تقنيات (كسر النفس ) بين الأعلام و الأعلان ... الجريمه الكامله ...
كان شتاء العام 2004 و كنت أباشر عملية تصدير فى احدى مدن الدلتا و اقتضى العمل ان اسافر كل اسبوعين تقريبا لمعاينة العمل و بالتالى كنت اسافر مستخدما الأتوبيس العام من موقف عبود بالقاهره .. اسافر فى اول اتوبيس فى الصباح الباكر .. الرحله تستغرق ساعتين اقضى عملى هناك و أعود لموقف الأتوبيس و اعود للقاهره ظهرا ..و كان سعر التذكره وقتها خمسة جنيهات لا اكثر
..و فى يوم نموذجى للعمل بلسعة برد و شمس مشرقه فى صباح شتوى ولا أروع .. وقفت فى طابور الحجز و شعور سائد لدى الجميع بتفاؤل بالصباح الشتوى النموذجى .. الكل متجه غالبا لقضاء أعماله و تحيات الصباح المصريه الدافئه تترامى بين رواد المحطه .. فى الطابور كان أمام الشباك امرأه ريفيه متوسطة العمر و معها ولد و بنت اظنهما فى العاشره و التاسعه من العمر تقريبا ..يقف خلف المرأه ريفى عجوز أنيق المظهر فى نموج للعمده الوقور بجلبابه الصوفى و عبائته .. و اقف انا خلف الرجل ... المرأه متحفظه كديدن الريفيات من ربيبات العائلات المحترمه .. الولد طفل على مشارف المراهقه و البنت اصغر منه بقليل .. و دار حوار سمعه الجميع بين المرأه المتقدمه لحجز ثلاث تذاكر و بين السيده الموظفه فى شباك الحجز .. الحوار مفاده
أن سعر التذكره اصبح ستة جنيهات و نصف بدلا من خمس جنيهات المعتاده .. و ذلك لأول اتوبيس يقوم من المحطه نظرا لتطوير الأتوبيس .. و لو رغبت الراكبه فى دفع خمسة جنيهات فقط فى التذكره فعليها الأنتظار نحو ثلاث ساعات فى المحطه لحين موعد قيام الأتوبيس العادى و ليس المطور
الحوار لم يدم طويلا و لم يحتد مطلقا .. المرأه المتأففه من الزياده المفاجئه فى قيمة التذاكر تضطر لسداد مبلغ 19.5 جنيه .. ( تسعة عشر جنيها و نصف ) ثمن التذاكر الثلاث لها و لأبنها و بنتها .. و موظفة الحجز تعتذر بموده عن الزياده التى لا تملك منها شيئا ..حتى هنا و الأمر بسيط .. لكن حين استدارت المرأه للأنصراف من امام الشباك حدثها ابنها بفرحه قائلا :
هاتى بقى اجيب سندوتشات الفطار زى ما قلتيلى
( ملحوظه : سندوتشات الفطار فى محطة عبود هى سندوتشات فول او طعميه أى أرخص وجبة أفطار يمكن أن يحصل عليها المواطن المصرى و سعر السندوتش وقتها كان حوالى نصف جنيه فقط )
هنا كانت المفاجأه و محور القصه كلها
نهرته المرأه بعنف .. و قالت خلاص .. العشرين جنيه الى معايا مش فاضل منهم غير نص جنيه .. مافيش فطار لحد ما نروح .. النص جنيه يادوبك يوصلنا البلد - غالبا تعنى أن قريتها خارج مدينة المحله و ستضطر لركوب مواصله اخرى داخليه لتصل الى بيتها -
الطفل الجائع لا يعى الموقف .. و يتسمر قليلا متململا و مخاطبا أمه .. بس انا جعان و انتى قلتى هانفطر بعد ما نقطع التذاكر
الأم تنفعل فى محاوله منها لمداراة عجزها عن اطعام و لدها و تنهره بل و تدفعه بيدها ليتحرك من الطابور فى اتجاه الأتوبيس .. قائلة انها لم تملك سوى العشرين جنيه و ان اربعة جنيهات و نصف كانو هم ثمن الأفطار و قد دفعتهم فى التذاكر .. و الولد يقطب جبينه بل و يبدو على وشك البكاء .. فهو فى النهايه طفل .. و يشعر بالجوع و اقل حقوقه كأنسان أن يحصل على أرخص وجبه فى مصر للأفطار
