان ) .. فالقرصان هو الأسم الذى استخدمه لوصف ريس مركب الهجره الغير شرعيه منذ بدايتها .. و للعلم .. اهل البرلس هم من أشداء اهل البحرو لهم فى الملاحه و الصيد و صناعة المراكب باع طويل و سمعه عريقه .. 
و بعد ألحاح شديد و توسط أعمام الشاب الصديق و تعهد من عمى رحمة الله عليه أن اكتم اسرار ما سوف أراه و أعلمه و أنى مجرد باحث مهتم بمعرفة احوال المحافظه للمساهمه مع أقاربى نواب الشعب وقتها لحل المشاكل .. تم ترتيب زياره للقرصان بصحبة الصديق البرلسى .. ( القرصان ) كان خمسينيا محنكا .. يحمل جواز سفر بحرى بحكم خبرته التى زادت وقت المقابله عن 30 سنه فى البحر .. يتحدث الايطاليه و اليونانيه و بعض التركيه بطلاقه .. مشهور بزيجاته المتعدده فى موانى المتوسط .. قوى الشخصيه و شجاعته باديه من الوهله الأولى .. فهمت من القرصان وقتها أن السفر على ( بلانس صيد ) هو مخاطره معتاده لبحارة البرلس و رشيد و غيرهم .. طالما مارسوها بانتظام خلال رحلاتهم للصيد او التجاره أو حتى التهريب .. بل ان سلطات بعض الموانىء الأوروبيه تنتظر وصول ( بلانسات ) المصريين لأتمام صفقات تجاره مربحه و تعامل البحاره المصريين باحترام .. لكن المشكله و الكارثه تكمن فى حمولة المركب التى أحيانا تتجاوز ثلاث او اربع اضعاف الحموله الطبيعيه المصممه عند بناء المركب من الأساس .. و تلك الحموله تتضخم الى هذا الحد الغير منطقى بسبب جشع ( اصحاب الخشب ) أى ملاك المراكب .. علما بأن تكلفة الرحله على كل فرد / مهاجر تتراوح ( وقتها ) من 10 الاف الى 15 الف جنيه مصرى يدفعون مقدما قبل ( التخزين ) و التخزين هو ( تجميع ) المسافرين فى مكان مجهول للكل .. حتى يبلغ عددهم النصاب المطلوب .. ثم يقرر ريس المركب التوقيت الدقيق للمغادره .
هنا تجرأت و طلبت مقابلة بعض ( المهاجرين ) لاتحدث معهم مباشرة .. و بعد القسم على القرآن الكريم .. و تأكيدات بميثاق غليظ أنى لن أتحدث لمخلوق عن تفاصيل ما سأراه .. وافق الريس الشجاع على اصطحابى وحدى دون صديقى البرلسى الى ( المخزن ) لمقابلة المهاجرين أياهم 
المخزن هو زريبه قديمه تم تجهيز سقفها فقط بشكل يقى من امطار الشتاء الغزيره فى المدينه الساحليه .. كل ( مهاجر ) يفترش شىء على الأرض ليستلقى عليه ( بطانيه او ملايه او حتى بعض اوراق الكرتون المقوى ) و بجوار كل منهم حقيبه صغيره ( احيانا مجرد كيس بلاستيك ) يحتوى اغراضه القليله التى سيصحبها .. الكل ينام على الأرض و يقضى حاجته فى خلاء خلف الزريبه و الشرب من اوعيه فخاريه متناثره .. و الطعام يشاركون فى شرائه / طهيه حسب ما يتيسر ... الكل فى حاله حقا بائسه .. اقل حتى من مستوى الأقامه فى السجون نفسها .. الكل لا يملك سوى الملابس التى يرتديها و لا شىء اخر يذكر ... الكل ساهم صامت .. ممنوع عليهم الخروج من المخزن / الزريبه من لحظة دخوله الى ساعة اقلاع المركب التى لن يعلمو عنها شىء الا قبلها بدقائق .. التزام تام بسريه خانقه لا تحميهم لكن فقط تحمى ريس المركب و اصحابه .. يقوم على حراستهم ( منعهم من الخروج ) حرس غلاظ الطبع و الشكل .. يحملون اسلحه ناريه ظاهره للعيان 
كان سؤالى لكل من تحدثت معهم من المهاجين هو ( لماذا تقبل هذا الوضع البائس ؟ و لم ستسافر من الأساس ؟؟ ) .. الأجابات تراوحت بين كلمات مثل ( الحال ضيق ) أو ( هناك احسن ) .. أو الرزق يحب الخفيه ... !!! الأجابات كلها لم تكن مقنعه .. و لم تضع يدى على مشكله واحده حقيقيه .. 
