فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Saturday, June 17, 2006

الحب الحقيقى

اليوم الجمعه .. مره أخرى أدخل جنتى الأسبوعيه أدامها لى الله .. هذه المره ذهبت و حبيباى نور و أكرم للنادى .. و حيث أن السيد أكرم يستعد لبطولة القاهره فى التايكوندو .. فهو انصرف لتدريبه بعد الغذاء مباشرة .. و تركنى مع حبيبتى نور .. لأناجيها و أحاورها .. متحصلا على جرعة الحنان الأسبوعيه التى أعيش عليها للسبعة أيام الباقيه .. الخميس سافرت للأسكندريه ليلا .. فى مهمة عمل عاجله .. و هناك واجهت أحباطا لم أشعر به منذ فتره طويله .. فأخلاق الناس تزداد غرابه .. و أدبيات التجاره الحقيقيه تنسحب ألى أماكن أبعد .. كلما زاد الأنهيار الأخلاقى و الأقتصادى فى قمة الدوله و المجتمع الرأسمالى .. كلما انسحبت أخلاقيات التجار الحقيقيين .. المهم أنى عدت من الأسكندريه فجر الجمعه .. بعد أنجاز الحد الأدنى من المهمه .. لم أنم جيدا كعادتى السيئه الملازمه لى حين أشعر بالضغط .. لكنى كنت فرحا بلقاء أحبابى ..
الآن أنا مع نور .. نتحدث بدفء ..البنت كتومه جدا مع كل الناس .. ألا معى .. تنساب الجمل و العبارات من فمها دون حذر .. بالطبع .. فمازال صوتى يشعرها بالأمان .. تعودت على هذا الصوت منذ كانت رضيعه .. و كنت أعود ظهرا من عملى لأحتضنها أولا .. ثم أتركها تتلاعب بمحتويات حقيبتى حتى أغتسل .. مانعا أمها من أن تنهرها .. ثم أجلسها على ساقى اثناء تناولى الغذاء .. ثم فى أحضانى و ألى حجرتى فورا .. انا وهى .. رضيعه عمرها شهور .. تنام على صدرى .. و أنا أحكى لها عن كل شىء حدث فى يومى .. طبعا لا تفهمنى .. لكن تشعر بى .. تسمع صوتى .. و أنا أحبها .. نغفو أنا و هى لا أدرى اينا سبق ألى النوم .. ثم نصحو بعد ساعه .. لنلعب أو نخرج أو أحدثها طوال لعبها عند قدماى .. أحدثها كأنها صديقتى .. حبيبتى ... و بذات صوتى الطبيعى و فى ذات موضوعاتى المعقده المركبه .. هى تنظر بطفوله مليئه بالحنان و الرقه .. لا تفهم نعم .. لكنها تشعر .. و أنا مؤمن بأنها تشعر بى .. تتهكم على أمها ؟؟ لا يهم .. مابينى و بين نور شىء آخر .. لن يفهمه أحد .. صله روحانيه لن يستوعبها سوانا أنا و هى ..
أذكر ليله .. فى عمق نومى .. و بدون أى سبب واقعى ولا أى مقدمات .. و جدتنى اقفز من نومى فى حجرتى و أمها .. لأنطلق بسرعه خاطفه ألى سرير نور .. و أمد ذراعايى أستعد لألتقاطها رغم الظلام الدامس .. و فى ذات اللحظه التى مددت فيها ذراعاى .. كانت الحبيبه تقفز من سريرها صارخه .. فقد أنتابها كابوس .. الغريب أنى شعرت بما ستشعر به هى و هببت من نومى أغدق عليها الأمان قبل أن تشعر هى بالفزع .. رابطه روحانيه فريده بينى و بينها .. نعم .. هذه هى نور .. ابنتى ... العروسه ذات الأربعة عشر ربيعا .. المصريه السمراء .. الفرعونية القامه .. و الابتسامه
وجدتنى أعود كما كنت قديما .. أشكو لها همى .. احكى لها عن عذاباتى ... عن مناخ الزمن الردىء الذى أعيشه و أحارب فيه .. عن مبادئى التى جرت على حتى الآن الكثير و الكثير من المعاناه و الألم .. عن من ظننتهم أصدقاء ثم خانوا .. عمن حسبتهم شرفاء ثم اكتشفت دنائتهم .. عن مقاومتى للفاسدين .. و مقاومتى لنفسى كى لا أفسد مثلهم .. حبيبتى راضيه بما انا فيه .. تشجعنى لأقاوم و أبدأ مره اخرى .. أيتسامتها مشرقه كالشمس ..تحنو على .. تهدهدنى كأنى أنا طفلها .. و هى أمى.. و أجدنى أتذكر أغتية الراحل صلاح جاهين فى ابنته و التى غناها محمد منير
يابنت يا أم المريله كحلى
ياشمس طاله و هاله من الكوله
لو قلت عنك فى الغزل قوله
ممنوع عليا ولا مسموحلى ؟
راحوا الصبايا و الصبايا جم
أجمل مافيم مين غير بنتى
و أجمل مافيكى يا بنتى أن أنتى
فى عينيكى لمحه من حنان الأم
وجدتنى أفكر فى أنى .. لماذا أشكو الوحده الآن و لدى كل هذا الحب ؟ لم أفكر بتعجل فى الزواج بعد طلاقى من أمها ؟ .. لا داعى أبدا للعجله .. عندى حبيبتى .. تحبنى كما أنا .. و أحبها كما هى ... فلم احتاج أخرى الآن ؟؟
محاولاتى السابقه كلها لم تكتمل .. و كنت دوما أعرف نور بكل خطيبه أو زوجه محتمله .. أستشرف أحاسيس أبنتى .. فأحساسها صادق لا يخيب .. مازالت بطهر الطفوله .. الخير و الشر واضحان فى عينيها تماما ..و كل مره كانت الحبيبه تقرأ المحاذير ولا تصارحنى بها .. لكن هيهات ... فبين روحينا تواصل غريب ... ماتشعر هى به .. اشعر أنا به و لو كنا فى بعد ..
مابينى و بينها .. لا يمكن أن أسميه ألا .. الحب الحقيقى

19 Comments:

Anonymous Anonymous said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت موضوعك الحب الحقيقى وكالمعتاد اتسم الموضوع بالبساطة والوضوح والعمق لكنى اختلف معك فى ان تطلق عليه الحب الحقيقى فهو حبا نقيا حقيقيا من حيث كونه لايبنى على المصالح او الزيف الى جانب انه لا يتغير بالزمن او العادات فكل طرف يقبل الاخر كماهو الا انه به نوع من القدرية فى طبيعة العلاقة بين الاب والابناءالتى تفرض تلازم الطرفان معا وتضفى قدرا من التقبل اما الحب الحقيقى فهو تلتقيه فى حياتك يوما وقد تضيعه من بين يديك او تحتفظ به للابد فلا تجعل هذا ينسيك امر ذاك وفقك الله لما فيه الخير
blaustar

5:35 AM  
Anonymous Anonymous said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استاذى الفاضل قرأت موضوعك الجديد الحب الكبير واعجبنى فيه كالمعتاد بساطته وووضوحه وعمقه فقط لى تعليق بسيط وهو ان ذاك الحب الذى تصفه هو حبا نقيا خالصا لكنه ليس الحبي الحقيقى فلا تدع رعايتك لحبك النقى لابنائك تحول دون حصولك على حبك الحقيقى
وفقك الله لما فيه الخير
blaustar

5:51 AM  
Blogger karakib said...

اولا ربنا يخلي لك البنوته الجميله و تشوفها احسن الناس
ثانيا عزيزي الانهيار في كل المستويات في التجاره و الادب و الاخلاق و الفن و السياسه و العادات ...
لا تقلق فمن وسط الاوحال تخرج الزهور ... لم تعقم بلادنا عن انجاب الرجال لا لم و لن يحدث هذا ابدا و لكن لا يجب ان نظل منتظرين ان يحرك الميا الاسنه غيرنا يجب ان نتحرك ... كل في اتجاهه و عمله ...
انتوك

5:31 PM  
Blogger lastknight said...

شكرا كراكيب .. و طبعا مادامت مصر ولاده .. و جيلكم مازال ينبت زهورا مثلكم ..طبعا .ز فيه أمل

3:21 AM  
Blogger ايمان said...

علاقتي بأبي كانت تنويعة مماثلة علي نفس لحن حبك لأبنتك نور، و لازلت إلي اليوم اتقبل الحياة و صعوباتها بمخزون الحب و التواصل الذي ربطني بأبي، تهاوي القيم اصبح اليوم اكثر سرعة بحكم الاندفاع الي الهاوية التي نندفع إلي قاعها، بالأمس رغم هذا كنت في ساقية الصاوي في محاولة لتنظيم احتفالية للموسيقار العظيم المجهول في بلده و المشهور في ارجاء المعمورة: حمزة علاء الدين، و عاد لي الأمل بقوة، فلقد التقيت بشباب جاء خصيصا لنجتمع لمناقشة التفاصيل، عرفتهم من خلال كتاباتهم كمدونين و جمعتنا المبادئ التي نحتمي بها من شر الواقع المعاش، اقول لك الحق فرحت بهم جدا و بكل ما يمثلونه من بقاء شيئا ما أصيل لازال في هذا البلد رغم القهر و رغم زمن المماليك (علي فكرة هذه أيضا لازمتي في الكلام منذ سنين) رغم الاوحال التي نغرق فيها بسببهم

9:14 AM  
Blogger ايمان said...

كانت علاقتي بأبي تنويعة مماثلة للحن حبك لابنتك نور، و لازلت اواجه صعوبات الحياة بما احمل من مخزون هذا الحب و التواصل، انهيار المبادئ الذي يعذبنا يتسارع أكثر و أكثر بحكم الاندفاع نحو قاع الهوة التي سقطنا فيها منذ نيف و خمسين عاما، و بحكم زمن المماليك (علي فكرة هذا التعبير تحديدا لازمة لي في الكلام منذ سنين) لكن بالامس و أنا في ساقية الصاوي لتنسيق احتفالية تليق بموسيقار، فيلسوف، متصوف ، رسام و شاعر بحجم و موهبة حمزة علاء الدين، المجهول في بلده و المشهور في ارجاء المعمورة، كعادة كل المحترمين من ابناء هذه الارض، قابلت شباب يعطي الأمل عرفتهم كمدونين و تقابلنا أمس لأول مرة اعطاني وجودهم الاحساس بأن شيئا ما لازال اصيلا و حقيقيا كخيط نور متسرب من عتمة الأوحال التي تغرقنا اليوم

9:23 AM  
Blogger ايمان said...

كانت علاقتي بأبي تنويعة مماثلة للحن حبك لابنتك نور، و لازلت اواجه صعوبات الحياة بما احمل من مخزون هذا الحب و التواصل، انهيار المبادئ الذي يعذبنا يتسارع أكثر و أكثر بحكم الاندفاع نحو قاع الهوة التي سقطنا فيها منذ نيف و خمسين عاما، و بحكم زمن المماليك (علي فكرة هذا التعبير تحديدا لازمة لي في الكلام منذ سنين) لكن بالامس و أنا في ساقية الصاوي لتنسيق احتفالية تليق بموسيقار، فيلسوف، متصوف ، رسام و شاعر بحجم و موهبة حمزة علاء الدين، المجهول في بلده و المشهور في ارجاء المعمورة، كعادة كل المحترمين من ابناء هذه الارض، قابلت شباب يعطي الأمل عرفتهم كمدونين و تقابلنا أمس لأول مرة اعطاني وجودهم الاحساس بأن شيئا ما لازال اصيلا و حقيقيا كخيط نور متسرب من عتمة الأوحال التي تغرقنا اليوم

9:24 AM  
Anonymous Anonymous said...

Hi, my dear friend! How are you? I've just received your message and I came along to see your blog!! I only moan because I do not understand your language... :-))
I miss you! Hope everything is all right with you.
Here is my blog, if you wish to make a visit anytime: http://jessicaborges.blogsource.com
Have a nice day!!
Kisses...
P.S.: Tomorrow is my birthday ;-)

3:46 PM  
Blogger lastknight said...