هنا و بتداعيات الموقف .. يهم العمده الوقور و يمد يده بورقه بعشرة جنيهات للطفل و يحدثه كأنه حفيده قائلا له خد يا ولدى ماتزعلش نفسك هاتلنا كلنا فطار
ما فعله ( العمده ) هو ما كنت اهم انا نفسى بفعله و أظن أغلب الواقفين فى الطابور .. فطفل جائع منظر لا يمكن أن يتقبله أنسان ابدا .. خصوصا أن طلب الطفل لا يتعدى الجنيهات القليله بأى شكل .. العمده سبقنا فقط فى تقديم المال للطفل
هنا تبدأ الدراما .. المرأه الريفيه المتحفظه تلتفت للعمده و تنهره بعنف شديد .. طبيعى .. تربيتها المتحفظه تمنعها أصلا من مجرد الحديث مع رجل غريب .. ما بالك أن تقبل منه مالا لأطعامها أو أطعام اطفالها .. المرأه عزيزة النفس متحفظة التربيه ..تشعر بالعجز عن اطعام طفلها فلذة كبدها و تتألم لكن كبريائها الريفيه و تربيتها المحافظه تدفعها لموقف عدوانى تجاه الرجل العجوز الذى لم يقصد سوى الخير
تتطور المناقشه و تكاد المرأه تتهم العجوز بالتحرش بها .. و الطفل مندهشا لا يفهم لماذا تمنع عنه أمه طعاما يحتاجه خصوصا أن من يقدم المال هو تقريبا فى سن جد الطفل .. الولد يحاول الحديث .. تحت تأثير الأنفعال و الأحساس بالعجز الشديد .. تندفع المرأه لتلطم ..أبنها فلذة كبدها الجائع على وجهه لطمه وضعت فيها كل أحساسها بالعجز و القهر و أيضا دفاعها عن كرامتها و عزة نفسها .لطمه مزقت نياط قلبها قبل ان تصل الى وجه الطفل الجائع المذهول من قسوة امه الفجائيه
.. هنا يتكهرب الجو كله .. الجميع يشعر بألم شديد .. الطفل جائع و أمه عاجزه عن أطعامه رغم مظهر الأصل الطيب البادى على الأم و أطفالها .. العجوز حسن الهندام يشعر بأحراج بالغ فهو لم يفعل ما يستحق أن يقف متهما .. الجميع شاهد الموقف و تألم .. و الطفل ذو الكبرياء يكتم بكاءا حارا احتبس فى حلقه من أثر الجوع و الصفعه المهينه أمام الناس .. الولد أنكسرت نفسه بمعنى الكلمه
موقف شكسبيرى نموذجى .. فليس من أطراف الموقف من أخطأ أبدا .. الموظفه لا تملك ألا تحصيل قيمة التذكره الجديده .. و الأم لا تملك ألا سداد المبلغ و لا تستطيع عندها أطعام طفلها .. والعجوز الأنيق سبق الجميع فى عرض المساعده .. لكن المرأه الريفيه ذات الكبرياء و عزة النفس ترفض أن يطعم غريبا اطفالها .. و تنطق بحكمه قاسيه أن الجوع أهون على الحر من التسول .. لم يخطىء أحد ولا يمكن أن نلقى اللوم على أحد ..
اولاد الحلال و أهمهم سائق الأتوبيس تكرم بأنهاء الموقف بلطف بأن حمل حقيبة المرأه و ادخلها الأتوبيس مع ابنها و ابنتها .. ثم صعد العمده و باقى الركاب وأنا بينهم .. جلستى كانت بجوار الصبى المكسور النفس بلا ذنب ولا جريره ..و لم اتجرأ على النظر الى وجهه مطلقا لكن شعرت بوطأة القهر و الأهانه التى تلقاها هذا الصغير ..
السائق رغب فى تلطيف الجو قليلا بمجرد التحرك بالأتوبيس و فتح الراديو على محطه من تلك التى تذيع الأغانى باستمرار ولا يتخللها ألا اعلانات .. و بالفعل انسابت اغانى الصباح المرحه التى اشتركت مع شكل الزرع فى اول الطريق الزراعى لتلطيف مشاعر الناس قليلا
و فى اول فاصل اعلانى صدح صوت فتاه شابه يغرى بحماسه و الحاح أن
اغتنمو الفرصه الأخيره .. فرصة العمر .. يا بلاش ..
