الرباعيه المقدسه .. من تجليات التصوف السياسى
قبل البدء
لنقر أولا الأتفاق على بعض القواعد الأساسيه قبل المضى قدما فيما سيلى من حديث و أحداث
التجليات فى عرف المتصوفين هى حال انفصال عن الواقع حيث يتعطل البصر و تعمل البصيره , وصاحب التجلى قد تغيب عنه الحقيقه لكنه يستشرف الحق و قد يرى الظاهر لكنه يدرك الباطن و من هنا جاء أسم العلوم الباطنبه التى يتدارسها المتصوفون مقابل علوم الشرع التى تتعامل فقط مع الظاهر و التى يدرسها غيرهم ( منطقة الباطنيه المتاخمه للأزهر الشريف كانت مقر أقامة المتصوفين من الدارسين بالأزهر منذ تاسيسه ), و أوضح مثال للفارق بين أصحاب علوم الظاهر و اصحاب علوم الباطن هو قصة سيدنا موسى و الرجل صاحب العلم اللدنى المذكوره فى سورة الكهف .. فالرجل كان يرى بالبصيره بينما موسى عليه السلام كان يرى فقط بالبصر .. لكن العضال الآن أنه ليس مؤكدا أن بين أهل الباطن من لديه العلم اللدنى ( من لدن العليم القدير ) أو لنقل أن المتصوف العادى يعمل فقط بصيرته البشريه دون التأكد من وصول المدد من خالق البصر و البصيره ..لذا فالبصيرة يا حضرات يصعب فى مجالها التمييز بين الرؤى و الخيالات .. و أحيانا الضلالات . بالتالى .. فحالى فى التجليات قد لا يختلف كثيرا عن حالى عند مانولى .. أللهم ألا أنى فى تجلياتى أكون طاهرا من رجس منقوع البراطيش .. لكن النتاج العقلى أظنه سيكون متقاربا للغايه
أرى أن التصوف فى الحقيقه هو أحد أبداعات المصريين القدماء , حيث كانت القسوه على النفس ( و هو الرمز المشتق منه التصوف حيث يلتزم طالب العلم الباطنى بطريقة لبس الصوف الخشن صيفا و شتاء ) و الألتزام بما لا يطيقه العوام من البشر , فضلا عن طول البحث و التأمل و الصبر على طلب العلم و السمو الروحى , و الأنتظام فى عبادات و طقوس بالغة الصعوبه هو الطريق الوحيد لبلوغ الحكمه و الأطلاع على اسرار علوم الحق , مارس تلك الطقوس كما هو مثبت طلبة العلم فى طيبه القديمه و منف و سيرابيس و غيرهم من جامعات الفراعنه العظماء .. و تتلمذ على أيديهم أصل الفلسفه الغربيه فيثاغورس .. و بعد عشرون عاما من الدراسه المرهقه عاد فيثاغورس ألى موطنه الأصلى ليؤسس مدرسته و مذهبه الذى صار عقيده لاحقا على غرار ما عايشه فى موطن الحكمه بمصر القديمه .. فألزم طلابه و مريديه بحياه شديدة القسوه و الألتزام .. بل سار على نهجه كل تابعيه لاحقا من أرسطو و أفلاطون و غيرهم .. حتى أن كافة أخويات العالم قديمها و حديثها تنتهج ذات الأسلوب الأنتخابى القاسى لقبول و ترقية أعضائها مع تفاوت درجات القسوة و الألتزام
انتقلت الطقوس الصوفيه الغامضه القاسيه من المصريين ألى بنى اسرائيل .. و أول من مارسها كان نبى الله موسى عليه السلام الذى نربى فى قصر الفرعون و تعلم كل حكمة المصريين .. و مع ذلك .. ترك القصر الذى عاش فيه كأمير تبناه الفرعون نفسه و انطلق سائرا بحثا عن صاحب العلم الباطنى ليتعلم منه .. بل أنه حسب القصص القرآنى الصحيح قبل أن يتحول من أمير ملكى ألى تابع مطلوب منه الصمت و الاستسلام للحيره بل و قهر الدهشه حسب شروط المعلم القاسيه , بل و يذكر القرآن الكريم أن موسى عليه السلام قد رسب فى اختبار الصبر ثلاث مرات متتاليه حيث لم يستطع السيطره على فضوله .. و فارق معلمه و لم يتحصل ألا على نذر يسير من من العلم القديم
