فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Tuesday, February 18, 2020

ماسبيرو و السد العالى

يطلق اسم الأنشطه ( المتجاوزه للقوائم الماليه )
Transcending financial statement
على المؤسسات التى يتم أنشائها و الأنفاق على ادارتها باعتبارها ممارسات سياديه لا تستوى بدونها حياة المجتمعات ولا تستقر الدول , فالقضاء و الجيش و الشرطه كلها انشطه غير مدره للربح , و قوائمها الماليه ( اذا ما تم اخراج قوائمها الماليه بالطريقه العاديه ) تعبر عن خسائر مستمره بالمقياس المحاسبى , لكن بدون هذا الأنفاق لا يمكن استمرار و لا استقرار المجتمعات و الدول من أساسه فنتائج اعمال تلك الأنشطه تتجاوز ما تفصح عنه القوائم الماليه و قواعد المحاسبه و أمساك الدفاتر المتعارف عليها
ولاحقا بتطور دور الدوله فى تاريخ البشر زادت على تلك النفقات الأساسيه ( العداله و الأمن و النظام ) نفقات تتعلق بالتمثيل الديبلوماسى و البناء السياسى ( البرلمان ) و المشروعات القوميه التى تحدد مدى تقدم او تأخر المجتمعات , و بعيدا عن التفاصيل النظريه اطرح المثال العملى المعروف لنا جميعا .. السد العالى
السد العالى هو اكبر المشروعات الهندسيه فى القرن العشرين , بدأ تأسيسه عام 1960 و انتهى البناء عام 1971 و بتكلفه بلغت وقتها مليار دولار . و لو حسبنا ( العائد ) المالى للسد العالى المتمثل فى قيمة الكهرباء الناتجه عنه و المباعه للشعب مقابل تكلفة بنائه .. فالسد العالى مشروع خاسر تماما بالمعايير المحاسبيه , لكن لو أردنا ( تقييم ) مشروع السد العالى و نقدر ( عوائده ) مقابل ( تكاليفه ) فعلينا ان نعلم ان منذ عام 1971 و حتى تاريخه مرت مصر بنحو 16 موسم اضطراب نهرى , سواء فيضانات جارفه كان من شأنها اغراق ثلث الأراضى المصريه و التسبب فى ضحايا بشريه و خسائر ماديه بعشرات المليارات كما حدث فى السودان الشقيق فى بعض مواسم الفيضان الجارف , و أيضا نحو 7 مواسم جفاف ادت بعضها الى مأسى تصحر و المجاعه فى السودان الشقيق و اشتعلت بسببها الحروب الأهليه و الصراعات على الموارد .. و كان من شأن مواسم التصحر ان تقضى على الزراعات المصريه و يعطش بسببها الملايين من المصريين و الله أعلم بما كان يمكن ان يكون
بالتالى ف(عوائد ) السد العالى تتجاوز تماما ما هو مدرج فى دفاتره المحاسبيه , فالتكاليف الماليه لا تقارن باتقاء خطر الضرر الذى دفعه السد العالى عن الشعب المصرى سواء فى مواسم الفيضان او مواسم التصحر
السد العالى ( اصل سيادى ) و تندرج مصروفات صيانته و ادارته تحت بند ( نفقات امتلاك اصول سياديه ) فى موازنة الدوله المصريه السنويه وفقا لمبادىء الماليه العامه المصريه المستقره , السد العالى ( كأصل مملوك للدوله ) لا يقل اهميه عن امتلاك حاملة الطائرات او الغواصه او الصاروخ , فجميعهم اصول لو لم تمتلكهم مصر .. لنقصت سيادتها و تهدد وجودها
اتفقنا على ماسبق ؟ .. ننتقل الآن الى ماسبيرو , المستهدف من هذا المقال
بدأت الدوله المصريه فى ممارسة سيادتها الأعلاميه فى عشرينات القرن الماضى من خلال اذاعات اهليه , و تأسست دار الأذاع المصريه عام 1934 باتفاق مع الأيطاليين حتى تم تمصير الاذاعه عام 1947 .. و استطاعت الدوله المصريه ( و لأول مره منذ انشائها ) مخاطبة الشعب المصرى كله فى لحظه واحده من خلال الأذاعه المصريه , بل يوضح التاريخ ان :