الحقو الحجز بسرعه فى المرحله التالته من المشروع .. لأن المرحله الأولى و التانيه تم بيعهم بالكامل
اغتنمو فرصة العمر .. شاليه فى العين السخنه بأسعار اقتصاديه . تبدأ من تلتميت الف جنيه بس
يابلاش .. ( يرد صوت شاب لا يقل عنها حماسه ) متسائلا بدهشه . تلمتميت الف جنيه بس ؟
فترد الفتاه .. آه و الله تلتميت الف جنيه بس
لكن المهم تلحقو تحجزو بسرعه .. الشاليهات بتخلص فورا
ثم تعود الأغانى مره اخرى
يا الله .. يا الله .. أقسم برب العزه أنى ارتعبت من مجرد لمحه لوجه الولد المصرى الذى اهانه جوعه بسبب اربعة جنيهات و نصف مصروف مفاجىء لأسرته .. الولد المصرى الجميل أهانته أمه أمام الجميع و هو جائع لعجز أسرته ( التى لا يعرف عائلا غيرها ) عن تدبير اربعة جنيهات و نصف فى صبيحة يوم جميل لأفطاره و أخته .. و فى نفس البلد .. على نفس الأرض . و تحت ذات نظام الحكم .. هناك من يسدد ثلاثمائة ألف جنيه لشراء شاليه يستخدمه اسبوعين كل سنه
نعم .. فى نفس البلد .. و على نفس الأرض .. و فى ظل نفس نظام الحكم .. هناك ولد مصرى تستطيع أسرته أنفاق ثلاثمائة الف جنيه ثمنا لترفيه اسبوعين فى السنه .. و هناك ولد مصرى فى نفس سنه .. تعجز أسرته عن تدبير وجبة افطار له فى صبيحة يوم شتوى رائع بسبب مصروف مفاجىء قدره اربعه جنيهات و نصف .. بل أن تعبير الولد الأخير عن جوعه كان مدعاه لأن يتلقى صفعه مهينه على وجهه أمام الناس .. و الصفعه كانت من أمه الحبيبه التى لا يعرف غيرها عائلا
نعم على نفس الأرض و فى ظل نفس نظام الحكم هناك ولد مصرى يتباهى أمام اصحابه بقدرة اهله على شراء شاليه للترفيه اسبوعين فى السنه بثلاثمائة الف جنيه .. و هناك ولد فى نفس سنه يتوارى خجلا من الجميع بل يتمنى الموت فى التو و اللحظه ليدفن الأهانه التى تلقاها أمام الجميع
يا لله .. يا الله .. يا رحيم بالعباد
قلت لنفسى فى لخظتها ولا أدرى كيف قلتها .. قلت : هذا الولد حين يشب و اول ما يشتد عوده .. سيحرق مصر ..سيحرق مصر بكل طاقة القهر و الغضب و الأهانه التى ملأت قلبه الأخضر من سلوك هذا المجتمع و استهلاكه و أنفاقه و ساعتها سيكون صعبا على ان الومه أو أن انظر اليه كمجرم حرق بلدا يعيش فيها
و ياسبحان الله .. عام 2011 أى حين بلغ هذا الولد ( و امثاله ) السادسة عشر او السابعة عشر . شاهدت بعينى رأسى كما شاهد الجميع .. مراهقون فى نحو السادسة عشر يحرقون المجمع العلمى المصرى
و يحرقون مولات و مبانى الأسواق و المحلات الفاخره و ينهبون محتوياتها .. و ياسبحان الله
اعود بذكرياتى لنفس اللحظه التى لمحت فيها ابتسامة المرار على وجه الولد المصرى الأسمر .. ابتسامة مرار قطرة منها تسمم أنهار العالم .. مرار يشعر به .. و اكبر من مرارة الولد المح وجه الأم الجالسه فى صف أمامى بجوار ابنتها .. و المح يأسا يغشى نظرتها .. ففلذة كبدها ابن قلبها .. الرجل الذى تتمناه من الدنيا .. انكسرت نفسه على يدها .. نعم حافظت على كرامته و كرامتها .. نعم مارست عزة النفس كما تعلمت .. لكن ابن قلبها .. فلذه حشاها .. انكسرت نفسه و مازال جائعا .. عجز يائس يجتاح وجه المرأه الريفيه .. لا يقطعه سوى عيناها التى رفعتها فى نهاية اليأس الى السماء .. و لمحت شفتيها تتمتم أن ( ياااااارب ) ثم حولت نظرى عنها مع بادرة اول دمعه ستنزل من عينيها