تكررت قصة العلم الغامض مره أخرى فى بنى اسرائيل حين اضلهم السامرى و صنع لهم عجلا ذهبا له خوار , عبدوه و ضلوا عن سبيل الله .. و حين سأله موسى .. ماخطبك يا سامرى قال .. قبضت قبضة من اثر الرسول و بصرت بما لم يبصروا ..هنا نكتشف بوضوح أن بصيرته الفائقه كانت سببا فى ضلاله .. و هو ما قد يكون مثالا لما ذكرته أعلاه أن البصيره أحيانا ما تكون مضلله .. لكنها فى كثير من الأحيان الأخرى تكون الهدى و الصواب .. عموما صار التصوف و طلب العلم الخفى طقسا يمارسه الخاصه من بنى اسرائيل , تمثل فى كثير من فروعهم و اشهرها الكابالاه التى تتخذ لنفسها رموزا مشتقه من المثلثات , و المثلث هو مفرد الوحدات المسطحه التى لو اجتمعت و تجسمت لشكلت .. هرما !!!! بل أن نجمة داوود ذاتها تتكون من مثلثين متقاطعين تداخلا بالقاعده
تنتقل الصوفية بروحها و مفهوم طقوسها فى بنى اسرائيل حتى رسالة المسيح عليه السلام .. و بوصول المسيحيه ألى مصر .. يمارسها المصريون و يصبغونها كديدنهم بصبغتهم الخاصه .. بميراثهم حتى من قبل الأديان التى نعرفها الآن .. بقسوة الحياه طلبا للمجد .. و تكون الرهبانيه , الرهبانيه لم يأت بها السيد المسيح عليه و على نبينا أفضل الصلاة و أجل التسليم .. لكنها ابتداع مصرى صميم .. و تكون كهوف الجبال و الصحارى المصريه هى أول الأديره على الأرض .. و يأتى النص القرآنى بعد ستة قرون من رسالة المسيح عليه السلام ليكرم الرهبان حيث صاروا مع القسيسين سببا فى تمييز المسيحيين بالموده عن باقى الديانات الأخرى
طبعا قبل الأسلام وفى المجتمع العربى كله ظهرت الرهبانيه و لاقت قبولا و احتراما و توقيرا حتى من الوثنيين , و ما بحيره الراهب وورقه ابن نوفل ألا دليلا على وصول الصبغه المصريه فى التصوف ألى العرب سواء بالقبول و الأتباع أو بمجرد التوقير و الأحترام , و بعد الأسلام .. ينتقل الطقس المصرى الأصل ألى الدين الجديد .. فيكون المتصوفين و الباحثين عن الحكمه الخفيه و الرؤيه بالبصيره التى تتجاوز البصر جزءا من نسيج الدين الاسلامى , و طبعا تجتذب مصر أشهرهم و تصدر علومها و تراثها فى هذا المجال للجميع , فيكون الأمام الليث الذى لا يفتى ومالك فى المدينة و الليث فى مصر .. و يصير مذهبه أحد اعمدة المذاهب الرئيسيه حتى اختفاء كتبه و دراساته بغموض فى فتره مظلمه من فترات الصراع السياسى الذى شاب تاريخ الأمبراطوريه الأسلاميه منذ الفتنه الكبرى و حتى تاريخه !!!.. و على مقربه من مقر و قبر الأمام الليث يكون مقر سيدى ابن عطاء الله السكندريى , و يكون البوصيرى و مديحه بنهج البرده .. و يكون ياقوت العرش و أبى العباس المرسى .. و الشاطبى و الدسوقى و السيد البدوى و سيدى غازى ,, و .. و .. و .. آلاف مؤلفه من أهل الطريق منهم من ترقوا بالحظوة ألى ملأ الذاكرين .. و منهم من لاندرى لاى منقلب ينقلبون
و كما وضع المصريون قواعدها فى الزمن السحيق سار المسلمون بذات القواعد للتصوف .. و صار الصبر على الصعاب للوصول ألى الترقى .. و من الترقى يكون التلقى .. فيتلقى المترقى علما أرقى من علوم البشر .. فيترقى مره أخرى .. فيتلقى المزيد .. و هكذا .. فيصير من الترقى التلقى .. و بالتلقى يكون الترقى ..أو هكذا قال علماء الصوفيه
أحبائى .. لو اتفقتم معى الآن أن التصوف هو طقس مصرى صميم فى أصله .. فمرحبا بكم لاستكمال قراءة ماسيلى من تجليات و رؤى .. أما أن كان العكس .. ولا تتفقوا معى حول الأصل المصرى الصميم للتصوف .. فابشركم بأن الله ينجيكم برحمته من ثقل دمى و كآبة طبيعتى و يهديكم لسبيل السلامة بالأعراض عن الموضوع التالى