ألى أيمان
أولا أهلا بيكى فى أول زياره منك لمدونتى .. و رغم أنى كررت زيارتى لمدونتك أكثر من مره و توقعت أن تردى الزياره ( كأولاد بلد زى بعض ) لكن ماذكرته عن أنشغالك فى ترتيب حفل تكريم للموسيقار الراحل أعتبره مبرر مقبول لتأخرك فى رد الزياره .. و أن كنت أعتب عليك عدم نشرك لخبر الحفل و الذى كان سيسعدنى و أولادى حضوره ..( يعنى كده عليكى حق ولازم تدبحى حاجه .. هاهاها ) سيدتى الفاضله .. تعليق زمن المماليك مطابق جدا لحالنا .. و أوصى بقراءة كتاب تراث المماليك فى حكم مصر المعاصره لمؤلفه ع.ع و هذا الكتاب يمكن العثور عليه فى مكتبات وسط البلد و خاصة سندباد التى أظنك تعرفيها بحكم اهتماماتك .. الموسيقى و الفن و الثقافه .. و كل مايندرج تحت اهتمامات الحمقى أمثالى ( برجاء مراجعة موضوعى لقاء الحمقى ) عموما .. شرفتنى زيارتك لمدونتى .. و أرجو منك التعليق على الحوار الدائر الآن على مدونتك حول الوهابيه .. و ايضا أقترح قيامنا مشتركين مع بعض زوار مدونتك الموقرين بطرح موضوعات للمناقشه و استضافتها على مدونتك العامره .. أو على مدونتى ( أذا كنتى عاوزه توفرى حق الشاى و الضيافه )و أقترح كبدايه مضوع الهجمه الوهابيه على مصر .. أو مسألة تراث المماليك فى الدوله المصريه .. بانتظار تعليقاتك الراقيه ..و شكرا على الزياره مره أخرى

5:21 PM  
Blogger FrEe.PhArAoH said...

الفارس الاخير

يشرفنى اننى فمدونتك الخاصة .. وعفا الله عما سلف .. احتراما لشخصك وسنك اقول لك عذرا عن اى اسلوب لم يعجبك ولكن هذا كان ناشئ عن ردودك .
فى ردى على موضوع الوهابيه .. سأكتب لك اجزاء ليس لى دخل فيها .. لك ان تعتبرنى عباره عن مرشح لمقاطع قد تعرفك على الشيخ الفاضل محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .. كل رجائى هو القرائة بعناية حتى لو طال بعض الشئ .


تصحيح مفاهيم خاطئة عن حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مصادر غير عربية






إن حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( 1115هـ - 1206هـ الموافق 1730م- 1793م ) بالجزيرة العربية كتب لها البقاء والقبول فكانت نواة لحكومة رشيدة آلت على نفسها تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها والاستنارة بالكتاب والسنة في سائر تصرفاتها فحالفها النصر والتأييد من الله تعالى فبقيت هذه الحكومة صامدة منذ بداية تأسيسها منذ قرنين من الزمان في وجه التيارات المعادية على الصعيدين المذهبي والسياسي ، كما أن دعوة الشيخ تعدت حدود الجزيرة فأثمرت ثمارها في عدد من البلدان على أيادي دعاة مرشدين وشيوخ مخلصين اقتبسوا من أنوارها واهتدوا بهديها فكانت حركة مباركة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وكأي حركة اصلاحية لم تسلم حركة الشيخ من سهام رميت بها في شخص صاحب هذه الحركة وعقيدته وكتاباته بداية من تلقيبها بلقب الوهابية التي تناقلتها الألسن وسارت بها الركبان حتى أصبحت علما تعرف بها وإن كانت غير مقبولة لدى مؤسسها وأصحابها ، ونهاية بالطعن في الدولة نفسها بمطاعن تنم عن حقد الحاقدين ومقالة سوء للشامتين .

وقد كثرت هذه الكتابات لدى زمرة من عشاق البدعة والخرافات فتصدى لها أهل العلم من جميع ديار المسلمين فردوا على كل فرية بحجج بالغة وأدلة دامغة حتى صارت شبه المعاندين هباء منثورا .

وبما أن معظم هذه الكتابات - معادية كانت أو موافقة - وردت باللغة العربية لم يكن هناك داع لإيرادها في هذا البحث فلذلك حرص كاتب هذه السطور على الإطلاع على بعض ما كتب باللغة الإنجليزية أو الأردية واختار منها ما كان مناسبا لإيراده في هذا المقال مع تفنيد جميع الشبه التي وردت فيها وذلك في ضوء ما ألفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - نفسه أو المدافعون عن حوزته من مشايخ المملكة أو غيرهم من أصحاب الفضل والعلم في سائر بلاد المسلمين .

وليس بالإمكان في هذه العجالة استقصاء لجميع جوانب هذا الموضوع فأرجو من القراء أن يقبلوا عذري إذا وجدوا في هذا الجهد خللا غير مقصود ، ويدعو لي بالتوفيق والسداد إذا عادوا بعد قراءته بشيء من الفائدة والله هو الهادي إلى طريق الرشاد .

أولا : ما ورد في موسوعة الأديان والأخلاق - هذه الموسوعة التي تعد من أوسع الموسوعات وأقدمها في الأديان والمذاهب باللغة الإنجليزية ، ذكر تحت عنوان الوهابية : أن خلافهم ينحصر في عشرة أشياء مع أهل السنة والجماعة وصاحب المقال هو المستشرق المعروف ( مارجوليث ) فقال :

1- أنهم يثبتون لله صفات بدنية مثل الوجه واليدين إلى غير ذلك من الصفات .

2- ليس للعقل اعتبار في المسائل الدينية التي يجب أن تحل في ضوء الأحاديث .

3- إنهم لا يأخذون بالإجماع .

4- إنهم ينكرون القياس .

5- إنهم يعتقدون أن أصحاب المذاهب المتبوعة ليسوا بحجة ، والذين يتبعونهم غير مسلمين .

6- أنهم يرون كل من لم يدخل في حزبهم كافرا .

7- إنهم يعتقدون أنه لا يجوز الاستشفاع بالنبي ولا بالولي .

8- زيارة الأضرحة والمشاهد لديهم حرام .

9- الحلف بغير الله حرام .

10- النذر لغير الله وكذلك الذبح للأولياء عند الأضرحة حرام .

وقال إنه يشك في صدق نسبة المقولة الخامسة إليهم لأن الوهابية هم أتباع الإمام أحمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة . وقال في آخر مقاله أن السيد أحمد بن عرفان الشهيد ( 1831م ) جاء بفكرة الوهابية عنما حج عام 1824م فأخذها من مكة الكرمة . ( موسوعة الاديان والأخلاق James Encyclopaedia of Religion & Ethics .- Ed.By Hasting ( Edinburgh ) - 12 : 660-661 )

إن ( مارجوليث ) صاحب هذا المقال يحتل منزلة عالية بين المستشرقين والعجب كل العجب في انه أورد كلام المعادين في حق الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - أو الوهابية بصفة عامة ولم يجد كذبا إلا في المقالة الخامسة ؟!

ولنأخذ هذه الشبهات واحدا بعد الآخر بتعقيب يسير :

1- اعتقاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في صفات الله تعالى مثل اعتقاد السلف تماما ، فإنهم يثبتون لله تعالى جميع ما وصف به نفسه سواء كانت صفات ذاتية مثل الوجه أو اليد او العين أو صفات فعلية مثل الرضا والغضب والنزول والاستواء بدون تكييف أو تعطيل أو تشبيه ، وعمدتهم في هذا الباب قوله تعالى : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ( الشورى : 11) ، وقولهم في الصفات مثل قولهم في ذات الله تعالى الذي لا يشبه ذوات المخلوقين .

2- أما قولهم إن أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لا يقيمون للعقل وزنا فهذا غير صحيح وإنما يقولون إن العقل تابع للوحي مثل عمل البصر تماما ، فإن العين لا تعمل عملها إلا إذا اجتمع معها نور من الخارج سواء كان نور الشمس أو القمر او النجوم أو النور المستحدث ، وهكذا العقل فإنه يستنير بالوحي الإلهي فيعتمد عليه ، أما إذا افتقد الوحي فإنما يتخبط في الظلام ولذلك يختلف عقل المفكر عن عقل الفلسفي ، وعقل المؤرخ من المحاسب .

3- أما نسبة رد الإجماع إليهم فغير صحيح ، فإن الإمام أحمد يعتبر إجماع الصحابة هو الإجماع الحقيقي ، لأن عصرهم معروف بدءا وانتهاء ، قد شاهدوا التنزيل ، وعرفوا هدي الرسول بدون وساطة .

والإجماع كما ذكر الإمام محمد أبو زهرة : نوعان إجماع على أصول الفرائض وهذا النوع من الإجماع مسلم به عند الجميع .

والنوع الثاني : الإجماع على أحكام دون ذلك .. كإجماعهم على قتال المرتدين ونحو ذلك وهذا النوع من الإجماع قد اختلفت الرواية عن أحمد ، فمن العلماء من نقل عنه أنه قال : " من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب " .

وقال ابن القيم - رحمه الله - : قد كذب من ادعى الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت ، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : " ما يدعي فيه الرجل الاجماع فهو كاذب ، لعل الناس اختلفوا ، ما يدريه ولم ينتبه إليه ، فليقل لا نعلم مخالفا " ، وننتهي من هذا إلى أن الإمام أحمد لا ينكر أصل الإجماع ولكنه ينفي العلم بوقوعه بعد عصر الصحابة . ( تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبي زهرة ص 532 ) .

4- أما قوله بأنهم ينكرون القياس فغير صحيح أيضا فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يرى رأي الحنابلة في باب القياس .

قال أبو زهرة : " وأحمد قد روي عنه أنه قال إن القياس لا يستغنى عنه وأن الصحابة قد أخذوا به وإذا كان أحمد قد قرر مبدأ الأخذ به فالحنابلة من بعده قد عنوا وأكثروا من الأخذ به عندما كانت تجد لهم حوادث لا يجدون في المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حكما فيها " ( تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبي زهرة ص 532)

5- أما قوله إن اتباع المذاهب المتبوعة ليس بحجة والذين يتبعونهم صاروا غير مسلمين .

6- وكذلك قوله بأن من لم يدخل معهم صار كافرا ، فكذب صراح أيضا . يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في رسالة كتبها عند دخوله مع الأمير سعود بن عبد العزيز حين استيلائه على مكة في يوم السبت الثامن من شهر محرم عام 1218هـ : " أن مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف ونحن في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر من قلد أحدا من الأئمة الأربعة دون غيرهم لعدم ضبط مذاهب الغير " .

ثم قال : " وما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا على الخلق حيث يوهم الناس بأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن ليس له شفاعة وزيارته غير مندوبة وأنا لا نعتمد على أقوال العلماء وأنا نكفر الناس على الإطلاق وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا لا نرى حق أهل البيت ، فجوابنا على كل مسألة من ذلك " سبحانك هذا بهتان عظيم " فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى . ( علماء نجد خلال ستة قرون لعبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام 1/51 )

7- أما قوله إنهم يعتقدون أنه لا يجوز الاستشفاع بالنبي ولا بالولي فإن صاحب المقال لم يدرك الفرق بين الشفاعة التي نفاها الشيخ وهي التي وجد فيها الشرك وبين التي أجازها وهي التي لا تتم إلا عن إذن له من الله بالشفاعة يوم القيامة ، حيث لا يشفع إلا لمن ارتضاه أيضا . ( كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، باب الشفاعة )

أما إذا أراد الناقد أن الشيخ منع التوسل بالأنبياء والأولياء فإنه كثير من الناس لم يدركوا رأي الإمام أحمد بن حنبل في هذا الموضوع فنسبوا إليه وإلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب أشياء لم يقلها .

قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - : " ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ونهى عنه آخرون ، فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته فلا نزاع بين الطائفتين ، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع ، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول " ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام 1/264 )

8- أما زيارة الأضرحة والمشاهد فنشير إليها عند الكلام حول كتابات " غولدزيهر" الآتية .

9- أما قولهم بان الحلف بغير الله حرام فإن الشيخ يعتقد ذلك حيث ثبت في الحديث الصحيح من رواية عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " ( رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم ) وقال ابن مسعود : " لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا " ( كتاب التوحيد باب قول الله تعالى " فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ")

10- وهكذا ما نسبوه إلى الشيخ من حرمة النذر لغير الله والذبح للأولياء عند الأضرحة فلا شك أن هذا هو دين الله الذي يدين به كل مسلم يؤمن بالله ورسوله . وقد عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في كتابه العظيم ( كتاب التوحيد ) بابا بعنوان : ( لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله ) وبابا بعده بعنوان : ( من الشرك النذر لغير الله ) ، وأورد فيهما الأدلة من الكتاب والسنة على بطلان الأمرين .

ظهر هذا الكتاب بمجلدين باللغة الألمانية عام 1889/1890م ثم نقل إلى اللغة العربية عام 1967م . وقد خصص المؤلف فصلا كاملا يضم 96 صفحة بعنوان : " تقديس الأولياء في الإسلام " وتحدث فيه بإسهاب عن غلو المسلمين في نسبتهم الكرامات إلى الأولياء أحياء كانوا أو أمواتا ، كما ذكر أمثلة من الكتب الإسلامية ومن عمل العامة في تقديس الأضرحة والمشاهد ، وأراد بذلك الإثبات على أنه لم يكن هناك فرق بين المسلمين والنصارى في أمر تقديس الأولياء كما أورد الآيات والاحاديث التي تنكر هذا العمل وتندد به .

قال المؤلف : بعد كل هذا وذاك ليست هناك حاجة لمزيد من الإيضاح بأنه لا يوجد هناك مجال في دين الإسلام الحقيقي لتقديس الأولياء لأن هذا شيء استحدث فيما بعد ، إن القرآن ينكر تقديس الأولياء وتعظيمهم إلى درجة إقرار الأحبار والرهبان أربابا من دون الله .