كان صباحا شتويا نموذجيا نعم .. و كان حدث شيكسبيرى حقا لا يمكن فيه لوم أحد بعينه على ماحدث .. لكن الحدث و توابعه كانو سببا فى أن اعود لفتح بوابه فى عقلى . .. و بحكم التخصص و التكوين .. تقفز الأسئله الى رأسى و تلح على تطلب أجابات .. و كلما أجبت كلما ظهرت المزيد من الأسئله .. و فى تلك اللحظه كانت بداية الرؤيه بالنسبة لى .. كأنها كانت لحظة كشف .. رؤيه اتسائل فيها عما حدث ؟ و كيف حدث ؟ و لماذا ؟؟
و اليوم بعد مرور عشر سنوات على هذا الحدث المفصلى فى رؤيتى لما يحدث فى بلادى .. ارانى مسؤولا عن أن اطرح الأسئله و بعض من أجابتها المحيره على الجميع .. اسجل رؤيتى و رأيى
الأسئله كلها كانت محيره فلا مجال لتصنيفها بشكل او بآخر الآن .. لكنى سأسجلها كما هى ..القيها فى وجه المجتمع كما هى .. و قد القى بعض الأجابات المحيره التى تلقيتها من بعض الأسئله
سؤال أول : فى علم التسويق و فن الأعلان .. من المعروف ان السلعه تفرض اسلوب تسويقها على المسوق , و خصوصا بعد تحديد شريحة السوق التى تحتوى العملاء المرتقبين فيما يسمى بعملية تشريح السوق
market segmentation
فمثلا لو أردت تسويق حلويات فعلى أن اتوجه لشريحة الأطفال و امهاتهم .. فالأطفال هم صانعو قرار التسويق ( بالزن و الألحاح المعتاد من الأطفال ) و الأمهات هن من يتخذن قرار الشراء و ينفذن الصفقه
و أذا اردت أن ابيع مستحضرات تجميل فعلى التوجه لقطاع صالونات التجميل أولا .. فهم من يصنعون القرار و يحفزون السيدات على الشراء .. ثم يقمن السيدات باتخاذ قرار الشراء و تنفيذ الصفقه
و لو أردت أن ابيع سياره فاخره .. فعلى أن اتوجه لشريحة السوق القادره على شراء تلك السياره و أيضا اسلوب حياتهم يتيح لى
كمسوق فرصه لأقناعهم بشرائها .. فاحدد شريحة رجال الأعمال أو المهنيين الناجحين و اخاطبهم بمستواهم الثقافى لأقنعهم بالشراء ..
و هكذا .. المسوق دوما يخاطب صانع القرار فى الشراء .. و فى حالة ان يكون صانع القرار هو نفسه متخذ القرار فالأمر أكثر
يسرا .. اما لو ذهب المسوق لشريحه مجتمعيه لا تحتوى عملائه المرتقبين .. فهو مسوق فاشل يضيع وقت و جهد و أموال الشركه التى يعمل به
لنحتفظ يتلك الحقيقه الأولى حتى نرى بقية الأسئله
سؤال ثانى : بطبيعة العمليه التسويقيه على أن أخاطب الحاسه البشريه التى يبنى على اساسها قرار الشراء .. فمثلا عند بيع بارفانات .. فعلى أن اتوجه بعينات من المنتج ألى حاسة شم العملاء .. لأقنعهم بشراء منتجى .. فلا يكفى ابدا أن اقنع مشترى بشراء بارفان بمجرد رؤية العبوه أو سماع اسمها .. لا بد من مخاطبة الحاسه التى تستخدم فى قرار الشراء .. الشم
و عند بيع الأقمشه لابد من وجود عينه ( يراها ) العميل و ( يلمسها ) بيده .. فقرار شراء القماش يخاطب حواس البصر و اللمس