السيطره على الأعلام عام 1952 متمثلا فى السيطره على الأذاعه مكن الظباط الأحرار من حشد الشعب المصرى كله فى لحظه واحده خلف حركتهم لتحويل نظام الحكم من ملكى الى جمهورى ...
الأعلام أداة سياده بالدليل القاطع و العملى و ليس نظريا ابدا , و بالتطور التكنولوجى و سعى الدوله المصريه لمواكبة التقدم العالمى تم تأسيس ماسبيرو عام 1960 كأول تليفزيون افريقى و ثانى تليفزيون عربى ( بعد العراق ) بغرض اساسى هو مواكبة (الحضاره ) الدوليه و الحفاظ على مصر دوله متحضره فى محيطها الاقليمى و الدولى و اعتماده كوسيلة توعيه و تعليم و اعلام تمارسها الدوله كجزء من سيادتها على ارضها و محيطها الأقليمى , فالتواصل مع الشعوب فى العصر الحديث بالوسائل الأعلاميه صار مكافئا ( ان لم يكن أكفأ ) من التواصل الديبلوماسى , و بالفعل انتشرت القوه الناعمه المصريه من المحيط الى الخليج و حتى جنوب شرق أسيا و افريقيا بواسطة الأذاعات المتخصصه و الموجهه لكل دول العالم بل و استطاعت الدوله المصريه مخاطبة الشعب المصرى كله بشكل مباشر من خلال ماسبيرو سواء اذاعيا او تليفزيونيا , و تم ممارسة ما سمى وقتها ب( الأرشاد القومى ) و هو دور الأعلام فى تطوير و تحضر المجتمع كله سواء بالترغيب فى التحضر و التقدم و التطوير او التنفير من العادات الأجتماعيه السيئه و المتخلفه
ماسبيرو كان يشبه السد العالى كثيرا فى وظيفته , فهو بناء شاهق من وعى و حقائق تصد عن مجتمعنا ( طوفان ) الأكاذيب اذا ما انطلقت الأكاذيب , وايضا مصدر مخزون يروى عطش المجتمع للعلم و المعلومات فى حالة ( تصحر ) المعلومات .
ماسبيرو ايضا تعتبره قواعد الماليه العامه المصريه اصلا سياديا , فتندرج مصروفاته فى بند امتلاك اصول سياديه فى موازنة الدوله سنويا , فالقاعده الأصليه تقول ان ماسبيرو لا يقل اهميه و لا خطوره فى الأثر عن الجيش و المحكمه و مديرية الأمن .. ماسبيرو ( حتميه حضاريه ) تمارس من خلاله الدوله سيادتها و يحصل الشعب من خلاله على حقه فى المعلومه الصحيحه كحق اصيل للمواطن
منذ الثمانيات و تولى صفوت الشريف ( المدان بحكم محكمه ضمن قضيه فساد جهاز المخابرات المصرى عام 1968 ) منصب وزير الأعلام , و سيطرته على ماسبيرو ضمن سيطرة الدوله على الأعلام كجزء من سيادتها , لكن بفساد اهل السياده و بتحقق المنافع و التماهى الخاطىء مع مجريات التكنولوجيا , و ضمن مسار انسحاب الدوله من مهامها و مسؤولياتها اعتبارا من الثمانينات , راينا تخلى الدوله عن سيادتها الأعلاميه ( بعد التخلى عن سيادتها فى التعليم و الصحه و حتى الأمن ) و بدأ التحرك تحت مسمى ( الأستثمار ) العربى و الأجنبى لتحتوى ارض مصر قنوات خاصه مصريه مملوكه لرجال اعمال الحزب الوطنى المنحل بحكم محكمه لفساده او قنوات مملوكه لأخوان و سلفيين وهابيين تماهى الحكم المصرى وقتها معهم بنية تمرير قرارات و سياسات مرفوضه شعبيا .. فصارت الفضائيات و فوضاها , من قنوات تنشر التطرف لقنوات تمارس الرذيله بالفعل .. و ماسبيرو متروك لأحتضار بطىء مؤلم و بممارسات يفقد معها الأعلام المصرى كله مصداقيته و خصوصا اعلام الدوله ممثلا فى ماسبيرو كخطوه أساسيه للتخلص من ميراث الكرامه و التحضر و السياده الذى بدأته مصر فى الستينات و تجهيزا لمسرح عمليات مدمره تسقط فيها مصر لاحقا .. ماسبيرو الأداه السياديه للدوله المصريه و اداة تحصيل حق الأنسان المصرى فى المعرفه و الأعلام صار مهترئا منكسرا حتى جائت لحظة الحقيقه فى 2011