ثم نقل قول " كارل هيز " عن فرقة الأولياء بصورة عامة أنه محاولة لسد حاجة الشرك داخل دين التوحيد وذلك لأجل ملء ذلك الفراغ الهائل الذي وجد بين الناس وبين إلههم " ( غولدزيهر ignaz Golozihar : Muslim Studies P.259 )

وبعد أن ذكر المؤلف عشرات الأمثلة على تقديس العامة للأولياء وزيارتهم للأضرحة والمشاهد لسد حاجاتهم ، أورد عدة أمثلة لأشخاص كانوا ينكرون أي مظهر من مظاهر الشرك في تصرفات المسلمين ثم ذكر عن الموقف الصارم الذي قام به ابن تيمية في مسألة التوسل وشد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة .

ثم قال : " وهذا كله يدل على أن هناك سوابق للوهابية في هذه المسألة وأن ما ظهر عندهم من مظاهر علنية إنما كان صدى لمعتقدات المسلمين القدامى ، ومن هذه الناحية قد يكون من المفيد - لأجل كتابة تاريخ الإسلام الديني والثقافي - جمع كل ما ورد من الوقائع ، قبل ظهور الوهابية ، بحيث تعتبر ردة فعل توحيدي ضد مظاهر الوثنية التي وردت من قبل الجاهلية أو من قبل الخارج ثم الربط بينها وبين المجتمعات التي ظهرت فيها " .

ثم ذكر حادثا قبل ظهور الوهابية عام 1711م بمسجد المؤيد بالقاهرة حيث قام شاب في ليلة من ليالي رمضان وشدد النكير على من يقدس الأولياء ونادى بهدم المشاهد المقامة على قبور الأولياء وبالقضاء على تقاليب " المولوية " و " البخسية " كما نصح الدراويش أن يتعلموا بدل أن يرقصوا ، وقد قام هذا الشاب بهذا الخطاب عدة ليال ثم اختفى ، وقال كاتب هذه الرواية وهو حسن الحجازي الشاعر ( ف 1131م ) : أن الواعظ فر وقيل قتل . ( غولدزيهر ignaz Golozihar : Muslim Studies P.334-335 )

والمقصود من إيراد هذا الكلام هو أن المستشرق الألماني المذكور كفانا مئونة الرد على ما رميت به الوهابية من هدم القباب أو منع زيارة القبور لأجل دعاء الاموات فإن الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لا يجيز هذا و لا ذاك .


المصدر : مجلة الدعوة العدد 1754 ص 60-61


وايضا

حقيقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب



الشيخ محمد صالح المنجد


السؤال :
لقد سمعت بعض القصص السيئة عن عبد الوهاب وكيف خزى الإسلام . ما رأيك فيه ؟

الجواب :
الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله - وإذا أردنا التعريف به فإنا لن نجد من يعرفنا بالرجل مثل تعريفه هو بنفسه ؛ وذلك أن الرجل من الناس إذا تباينت كلمات الناس فيه بالمدح أو القدح فإنه يُنظر إلى كلامه في مؤلفاته وكتبه ، وينظر فيما صح من المنقول عنه ، ثم يُوزن ذلك كله بميزان الكتاب والسنة .

ومما قاله الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله معرِّفا بنفسه :" أُخبركم أني - ولله الحمد - عقيدتي وديني الذي أدين الله به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين ، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة ؛ لكني بينت للناس إخلاص الدين لله ، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم ، وعن إشراكهم في ما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب و لا نبي مرسل ، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم ، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة .

وأنا صاحب منصب في قريتي ، مسموع الكلمة ، فأنكر هذا بعض الرؤساء لكونه خالف عادة نشؤوا عليها . وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله ، ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر ، وأنواع من المنكرات ،فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسنا عند العوام ، فجعلوا قدحهم وعداوتهم في ما آمر به من التوحيد ، وما نهيتهم عنه من الشرك ، ولبَّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه الناس ، وكبرت الفتنة جدا ..." انتهى المقصود منه من الدرر السنية : 1/64-65 ،79-80 .

والمنصف إذا اطلع على كتب هذا الرجل علم أنه من الداعين إلى الله على بصيرة ، وأنه قد تحمل الصعوبات والمشاق الكثيرة في سبيل إرجاع الإسلام إلى صورته الصافية النقية ، التي تبدلت كثيرا في عصره . وأنه بسبب مخالفته لأهواء الكبراء والمطاعين ألّب عليه هؤلاء الغوغاء والعامة لتسلم لهم دنياهم ، وتسلم لهم مناصبهم وعوائدهم .

وأنا أدعوك أخي السائل أن لا تكون إمعة معتمدا على غيرك فيما تسمع وتعتقد ، وإنما كن طالبا للحق مدافعا عنه مهما يكن القائل به ، وأدعوك إلى مجانبة الباطل والخطأ مهما يكن قائله . وعليه فلو أنك اطلعت على كتاب من كتب الشيخ - رحمه الله - وأرشح لك ( كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ) لعلمت مقدار علم الشيخ ، ومدى أهمية دعوته ، وحجم المغالطات والافتراءات المختلقة عليه.


وايضا

لقد نشرت مجلة 'الدعوة' في عددها 1899 والصادر في 3/7/2003م رسالة الباحثة الأمريكية 'نت' حول السيرة الفكرية للشيخ 'محمد بن عبد الوهاب'، والتي حصلت الباحثة بموجبها على الدكتوراه من جامعة 'جورج تاون'، حيث 'نسفت' رسالتها العلمية الرصينة كل الأباطيل والأكاذيب والافتراءات التي روج لها البعض في كتاباتهم حول الدعوة الوهابية.

وتقول الباحثة: 'إن كل الذين حاولوا تشويه الدعوة الوهابية كانوا يعتمدون في معلوماتهم عن الوهابية على كتب الرحالة الغربيين، وهؤلاء الرحالة لم يلتقوا بالشيخ أو بأحد من أتباعه. ولم يقرؤوا شيئًا مما كتبه، لذلك ربطوا في كتاباتهم الدعوة الوهابية بحالة العنف التي تمارس اليوم، على رغم أنني وجدت أن فكر الشيخ ضد الإرهاب بكل أشكاله'.

وأشارت الباحثة إلى كتاب 'ستيفن شوارتز' عن الوهابية، كنموذج لحالة العداء الغربي للإسلام، والذي أصبح المؤلف بموجبه مدللاً من قبل وسائل الإعلام الغربية.

وتضيف الباحثة قائلة: 'لقد أدركت أن معظم الناس قد أساءوا فهم رسالة الشيخ، وبالأخص كتاب التوحيد على أساس أنه بيان حرب. لقد كان هذا الكتاب بحثًا مستفيضًا في مضامين التوحيد وعملاً علميًا رصينًا وليس دعوة إلى الحرب. إنه رسالة تناقش مسئوليات جميع المؤمنين. إن رسالته في الجهاد لم يقصد منها إلا وضع القيود على العنف والتدمير. لقد أكد على حرمة الحياة الإنسانية ودعا إلى المحافظة على حياة البشر، وقد اتجهت تعاليمه نحو تعليم المؤمنين العقائد الصحيحة عن طريق الدراسة المباشرة للقرآن والسنة. وكان اهتمامه كبيرًا بقضايا العدالة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية، وقد أنصف النساء، وركز على حماية حقوقهن وعلى ضرورة التوازن في الحقوق والواجبات بينهن وبين الرجال.. إن ما كتبه عن النساء يقدم سابقة تاريخية حضارية قوية وينسف ما يحدث من ممارسات اجتماعية سيئة ضد المرأة في العالم اليوم'.

وايضا


محمد بن عبد الوهاب على خطى الأئمة الأربعة






( الاعتقاد عند أئمة الإسلام )

مهما يكن من أهمية للمقارنة التاريخية ، فإن الحقيقة العظمى الفاصلة تتمثل في المنهج والمضمون ، بل في العبارة ، كذلك..

والسؤال الأكبر ـ ها هنا ـ هو : هل كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب داعية الى طائفة جديدة , أو طريقة مبتدعة ، أو نزعة خارجية .. أو كان ( معبراً ) عن منهج الائمة الاربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل في أصول الاعتقاد ؟

لندع الحقائق العلمية والمنهجية ـ وحدها ـ تتحدث ، ولندع منهج المقارنة يطبق صرامته على عقيدة الشيخ مَقيسةٌ بعقيدة الأئمة الأربعة :

أولا: عقيدة الإمام أبي حنيفة التي حررها أبو جعفر الطحاوي (نسبة إلى بلدة طحا المصرية) وابتدأها بقوله :

«هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان، وأبي يوسف يعقوب بن ابراهيم الانصاري ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضي الله عنهم اجمعين وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين

نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله : إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله ، كما كان بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبديا، لا رادَّ لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا غالب لأمره , وأن محمدا رسول الله عبده المصطفى ونبيه المجتبى وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء , وأن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا , ليس بمخلوق ككلام البرية , وأن العرش والكرسي حق ، وهو مستغن عن العرش وما دونه ، محيط بكل شيء وفوقه ..... ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ، نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ، ولا نقنطهم , وأهل الكبائر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يخلدون في النار إذا ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبين , ولا نرى السيف على أمة محمد – صلى الله عليه وسلم - ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحدٍ منهم ، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم ، ونؤمن بما جاء من كرامات الأولياء ، ونرى الجماعة حقا وصوابا ، والفرقة زيفا وعذابا »

.. يقول ابن تيمية: « وكذلك أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد الصحابة والتابعين لهم بإحسان ».

ثانيا: عقيدة الإمام مالك.

وقد جلاّها بن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة الرسالة ، فقال :

« هذه جمل من أصول الفقه وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته رحمه الله : الإيمان بالقلب والنطق باللسان: إن الله واحد لا إله غيره ، ولا شبيه ، ولا شريك ، على العرش استوى وله الأسماء الحسنى والصفات العلى , لم يزل بجميع أسمائه وصفاته , وأن القرآن كلام الله ليس بمخلوق , وأن الله ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا , وأن الله سبحانه ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات ، وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات ، وجعل من لم يتب من الكبائر صائرا الى مشيئته ، ومن عاقبه بناره أخرجه منها بإيمانه فأدخله جنته ، ويخرج من النار بشفاعة النبي من شفع له من أهل الكبائر من أمته , وأن الإيمان قول باللسان ، وإخلاص بالقلب ، وعمل بالجوارح , يزيد بزيادة الأعمال ، وينقص بنقصها , وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة , وأنه لا يذكر أحد من صحابة رسول الله إلا بأحسن الذكر، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب ».

ثالثا: عقيدة الإمام الشافعي وهي :

توحيد الله بأسمائه وصفاته ، وأنه يجب إثبات الأسماء والصفات على

الوجه اللائق بهِ سبحانه ، من غير تشبيه ولا تأويل ويقول في ذلك « لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه ، لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها ، وقد نفى عن نفسه الشبيه فقال جل ذكره « ليس
كمثله شيء » والقول في السنة التي أنا عليها ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما :

الإقرار بشهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأن الله عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء وينزل من السماء كيف يشاء ، وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وأن القرآن كلام الله

غير مخلوق ، وأنه لا خلود في النار للمؤمنين العصاة وإن ارتكبوا الكبائر , فمرتكب الكبيرة من أمة النبي – صلى الله عليه وسلم - إذا مات مصراً عليها فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه إلا أنه لا يخلد في النار، وأن الله تعالى قد أثنى على أصحاب رسول الله في القرآن والتوراة والانجيل ( إشارة الى الآية 29 من سورة محمد) وسبق لهم الفضل على لسان رسوله ما ليس لأحد من بعدهم فرحمهم وهنّأهم بما آتاهم من ذلك أعلى مراتب الصديقين والشهداء والصالحين ».

رابعاً : عقيدة الإمام أحمد بن حنبل وهي :

أن الله فوق سماواته ، مستوٍ على عرشه ، بائنٌ عن خلقه ، وهو وحده
لا شريك له ولا شبيه في خلقه وتدبيره وأسمائه وصفاته ، قيوم السموات والأرض لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وأنه ابتعث محمدا خاتما للنبيين ورسولا إلى الثقلين بدين الإسلام ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، فإن كلام الله منه بدا وليس منه شيء مخلوق ، وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , ومن لقي الله بذنب يجب له به النار تائبا غير مصر عليه ، فان الله عز وجل يتوب عليه ويقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ، والإيمان بشفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم - وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا , ومن مات من أهل القبلة موحدا يُصلى عليه ، ويستغفر له ، ولا نترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا , وصحابة رسول الله عدول نشهد بعَدَالَتِهِم كما جاءت بذلك الآثار».