بالتالى عند تسويق مبانى عقاريه .. فأنا أخاطب ( نظر ) العميل المحتمل .. غالبا ما يكون بعرض صور و ما كيتات و نماذج مصغره للمبانى
بالتالى فأن مخاطبة عميل منتجات عقاريه عن طريق أذنيه فقط بدون صور او نماذج هو درجه من فشل المسوق و أضاعة وقت و أموال الشكره .. لنحتفظ بتلك الحقيقه أيضا لما بعد
ومن طبيعة عملاء السلع الغاليه الفاخره .. رغبتهم فى حجب أى معلومات عن سلعتهم ألا على ( الطبقه الأجتماعيه ) التى ينتمون اليها و هو ما يعرف بدور الشراء فى تحقيق التميز الأجتماعى .. و اذكر هنا مثالا درسته فى علم التسويق .. حول السيجار الكوبى الفاخر .. فزبائن السيجار الكوبى الفاخر يفضلون شراء أصناف ( لا تنشر عنها أعلانات ) بحيث يكون السيجار المشتعل فى يد الرجل الغنى منتج غامض لأغلب من هم حوله .. لا يميز هذا المنتج ألا رجل غنى مثله .. و بتلك الطريقه يضمن الثرى مستهلك السيجار أن سيجاره الفاخر كان اسلوبا لتحقيق تميز طبقته الأجتماعيه و الماليه .. وهو ما كان يهدف له من البدايه حين قرر دفع مبلغ باهظ لشراء السيجار الفاخر .. و كثير من شركات المنتجات الفاخره فى العالم و فى مصر تجحب مواصفات و أسعار منتجاتها ألا على العملاء المتوقعين .. و أراهن أن يعرف تفاصيل و مواصفات و سعر سيارات المرسيدس او البى ام دبليو احد سوى ملاك تلك السيارات أو القادرين بالفعل على شرائها
حقيقه ثالثه نخرج بها لنحتفظ بها الى وقت لاحق .. ان تسويق المنتجات الفاخره يستلزم حجب المعلومات سواء السعر او المواصفات عن الوعى العام .. و أدراك العامه .. بل من مميزات شراء سلعه فاخره غاليه بالنسبه للعميل هو ( غموض ) تفاصيلها عن الجميع ما عدا من ينتمون لطبقته من ألاثرياء تحقيقا للتميز الأجتماعى المطلوب من جانب الأثرياء .. بالتالى فأن اعلان تفاصيل منتج فاخر وسعره هو خطأ تسويقى مهنى واضح .. لا يخدم الشركه المسوقه ابدا بل يضرها
بترتيب الحقائق أعلاه .. و بتطبيقه على اعلان الراديو عن شاليهات أرخصها بمبلغ ثلاثمائة الف جنيه نجد التالى
المسوق لم يخاطب شريحة المجتمع المستهدفه للشراء مطلقا .. بل خاطب المجتمع كله بأكمله ..علما بأن المجتمع لا يحوى أكثر من 5% منه قادرين على شراء مثل هذا المنتج .. المسوق أذا ارتكب خطأ فى التسويق ؟؟ أم أنه فعلا كان برسالته ( الأعلانيه ) يستهدف المجتمع كله ؟؟ يستهدف أن يعلم 95% من المصريين أن هناك سلعا يشتريها 5% من المصريين و الباقون لا يستطيعون حتى أن يحلمو بأن يشتروها ؟؟
ماذا كان هدف المسوق هنا من هذا الأعلان هل حقا كان يهف لتسويق منتجه ؟ ام كان يهدف لأرسال رسالة يأس لأغلبية المصريين ؟
المسوق فى الأعلان اعلاه لم يخاطب الحاسه البشريه التى على اساسها يمكن أن يبنى قرار الشراء .. حاسة البصر .. فمستحيل تخيل أن انساسنا يشترى عقار بمئات الآلاف ألا لو رأى على الأقل صوره له او نموذج واضح لتفاصيله .. أما مخاطبة حاسة السمع ؟؟ فتلك عجيبه من العجائب .. و أعود فأتسائل .. هل كان المسوق يرغب فعلا فى بيع منتجاته ؟؟ هل كان يخاطب عملاء مستهدفين فعلا ؟؟ أم كان يرسل رساله للمجتمع كله مفادها ..