_________
أذا .. لا مفر .. مادمتم وصلتم لقراءة هذا السطر فحضراتكم من المبتلين بقرائة سخافاتى . . اعتبروه قدركم .. و لأشرع الآن فى سرد التجليات .. و دون مقدمات أخرى .. فأنتم من اخترتم المضى قدما
الكاهن المصرى و هو أصل التصوف كان يرى فى الطبيعه موسيقى ابتدعها الخالق البديع ليسمعها البشر بابصارهم و بصيرتهم و ترق قلوبهم و تتشكل ضمائرهم و أخلاقهم , و يرى فى الأرقام لغة الله الواحد .. يكلم بها العلماء من خلقه .. فيتأمل الكاهن فى الأشكال و الأفلاك و يقرأ كلام الله سبحانه و ينهل من حكمة الخالق العظيم .. و يأت بقبس من علم لأهله من العوام , ينير قلوبهم و عقولهم , و يهذبهم و يرقيهم .. لا عجب أن قال جون بريستد أن مصر هى فجر الضمير .. نعم .. فالمصرى هو من اكتشف مبدأ الضمير البشرى , الثواب و العقاب , العداله . ميزان القلب .. و القيامه و الحياه الآخره
الكاهن المصرى لم يتل صلواته و يكتفى .. لا .. بل بحث و دقق و كان العلم و الأكتشاف عنده طقسا مقدسا و عملا يتقرب به ألى الله .. فكانت أولى قواعد الحساب التى تعلمها من مراقبة النجوم .. و بالتأمل كانت الهندسه و قيمة الأشكال و حسابات رموزها .. و ما أظن حساب مثلثات فيثاغورس ألا ما اقتبسه من عظمة معلميه المصريين .. الذين بنوا الأهرام العظيمه بتجسيم أربعة مثلثات متسانده على قاعده مربعه
التجلى فى تصوفى سيكون بحثا فى رموز الأشكال و الأرقام كمدخل للبصيره لا الأبصار
جاء فى الجيبتانا ( سفر التكوين المصرى ) بيوت الآلهه تبنى على قواعد مربعه .. قالها حكماء المصريون قبل خمسة آلاف عام .. و بنوا
أهرامهم بتماس أربعة مثلثات على قاعده مربعه
ألفى عام بعدها أو يزيد .. و يرفع ابراهيم و ابنه القواعد من بيت الله فى مكه على قاعده .. مربعه !! و بعدها بنحو ألف عام يتخذ أتباع نبى الله داوود رمزهم بتداخل مثلثين !!!و يطلق اليونانيون و بعدهم الرومان على مصر تعبير .. ارض الآلهه !!! ز
أطراف الصليب أربعه
الجهات الأصليه .. اربعه
اركان السلام الملزمه للجميع .. اربعه .. و الفرض الخامس لمن استطاع اليه سبيلا
بين القاعده المربعه و الشكل المثلث يكون حالى فى الهيام و التجلى .. و اتبع اصل التصوف فى البحث عن رموز الأشكال .. و أجد أن هرم أجدادى هو الشكل الذى يجمع بين القاعده المربعه .. كقواعد ببت الله .. و الشكل المثلث الذى يوحى أول ما يوحى باتساع القاعده .. و انتخاب القمه حتى الأنفراد .. و بلوغ نقطة التلاشى ..أى الفناء أو الخلود
فى مصر أرض الآلهه أتأمل سر الرقم أربعه كحصر للقواعد الراسخه , و أتأمل فى حال السياسه المصريه متجردا .. ماهى قواعد بناء النظام المصرى ؟ كيف يتأتى لأى كيان ايا كان أن يحكم مصر , و يصير له السيطره عليها ؟
يكون التجلى بأن النظام المصرى لابد أن يكون كالهرم .. على أربعة قواعد .. ماهى تلك القواعد الأربعه المقدسه لأى نظام مصرى ؟
يأتى التجلى بالرؤيا .. و يكون الجواب
الجيش الوطنى القوى
الحشد الشعبى الجارف
القبول الدولى
الحل الأقتصادى
أربعة قواعد لو اجتمعت لنظام ايا كان .. لصارت قمته ألى الخلود .. و أعود للبحث فى الأشكال مره أخرى .. من القواعد ألى القمه .. الهرم يكون مثلثا فى كل قاعده.. مثلث متسع القاعده قمته ألى الأنفراد و تتساند المثلثات بالتماس .. حتى يتشكل الهرم مجسما