محمد بن عبد الوهاب في خطى الأئمة الأربعة :

إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يبتدع شيئا جديدا في أصول الاعتقاد، بل مشى في خطى الأئمة الأربعة ، واستقى علمه ومنهجه وعبادته منهم ، وهو ـ في ذلك ـ لم يفعل سوى ( إعادة تحرير ) عقيدة هؤلاء الأئمة العظام التي آمنوا بها وجهروا بها.

والبرهان على ذلك هو: عقيدة الشيخ التي آمن بها ودعا إليها وكافح في سبيلها..

يقول : « أُشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأُشهدكم أني أعتقد ما اعتقده أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث والموت ، والإيمان بالقدر خيره وشره , ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله ( ليس كمثله شيء ) فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ، ولا أحرف الكلم عن مواضعه ، ولا أُلحد في أسمائه وآياته , وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود , وأُؤمن بأن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته , وإذا بانت لنا سنة صحيحة من رسول الله عملنا بها ، ولا نقدم عليها قول أحد كائنا من كان ، بل نتلقاها بالقبول والتسليم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدورنا أجل وأعظم من أن نقدم عليه قول أحد , فهذا الذي نعتقده وندين الله به.

وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , وأتولى أصحاب رسول الله , وأذكر محاسنهم ، وأعتقد فضلهم ، وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء ، وأقر بكرامات الأولياء .

إن عقيدتي وديني الذي أدين الله به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل : الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة.

هذه عقيدة موجزة حررتها لتطلعوا على ماعندي والله على ما أقول شهيد ».

إنه ( تطابق) بين عقيدة الائمة الأربعة وبين عقيدة الشيخ : تطابق في المنهج والمضمون، بل تطابق في ( العبارة ) .

في ضوء هذه العقيدة المجلوّة: فإن قذف الشيخ بلقب ( الوهابية) يمكن أن يتعداه إلى الائمة الأربعة فيوصف أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بأنهم (وهابيون)! من حيث أن عقيدتهم هي نفسها عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وبالتصعيد يمكن أن يوصف التابعون فالصحابة بأنهم وهابيون من حيث إن عقيدة الائمة الاربعة هي عقيدة الصحابة والتابعين.. وهذا ظلم بواح ، ليس لمحمد بن عبد الوهاب ، ولمن هو أكبر منه من الائمة العظام ، بل هو ـ كذلك ـ: ظلم بواح لـ( الحقيقة العلمية ) التي تقوم عليها عقيدة المسلمين أجمعين.

وتمام المقال : حقائق ثلاث :

أ ـ الحقيقة الأولى :
أن الاسماء المعتبرة التي يتعلق بها المدح والذم لا تكون إلا من الأسماء الشرعية التي شرعها الله كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل والمقتصد والملحد , وليست ( الوهابية ) في شيء من ذلك ، أي ليست اسما ولا وصفا شرعيا.

ب ـ الحقيقة الثانية ـ بناء على الأولى :
إن النَبْذ بالوهابية لا يستند ـ قط ـ إلى حقيقة علمية ، ولا سند تاريخي ، ولا شهادة أمينة ، فهو ـ من ثم ـ محض افتراء ، وهو افتراء لم ينج منه سائر أهل السنة.

فقد وصفهم خصومهم الاقدمون بـ ( الحشوية ) مثلا.

ج ـ الحقيقة الثالثة هي:
إن للنبذ بالوهابية ( هدفا سياسيا ) وهو محاولة عزل الذين تأثروا بدعوة الشيخ عن سائر المسلمين ، وهي محاولة يائسة على كل حال ، إذ كيف يعزل هؤلاء وهم يحملون عقيدة الأئمة الأربعة الذين يتبعهم معظم مسلمي العالم في أصول الاعتقاد ، وفي المرجعية الفقهية ؟

والله أعلم .


وايضا عن الشيخ وسيرت

الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ: إِمَامٌ فِي العَقِيْدَةِ وَالفِقْهِ وَالْحَدِيْثِ



أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي


الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ أمَّا بَعْدُ:

فَقَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عِنَايَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ بِالعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، وَجِهَادُهُ فِي نَشْرِهَا وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا.
وَظَنَّ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ -رَحِمَهُ اللهُ- لَمْ يَكُنْ ذَا عِنَايَةٍ بِالْحَدِيثِ، وَمَعْرِفَةِ صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيمِهِ، وَهَذَا لَيْسَ صَحِيْحاً، بَلْ هُوَ إِمَامٌ فِي الْحَدِيْثِ، إِمَامٌ فِي الفِقْهِ، إِمَامٌ فِي التَّفْسِيْرِ.

وَفِي هَذَا البَحْثِ الْمُخْتَصَرِ أقْتَصِرُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ تَحْقِيقِي لِتَيْسِيْرِ العَزِيْزِ الْحَمِيْدِ، أَسْأَلُ اللهَ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ وَالْهُدَى وَالرَّشَادَ.

وَقَدْ قَسَّمْتُهُ إِلَى مَبْحَثَيْنِ:

المَبْحَثُ الأَوَّلُ:
تَرْجَمَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ.

المَبْحَثُ الثَّانِي:
بَرَاعَتُهُ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، مَعَ دِرَاسَةٍ مُوْجَزَةٍ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ.



--------------------------------------------------------------------------------


الْمَبْحَثُ الأَوَّلُ
تَرْجَمَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ (1)


اسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:
هُوَ شَيْخُ الإسْلامِ، وَالعَلاَّمَةُ الْهُمَامُ، وَالْمُجَدِّدُ لِمَا انْدَرَسَ مِنْ مَعَالِمِ دِيْنِ الإِسْلامِ، الإمَامُ أبُو الحُسَيْنِ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أحْمَدَ بنِ رَاشِدٍ الوُهَيْبِيُّ، التَّمِيْمِيُّ.

وَنَسَبُهُ مَعْرُوفٌ إلَى قَبِيْلَةِ تَمِيْمٍ الشَّهِيْرَةِ، وَقَدْ رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: «لا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيْمٍ مِنْ ثَلاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- يَقُولُ: ((هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ)) قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا)) قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: ((أَعْتِقِيْهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ))(2).

وُلِدَ-رَحِمَهُ اللهُ- سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِاْئَةٍ بَعْدَ الأَلْفِ 1115هـ فِي العُيَيْنَةَ وَهِيَ بَلْدَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ مَدِينَةِ الرِّيَاضِ.

نَشْأَتُهُ وَطَلَبُهُ لِلْعِلْمِ وذِكْرُ شُيُوخِهِ:
نَشَأَ فِي حِجْرِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ عَبْدِالوَهَّابِ، وَكَانَ فَقِيْهاً، قَاضِياً، فَتَعَلَّمَ مِنْ وَالِدِهِ بَعْضَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.

حَفِظَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ وَلَمَّا يَبْلُغِ العَاشِرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَقَدَّمَهُ أَبُوهُ للصَّلاةِ بِالنَّاسِ جَمَاعَةً وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَتَزَوَّجَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَكَانَ مثابراً عَلَى طَلَبِ العِلْمِ، فَدَرَسَ عَلَى وَالِدِهِ فِي الفِقْهِ الْحَنْبَلِيِّ وَفِي التَّفْسِيْرِ وَالْحَدِيْثِ وَالعَقِيْدَةِ.

وَكَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- شَغُوفاً بِكُتُبِ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ والإمَامِ ابنِ القَيِّمِ -رَحِمَهُمَا اللهُ- ثُمَّ حَمَلَهُ الشَّوْقُ إلَى حَجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ لأَدَاءِ فَرِيضَةِ الحجِّ، والنَّهْلِ مِنْ عُلُومِ عُلَمَاءِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، فَذَهَبَ فِي بِدَايَةِ رِحْلَتِهِ إلَى مَكَّةَ وَحَجَّ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ وَالْتَقَى بِعُلَمَاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَكَانَ مِمَّنْ لَقِيَهُمْ الشَّيْخُ عَبْدُاللهِ بنُ إِبْرَاهِيْم آلُ سَيْفٍ، وَالشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ حَيَاة السِّنْدِيُّ، وَالْتَقَى بِغَيْرِهِمَا فِي الْحَرَمَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ شَدَّ الرِّحَالَ لِطَلَبِ العِلْمِ فَرَحَلَ إلَى العِرَاقِ، وَكَانَ غَالِبُ اسْتِفَادَتِهِ فِي البَصْرَةِ حَيْثُ نَزَلَ عِنْدَ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْمَجْمُوعِيِّ، وَذَكَرَ حَفِيْدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ أَنَّ جَدَّهُ ألَّفَ كِتَابَ التَّوْحِيْدِ فِي البَصْرَةِ؛ جَمَعَهُ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيْثِ الَّتِي فِي مَدَارِسِ البَصْرَةِ(3).

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ التَّوَجُّهَ إلَى الشَّامِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِكْمَالَ رِحْلَتِهِ، فَرَجَعَ إلَى نَجْدٍ، وَفِي طِرِيقِ عَوْدَتِهِ إلَى نَجْدٍ مَرَّ بِالأَحْسَاءِ فَنَهَلَ مِنْ عُلُومِ عُلَمَائِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى نَجْدٍ.

دَعْوَتُهُ وَجِهَادُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ:
لَمَّا رَجَعَ مِنْ رِحْلَتِهِ فِي طلب العِلْمِ، وَانْتَقَلَ وَالِدُهُ وَأُسْرَتُهُ إلَى حُرَيْمِلاءَ وَهِيَ بَلْدَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ مَدِيْنَةِ الرِّيَاضِ دُوْنَ الْمِاْئَةِ كِيْلٍ؛ أَخَذَ يَنْشُرُ عِلْمَهُ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ مَا وَفَّقَهُ اللهُ إِلَيْهِ مِنْ عُلُومٍ أَخَذَهَا فِي الْحَرَمَيْنِ وَالعِرَاقِ وَالأَحْسَاءِ.

وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- ذَكِيًّا، فَطِناً، مُثَابِراً فِي طَلَبِ العِلْمِ، والدَّعْوَةِ إلَى اللهِ، جَرِيْئاً وَشُجَاعاً فِي قَوْلِ الْحَقِّ وَرَدِّ البَاطِلِ، وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ الَّذِيْنَ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ مَحَبَّةَ العَقِيدَةِ وَعِظَمَ شَأْنِهَا، وَكَانَ الْحَاصِلَ عَلَى قَصَبِ السَّبْقِ فِي ذَلِكَ مِنْ شُيُوخِهِ: الشَّيْخُ مُحَمَّد حياة السِّنْدِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُاللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ آلُ سَيْفٍ حَيْثُ الْتَقَى بِهِمَا فِي الْمَدِيْنَةِ، وَوَجَّهَاهُ نَحْوَ العَقِيْدَةِ السَّلَفِيَّةِ.

فَكَانَ-رَحِمَهُ اللهُ- يُنْكِرُ البِدَعَ بِشِدَّةٍ، وَقَدْ ظَهَرَتْ جُرْأَتُهُ فِي إِنْكَارِ البِدَعِ لَمَّا دَخَلَ البَصْرَةَ لِطَلَبِ العِلْمِ، فَأَنْكَرَ مَظَاهِرَ الشِّركِ بِالقُبُورِ وَبِالْمَوتَى، وَعِبَادَةَ الأَشْجَارِ وَالأَحْجَارِ لأَنَّ البَصْرَةَ يَغْلُبُ عَلَيْهَا الرَّافِضَةُ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ إلَى زَمَنِنَا هَذَا، فَأُوذِيَ مِنَ الرَّافِضَةِ وأَشْبَاهِهِمْ مِنْ عَبَدَةِ القُبُور، فَخَرَجَ مِنْهَا حَتَّى كَادَ يَهْلَكُ لَوْلا أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَسَّرَ لَهُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الزُّبَيْرِ فَحَمَلَهُ وَسَقَاهُ وَأَطْعَمَهُ، ثُمَّ رَحَّلَهُ إلَى حَيْثُ يُرِيْدُ.

فَالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ نَاصِحاً للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِيْنَ وَعَامَّتِهِمْ، هَذِهِ البِدَايَةُ مِنْ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فِي شَبَابِهِ لَقِيَتْ قَبُولاً مِنْ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ فِي بَادِئِ الأَمْرِ، وَمُعَارَضَةً مِنَ الأَكْثَرِيْنَ حَتَّى تَسَبَّبَتْ لَهُ هَذِهِ الْجُرْأَةُ وَهَذِهِ الشّجَاعَةُ وَهَذَا الْحِرْصُ عَلَى أَهْلِ بَلَدِهِ وَالّتِي انْتَقَلَ إليها وَهِيَ حُرَيْمِلاءُ، فَأُوذِيَ، فَأَمَرَهُ أَبُوهُ أنْ يُخَفِّفَ مِنْ نشَاطِهِ.

فلَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- وَاصَلَ الدَّعْوَةَ وَبَدَأَ يُنَاصِحُ النَّاسَ وَيُعَلِّمُهُمْ، وَيُنْكِرُ عَلَى الْمُفْسِدِيْنَ فِي الأَرْضِ مِنَ الفُسَّاقِ وَأَهْلِ البِدَعِ حَتَّى اجْتَمَعَ بَعْضُ الْمُفْسِدِينَ فِي حُرَيْمِلاءَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَسَوَّرُوا بَيْتَهُ، فَفَطِنَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَنَهَرُوا هَذَا الْمُتَسَلِّقَ الَّذِي أَرَادَ الفَتكَ بِالشَّيخِ، وَنُصِحَ الشَّيْخُ بِالْخُرُوجِ مِنْ حُرَيْمِلاءَ، فَخَرَجَ مِنْهَا إلَى العُيَيْنَةِ، وَهَذَا كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمِاْئَةٍ بَعْدَ الأَلْفِ 1155هـ تَقْرِيباً.

فَالْتَقَى بِأَمِيْرِ العُيَيْنَةِ عُثْمَانَ بنِ مُعَمَّرٍ فَدَعَاهُ لِتَطْبِيقِ الشَّرِيْعَةِ، وَالدَّعْوَةِ إلَى التَّوْحِيْدِ، وَوَعَدَهُ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِيْنِ، كَمَا ذَكَرَ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ- ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَقَبِلَ ابنُ مُعَمَّرٍ نُصْرَةَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ، فَبَدَأَ الشَّيْخُ بِمُؤَازَرَةٍ مِنِ ابنِ مُعَمَّرٍ بِهَدْمِ الأَشْجَارِ الْمُعَظَّمَةِ عِنْدَهُمْ وَهَدْمِ القِبَابِ وَالقُبُورِ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَةً زَنَتْ فَجَاءَتْ وَاعْتَرَفَتْ عِنْدَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ الَّذِي كَانَ بِمَثَابَةِ الْمُشِيْرِ وَالوَزِيْرِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْمُفْتِي لابنِ مُعَمِّرٍ فَأقَامَ عَلَيْهَا الْحَدَّ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- بِالغَامِدِيَّةِ، فَلَمَّا انْتَشَرَ هَذَا الْخَبَرُ بَيْنَ أَهْلِ نَجْدٍ وَوَصَلَ هَذَا الأَمْرُ إلَى حَاكِمِ الأَحْسَاءِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُرَيْعِرٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي خَالِدٍ فَكَتَبَ إلَى ابنِ مُعَمَّرٍ أَميْرِ العُيَيْنَةِ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ، فَبلَّغَ أَمِيْرُ العُيَيْنَةَ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ، وَخَافَ مِنْ حَاكِمِ الأَحْسَاءِ لأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهِ عَطِيَّةً سَنَوِيَّةً فَخَشِيَ إِنْ عَصَى حَاكِمَ الأَحْسَاءِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ الْمَالُ، وَخَشِيَ أَنْ يَغْزُوَهُ، وَخَذَلَ الشَّيْخَ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرْحَلَ وَأَوْعَزَ إِلَى فَارِسِيٍّ يَمْشِي خَلْفَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِذَا خَرَجَ.

فلَمّا خَرَجَ حَمَى اللهُ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ هَذَا الفَارِسِيُّ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَوَصَلَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ إلَى الدِّرْعِيَّةِ وَكَانَ الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ أَمِيْرَ الدِّرْعِيَّةِ، فَنَزَلَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عِنْدَ أَحَدِ طُلاَّبِهِ وَهُوَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ سُوَيلِمٍ فَنَزَلَ عِنْدَهُ فَأَكْرَمَهُ وَصَارَ النَّاسُ يَتَوَافَدُونَ عَلَى الشَّيْخِ فِي مَنْزِلِ ابنِ سُوَيلِمٍ.

وَجَاءَ الأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ إلَى بَيتِ ابنِ سُوَيلِمٍ وَسَلَّمَ عَلَى الشَّيْخِ وَاسْتَفْهَمَهُ عَنْ دَعْوَتِهِ فَبَيَّنَ لَهُ دَعْوَةَ التَّوْحِيْدِ، وَذَكَّرَهُ بِاللهِ، وَرَجَى أَنْ يَكُونَ إِمَاماً لِلْمُسْلِمِيْنَ فَيَجْمَعُ اللهُ لَهُ الدِّيْنَ وَالدُّنْيَا، وَلِذُرِّيَّتِهِ إِنِ اسْتَمْسَكَ بِهَذِهِ العَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، فَشَرَحَ اللهُ صَدْرَ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الْمَبَارَكَةِ فَاقْتَنَعَ بِنُصْرَتِهَا وَتَعَاهَدَا عَلَى نُصْرَةِ التَّوْحِيْدِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ.

فَتَأَسَّسَتْ نَوَاةُ الدَّوْلَةِ السُّعُودِيَّةِ الأُوْلَى فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ عام 1158هـ، الَّذِي اتَّفَقَ فِيْهِ السَّيْفُ وَالقَلَمُ؛ سَيفُ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ-رَحِمَهُ اللهُ-، وَلِسَانُ وَقَلَمُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فَبَدَؤُوا بِالدَّعْوَةِ إلَى التَّوْحِيْدِ، وَإِرْسَالِ الرَّسَائِلِ لِلنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ فِي تِلْكَ القُرَى وَالْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ بِبَلْدَةِ الدِّرْعِيَّةِ، فَانْتَشَرَتْ هَذِهِ الرَّسَائِلُ وَعَلِمَهَا مَنْ عَلِمَهَا.

وتَتَلْمَذَ عَلَى يَدِ الشَّيْخِ عَدَدٌ كَبِيْرٌ مِنَ الأَفَاضِلِ وَذَوِي الْمَنَازِلِ الرَّفِيْعَةِ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِنْهُم: الإمَامُ الْمُجَاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ، والإمَامُ الْمُجَاهِدُ عَبْدُالعَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ، وَابنُهُ الإمَامُ الْمُجَاهِدُ سُعُودُ بنُ عَبْدِالعَزِيْزِ، وَأَبْنَاءُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ: الشَّيْخُ حُسَيْنٌ، وَالشَّيْخُ عَلِيٌّ، وَالشَّيْخُ إِبْرَاهِيْمُ، وَالشَّيْخُ عَبْدُاللهِ وَالِدُ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ.

وَكَذَلِكَ حَفِيْدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ، وَالشَّيْخُ حُسَيْنُ بنُ غَنَّامٍ، وَالشَّيْخُ حَمَدُ بنُ نَاصِرِ بنِ مُعَمَّرٍ وَغَيْرُهُمْ-رَحِمَهُمُ اللهُ-.

فَبَدَأَ أَهْلُ البَاطِلِ يَجْمَعُونَ أَصْحَابَهُمْ لِحَرْبِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ فَبَدَأَتِ الْحُرُوبُ وَالْمَعَارِكُ وَكَانَ الَّذِي بَدَأَ هُمْ أَهْلُ البَاطِلِ، فَمَنْ حَارَبَ دَعْوَةَ التَّوْحِيْدِ وَتَرَكَهَا وَحَاوَلَ قَتْلَ أَهْلِهَا قُتِلَ لأَنَّهُ مُرْتَدٌّ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلِ التَّوْحِيْدَ وَرَضِيَ بِالشِّرْكِ كَعِبَادَةِ الأَشْجَارِ وَالأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ مُنْتَشِرَةً فِي نَجْدٍ،بَلِ كَانُوا يَعْبُدُونَ بَعْضَ الْمَغَارَاتِ، وَتَذْهَبُ إِلَيْهَا الْمَرْأَةُ العَقِيمُ حَتَّى تَحْمِلَ!

فَانْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ وَنَصَرَهَا اللهُ.

وَمَات الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ وَقَدِ التَأَمَتْ نَجْدٌ كُلُّهَا تَحْتَ إِمْرَتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ابنُهُ عَبْدُالعَزِيزِ حَمَلَ الدَّعْوَةَ وَنَشَرَهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ ابنُهُ سُعُودٌ، وَفِي عَهْدِ سُعُودٍ بَلَغَتِ الدَّعْوَةُ وَبَلَغَتِ الدَّوْلَةُ السُّعُودِيَّةُ الأُوْلَى أَوْجَ قُوَّتِهَا وَدَخَلَ ضِمْنَ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْحَرَمَانِ الشَّرِيفَانِ وَجُزْءٌ مِنْ بِلادِ اليَمَنِ وَالْمَنْطِقَةِ الشَّرْقِيَّةِ أيْ أنَّ مُعْظَمَ الْجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ، حَتَّى قَرُبَ مِنْ دِمَشْقَ.

وَسَأَتَحَدَّثُ عَنْ جَانِبٍ مِنَ الْجَوَانِبِ العِلْمِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الفَصْلِ.

وَفَاتُهُ:
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ-رَحِمَهُ اللهُ- آواخِرَ سَنَةِ 1206هـ وَعُمُرُهُ 91 سَنَةً، بَعْدَمَا رَأَى مَا يَسُرُّهُ مِنِ انْتِشَارِ التَّوْحِيْدِ وَنَبْذِ الْخُرَافَةِ والشِّرْكِ، وَكَثْرَةِ الطُّلاَّبِ، وَالعُلَمَاءِ الَّذِيْنَ نَهَلُوا مِنْهُ، وَأَصْلَحَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَأَصْلَحَ أَعْمَالَهُمْ، فَانْتَشَرَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فِي جَمِيعِ بِلادِ العَالَمِ وَلَقِيَتِ القَبُولَ وَالثَّنَاءَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ وَالصِّدْقِ والإخْلاصِ.

رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ فَسِيْحَ جَنَّاتِهِ.

مُؤَلَّفاتُهُ:
ألَّفَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ مُؤَلَّفَاتٍ كَثِيْرَةٍ فِي التَّوْحِيْدِ، والفِقْهِ، والتَّفْسِيْرِ، وَالْحَدِيْثِ، والسِّيْرَةِ، والوَعْظِ والتَّذْكِيْرِ.

وَقَدْ جُمِعَتْ مُؤَلَّفَاتُهُ-رَحِمَهُ اللهُ-مِنْ قِبَلِ جَامِعَةِ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ في عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ، مع العِلْمِ أَنَّ جُمْلَةً وَافِرَةً مِنْ مؤَلَّفَاتِ الشَّيْخ -رَحِمَهُ اللهُ- مَوْجُودَةٌ فِي الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ.

وَمِنْ كُتُبِهِ النَّافِعَةِ: كِتَابُ التَّوْحِيْدِ، وَالأُصُولُ الثَّلاثَةُ، وَكَشْفُ الشُّبُهَاتِ، وَمَسَائِلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُخْتَصَرُ سِيْرَةِ ابنِ هِشَامٍ، وَمُخْتَصَرُ زَادِ الْمَعَادِ، وَمِنْهَا الأُصُولُ السِّتَّةُ، وَ«مَجْمُوعُ الْحَدِيْثِ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ»، وَغَيْرُهَا كَثِيْرٌ جِدًّا.



--------------------------------------------------------------------------------


الْمَبْحَثُ الثَّانِي
بَرَاعَتُهُ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، مَعَ دِرَاسَةٍ مُوجَزَةٍ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ


لَقَدَ بَرَعَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى بَزَّ أَقْرَانَهُ، وَفَاقَ مُعَاصِرِيهِ فِي عِلْمِ الْمُعْتَقَدِ وَالفِقْهِ وَالْحَدِيْثِ وَالتَّفْسِيْرِ.

وَلَقَدَ كَانَ-رَحِمَهُ اللهُ- مُجَدِّداً فِي بَيَانِ الْمُعْتَقَدِ، وَفِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، والفِقْهِ وَالتَّفْسِيْرِ، جَارِياً عَلَى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَقَدْ أَطْنَبَ العُلَمَاءُ-رَحِمَهُم اللهُ- فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَذِكْرِ فَضَائِلِهِ، وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُرَكِّزَ عَلَى جَانِبٍ هَامٍّ مَا زَالَ خَفِيًّا عَلَى كَثِيْرٍ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ أَلا وَهُوَ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ الْمُحَقِّقِيْنَ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ، وَمَعْرِفَةِ صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيْمِهِ.

وَهَذَا الأَمْرُ بَيِّنٌ مِنْ كَلامِ العُلَمَاءِ الَّذِيْنَ تَرْجَمُوا لَهُ، وَمِنْ خِلالِ النَّظَرِ فِي مَسِيْرَتِهِ العِلْمِيَّةِ، وكُتُبِهِ وَمُؤَلَّفَاتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ-.

أَمَّا مِنْ كَلامِ العُلَمَاءِ:
فقَالَ ابنُ بِشْرٍ-رَحِمَهُ اللهُ- : «وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي صِغَرِهِ كَثِيْرَ الْمُطَالَعَةِ فِي التَّفْسِيْرِ وَالْحَدِيْثِ وَكَلامِ العُلَمَاءِ فِي أَصْلِ الإسْلامِ، فَشَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ فِي مَعْرِفَةِ التَّوْحِيْدِ وَتَحْقِيقِهِ وَمَعْرِفَةِ نَوَاقِضِهِ الْمُضِلَّةِ عَنْ طَرِيْقِهِ»(4).