فى 2011 مصر لم يضربها صاروخ او طائره , لكن ضربها ( طوفان ) من التضليل , و انتظر الشعب سده العالى يحميه من الطوفان , لكن سد ماسبيرو العالى كان منكسرا بفقدان المصداقيه الذى تراكم عمدا على مدى ثلاث عقود , و انفردت بمصر الجزيره و اون و قنوات اخرى معاديه تماما للدوله المصريه و للشعب المصرى, الدوله التى فقد اعلامها المصداقيه صارت كالبطه العرجاء .. ينبح عليها كل كلب ضال فتنكسر و تنزوى و ينهش منها كل كاسر جارح , انكسر ماسبيرو بممارسات متعمده بدأت من الثمانينات . فلم يجد الشعب سدا من الوعى و المصاداقيه يحميه من ( طوفان ) الضلالات و الأكاذيب .. و كان ما كان , و لولا فضل الله اولا و الوعى ( التلقائى ) للشعب المصرى و جيشه العظيم , لكانت سوريا و العراق و ليبيا بمثابة جنات مقارنة بما كان مخططا لمصر . و الحمد لله رب العالمين
فى 30 يونيو 2013 خرج الشعب مستجيبا لقائد جيشه الباسل وواثقا فى بطولة ابنائه من رجال الجيش المصرى ( فالشرطه كانت مختفيه تماما اعتبارا من 2011 ) و ثار الشعب و نزع الأخوان بعد ان نزع فساد مبارك .. و انقضى موسم ( طوفان ) الضلالات .. و بدأ موسم (تصحر ) المعلومات , انتظر الشعب تحقق وعد ان ( نسترد الدوله او يزيد ) .. فتعود الشرطه و القانون و محاربة الفساد و .. انتظرنا ان يعود الأعلام المصرى الواعى ذو المصداقيه و الشفافيه ليرتوى الشعب من بحيرة الحقيقه بدلا من معاناة تصحر المعلومات او الأرتواء من مصادر معلومات مسمومه , و بفقدان الثقه فى كل القنوات ( المؤسسه ايام الفساد السابق و الاسبق ) انتظرنا ماسبيرو , أداة سيادتنا و مؤدى حقوق الشعب فى المعرفه , لكن .. استمر التصحر , فلا ماسبيرو يتقدم ولا الأعلام يتحرك , ولا شىء يذكر فى اتجاه رى عطش المصريين للحقيقه .. و لا يمكن أن نلوم العطشان اذا ما شرب من بئر مسموم و هو يفتقد الماء , فالعطش لا يقاوم .. و العطش للمعلومات مؤلم , و ماسبيرو معطل بفعل فاعلين
ماسبيرو أداة سياده , و حق اصيل من حقوق المصريين , كالسد العالى والمحكمه و الجيش والأمن و العلاقات الديبلوماسيه .. ماسبيرو اداه مصريه لا بديل لها و لا غنى عنها , و قواعد الماليه العامه المصريه تنص على اعتباره اصل سيادى لا يجوز محاسبته كما نحاسب سوبر ماركت بالأرباح و الخسائر , لكن ماسبيرو حتى اليوم .. منكسر تحت وطئة ممارسات بدأت فى الثمانينات ( مع تولى المدان فى قضية فساد المخابرات عام 1968 ) و استمرت حتى الأن .. و العجيب ان الكل يعلم اين العوار .. و الكل يرى بعينه الفساد و الأفساد .. و الكل يرى بعينه المهانه و الخطر الجسيم المحيق بالدوله المصريه كلها و بالمجتمع المصرى , الكل يرى تفوق ( الأخرين ) مقابل انتكاسنا المل يرى تمدد الأخرين مقابل انحسار سيادتنا الأعلاميه .. و للأسف .. لا يتحرك احد
حين اطالب و غيرى باصلاح ماسبيرو , و نرفض رفضا باتا الأستغناء عن دور ماسبيرو فى سيادة الدوله المصريه , لا نبحث عن ( رفاهيه ) ولا عن ( كماليات ) لكن نطالب باساسيات سيادة لدولتنا التى نحلم بها , و حق اصيل من حقوق المواطن فى المعرفه
استمرار التخريب المتعمد فى ماسبيرو من الثمانينات حتى اليوم هو جريمه شنعاء فى حق الدوله المصريه ( التى تغير فيها نظامين باختلال سيادى فيهما اصله الأعلام و المعلومات ) وخطيئه كبرى فى حق الشعب المصرى الاصيل العظيم الذى يستحق ان يعامل كما يجب ان يعامل العظماء
اللهم قد بلغت
اللهم فاشهد

0 Comments:

Post a Comment

<< Home