أنتم عاجزون عن مجرد الحلم بامتلاك منتجاتنا .. ؟؟ هل كان الأعلان فعلا بغرض تحقيق مبيعات ؟؟ ام كان لغرض آخر ؟؟
المسوق ايضا خالف حتى قواعد شريحة عملائه حين قرر أن يعلن عن تفاصيل المنتج الفاخر على الملأ كله .. كما قلنا من يشترى منتجا مترفا فاخرا من نوعية شاليه للسياحه اسبوعين فى السنه .. يهمه أن لا يعلم تفاصيله ألا من هم من نفس مستواه الأجتماعى و المالى
اذا .. هل كان المسوق فعلا يرغب فى تسويق منتجه ؟ أم انه كان ينفر عملائه المحتملين من الشراء بعد أن حرمهم من التميز الأجتماعى و الغموض اللازم للطبقه الثريه ؟؟؟
ماذا كان يفعل المسوق بالظبط فى هذا الأعلان ؟؟
ما هى أهدافه الحقيقيه ؟ اذا كان كل ما فعله يتنافى مع القواعد العلميه لعلم التسوق و فنونه ؟؟
كيف كان هذا المسوق يرى المجتمع المصرى و شرائحه ؟؟
يال الهول .. كيف كان يرى المسوق شرائح المجتمع المصرى ؟؟ هذا السؤال يحمل الأجابه على كل ما فات .. نعم .. سؤال فيه كل الأجابه .. كيف يرى المسوق شرائح المجتمع المصرى ؟؟
ببساطه .. المسوق .. و صاحب الشركه .. و ايضا عملائهم .. كانو لا يرون .. أينعم .. لا يورن فى المجتمع المصرى .. سوى أنفسهم .. و طبقتهم الثريه فقط
حقا هذا ما يفسر كل شىء .. المسوق كان يعلم أن زبائنه المعدودين على اصابع اليدين هم مهنيون أو رجال اعمال يستمعون للراديو صباحا كموضة تلك الأيام .. و المسوق أراد أن يسمعهم اسم المنتج الذى يشترونه .. و يعلم أنهم فورا سيلتقطون هواتفهم الغاليه و يكلمون بعضهم بعضا عن تفاصيل صفقاتهم العقاريه بمئات الآلاف من الجنيهات .. و سيروجون لمنتجه أكثر بالاتصال بمزيد من ألاصدقاء من عينتهم و طبقتهم للشراء أيضا .. ليكونو جيرانا للأثرياء فى المتجع الفاخر
ماذا عن بقية مستمعى الراديو البالغ عددهم قرابة التسعون كمليون فردا لا يملكون ثمن هذا المنتج ولا حتى يحلمون بشرائه ؟؟ ماذا عنهم .. .؟؟؟
ببساطه شديده ..طبقة العملاء المترفين .. و الشركات التى تبيع للمترفين .. لا ترى فى مصر سوى طبقتهم فقط .. أما بقية الأغلبيه
الجارفه من الشعب .. فهم هاموش .. مجرد هاموش .. لا يأخذ فى الحسبان حتى لو كان حيا يمشى على قدميه
و للاسف .. و بعد ثورتين أطاحتا بحاكمين للبلاد و نظامى حكمهما .. مازلت اطالع نفس النوعيه من الأعلانات !!!و كأن درسا صعبا لم يتلقاه هذا المجتمع
ماسبق كان تمهيد لما أعتزم كتابته لاحقا .. محاولا تفسير ما حدث فى عهد حرم فيه المصريون أولا من الأمل فى تحقيق الأحلام .. ثم حرمو من مجرد القدره على الحلم ..
عهد القى فيه خيرة شباب مصر أنفسهم فى قوارب قراصنه تعبر بهم للشاطىء الأخر من البحر أو يموتون غرقا .. فقد استوى عندهم احتمال الموت باحتمال الحياه فى مصر
عهد تزاوج فيه المال و السلطه بأسلوب لم تعرفه مصر حتى فى عهد المماليك الذى انتهى باحتلال فرنسى ثم .. بثوره حقيقيه جائت بمؤسس مصر الحديثه على رأس السلطه .. محمد على باشا
للحديث بقيه و الله المستعان
4 Comments:
الاعلام والتعليم والفقر والاغتراب عوامل كلها ادت لما حدث من الخراب
سأعلق هنا لأنني اشتقت الى "هنا" الى هذا المكان الذي دونا فيه أمنياتنا ومخاوفنا وأحلامنا...الكثير من الأحداث مرت منذ تركنا هذا الركن وعسى العودة اليه الأن تعيدنا الى ذواتنا , كما أنني أؤمن أن مصر ابتدت مشوار العودة الى بهائها
عشتار
عشتار .. يا رفيقة العقل و القلب من الزمن الجميل
أنا ايضا اشتقت الى ( هنا) جدا .. و مشوار العوده للبهاء بدا بالفعل .. لو تعلمين الثمن الذى دفعناه .. لكن الحمد لله .. المشوار بدأ و لن نتوقف حتى نرد مرنا الى مكانتها التى تستحقها
؟؟
ماذا كان هدف المسوق هنا من هذا الأعلان هل حقا كان يهف لتسويق منتجه ؟ ام كان
يهدف لأرسال رسالة يأس لأغلبية المصريين
ياصديقى انه كان ومازال يهدف الى تعميق تمزيق شرائح المجتمع
Post a Comment
<< Home