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ قَاسِمٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «أَمَدَّهُ اللهُ بِكَثْرَةِ الكُتُبِ، وَسُرْعَةِ الْحِفْظِ، وَقُوَّةِ الإدْرَاكِ، وَعَدَمِ النِّسْيَانِ، سَمِعَ الْحَدِيْثَ وَأَكْثَرَ فِي طَلَبِهِ، وَكَتَبَ وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ وَالطَّبَقَاتِ، وَحَصَّلَ مَا لَمْ يُحَصِّلْ غَيْرُهُ، بَرَعَ فِي تَفْسِيْرِ القُرْآنِ، وَغَاصَ فِي دَقَائِقِ مَعَانِيهِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ أَشْيَاءَ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَبَرَعَ فِي الْحَدِيْثِ وَحِفْظِهِ، فَقَلَّ مَنْ يَحْفَظُ مِثْلُهُ، مَعَ سُرْعَةِ اسْتِحْضَارِهِ لَهُ وَقْتَ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ، وَفَاَقَ النَّاسَ فِي مَعْرِفَةِ الفِقْهِ وَاخْتِلافِ الْمَذَاهِبِ وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ؛ بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا أَفْتَى؛ لَمْ يَلْتَزِمْ بِمَذْهَبٍ، بَلْ بِمَا يَقُومُ دَلِيْلُهُ عِنْدَهُ، تَمَسَّكَ بِأُصُولِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وَتَأَيَّدَ بِإِجْمَاعِ سَلَفِ الأُمَّةِ»(5).

وَأَمَّا مِنْ خِلالِ مَسِيْرَتِهِ العِلْمِيَّةِ:
فَقَدْ أَخَذَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عِلْمَ الْحَدِيْثِ عَنْ أَئِمَّةٍ أَجِلاَّءَ مِنْهُمُ الشَّيْخُ العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ عَبْدُالله بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّيْفُ حَيْثُ أَجَازَهُ بِثَبَتِ الشَّيْخِ عَبْدِالبَاقِي بنِ أَبِي الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيِّ.

وَأَخَذَ عَنِ الْمُحَدِّثِ الكَبِيْرِ، وَالعَلاَّمَةِ السَّلَفِيِّ النِّحْرِيرِ مُحَمَّدُ حَيَاةٍ السِّنْدِيِّ الْمَدَنِيِّ(6)، وَأَجَازَهُ بِمَرْوِيَّاتِهِ، وَكَذَلِكَ أَخَذَ عَنِ الشَّيْخِ العَلاَّمَةِ الْمُحَدِّثِ إِسْمَاعِيْلَ العَجْلُونِيِّ صَاحِبِ كِتَابِ «كَشْفِ الْخَفَا وَمُزِيلِ الالْتِبَاسِ عَمَّا اشْتُهِرَ مِنَ الأحَادِيْثِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ» وَكَذَلِكَ أَخَذَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحَدِّثِيْنَ بِالبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا.

فَهُوَ قَدِ اسْتَقَى عِلْمَ الْحَدِيْثِ مِنْ مَشَايِخِ الْمُحَدِّثِيْنَ فِي عَصْرِهِ، فَلا عَجَبَ أَنْ أَصْبَحَ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ فِي القَرْنِ الثَّانِي عَشَرَ.

وَأَمَّا مِنَ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ:
فَقَدْ تَتَبَّعْتُ كُتُبَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فَلَمْ أَرَهُ صَحَّحَ حَدِيثاً أَوْ حَسَّنَهُ إلا وَيَكُونُ قَولُهُ مَبْنِيًّا عَلَى حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، وَسَلَفٍ مِمَّنْ سَبَقَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.

وَلَمْ أَجِدْ حَدِيْثاً اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ كَانَ ظَاهِرَ الضَّعْفِ لا نِزَاعَ فِيْهِ: صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَوْ حَسَّنَهُ، بَلْ هُوَ يَسْلُكُ مَسْلَكَ الْمُحَقِّقِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيْثِ.

وَكَذَلِكَ لَمْ أَرَهُ احْتَجَّ بِحَدِيْثٍ مَوْضُوعٍ أَوْ لا أَصْلَ لَهُ أَوْ شَدِيْدَ الضَّعْفِ، بَلْ يَحْتَجُّ بِالأَحَادِيثِ الصَّحِيْحَةِ وَالْحَسَنَةِ، وَقَدْ يَسْتَأْنِسُ -أحْيَاناً- بِالْحَدِيثِ الضَّعِيْفِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ.

وَعَمَلُهُ هَذَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ قَاطِبَةً، وَهُمْ دَرَجَاتٌ فِي ذَلِكَ، فَلا تَجِدُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثاً قَدْ يَرَاهُ غَيْرُهُ ضَعِيفاً، أَوْ ضَعَّفَ حَدِيثاً قَدْ يَرَاهُ غَيْرُهُ صَحِيْحاً.

والاجْتِهَادُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْحَدِيْثِ كَالاجْتِهَادِ فِي الْحُكْمِ فِي مَسَائِلِ الفِقْهِ سَوَاءً بِسَواءٍ. وَالْمُهِمُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى أَدِلَّةٍ وَبَرَاهِيْنَ أَصِيلَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَرْجِعُ هُوَ القَوَاعِدُ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْحَدِيْثِ الْمُتَخَصِّصُونَ فِيْهِ.

وَكَذَلِكَ الاسْتِئْنَاسُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الَّذِي قَامَتِ الأَدِلَّةُ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ أَمْرٌ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ مَعَ تَنْبِيْهِهِمْ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ ذِكْرِ سَنَدِهِ إِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ.

وَمِنْ خِلالِ النَّظَرِ فِي كُتُبِهِ وَمُؤَلَّفَاتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ- يَتَبَيَّنُ دِقَّةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْحَدِيْثِيَّةِ، وَطُولُ بَاعِهِ فِيْهِ.

وَسَأَضْرِبُ عَلَى ذَلِكَ مِثَالَيْنِ أَحَدَهُمَا إِجْمَالِيًّا والآخَرَ تَفْصِيلِيًّا:
أَمَّا الْمِثَالُ الإِجْمَالِيُّ: فَهُوَ «مَجْمُوعُ الْحَدِيْثِ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ» وَالَّذِي جَمَعَ فِيْهِ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ أَحَادِيْثَ الفِقْهِ مُبَوَّبَةً، وَحَلاَّهُ بِالآثَارِ السَّلَفِيَّةِ، فَكَانَ كِتَاباً جَامِعاً لَمْ يُنْسَجْ عَلَى مِنْوَالِهِ فِيْمَا أَعْلَمُ.

فَقَدْ اسْتَوْعَبَ فِيْهِ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبْوَابَ الفِقْهِ، وَذَكَرَ فِيْهِ مَا يَرْبُوا عَلَى أَرْبَعَةِ آلافٍ وَخَمْسِمِاْئَةِ حَدِيْثٍ وَأَثَرٍ ( 4545 حَدِيثاً وَأَثَراً ).

وَقَدْ عَمِلْتُ مُقَارَنَةً بَيْنَ كِتَابِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ وَبَيْنَ كِتَابِ «الْمُنْتَقَى» لِلْمَجْدِ ابنِ تَيْمِيَّةَ، وَكِتَابِ «الْمُحَرَّرِ فِي الْحَدِيْثِ» للعَلاَّمَةِ ابنِ عَبْدِالْهَادِي، وَكِتَابِ «بُلُوغِ الْمَرَامِ» لِلِحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ؛ فَوَجَدْتُ الفَارِقَ العَجِيبَ بَيْنَ كِتَابِ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ وَبَيْنَ الكُتُبِ الأُخْرَى مَعَ عَظِيمِ فَائِدَتِهَا، وَمنْزِلَةِ مُؤَلِّفِيْهَا-رَحِمَهُمُ اللهُ-

فَفِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ-مَثَلاً- مِنَ الْمُنْتَقَى: ( 170 ) حَدِيْثاً، وَفِي الْمُحَرَّرِ: ( 61 ) حَدِيْثاً، وَفِي البُلُوغِ: ( 62 ) حَدِيْثاً، أَمَّا فِي كِتَابِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فَقريباً مِنْ: ( 278 ) حَدِيْثاً وَأَثَراً، مَعَ دِقَّتِهِ وَحُكْمِهِ عَلَى الأحَادِيْثِ كَثِيْراً، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ فَاقَهَا كَمًّا وَكَيْفاً فِيمَا ظَهَرَ لِي وَاللهُ أَعْلَى وَأَعْلَمُ.

وَقَدْ رَاجَعْتُ عَدَداً كَثِيْراً مِنَ الأحَادِيْثِ الَّتِي حَكَمَ عَلَيْهَا شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي مَجْمُوعِهِ الْحَدِيْثِيِّ فَوَجَدْتُهُ مُوَافِقاً لِلأَئِمَّةِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مَعَ دِقَّةِ عِبَارَتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَهَذَا الْمَجْمُوعُ حَرِيٌّ بِأَنْ يُقَرَّرَ عَلَى طُلاَّبِ العِلْمِ فِي الْجَامِعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيَنْبَغِي الاعْتِنَاءُ بِهِ شَرْحاً وَتَوْضِيْحاً.

وَأَمَّا الْمِثَالُ التَّفْصِيْلِيُّ:

فَمَا يَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ مِنَ الأحَادِيْثِ والآثَارِ، وَسَأُفَصِّلُ فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ بَعْدَ دِرَاسَةٍ مُوْجَزَةٍ لِلكِتَابِ:



--------------------------------------------------------------------------------


دِرَاسَةٌ مُخْتَصَرَةٌ لِـ«كِتَابِ التَّوْحِيْدِ»


مَوْضُوعُ الكِتَابِ:
إِنَّ كِتَابَ التَّوْحِيْدِ مَوْضُوعٌ «فِي بَيَانِ مَا بَعَثَ اللهُ بِهِ رُسُلَهُ: مِنْ تَوْحِيدِ العِبَادَةِ، وَبيَانِهِ بِالأَدِلَّةِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذِكْرِ مَا يُنَافِيهِ مِنَ الشِّركِ الأكْبَرِ أَوْ يُنَافِي كَمَالَهُ الوَاجِبَ؛ مِنَ الشِّرْكِ الأصْغَرِ وَنَحْوِهِ، وَمَا يُقَرِّبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُوصِلُ إِلَيْهِ»(7).

مَنْهَجُهُ فِي تَأْلِيفِ الكِتَابِ:
إِنَّ مَنْهَجَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فِي كِتَابِ التَّوْحِيْدِ هُوَ: أَنْ يُتَرْجِمَ لِلْبَابِ بِتَرْجَمَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-، أَوْ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ-رَحِمَهُمُ اللهُ-.

ثُمَّ يَذْكُرُ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَبْوِيْبِهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ مِنْ السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا بَوَّبَ لَهُ، وَكَذَلِكَ يَذْكُرُ بَعْضَ الآثارِ فِي تَوضِيحِ مَعْنَى آيَةٍ أَوْ حَدِيْثٍ، أَوْ يَكُونُ للأثَرِ عَلاقَةٌ مُبَاشِرَةٌ بِتَرْجَمَةِ البَابِ.

ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الأَدِلَّةِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ والآثَارِ السَّلَفِيَّةِ يَذْكُرُ الفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ أَدِلَّةِ البَابِ عَنْ طَرِيْقِ مَسَائِلَ.

فَكَمَا أَنَّ فِقْهَ الإمَامِ البُخَارِيِّ فِي تَبْوِيْبِهِ، فَإِنَّ فِقْهَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فِي تَبْوِيبِهِ وَمَسَائِلِهِ.

مَنْهَجُهُ فِي تَخْرِيجِ الأَحَادِيْثِ والآثَارِ:
وَبِالنِّسْبَةِ للأَحَادِيثِ وَالآثَارِ فَإِنَّهُ يَعْزُوهَا إِلَى مَنْ خَرَّجَهَا إِمَّا قَبْلَ ذِكْرِ الْحَدِيْثِ، وَإِمَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ وَهَذَا هُوَ الغَالِبُ.

وَيُبَيِّنُ دَرَجَةَ الْحَدِيْثِ غَالِباً إِمَّا بِعَزْوِهِ لِكِتَابٍ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ كَصَحِيْحِ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ وابنِ حِبَّانَ، وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، وَالْمُخْتَارَةِ للضِّيَاءِ الْمَقْدِسِيِّ، وَإِمَّا بِذِكْرِ حُكْمِ مَنْ أَخْرَجَهُ كَتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ أَوْ تَحْسِينِهِ، أَوْ تَصْحِيْحِ غَيْرِهِ للحَدِيْثِ كالنَّوَوَيِّ، وَالذَّهَبِيِّ، وَإِمَّا بِعَزْوِهِ لأَبِي دَاوُدَ سَاكِتاً عَلَيْهِ ولَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَا يُرَدُّ بِهِ الْحَدِيْثُ مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ صَالِحٍ للاحْتِجَاجِ عِنْدَهُ كَمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَإِمَّا أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مُعْمِلاً قَوَاعِدَ أَهْلِ الْحَدِيْثِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الأحَادِيْثِ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمُهُ مُقْتَبَساً مِنْ كَلامِ غَيْرِهِ كَالْمُنْذِرِيِّ أَوْ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ أَوْ ابنِ القَيِّمِ. وَأَحْيَاناً يَذْكُرُ الإسْنَادَ مُشِيْراً إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيْهِ نَظَرٌ مَعَ صِحَّةِ مَعْنَاهُ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى، مَعَ احْتِمَالِ صِحَّتِهِ لِذَاتِهِ.