فهذا ورث ورشة نجاره من والده كانت تكفى لعيش عائلته بمستوى مقبول .. لكنه تعلم فى المدارس و لم يقبل أن يرث صنعة ابيه الراحل .. فتخرج بدبلوم تجاره ( فى بلد زراعى ) و بمستوى تعليم يتيح له القراءه و الكتابه بالكاد .. فصار لزاما عليه ان يبيبع ورشة ابوه و ذهب اختيه و يدفع تكلفة الهجره للبحث عن ( حظ ) افضل .. دون أدنى محاوله لاعادة تشغيل ورشة ابيه الراحل !!!!
و آخر خريج كلية الشريعه و علوم الدين .. و لم يمتلك 20 الف جنيه يدفعهم كرشوه لشيخ الأوقاف ليعينه فى جامع ذو صندوق نذور كبير يتيح له دخل جيد !!!.. لكنه استطاع اقناع اصهاره باقراضه 10 الاف جنيه دفعهم للقرصان ليسافر بحثا عن ( حظ ) افضل 
الأعجب مدرس جغرافيا تخرج من كلية الأداب و استلم وظيفته بالفعل فى مدرسه اعداديه .. قرر ان دخل تدريس الجغرافى للأعدادى لا يكفيه لشراء شقه فى العاصمه .. فباع ما ورثه و اقترض من جيرانه .. و قرر السفر بحثا عن ( حظ ) 
نال اعجابى شاب صريح جدا وواضح جدا .. لم يتم تعليمه و انهى خدمته العسكريه و قام بتزوير جواز سفر باسم مستعار !!!!.. حيث علم من اقربائه أنه حال القبض عليه فى ايطاليا .. بجريمه بسيطه ( جنحه مثلا ) فهو يتم ايداعه فى السجن لفتره من 6 شهور الى سنه .. يتعلم خلالها الأيطاليه و تتكفل الحكومه بايوائه ثم يتم ترحيله بمعرفة السفاره المصريه .. خطته أن يقضى سنه فى سجن ايطالى باسم مستعار .. ثم يعود الى مصر فيستخرج جواز سفر حقيقى و يعيد الكره و هو يجيد الأيطاليه بطلاقه !!! .. اعجبنى تفكيره و خطته البائسه .. لكنها فى النهايه خطه و ليس بحث عن ( حظ ) 
الوحيد الذى تعاطفت ( نسبيا ) معه كان مساعد ميكانيكى ديزل .. تعرض لظلم من امين شرطه استغل قانون الطوارىء و دأب على استدعائه و حبسه احيانا بدون توجيه اتهام ( كما كان يتيح قانون الطوارىء ) طمعا فى الحصول على أتاوه منه عن عمله فى صيانة محركات الديزل فى زمام قسم الشرطه .. العجيب ان المهاجر لم يبلغ النائب العام من قبل و لم يتقدم باى شكوى لأنعدام ثقته فى النظام وقتها .. فقرر بيع معدات عمله و السفر طمعا فى ( حظ ) افضل
فى نهاية المقابلات ايقنت ان القواسم المشتركه بين المسافرين المحبوسين فى ( المخزن ) تتمثل فى :
- ليس بينهم من يملك مهاره مهنيه أو يجيد أى صنعه يمكن الأعتماد عليها فى كسب الدخل 
- مستوى أدراكهم لمخاطر السفر صفر .. وعيهم لا يرى سوى انهار الخمر و العسل على الشاطى الأخر .. و ليس بينهم من يعى أصلا انه فى خطر جسيم حتى لو وصل الى اوروبا و هو بتلك القدرات البائسه 
- ليس بينهم واحد يؤمن بان عليه مسؤوليه تجاه اسره او عائله .. بل الجميع يرى أن عائلاتهم عليها دعمهم فى تكاليف السفر و الأستجابه لمطالبهم فى السعى وراء اوهام الثراء الفاحش !!!