و يأتى التجلى بعد الآخر .. الهرم يمكن أن يبنى بثلاثة مثلثات فقط .. حتى يقوم و يعتدل .. و بعدها .. و فى ظروف مواتيه .. حتى لو فقد النظام مثلثا / قاعده أخرى من الأربعه يمكن أن يستمر بمثلثين فقط .. متساندين بالتماس .. نعم .. بمثلثين فقط قد يستمر الشكل الهرمى قائما .. لكنه ابدا لن يقوم بمثلث / قاعده واحده , فبفقدان ثلاثة مثلثات من ألأربعه . سينهار الهرم .. تلك حقيقة الهندسه و فن الأشكال و الرموز
اذا .. النظام المصرى المثالى يقوم على أربعة قواعد كامله .. لكنه يمكن أن يبدأ السيطره بثلاثة قواعد فقط من الأربعه .. و يمكن أن يستمر لو احتفظ بقاعدتين فقط .. لكنه يسقط منهارا لو تبقت له قاعده واحده
عظيم .. قبل أن تتوالى التجليات أعود للتاريخ مراجعا النظريه التى وردتنى لتوها بالرؤيا المباركه
محمد على باشا بدأ ملكه بالقواعد التاليه
جيش قوى .. حيث كان قواته مع قوات حلفائه هم القوه العسكريه الوحيده الباقيه على ارض مصر بعد انسحاب الأحتلال الفرنسى
تأييد شعبى جارف حصل عليه بما يشبه انتخاب الصفوه حين قرر علماء الأزهر ووجهاء الأمه توليته الأمر
قبول دولى بدأ بانتسابه للسلطنه العثمانيه التى كانت قوه عظمى عالميه وقتها
ثلاث قواعد استطاع محمد على أن يبدأ بهم سيطرة نظامه على مصر المحروسه .. ارض الآلهه .. و لاحقا و باستتباب الأمر استطاع أتمام هرمه الراسخ بوضع حل اقتصادى .. تمثل فى تأميم الأراضى كلها من المماليك الفاسدين و أعادة توزيع الثروه المصريه على من يستطيع تنميتها و سداد الضرائب عن نشاطه و من ثم اسس محمد على باشا دوله صناعيه متفوقه .. نابذت بسرعه الدول العظمى بل و صارت نفسها حاله خاصه بين الدول بعد استقلالها عن السلطنه العثمانيه و قبول العالم لها منفرده كدوله مستقله
تابع ابناء محمد على سيرهم و سرعان ما فقدوا بعض القواعد من الأربعه المقدسين .. فمع الأغراق فى الديون فقدت القاعده المتمثله فى الحل الأقتصادى .. لكن تبقت القواعد الثلاثه الأخرى قائمه .. و حتى الثوره العرابيه التى فقد بها النظام قاعده أخرى هى الجيش .. و حاول استبدالها بقوات أجنبيه ليست خاضعه تماما لسيطرته .. فصارت الأنظمه المصريه تستند ألى القبول الدولى , و الجيش القوى ( الذى كان أجنبيا فى الغالب ) بينما لم تستطع تلك الأنظمه التمكن من قواعد الحشد الشعبى أو الحل الأقتصادى .. و أن حدث فعلى فترات متقطعه و بشكل هذيل فى أغلب الوقت
سنحت الفرصه لكثير من المعارضين و اشهرهم حزب الوفد العريق أبان ثورة 1919 بقيادة زعيم الأمه سعد زغلول .. لكن تلك القوه المعارضه لم تمتلك ابدا سوى قاعده واحده من الهرم .. الحشد الشعبى .. بينما خلت ايديها من أى سيطره على القواعد الأخرى سواء الجيش أو الحل الأقتصادى أو الأعتراف الدولى
كما قلنا ليبدأ نظام فى السيطره لابد أن يرتكز على ثلاث قواعد على الأقل .. و يمكن أن يستمر باثنتين .. لكنه سيسقط حتما لو بقيت واحده فقط
جائت حركة الجيش عام 1952
كيف و لماذا نجحت ؟ و كيف تمكن نظام حركة الجيش من احكام السيطره بسرعه و تولى الزمام بينما سقط نظام فاروق الأول ملك مصر و السودان ؟
لا ابحث هنا عن أى تفسير خارج التجلى المتصوف الذى أعيشه الآن .. بدلا من اللجوء لمانولى .. بمناسبة اقتراب رمضان
الملك وقت الأنقلاب كان فاقد السيطره على الجيش فى أغلبه , و فاقد التأييد الشعبى تماما .. و الوضع الأقتصادى بعيد الحرب العالميه الثانيه كان مترديا ألى حد ما .. و لم يتبق للنظام الملكى سوى .. الأعتراف الدولى أى .. قاعده واحده من قواعد الهرم المصرى الربعه .. و صار مؤهلا لأنهيار مدوى طبعا