فَلَمْ يَبْنِ تَبْوِيْباً عَلَى حَدِيْثٍ أَوْ أَثَرٍ ضَعِيْفٍ مُطْلَقاً، بَلْ بَنَاهُ عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ صَحِيْحٌ، وَقَدْ يَذْكُرُ بَعْضَ الأحَادِيْثِ أَوِ الآثَارِ الَّتِي فِي سَنَدِهَا خِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ بَابِ الاسْتِئْنَاسِ لا مِنْ بَابِ الاحْتِجَاجِ، وَهَذَا لا يَتَجَاوَزَ عَدَدَ الأَصَابِعِ كَمَا سَيَأتِي بَيَانُهُ.

ما يَتَعَلَّقُ بِأَحَادِيثِ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ:
ذَكَرَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيْدِ سِتَّةً وَسِتِّيْنَ بَاباً اشْتَمَلَتْ عَلَى آيَاتٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَعَلَى ( 124 ) حَدِيْثاً، وَذَكَرَ مِنْهَا حَدِيْثَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ فَيُصْبِحُ الْمَجْمُوعُ بِالْمُكَرَّرِ( 126 ) حَدِيْثاً.

خَرَّجَ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَا ( 61 ) حَدِيْثاً أيْ: قُرَابَةَ النِّصْفِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أحَادِيْثَ الصَّحِيْحَيْنِ مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَأَجْمَعَتْ عَلَى صِحَّتِهَا.

و( 55 ) حَدِيثاً مِنْ غَيْرِ الصَّحِيْحَيْنِ وَهِيَ صَحِيْحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ بُرْهَانَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ تَخْرِيْجِي لِلأَحَادِيْثِ.

بَقِيَتْ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيْثَ فِيْهَا نِزَاعٌ قَوِيٌّ(8) بَيْنَ العُلَمَاءِ أَذْكُرُهَا بِاخْتِصَارٍ:

أَوَّلاً: ذَكَرَ فِي البَابِ الأَوَّلِ حَدِيْثَ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرْفُوعاً: ((قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ، عَلِّمْنِي شَيْئاً أذْكُرُكَ، وَأدْعُوكَ بِهِ..)) الْحَدِيْثَ.

وَهَذَا الْحَدِيْثُ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّة مِنْهُم : الْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. والْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ. وَلَهُ شَوَاهِدُ صَحِيْحَةٌ.

ثَانِياً: قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي البَابِ( 13 ) : «وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسنَادِهِ، أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- مُنَافِقٌ يُؤذِي الْمُؤمِنِيْنَ، فَقَالَ بَعضُهُم: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- مِن هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((إِنَّهُ لاَ يُستَغَاثُ بِي، وَإِنَّمَا يُستَغَاثُ بِاللهِ))»

فَهَذَا الْحَدِيْثُ أَشَارَ الْهَيْثَمِيُّ إلَى حُسْنِهِ بِقَوْلِهِ: «رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ غَيْرُ ابنِ لَهِيْعَةَ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيْثِ» وَمَعْلُومٌ خِلافُ العُلَمَاءِ فِي ابنِ لَهِيْعَةَ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُوَثِّقُهُ مُطْلَقاً، فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلافِيَّةٌ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَشِيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ لَمْ يُوْرِدْهُ عُمْدَةً فِي البَابِ، لأَنَّهُ احْتَجَّ عَلَى «بَاب منَ الشِّرْكِ أنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ اللهِ أَوْ يَدْعُو غَيْرَهُ» بِأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيْثَ الطَّبَرَانِيِّ، وَذَكَرَ فِي البَابِ (18) مَسْأَلَةً لا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالْحَدِيْثِ إِلا الْمَسْأَلَةُ الأَخِيْرَةُ وَهُي: «الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: حِمَايَةُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- حِمَى التَّوحِيْدِ وَالتَأَدُّبُ مَعَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-»

ثَالِثاً : ذَكَرَ فِي البَابِ(27) حَدِيثَ الفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- : ((إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ أَوْ رَدَّكَ))

فَهَذَا الْحَدِيْثُ لَمْ يُصَحِّحْهُ أَوْ يُحَسِّنْهُ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ مَعَ قُرْبِ إِسْنَادِهِ، فَيْسْتَأْنَسُ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ عُلاثَةَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، فَمَعَ أَنَّهُ ضُعِّفَ إِلا أَنَّ ابنَ مَعِيْنٍ وَثَّقَهُ، وَقَالَ ابنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيْثِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، وَوَثَّقَهُ ابنُ سَعْدٍ، وَكَذَا الْخَطِيْبُ، وَدَافَعَ عَنْهُ. وَفِيْهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابنِ عُلاثَةَ وَبَيْنَ الفَضْلِ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَقَدْ نَبَّهَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عَلَى ذَلِكَ، فَنَقَلَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ خَطِّهِ: «فِيْهِ رَجُلٌ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، وَفِيْهِ انْقِطَاعٌ»

وَالْحَدِيْثُ الْمَذْكُورُ مَعْنَاهُ صَحِيْحٌ، دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَدِلَّةُ الصَّحِيْحَةُ الثَّابِتَةُ.

رَابِعاً: ذَكَرَ فِي البَابِ(31) حَدِيْثَ أَبِي سَعِيدٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرفُوعَاً: ((إِنَّ مِنْ ضَعفِ اليَقِينِ: أَن تُرضِيَ النَّاسَ بِسُخطِ اللهِ..)) الْحَدِيْثَ.

وَهَذَا الْحَدِيْثُ لَمْ يُحَسِّنْهُ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ بَعْدَ ذِكْرِ آيَتَيْنِ، وَأَتْبَعَهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مَرْفُوعاً: ((مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى عَنهُ النَّاسَ..)) وَهُوَ حَدِيْث صَحِيْحٌ.

وَمَعَنَاهُ صَحِيْحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.

خَامِساً: ذَكَرَ فِي البَابِ( 55 ) حَدِيْثَ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: (( لاَ يُسأَلُ بِوَجهِ اللهِ إلاَّ الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ .

فَهَذَا الْحَدِيْثُ سكت عَنْهُ أبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَهُ البَغَوِيُّ فِي الأَحَادِيْثِ الْحِسَانِ مِنَ الْمَصَابِيحِ( 2/ 61 ) ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِيْنَ( ص / 390 )، وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ، وَرَمَزَ السُّيُوطِيُّ لِصِحَّتِهِ.

وَمَدَارُهُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُعَاذٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الإمَامُ أحْمَدُ، وَقَالَ مَرَّةً: لا أَرَى بِهِ بَأْساً. وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ، وَمَنْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ فَقَدْ جَاوَزَ القَنْطَرَةَ.

سَادِساً: ذَكَرَ فِي البَابِ(64) حَدِيْثَ جُبَيْرِ بنِ مُطعِمٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! نُهِكَتِ الأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ؛ فَاسْتَسْقِ لَنَا رَبَّكَ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاللهِ عَلَيْكَ، وَبِكَ عَلَى اللهِ».

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((سُبحَانَ اللهِ! سُبحَانَ اللهِ!)).. الْحَدِيْثَ.

فَهَذَا الْحَدِيْثُ قَدْ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ؛ قَالَ ابنُ مَنْدَهْ: «وَهُوَ إسْنَادٌ صَحِيْحٌ مُتَّصِلٌ مِنْ رَسْمِ أَبِي عِيْسَى والنَّسَائِيِّ»، وَقَوَّاهُ شَيْخُ الإسْلاَمِ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى( 16 / 435 )، وَحَسَّنَهُ ابنُ القَيِّمِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ سُنَنِ أبِي دَاوُدَ لِلْمُنْذِرِيِّ( 13 / 12 ) وَدَلَّلَ عَلَى ذَلِكَ، وَرَدَّ عَلَى قَوْلِ الْمُضَعِّفِيْنَ. وَكَفَى بِهَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ قُدْوَةً وَسَلَفاً.

سَابِعاً: قَالَ فِي البَابِ الأَخِيْرِ(66): «وَقَالَ ابنُ جُرَيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخبَرَنَا ابنُ وَهبٍ قَالَ: قَالَ ابنُ زَيدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((مَا السَّمَاوَاتُ السَّبعُ فِي الكُرسِيِّ إِلاَّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلقِيَتْ فِي تُرْسٍ))(9).

قَالَ: وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- يَقُولُ: ((مَا الكُرسِيُّ فِي العَرْشِ إِلاَّ كَحَلَقَةٍ مِن حَدِيدٍ أُلقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ))(10) ».

فَهُنَا قَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ الإسْنَادَ، وَكَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ شَوَاهِدُ يَصِحُّ بِهَا، أَمَّا مُرْسَلُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لَهُ، بَلْ مَا يُغْنِي عَنْهُ.

ثَامِناً: ذَكَرَ فِي البَابِ الأخِيْرِ-أَيْضاً- حَدِيْثَ الأَوْعَالِ وَهُوَ حَدِيْثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ سَلَفِ الأُمَّةِ، وَقَوَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ:

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ غَرِيْبٌ»، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْجَوْرَقَانِيُّ فِي كِتَابِهِ « الأبَاطِيلِ والمنَاكِيْرِ والصِّحَاحِ وَالمشَاهِيْرِ »، وَالضِّيَاءُ فِي الأحَادِيْثِ الْمُخْتَارَةِ، وَقَالَ أبُو بَكْرٍ ابنُ العَرَبِيِّ: « حَسَنٌ صَحِيْحٌ »، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ العَرْشِ ( رقم 24 ) : « إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَفَوْقَ الْحَسَنِ ».

وَقَوَّاهُ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ، وَابنُ القَيِّمِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ سُنَنِ أبِي دَاوُدَ، وَقَالَ فِي الصَّواعِقِ الْمُرْسَلةِ: «إِسْنَادٌ جَيِّدٌ» .

وَقَالَ الشَّيْخ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ فِي قُرَّةِ عُيُونِ الْمُوَحِّدِينَ ( ص / 213 ) : «وَهَذَا الْحَدِيْثُ لَهُ شَوَاهِدُ فِي الصَّحِيْحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ القُرْآنِ، فَلا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ ضَعَّفَهُ» .

فَظَهَرَ بِمَا سَبَقَ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ لَمْ يُصَحِّحْ أَوْ يُحَسِّنْ حَدِيْثاً ضَعِيْفاً ( 11 ) ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بَعْضِ الأَحَادِيْثِ الَّتِي ضَعَّفَهَا بَعْضُ العُلَمَاءِ فَهُوَ لاخْتِلافِ اجْتِهَادِهِمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْحَدِيْثِ، وَكَذَلِكَ قَدْ يُوْرِدُ بَعْضَ مَا تُكِلِّمَ فِيْهِ اسْتِئْنَاساً مَعَ صِحَّةِ مَعْنَاهُ بِالدَّلائِلِ القَطْعِيَّةِ.

فلا يَجُوزُ لأَحَدٍ بِحَالٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ تَسَاهَلَ فِي إِيْرَادِهَا، أَوْ خَالَفَ أَهْلَ الْحَدِيْثِ، بَلْ هُوَ سَائِرٌ عَلَى نَهْجِهِمْ وَطَرِيْقَتِهِمْ، بَلْ هُوَ مِنْ كِبَارِ أَهْل الْحَدِيْثِ وَمُحَقِّقِيْهِمْ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَهَذَا الإمَامُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ عَلَى جَلالَتِهِمْ، وَتَمَكُّنِهِمْ فِي عِلْمِ الرِّجَالِ قَدْ صَحَّحُوا بَعْضَ الأحَادِيْثِ الَّتِي خَالَفَهُمْ فِيْهَا غَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِيْنَ وَالَّذِي اشْتَرَطَ فِيْهِ الصِّحَّةَ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي تَصْحِيْحِ بَعْضِ تِلْكَ الأحَادِيْثِ، وَكِتَابُهُ الأَرْبَعِيْنَ نَجِدُ مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ ضَعَّفَ مِنْ أَحَادِيْثِهِ مَا تَزِيْدُ نِسْبَتُهُ عَمَّا انْتُقِدَ عَلَى شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ.