- الجميع يتقبل بلا شكوى فترة حياه بالغة البؤس .. اقسى بكثير من الحياه فى السجن .. لمجرد (الطمع ) فى الحصول على ( حظ ) .. و ليس منهم من يؤمن بقدرة العمل و العرق على تحقيق الأهداف 
- الجميع ( باستثناء البحاره ) تم توجيه مسارهم المهنى الى طريق خاطىء منذ البدايه .. فشاب قوى البنيه سليم الصحه يقوم أهله بتوجيهه لتعليم أزهرى ثم دراسة الشريعه .. بدلا ن تعليمه صناعه او زراعه .. و آخر تربى فى اسرة مزارعين يتم توجيهه ليحصل على ليسانس اداب جغرافيا !!! .. و هلم جرا 
الأزمه كانت بالغة التركيب .. فالمشاكل التى اخبرونى بها تتراوح بين ضغوط اسرهم عليهم لتحديد مسار تعليمى و مهنى بائس من الأساس لا يخولهم أى قدرات عمليه فى مستقبلهم .. و حالة ( كفر ) بالعمل و اكتفاء بالأيمان بالقدريه دون العمل أى التواكل الصرف انتظارا لحظ فى علم الغيب .. ايضا أعدادهم النفسى لقبول مهانه و مذله و خطر و ظروف بالغة القسوه من أجل (حظ ) بدلا من تحمل مصاعب و مخاطر اقل بكثير من تلك ليعملو و ينتجو و يحاولو تحقيق احلامهم دون أنتظار للحظ 
لا اتعاطف مع أيهم .. و لا أرى تبرير لجريمة اصحاب المراكب و قباطنتها .. لكن أرى خللا أجتماعيا ضرب الريف كله مع انهيار مشروع دولة النموذج أبان التجربه الناصريه .. فعبد الناصر كان يعمل ل ( تمدين الريف ) .. لكن بانكسار المشروع .. لم يتمدن الريف لكن .. تريفت المدن .. و صار الكل غريبا على أرضه لا يعلم كيف يستخرج خيراتها كما فعل الأباء و الأجداد .. و بدلا من أن يغير من نفسه ليتعلم كيف يستخرج الخيرات من أرض مصر ( كما فعل المهاجرين السوريون مؤخرا ) قرر أن يغير ( الأرض ) نفسها .. و يستمر بالكفر بالعمل و الأيمان فقط ب( الحظ ) 
قلت ما لدى دون الأخلال بالقسم الغليظ الذى يمنعنى من الأفصاح عن اى تفاصيل
و الله المستعان 

Friday, September 02, 2016

اقتصاد الجيش

قبل التطرق للعنوان أعلاه يجب ( تأصيل ) فكرة النشاط الأقتصادى المملوك للدول , ففكرة امتلاك ( الدوله ) لأنشطه اقتصاديه فكره قديمه جدا لكن التنظير لها بدأ فى العالم منذ نحو قرنين من الزمان و يمكن تلخيص أهداف امتلاك ( الدوله ) لأنشطه اقتصاديه فى النقاط التاليه :ز
وجود مصاد دخل للدوله بعيدا عن مصاد الجبايه الريعيه المعتاده ( جمارك و ضرائب و خلافه ) بحيث تبقى خزينة الدوله فى مأمن من تقلبات السوق , فركود يضرب قدرات التجارعلى الربح سيؤدى الى عجز فى حصيلة الجبايه بينما امتلاك الدوله لنشاط خاص بها يمثل مساحة أمان لتمويل نفقات الدوله وقت الركود
مشروعات الدوله تتضمن تصرفها فى مساحات أراضى شاسعه و غير مأهوله و غير ذات قيمه و يحجم المستثمر الفرد عن اقامة اى انشطه فيها بينما قيام الدوله بتعمير تلك الاقاليم يضيف لمساحات العمران فى الدوله و يرفع من قيمة اصول الدوله فى الأجمال .. و قناة السويس الأصليه نموذج لذلك , فقبل حفر القناه كانت المنطقه مجرد صحراء جرداء غير مأهوله ألا فى السويس مدينه تقوم فقط على خدمات الحجاج فى موسم الحج و فى الشمال مدينة الفرما الزراعيه  بميناء صغير صارت لاحقا بورسعيد .. و بحفر القناه تطور الأقليم كله .. و نفس الحال مع نجع حمادى و مصانع السكر و مجمع الألومونيوم أو حلوان و مصانع الحديد و الصلب او المحله و مصانع النسيج 