جائت حركة الجيش أساس بسيطره على أولى القواعد و هى الجيش , و راهنت و كسبت رهانها على القاعده الثانيه ألا وهى الحشد الشعبى .. و أظن هذا الحشد ما كان حبا فى الظباط و لكن كرها فى النظام ( و ما أشبه الأيوم بالأمس ) بينما تأخر الحل القتصادى قليلا .. حين شرع الضباط فى التأميم ( أكبر جريمه فى حق مصر لكن لم يكن هناك حل سواها لأنقاذ اقتصاد البلاد .. و ايضا .. ما اشبه اليوم بالأمس ) فى تلك اللحظه .. تمكنت حركة الظباط من امتلاك ثلاثة قواعد من الأربعه المقدسين .. و عليه .. صار نظام العسكر جاهزا للنهوض و أحكام السيطره و هو ما حدث بالفعل .. و عليه .. لم يجد المجتمع الدولى بدا من تقديم قبوله للنظام المصرى ليكتمل هرمه المقدس .. طبعا سرعان ما تغابى النظام متماديا فى الغى و الأستحمار و اعتماد أهل الثقه لا أهل الخيره و التعامل مع موارد مصر باعتبارها غنيمه فسرعان ما فقد كلا من الحل الاقتصادى و الأعتراف الدولى .. بالأمعان فى الحروب التى لا ناقة لنا فيها و لا جمل مع تحقيق خساره فادحه فى حروبنا نحن
المهم .. أنتهى النظام الناصرى تحديدا ( تحول النظام العسكرى الى نظام ناصرى يدين بولائه و كل افكاره لشخص واحد تم هو جمال عبد الناصر ) و صار النظام المصرى الحاكم لا يستند سوى للشرعيه الدوليه فقط .. بينما الحشد الشعبى مبهم بعيد هزيمة ناصر و احتلال سيناء .. الوضع الأقتصادى متردى .. و الجيش بالفعل .. مهزوم
فطن السادات لقرب انهيار هرمه المقدس .. و حتمية استجماع قواعد الهرم مره اخرى .. على ألاقل أثنين منهما بالأضافه للقاعده المتوافره .. و بالفعل .. فى ضربه واحده استرد النظام المصرى قاعدتين هما الجيش و الحشد الشعبى .. حين حقق الأنتصار فى أكتوبر .. و اكتملت للنظام وقتها ثلاثة قواعد مستقره ثابته .. بعدها طمح النظام فى استكمال قاعدته الرابعه .. راميا لتأسيس الهرم المقدس مره اخرى .. و شرع فى العمل للحل الأقتصادى !! طبعا أسلوب الصدمه المفاجئه ينجح بشده عسكريا و شعبيا .. لكن الاقتصاد ببنائه المركب جدا .. لا يحتمل الصدمات ولا يمكن التنبؤ برد فعل الهيكل الأقتصادى للتغيرات المفاجئه حتى لو كانت تغييرات سليمه .. و كان الأنفتاح
و الأنفتاح بعيد تطبيقه تزامنا مع اتفاقية السلام كان له ابلغ الأثر فى تآكل الكثير من باقى القواعد .. و يعود النظام المصرى لحاله تشبه حالة الملك فاروق .. فالحشد الشعبى و الحل الاقتصادى مفقودين تماما .. بينما يستند النظام فقط على الأعتراف الدولى و الجيش .. و هنا .. حين تم اختراق الجيش بالجماعات الأسلاميه لا يتبقى للنظام سوى قاعده واحده و بلتالى .. سقط النظام منهارا بدوى صاخب لم تعرف المنطقه مثله منذ أجيال كثيره
و نبتلى بالنظام الحالى .. و اذكركم و نفسى أن الفتره الأولى للنظام الحالى كانت أحدى أفضل فترات النمو فى تاريخ مصر .. و تقريبا حتى عام 1985 .. بعدها .. لا درى ماذا حدث .. لكن النظام فقد كل شىء .. اخلاقه و عقائده و شعوره .. و مؤخرا .. عقله .. المهم .. كيف بدأ النظام الحالى عام 1981 ؟ بدأ مستندا على اعتراف دولى حقيقى , و مسانده شعبيه لا يستهان بها .. فالأرهاب الذى عانيناه وحد الشعب كثيرا تحت راية الحكومه بعد أن كره الناس التطرف , و طبعا بعد اغتيال الراحل السادات تم تطهير الجيش بصوره رائعه .. و بالتالى بدأ النظام الحالى سيطرته مستندا على ثلاثة قواعد من أربعه .. لا ينقصه سوى قاعدة الحل الأقتصادى ليبنى مجدا ما بعده مجد