وَكَذَلِكَ شَيْخُ الإسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ والإمَامُ ابنُ القَيِّمِ وَالذَّهَبِيُّ والحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ قَدْ صَحَّحُوا أَحَادِيْثَ خَالَفَهُمْ فِيْهَا غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحاً فِي عِلْمِهِمْ أَوْ عِلْمِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْهُمْ أَحَدٌ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ فِي الْحَدِيْثِ أَوْ التَّسَاهُلِ أَوْ يَطْعَنْ عَلَيْهِم بِذَلِكَ.

فَالْخُلاصَةُ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ، وَكِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ وَالْمُحَقِّقِيْنَ، وَكِتَابُهُ التَّوْحِيْدُ مِنْ أَصَحِّ الكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي العَقَائِدِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ

كتَبَهُ: أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي


----------------------------
الهوامش
(1) كَتَبَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ صَالِحُ بنُ عَبْدِاللهِ العُبُود تَرْجَمَةً حافِلَةً لِشَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ ضِمْنَ كِتَابِهِ البَدِيْعِ «عَقِيْدَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ السَّلَفِيَّةِ وَأَثَرِهَا فِي العَالَمِ الإسْلامِيِّ» فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ الكِتَابِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ غَايَةً.
(2) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ(رقم2405)، ومُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ(رقم2525).
(3) انْظُرِ: الدُّرَرَ السَّنِيَّةَ(9/215)
(4) عُنْوَانُ الْمَجْدِ فِي تَارِيْخِ نَجْدٍ لِلعَلاَّمَةِ عُثْمَانَ بنِ بِشْرٍ النَّجْدِيِّ(1/ 6).
(5) الدُّرَرُ السَّنِيَّةُ(12/ 8)
(6) قَالَ ابنُ بِشْرٍ فِي عُنْوَانِ الْمَجْدِ(1/25-26): «كَانَ لَهُ اليَدُ الطُّولَى فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيْثِ وَأَهْلِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَصَنَّفَ مُصَنَّفاً سَمَّاهُ :"تُحْفَةَ الأَنَامِ فِي العَمَلِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ"، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ غَيْرُهَا، رَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفاً عَجِيباً؛ شَرْحاً عَلَى الأَرْبَعِيْنَ النَّوَوِيَّةِ، سَمَّاهُ: "تُحْفَةَ المُحِبِّيْنَ فِي شَرْحِ الأَرْبَعِيْنَ"».
(7) مِنْ كَلامِ الشَّيْخِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ حَسَنٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ:«فَتْحِ الْمَجِيْدِ».
(8) هُنَاكَ أحَادِيْثُ أُخْرَى تَنَازَعَ فِيْهَا العُلَمَاءُ لَمْ أَذْكُرْهَا لأَنَّهُ ظَهَرَ لِي ضَعْفُ حُجَّةِ مَنْ يُضَعِّفُهَا.
(9) رَوَاهُ ابنُ جَرِيْرٍ(3/10)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ(رقم220) وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: وَاهٍ، وَأَبُوهُ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، فَهُوَ مُرْسَلٌ وَاهِي الإسْنَادِ.
(10) رَوَاهُ ابنُ جَرِيْرٍ فِي تَفْسِيْرِهِ(3/10)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ(2/587) وفي إِسْنَادِهِ: عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ وَهُوَ وَاهٍ، ولَكِن لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى تُغْنِي عَنْهُ فَهُوَ صَحِيْحٌ.
(11) انْتَقَدَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِيْرَادَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ لِقِصَّةِ الغَرَانِيقِ فِي مُخْتَصَرِهِ لِلسِّيْرَةِ، وَهَذَا فِي حَقِيْقَتِهِ انْتِقَادٌ غَيْرُ صَحِيْحٍ، فَقِصَّةُ الغَرَانِيقِ ثَابِتَةٌ، أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى ثُبُوتِهَا، وَتَلَقَّتْهَا الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَقَدْ صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ مِنْهُمُ: الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ(10/234)، وَالْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أحَادِيْثِ الكَشَّافِ(4/114)، وَالسُّيُوطِيُّ، وَالشَّيْخُ سُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ، وَفَسَّرَهَا-أيْ قَولَهُ تَعَالَى: {ألْقَىالشَّيْطَانُ فِي أمْنِيَّتِهِ} بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ كَابنِ جَرِيْرٍ(17/186)، والنَّحَّاسِ فِي مَعَانِي القُرْآنِ(4/426)، وَالبَغَوِيِّ(3/293-294)، والوَاحِدِيِّ فِي تَفْسِيْرِهِ(2/737)، وَأَبِي اللَّيثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ(2/ 465)، وابنِ أَبِي زَمَنِيْنَ(3/186)، والسَّمْعَانِيِّ(3/448)، وابنِ جُزَيٍّ فِي التَّسْهِيْلِ(3/44)، وَشَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى(2/282)، وَقَالَ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ(2/ 409):«عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ السَّلَفِ والْخَلَفِ» وَالسَّعْدِيِّ(ص/ 542) وَغَيْرِهِمْ كَثِيْرٍ جِدًّا.


هذا وانما هو نقل لبعض المقاطع على الشبكه ليس اكثر بعد قرائتها وترشيحها لأرسالها لكم .. ارجو ان اكون اوضحت من هو محمد بن عبد الوهاب وما هى الوهابيه التى ماهى الا الاسلام ..ارجو عذرى ان كان هناك تقصير وارجو لك البحث المستفيض لتتعرف اكثر على الشيخ ..

اما غن اخطاء الشيخ ابن باز وغيره فأنا لا اعرفها بصدق وسأبحث عن هذا .. وحتى ان اخطئوا فهم لايشكلون ابدا الوهابيه بشخصهم .. لايوجد حجه على الاسلام
اخيك الصغير
الفرعون الحر

3:04 AM  
Blogger lastknight said...

الى الفرعون الحر
شكرا لمناداتى بالأخ .. و لست بكبيرا ألا فى سنى فقط .. أخى قد كرست بردك المرفق ماذهبت أنااليه من أن الوهابيه تكريس للنقل و ليس العقل .. فأن قد تفضلت بالنقل فقط .. و طبعا باعتبار أن الوهابيه هى الأسلام ( حسب نص كلامك ) فلا مجال لك أن توضح رأيك هنا .. أنت فقط نقلت .. و كل ماتفضلت بنقله و يزيد مر على قراءة و بحثا بل و مناقشة مع وهابيين و غيرهم .. و أحيلك فضلا للأطلاع على بعض المراجع التى قد تفيد فى حالة أعمال العقل فيها لتقييم موقف الوهابيين و دورهم فى تأخر الحضاره الأسلامبيه كلها .. منها كتاب الأمير شكيب أرسلان أمير السنيين فى لبنان بعنوان لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم .. كتاب عباس محمود العقاد الديموقراطيه و الأسلام كتاب الشيخ عبد الرحمن الكواكبى بعنوان طبائع الأستبداد كتاب لسلى ليبسون بعنوان الحضاره و الديموقراطيه كتاب د.فاروق عبد السلام بعنوان أزمة الحكم فى العالم الأسلامى كتاب د.محمد عماره بعنوان تيرات الفكر الأسلامى

و أرش لك بعض الأسئله لتحاول الأجابه عليها من خلال قرائتك سواء لفكر الوهابيه أو للكتب الأخرى الناقده لها .. منها .. ماهو أسلوب اختيار الحاكم المسلم .. و مقارنة الرد بفكر الوهابيه .. و حتى فكر ابن حنبل نفسه و هو من أهم مصادر الوهابيه بالاشتراك مع أبو الأعلى المودودى و ابن تيميه ..
سؤال آخر عن حقوق غير المسلمين فى ظل الحكم الأسلامى
سؤال عن طلب العلم .. أو تدبر
الأحادبث و قصص السنه .. و السلف
سؤال عن حقوق المرأه و مقارنه بين وضع المرأه فى دوله الرسول عليه الصلاة و السلام و الدوله الوهابيه
سؤال عن ترسيم الحدود بين البلدان و الأعتراف بالسياده المتبادله
صديقى قد أرشح لك مجموعة كتب صدرت مؤخرا لكاتب مجتهد جدا .. أسمه نبيل هلال .. بعنوان الأستبداد و دوره فى انحطاط المسلمين .. و الجزء الثانى أعتق أن أسمه تغييب العقل المسلم .. هذه المجموعه تناولت بالبحث أهم مارشحته لك بالقراءه فضلا عن فتاوى أئمة الوهابيين
ملحوظه أخيره .. أرجو أن تتقبلها من أخيك .. ماذنب مدونتى لتستقبل كل هذا الكم من الكتابه المنقوله بينما مدونة أيمان مازالت جاهزه لآستقبال مزيد من النقاش .. عموما سأنقل ردك ( أو أحاول ) و ردى أيضا لمدونة أيمان ..حيث كان لها السبق فى فتح باب الحوار و أعتقد من الواجب استمرار الحوار عندها
أكرر شكرى لك على اعتبارى أخيك .. و اؤكد أنى أكبر منك فى السن فقط أما المقام فمقامك محفوظ و أحترمه تماما
مع تحياتى

3:34 AM  
Blogger حواء said...

اخيرا لاقيت حاجة حلوة بجد اقراها انا اصلى مش بحب السياسة اوى والكلام فيها مش بيجيب فايدة ولا هيغير حاجة من الواقع بس دى مش سلبية على فكرة تقدر تقول مفيش اى حاجة هتتصلح الا لو هما حبوا .. المهم ربنا يخللى لك اولادك بجد عجبتنى اوى الصلة الروحانية اللى بينكم دى ولو كانت الحكاية مع واحدة غير بنتك كنت هقول يا بختكم بالرومانسية الفظيعة اللى بينكم دى .. أحييك

3:58 PM  
Blogger حواء said...

ليه الكآبة اللى قلت عليها دى يافارس يا قديم صدقنى لو أستسلمنا لها مش حنعرف نعيش خااااالص .. أتمنى تبقى احسن ان شاء الله قريب

10:42 AM  
Blogger اميرة بهي الدين said...

من بينه مثل مابينكما
لايشعر غياب ولا يعاتب
انه لايلوم ولا يغضب
انه يشتاق ياسيدي يشتاق
لو لامتك فهو لوم المحبين ووجع الشوق
ادخلها في حضنك وادخل في حضنها
واروي شوقها لك
واروي ظمأك للحنان في حضنها
وربنا يسعدك بيها ويخليك ليها

2:13 PM  
Blogger بنت القمر said...

ربنا يخليها لك يا ايهاب
ربنا يفرحك بيها ويخليهالك...اكبر نعمة ربنا انعمها بيك مش وجودها وبس
لكن احساسك بقيمتها في حياتك استشعارك بقيمتك عندها وما تمثله وما تمنحه لها من دعم وامان ستثبت لك الايام ان احتياجها لذلك الدعم والامان في تزايد مع مرور الايام وليس العكس
واحساسك بحنانها ورقتها وفخرها بك وهو ما ستتشبث به انت مع الوقت ومع تقدمك في السن
كل من الاهل يملكون ابناءا لا يمثلون لهم اي قيمة ولا يعني وجودهم لهم الكثير اكثر من وجود سارة او رصيد في البنك او عمل محترم مجرد اسباب للوجاهة الاجتماعية وعنصر لاكتمال شكل الاسرة السعيدة المتكاملة
الامر ليس وجود ابن او مجرد وجود اب في حياة كلاهما لدي الاخر ولكن في وجود علاقه انسانية تجمع بين الاثنين تجعل الحياة محتمله علي قسوتهامبهجةمع شرورها ودنائتها استمتع يا صديقي بصحبة اولادك وبارك الله فيهم

2:22 PM  
Blogger دودو said...

وصف جميل لعلاقه جميله بين الاب وابنته
اشكرك جدا لانك عبرت بكلمات جميله عن اشياء رائعه متشابهه مع ماوصفته كنت اتشاركها مع ابى

واتمنى انه كان يشعر بنفس السعاده التى تشعر بها انت

وللاسف الشديد هذه العلاقات الجميله يفتقدها اولادنا الان بسبب ضغوط الحياه


ولكن نحاول على قدر الامكان
خلق هذا النوع الجميل من المشاعر بينا وبينهم
بارك الله لنا فى اولادنا

2:27 PM  
Blogger همسات دافئه said...

ايهاب انا قريتها مرتين
انا حسيت بمشاعر الابوه الدافئه اللي كنت بحسها مع والدي رحمه الله
ربنا يخليك ليهم ويخليهم ليك
ويعينك عليهم يا رب
طريقتك لسرد المشاعر ووصف الحياه والواقع مبدع فعلا

2:32 PM  
Blogger سبهللة said...

ياريت كل الاباء زيك
بارك الله لك فيها وفى اخوها
وبارك الله لهما فيك
فأنت نبع حنان

2:38 PM  
Blogger Jana said...

ربنا يباركلك فيها وفى اخوها يا ايهاب
علاقة جميلة وراقية بين أب وبنته
استشعرت من بين كلامك سحر خاص وروحانية عالية
الله يحميهم
:)

11:19 PM  

Post a Comment

<< Home