 الدوله بطبيعتها ( كباحث عن القوه و المكانه مع البحث عن الثروه و المال ) تتقدم للأستثمار فى مشروعات طويلة الأمد فى فترة استرداد الأستثمار و حتى ضعيفة الربحيه مثل الأنشطه القائمه على البحث العلمى ..و بالتالى فمن أكبر مهام انشطة الدوله الأقتصاديه هى رفع ( مكانة ) الوطن كله بزيادة معدلات التعلم و تمويل البحث العلمى المتقدم و نقل التكنولوجيا الحديثه , و بطبيعة الحال يكون ( ترقى ) مستوى مواطنى الدوله جزء من مهام و نتائج انشاء مشروعات الدوله 
ان ترقى مستوى العاملين فى أنشطة الدوله مع توزيعهم جغرافيا على انحاء البلاد لهو من شأنه ( تمدين ) الريف و نقل الحضاره المدنيه الى ابعد بقاع الوطن , فالأصل ان العاملين فى الدوله هم من ( نخبة المتعلمين ) و ترقيهم قائم على الكفائه و النبوغ و الأنتاجيه , بالتالى وجودهم فى الريف و المناطق النائيه يجعلهم قدوه للمواطنين هناك , و يرسخ قيمه واضحه جدا هى أن الترقى قائم على العلم و العمل , و تلك القيمه الأخلاقيه مؤداها كسر قيم القبليه و التوريث للثروه و المكانه , فمن حق كل فرد فى الدوله أن يطمح لمكانة المهندس الزراعى فى الريف او طبيب المستشفى العام او مسؤول العداله فى اقليم بعيد او مدرس المدرسه او الجامعه .. و تتأصل بذلك قيم العلم و العمل و تنحسر قيم القبليه و الظلم 
من شأن مشروعات الدوله أن تطور من مستوى السلع و الخدمات المقدمه للشعب خصوصا أن الدوله فى تلك الحاله تبحث بمشروعاتها عن (المكانه ) مع بحثها عن تحقيق الدخل و الأرباح .. و من شأن خدمات و سلع متطوره تقدمها الدوله ان ترفع من تمسك المواطنين بها و تزيد من ولائهم لها 
------
محمد على باشا كان أول من أسس مشروعات القطاع العام فى مصر ( بالفكر و ليس بالأسم ) بدئا من الترسانه البحريه الى مصانع السلاح و المسبوكات المعدنيه و معامل الكيمياء و خطوط النقل ( سكك حديد مصر ) و مع امتلاك الدوله ( العائله المالكه وقتها ) لكل اراضى مصر و أعادة توزيعها بالبيع او بالمنح ( لكسب الولاء ) جائت مشروعات القناطر و أقامة السدود و شق الترع و المصارف و التوسع فى الأراضى الزراعيه .. بل و وضع نواة انشاء بورصات الحاصلات الزراعيه و الخامات الأوليه .. و استمرت الدوله المصريه محتفظه بأغلب تلك المشروعات تديرها بكفائه و تستخدم عوائدها فى انشاء الجامعات و المدارس و اقامة المستشفيات و غيرها من مراكز تطوير الخدمات و السلع للشعب .. و مع ضعف ورثة محمد على و نمو التدخل الأجنبى برأس المال ظهرت مشروعات خاصه كبرى لكن لم تستغن الدوله ولا الشعب يوما عن الأنشطه المملوكه للدوله ( القطاع العام فكرا و ليس اسما ) و ظل انفاق الدوله سخيا من عوائد تلك المشروعات لتقديم خدمات متطوره للشعب من تعليم جامعى و رصف طرق و شق ترع و قنوات و بعثات تعليميه و طبعه و ترجمه و ثقافه .. الخ الخ 
