ما الذى انهزم فى 73 ؟؟
ما الذى انهزم عام 73 ؟؟
---------------
فى العام 1982 كنت اذاكر مع اصدقائى فى بيتى موضوع ( سلاح البترول ) فى حرب 73 كجزء من مادة الموارد الأقتصاديه .. طبعا كلامى و زملائى كان تكرارا لما تعلمناه عن قوة المورد الاقتصادى فى الحروب و قدرته على الحسم .. و مؤكد جميعنا كنا متفقين على الفخر بالأنتصار .. أولا بالسلاح النارى فى الحرب ثم الحسم الدولى النهائى بسلاح البترول
يومها دخل علينا أبى رحمة الله عليه و قد استمع لنهاية نقاشنا .. و قال بالحرف الواحد :
( خدو بالكو .. السلاح بينتصر لحضارة الى بيستعمله )
و كان رحمة الله عليه فى منصب رسمى يتيح له الأطلاع على الكثير من الأسرار و الخبايا .. و لما قال ما قال .. و رأى اندهاشا فى اعيننا نحن حدثاء العهد بالسياسه و الأقتصاد .. فاستفاض فى الشرح و قال ما معناه .. ان انتصار مصر بالسلاح .. نصر لحضارتها و عقيدتها المبنيه على العلم و العمل و الاصرار و مقاومة اليأس و تحويل الهزيمه الى انتصار .. بينما الأنتصار بسلاح ( البترول ) فهو انتصار لقيمة الريع .. أى استغلال ما يخرج من باطن الأرض بلا جهد .. مجرد انتفاع بهبه الهيه بلا أى عمل .. تماما كالفارق بين من ينجح فى تكوين ثروه بالعلم و العمل .. و من يحصل على ذات الثروه فى مكسب باليانصيب .. الأول حقق احلامه بالعلم و العمل و الجهد و الجديه .. و الثانى تحققت احلامه بضربة حظ .. لا دخل لعلم و لا عمل فيها ..
لم نفهم كثيرا مما قال .. فاكمل محاولا أن يشرح أكثر .. فقال : احذرو انتصارا جاء بسلاح توافر بضربة حظ كالبترول .. سلاح جاء فى يد من يملكه بلا جهد منه ولا عمل .. فالأنتصار بهذا السلاح يقتل ( قيم ) و ( مبادىء ) المحاربين بالعلم و العمل و الصبر و العرق و الدم
سلاح البترول انتصر للعرب حقا .. لكن انتصرت معه ( قيمة ) الريع و الكسب بلا جهد على قيمة العمل و العلم
..........
اليوم أتذكر كلمات ابى رحمة الله عليه .. و انا اشاهد أتباع البداوه و انصار الخلافه الوراثيه و التواكل بلا عمل .. بتنصلون من انتصار مصر على اسرائيل .. و ينكرون كل جهد و دم و عرق بذله المصريون لتحقيق الأنتصار ..
اتذكر قولة الراحل رحمة الله عليه و أنا ارى ( قيم ) رعاة البدو تقاوم ( قيم ) العمل و الشجاعه و العلم و الجهد و البذل و التضحيه .. فالرعاه سينقرضون أذا انتصرت قيم المصريين .. فبعد أن انتصرت قيم البداوه منذ استخدامهم لسلاح البترول و ما ابتلينا به بعدها من انكسار قيمة العلم و العمل و انتصار الكسب العاجل السريع ( من الريان الى المستريح ) تعود اليوم قيم المصريين تحاول استرداد مكانتها فى وعى المجتمع .. و هو ما يعنى بالحتميه نهاية عهد النقل لا العقل .. و انهزام سلطات ( الشيوخ و المشايخ ) المطلقه على المجتمع منذ نهاية السبعينات
يا سادة أن أنكار انصار البداوه لأنتصار مصر هو نوع من الدفاع عن النفس .. فانتصار قيم العلم و العمل المصرى هو فناء البدو و ممالكم الموروثه
رحمة الله على أبى .. كان حكيما .. و لم افهم كلماته وقت ان قالها