هنا يبدأ التخبط و يكون الصراع المرير بين اهل الخبره و اهل الثقه .. فيبدأ الأنهيار حين يتبع النظام المصرى مبادىء الخصخصه اللعينه .. و رغم تراجع الدول المبدعه للخصخصه أساسا عن هذا السلوب فى أدارة القتصاد ( الخصخصه اختراع تاتشر الأنجليزيه و تابعها رونالد ريجان و ثبت فشل الفكره حتى أن انجلترا فى العام الماضى أممت عددا من مؤسساتها ) ننخرط بلا وعى ولا ضمير و لا عقل و لا أى شىء فى حالة تدمير كامل أولا للحل الأقتصادى .. و من ثم للحشد الشعبى
النظام الحالى لا يستند ألا على قاعدتين فقط .. الأعتراف الدولى .. و الجيش
____
اتوجه بالبصيره و أنا فى ساعة التجلى المباركه تلك لموضع آخر يمكن أن يكون مسرحا لمداعبات الرقم أربعه الغامض .. و أنظر لساحة المنافسه السياسيه فى مصر .. و احاول حصر المتنافسين بأسلوبى الحالى أى .. التجلى فقط .. فأجدهم ( بعد انبعاث حزب الوفد من الرماد كالعنقاء ) و ياللعجب .. اربعه ايضا
الحزب الوطنى و تابعيه من الأحزاب الكرتونيه
الأخوان المنظمون جدا
المعارضه المستقله و تشمل الليبراليين فى الغالب بقيادات كالبرادعى و أيمن نور و حمدين صباحى و تضم سته ابريل و تسعه مارس و كفايه و غيرهم
و أخيرا .. العائد من الرماد كالعنقاء .. حزب الوفد
قد أتفق مع من يقول ان عودة الوفد صفقه مع الوطنى لكن لا ننسى أن حزب الوفد يضم رجال اعمال و حكماء أيضا .. و الفرصه المواتيه سيرونها ببصيره مدربه اعلى تدريب .. و قدرتهم على القفز أكبر حتى من قدرة الأخوان
لنراجع الآن كل فريق من الفرقاء السابقين و ما يمتلكه من قواعد الهرم الأربعه و مايفتقده منها
أولا الحزب الوطنى و اتباعه القفف
لا يمتلك سوى السيطره على القوه العسكريه ( دون دخول فى تفاصيل الآن هل تلك القوه هى الجيش أم الداخليه ) و اعتراف دولى بدأ فى البهتان مؤخرا
و يفتقد تماما للتأييد الشعبى .. و الحل القتصادى
ثانيا الأخوان المسلمين
يمتلكون قدره هائله على الحشد الشعبى , و لديهم ايضا قدره جيده على الحل الأقتصادى
لكنهم يفتقدوا تماما للتأييد الدولى و علاقتهم بالقوه المسلحه .. سيئه للغايه
ثالثا المعارضه المستقله
تمتلك قدره على الحشد الشعبى ثبتت بالدليل القاطع خلال مظاهرات خالد سعيد , و ايضا تمتلك المعارضه المستقله تأييد دولى لا يستهان به و لا سيما بعد دخول البرادعى لساحة الممارسه السياسيه
و تفتقد المعارضه المستقله لحل اقتصادى واضح و أيضا .. علاقتها بالقوه المسلحه .. صفر
رابعا حزب الوفد
له تاريخ يؤهله ليحقق حشد شعبى جيد , و أيضا يملك حكماء الوفد حلول اقتصاديه و حضاريه معقوله و محببه
يفتقد الوفد لتأييد دولى واضح .. لكن .. و أكرر .. لكن .. استجابة القوه المسلحه للوفد ليست صفرا .. و اسكت عن هذا الجزء تماما
المهم .. بمراجعه سريعه لما سبق .. الفرقاء الأربعه جميعهم يمتلك كل واحد فيهم قاعدتين فقط من قواعد الهرم المصرى المقدس .. بما فيهم الحزب الحاكم نفسه .. و هنا .. نقر قاعده حاكمه للصراع .. أن أى فريق منهم سيستطيع بالتوافق أو التنسيق أو أى وسيله كانت السيطره على قاعده واحده مما لا يمك حاليا .. سيمتلك ثلاثة قواعد و هو ما يؤهل هذا الفريق تماما للسيطره على الحكم و بسهوله
بينما .. أى فريق منهم بما فيهم الحزب الوطنى سيفقد السيطره على أى قاعده من القاعدتين التى يمتلكهما .. فسيسقط سقوطا مدويا ..