-----
جمال عبد الناصر سار على ذات النهج الأقتصادى الناجح لاسلافه من الأسره العلويه لكن مع عداوه واضحه لسيطرة رأس المال الخاص على الخياه السياسيه و افساد حياة المصريين و افقارهم .. و أسس جمال عبد الناصر الموجه الثانيه من المشروعات المملوكه لدوله باسم ( القطاع العام ) و فى عهد الراحل العظيم عزيز صدقى كانت مصر تفتتح كل يوم مصنع جديد .. شملت مصانع القطاع العام و متاجره اغلب مناحى حياة المصريين .. و بعوائد القطاع العام و معدلات النمو المتفوقه وقتها صار انفاق الدوله اكثر سخائا على التطوير و تحقيق ( المكانه ) فامتلكت مصر تليفزيون قبل اليونان ..و انفقت من فوائضها الأقتصاديه على بناء مدارس للأشقاء العرب من الخليج للمحيط و تكفلت بسداد رواتب المدرسين فى الغربه ( قبل ان يغتنى الخليج و تفتقر مصر ) بل صار تمدين الريف قائما على قدم وساق باقامة المشروعات فى اطراف البلاد و تطعيم أدارة المشروعات بالنجباء من المصريين اهل العلم و العمل و اصبح الموظف العام نموذجا يحتذى به فى ريف مصر و مثالا يطمح الجميع للوصول الى مكانته و مستوى معيشته و كان السبيل واضحا للترقى . فالترقى ناتح عن العلم و العمل فقط .. و بدأت فعلا ميول القبليه الريعيه تنحسر فى ارياف مصر و صعيدها .. الى ان كانت هزيمة المشروع الناصرى فى 67 و انغماس مصر كلها فى صراع عسكرى يعلو صوته على كل صوت 
---
بعد أنتصار 73 و جنوح ( الرئيس المؤمن ) للمعسكر الغربى اليمينى بتطرف .. و افراجه  عن قيادات التطرف الدينى رعاة مبادىء القبليه و التخلف ( فالعلم عند الأسلاميين هو العلم الشرعى و الفقه فقط اما اى علوم خلاف هذا فهى باطله ) و مع عودة الميول القبليه و تعاظم الدخول الريعيه .. انهارت قيمة ( الترقى المبنى على العلم و العمل ) و صار الترقى مرتبطا بالقرب من الحاكم و حزبه الواحد او بخفة الدم و الفهلوه او بالقدره على الأحتيال و جمع اموال البسطاء بحجة توظيفها ( اسلاميا ) او جمع اموال نفس البسطاء المودعه فى البنوك باقتراضها و الهرب بها .. صار الترقى بقرينا للفساد و سماكة الجلد و تحمل أوزار الخطايا و التنازل عن الكرامه .. حتى جنح خريج الهندسه للعمل كجارسون فى الفنادق .. فدخل من ينحنى للضيف الثرى اعلى من دخل من يعمر الصحراء او ينشىء المصانع .. و انهارت فكرة القطاع العام بفساد التعيينات فيه اولا ثم بعجز الدوله عن الوقوف فى وجه الطبقه الماليه الحديثة التى بدأ تأسيسها مع الأنفتاح .. و الأدهى من ذلك هو عجز الدوله المصريه عن اجتذاب ذوى المهارات الراقيه لتولى ادارة القطاع العام و العمل فيه .. و انكمشت دخول موظفى القطاع العام و الجهاز الأدارى حتى صارت محل تهكم الحميع و سخريتهم فصار انهيار الطبقه الوسطى التى اسسها عبد الناصر انهيارا ماديا و معنويا .. و صار ( موظف الحكومه ) مواطن يعانى من جيبه و من كرامته سويا .. و أذكر اول حكم محكمة نقض صدر عام 1997 لصالح مدير عام فى التربيه والتعليم .. المدير العام استخرج رخصة قياده ليتمكن من العمل كسائق تاكسى بعد الظهر ليستطيع مواجهة نفقات اولاده .. وزارة التربيه والتعليم طبقت عليه قانون العمل وقتها و انذرته بالفصل .. ووصل الأمر لمحكمة النقض التى حكمت بحق المواطن ( المدير العام فى التربيه والتعليم ) فى العمل كسائق تاكسى ليلا ليرفع من دخله حيث لا يمكن لدخله من العمل العام مواجهة نفقات اسره مصريه طبيعيه !! .. و صار الأنهيار قانونيا .. بل بتطور الفساد البرلمانى فى مصر .. تم استنان قوانين تقنن ( التورث ) فى تكية القطاع العام بقوانين تسمى ب( ابناء العاملين ) فصار القطاع العام نزيفا من قلب مصر بدلا من أن يضخ اموالا و ثروه فى خزانتها .. و صارت الأصول المنتجه .. مجرد اصول عقيمه لا ناتج لها بل تنفق اكثر بطثير مما تنتج .. و طبعا توقف ( تمدين الريف ) تماما بل شهدت العواصم حالات نزوح من الريفين لأنشاء عشوائيات فى غياب الدوله حول المدن سرعان من انتشر ال العشوائيات باخلاقهم فى حاله من ( ترييف المدينه ) بدلا من تمدين الريف   
--
عهد مبارك كان نموذجا لأنسحاب الدوله ليس فقط من ادارة النشاط الأقتصادى لكن انسحابها حتى من ممارسة السياده . فكان  تخصيص التعليم هو بدايه تلاه تخصيص الأعلام و ترك السيطره على قيم المجتمع فى ايدى الجزارين و أسوأ منهم .. مع استمرار قاعدة الترقى حسب القرب من السلطه فقط و اهدار أى قيمه للعلم و العمل .. فصار الطبال المشوه اغنى المصريين فقط لقربه من ابن الرئيس .. بل صار الحزب الأوحد يضم المجرمين من تجار مخدرات او نصابين على البنوك بل و يتم تصعيدهم ليحصلو على الحصانه كنواب للشعب فى برلمانات مبارك .. و طبعا كان القطاع العام الذى تم افشاله تماما منذ ايام الرئيس المؤمن و صار (مجرد بطه عرجاء ) تنتظر اول ذئب ينهشها بلا مجهود .. فالقطاع العام صار نزيفا مزمنا يستنزف دماء الوطن و أمواله بخسائر سنويه مرعبه أدت لقيام النظم المتتاليه بالأقتراض الكثيف لسد العجز الناتج عن خسائر القطاع العام .. و صار الاقتراض لسداد اجور من لا يعمل ولا ينتج هو نوع من الأنفاق على استقرار الدوله .. او دفع اتاوه لقوه شعبيه كبيره اتقاء لغضبها .. فالقطاع العام و جهاز الدوله اصبح يضم نحو 6 مليون مواطن .. لو تأخرت الدوله عن ( سداد الجزيه ) لهم فى صورة مرتبات و علاوات بلا مقابل انتاجى .. لتعرض استقرار النظام ( الغير منتخب من ايام بعد الناصر نفسه ) لاهتزاز استقراره بعنف لا يطيقه ..و صار تفكيك القطاع العام و بيعه بالعدوان على ميراث الشعب من أصول تم تفشيلها و تحويلها من اصول منتجه الى اصول عقيمه .. حتى سقطت تلك الأصول فى أيدى فاسدين لا ضمير لهم ولا اخلاق ..  .. و انهارت كل اهداف القطاع العام التى تأسس لأجلها منذ محمد على 
------
لكن من المهم أن نعلم أن فى كل مراحل انهيار الدوله السابق وصفها .. لم يصل الافساد والفساد الى مصانع الأنتاج الحربى و مشروعات القوات المسلحه كلها .. بل حافظ الجيش بقياداته المتتاليه على ذات النسق القيمى الأصلى لأنشاء انشطه اقتصاديه مملوكه للدوله .. من اول قوانين عمل صارمه لا تحابى مخطىء و لا يضيع فيها اجر المتفوق .. الى التزام باصول الصناعه تماما .. وقد لا يخفى على البعض جنوح عصابة جمال مبارك للسيطره على بعض شركات الأنتاج الحربى و هو ما قوبل برفض حاسم و مقاومه شديده و لم تتمكن عصابة جمال مبارك الا من السيطره على بعض الشركات التجاريه التى أسسها الجيش من قبل و تم افشالها بغرض بيعها لاحقا لكن قامت ثورة يناير و انقذت ما تبقى منها 
---
منذ 30 يونيو 2013 بدأ عهد جديد .. برئاسة رئيس منتخب ليس عليه فواتير لأحد .. و شرع فور توليه منصبه فى أعادة البناء و اعادة ( استرداد الدوله ) او يزيد .. و بطبيعة الحقائق اعلاه .. لم يجد الرئيس ذراعا اقتصاديه يتصدى بها لجشع الرأسماليه المتطرفه التى سيطرت على مصر و افسدتها فى عهد مبارك .. فالقطاع العام على النحو المبين أعلاه صار عاله على خزانة الشعب .. و توقف تماما عن الأنتاج .. و أولى محاولات الاصلاح بتعديل قوانين العمل بما يسمى بقانون الخدمه المدنيه .. قوبل برفض من البرلمان الذى شرع فى تقديم ( رشوه ) للغوغاء من خزانة الشعب ... و هنا .. لا تجد أدارة البلاد ذراعا اقتصاديا جاهزا لتولى الحد الأدنى من مسؤولية اعادة البناء سوى .. القوات المسلحه و مشروعاتها الاقتصاديه 
أن اقتصاديات القوات المسلحه المصريه الحاليه و المستقبليه هى النموذج الوحيد المتبقى من فكر ( الدوله ) و دورها فى خدمة الشعب و تقديم المتاح من السلع و الخدمات .. مع جهد جهيد لمحاولة استرداد ( قيمة العلم و العمل ) كسبيل للترقى و النجاح بدلا من قيم النفاق و التنطع و النصب و الأحتيال التى ارساها نظام مبارك 
ان اقتصاد القوات المسلحه بوضوح شديد هو ( القطاع العام ) الذى تنبنى عليه مصر ماديا و قيميا و اخلاقيا .. و يعادل نفس مشروع محمد على باشا او جمال عبد الناصر ابان بنائهما لنهضة مصر الحديثه كل فى زمانه و بامكانياته 
ان دعم مشروعات الجيش المصرى واجب و فرض عين على كل مصرى .. و يتبقى على الشعب العمل الدؤوب على مواجهة بقايا الفساد السابق .. لا اهاجم الرأسماليه كفكر لكن اهاجم افعال المتنطعين عليها من العهد السابق .. فطلعت حرب كان رأساماليا وطنيا نعيش فى افضاله حتى الأن .. لكن جمال مبارك و احمد عز و عصابتهم كانو مجرد مجرمين فاسدين مفسدين .. يجب التخلص من قيمهم الفاسده و قواعدهم المفسده ..
اقتصاد الجيش يقوم بما لا يوجد من يقوم به فى الدوله المصريه اليوم .. و على الشعب المصرى ان يعى هذا و ايضا ان يقوم بدوره مع الجيش لأنهاء فساد عقود سبقت.. و أعادة بناء دولة مصر الحديثه .
و الله المستعان 
هوامش : يمكن الرجوع لنظرية (سان سيمون) و مدرسته الحديثه فى اقتصاد الدوله و افكار (نوركسه) العالم الألمانى فى التنميه