التباديل و التوافيق لا تنتهى .. خصوصا لو تركت نفسى للبصيره و تجلياتها.. فمثلا
قد أرى بالبصيره - لا البصر - أن مهمة البرادعى الحقيقيه هى تنعيم موقف الأخوان من مسألة المسيحى و المرأه فى الولايه .. و التراجع و لو قليلا عن حتمية نص الماده الثانيه فى الدستور المتعلقه بالشريعه الأسلاميه .. و فى حالة نجاح البرادعى فى تلك المهمه شبه المستحيله ..فهنا سيكتسب الأخوان قاعده شديدة الأهميه تلزمهم و هى الأعتراف الدولى بهم .. و بذا سيمتلك الأخوان ثلاثة قواعد تؤهلهم تماما لبدء السيطره
و فى المقابل .. فالنظام الحاكم المتعكز على قاعدتين فقط هما القوه العسكريه و الأعتراف الدولى الذى بدأ يبهت .. ففى حالة فقدان هذا النظام لقاعدة الأعتراف الدولى _ و هو ما يمكن تحقيقه بسهوله فى حالة تدويل قضايا التعذيب و اصدار أحكام دوليه بالقبض على رؤوس الداخليه مثلا _ فالنظام لا محالة منهار .. فلن يبقى له سوى قاعده واحده لن تتحمل ابدا الضغط من أى قوه حولها
و كذلك لو تمكنت المعارضه المستقله مثلا الوصول لأتفاق مع القوه المسلحه كمشروع الدكتور ضياء رشوان السابق نشره العام الماضى .. فستكتسب المعارضه المستقله و خصوصا الليبراليين قوه لا يمكن مقاومتها .. و تتأهل للسيطره الفوريه
كذلك فى حالة حزب الوفد العائد .. فلو تمكن من تقوية الأعتراف الدولى به و تحقيق قبول فى هذا المجال .. أو لو تمكن من التنسيق مع القوه المسلحه .. فسيكون جاهزا تماما لوثبه تاريخيه
___
ارهقتنى التجليات و بدأت فى دخول حالة الوجد .. و لو تعلمون ما الوجد .. فالوجد هو الأنغماس فى الهوى .. و ما بالكم بالهوى ؟
فصاحب الخمر يصبح واعيا .. و صاحب الهوى طول العمر سكرانا
أترككم بتجلياتى ثقيلة الدم .. لكن مادمتم ابتليتم بها .. فأنصح بأن تتدبروها قليلا .. فأظن التلقى هنا جاء ليساعدنا لنرى .. و الرؤيا لمن صدقها .. هدايه
و الله المستعان
6 Comments:
الحقيقه مقال رائع . معلوماتك عن اصل التصوف... مدهشه فعلا والحقيقه انى استفدت كثيرا منها ...لكن لدى سؤال ...لماذا فى رايك لا يكون الحل فى القوات المسلحه بمعنى اخر وبمان لدينا قاعده اعترف واؤمن بها تقول ان التاريخ يعيد نفسه فدعنى اسئلك ..لمذا لايكون الجيش هو الحل ..احدهم يخرج علينا كما فعل ناصر ورفاقه ...فالجيش يمتلك قاعدتين مهمتين ...اولهما .تأييد شعبى( مصدره احترام الشعب لقواته المسلحه عكس الداخليه مثلا ) ثانى اضلاع المثلث توفر لدى هذا الشخص صاحب ( الانقلاب ) حل للمشكله الاقتصاديه ..وهى ليست بهذه الصعوبه على الحل كما تعرف ..اما التاييد الدولى فيمكن الحصول عليه من القوى العديده التى تتصارع الان حولنا فى المنطقه ...تركيا وروسيا مثلا الصين ...ارجو منك الرد ..تقبل مرورى ...مهندس محمد السيد
سيدى الفاضل الستاذ محمد العربى
لم اقل أبدا أن الجيش ليس حلا .. بل أشرت فى نهاية مقالى لأمكانية تفعيل اقتراح الدكتور ضياء رشوان بالأتفاق مع القوات المسلحه لترتيب نظام حاكم مشروع يخلص البلاد من الأزمه و تنتقل السلطه بعدها بطريقه شرعيه للشعب .. أما أن كان قصدك هو تكرار ماحدث فى ثورة يوليو .. فعن نفسى لست ضد هذا النوع من التغيرات الحتميه لكن المحظور الذى يظهر بعدها هو مشكلة رجوع الجيش للثكنات .. و تسليم الحكم لرجاله من القتصاديين و السياسيين .. فعن نفسى أكره بشده المخاطره بمصير البلاد مره أخرى فى يد العسكريين فقط كما حدث بعد انقلاب العسكر .. طبيعى أنى ساساند الجيش فى حالة تحركه كمصرى يحترم القوات المسلحه و يثق فيها .. لكنى سأقع بعدها فى دوامة تسليم الحكم لأهل الخبره و تنظيم وسيلة تداول السلطه
استكمالا للتعليق على الستاذ محمد العربى .. أظن فى حالة اتفاق الجيش مع قوى المعارضه المقبوله دوليا .. سيكون الأعتراف الدولى بل و المسانده القتصاديه أمر حتمى و تلقائى .. فالعالم كله منزعج مما يحدث فى مصر .. و أؤكد لك أن العالم كله يتمنى أن تخرج مصر من كابوسها الحالى بشكل منظم و منطقى دون فوضى .. بالتالى .. فمزيج من السياسيين و العسكريين الشرفاء سيكون الخليط المقبول جدا للحصول على الشرعيه الدوليه .. و أظن العالم يفكر بتلك الطريقه حاليا بل و يسعى لها .. اقصد الدول الكبرى المعنيه بالوضع المصرى مباشرة
سيدى الفاضل .. حل العكسر هو الانسب للوضع الحالى فى مصر ...مصر الان بها رأس مال ممول من الخارج لضمان بقاء الوضع على ماهو عليه بمعنى اخر ..رأس المال هذا ( والامر لايحتاج الى امعان تفكير ) الان يطمح الى ماهو اكبر من حكم اقتصاد البلاد بمعنى اخر ..حكم البلاد فعليا وهذا بعض الشرفاء فى الجيش يرفضونه وبشده ...اما بالنسبه للتأيد الدولى فاعتقد انه قد يتأتى من دول مثل الصين او روسيا او تركيا ( بشرط بقاء حزب العداله والتنميه فى الحكم ) اما امريكا واسرائيل فمن مصلحتهم بقاء الوضع على ماهو عليه ..بل والعكس ان اى تغير فى مصر الان فى اى تجاه من الاتجاهات الموجوده فى المنطقه قد يغير الكثير من الصوره القاتمه التى نراها حولنا فى كل مكان فى شرق اوسطنا السعيد بحكامه ...اما اوربا فانا اعتقد ان الدور الاوربى ملغى او غير موجود بالمره اساسا بسبب الازمه الماليه التى تعصف بالاتحاد الاوربى هناك بالاضافه الى ان الدول الكبرى الثلاث لديها مايكفيها من هموم اقتصاديه واجتماعيه ...العرب ..( اهناك شىء اسمه العرب الان ) ...لااعتقد انه سيكون لهم دور فى اى شىء داخل مصر ..ولاتنسى ان البعض منهم مكون اساسى فى رأس المال المذكور اعلاه ...مايحدث الان فى مصر يمكن وصفه بانه ..انتقال السلطه من المؤسسه العسكريه ( والتى عن نفسى اعشقها جدا برغم انى لم اخدم بها حتى او حتى يتم تجنيدى لظروفى الخاصه ) الى رأس المال الذى افسد وسيفسد كل ماتبقى من مصرنا الحبيبه ...مره اخرى سيدى تقبل مرورى
Insightful post.
Awaiting more from you. Please post more often. :)
تصفيق حاد على هذا التحليل الرائع
ربما كانت المقدمة طويلة إلى حد ما وكان من الممكن الإستغناء عنها إلا أن فكرة إرتكاز دعائم الحكم على أربعة أركان تعد فكرة صحيحة تماما وأحييك على التوصل إليها .. لم أفكر هكذا قبلا في هذا الأمر
المهم في التحليل هو نتيجته التي خلصت إليها وهي تعطي دافعا من الأمل .. هذا ما أحسست به: الأمل في تغيير سيؤدي إلى ما هو أفضل
Post a Comment
<< Home