فارس قديم

احلام و أوهام و أمنيات .. أليست كل المبادىء كذلك ..؟ حتى أخلاقيات الفرسان

Name:
Location: cairo, Egypt

قد أكون أكبر المدونين سنا ..ما أكتبه هنا بدأته منذ سنوات فى دفاترى .. كتبت لنفسى .. و لأولادى حين يستطيعوا استيعاب ماكتبت .. رأيت أن لامانع من نشر بعض مافى الدفاتر .. فى حريه تااااامه

Friday, July 25, 2014

فى فقه الثورات المصريه ... تراكم الوعى الجمعى فى مواجهة مماليك الشر

فى العام 1801 انسحبت الحمله الفرنسيه من مصر 
تاركة خلفها مطبعه و افكارا جديده حول الدوله الحديثه و نواة تنظيم حياه مدنيه و أيضا .. خرابا يتمثل فى بلد عظيم و شعب عبقرى غارق فى  فوضى عارمه يتنازعهم قوتين شريرتين هما 
مماليك ابراهيم بك أنصار الخلافه الدينيه ( متمثله فى خليفة المسلمين العثمانى )و
مماليك محمد بك الكبير أنصار الأستعمار الغربى ( متمثلا فى الأسطول البريطانى المرابض عند الثغور الشماليه للبلاد (و
تغرق مصر فى فوضى عارمه لثلاث سنوات .. انسحبت فيها الدوله المصريه من أغلب مناحى الحياه ماعدى البطش بالمصريين , فالقضاء بين أيدى مشايخ أغلبهم لم يدرس شرعا ولا قضاء و أن حكم القاضى فلا قوة تنفذ الحكم .. النشاط الاقتصادى حر تماما من أى قيود بلا أى تدخل من جانب الحكام .. فلا ردع لمحتكر و لا ترهيب لغشاش .. بل أن ( أثرياء ) البلاد شرعو فى رشوة الميليشيات المتناحره وتمويل قدرتهم العسكريه لشراء سطوتهم مقابل حماية مصالح التجار فقط و الحصول على امتيازات اقتصاديه و صار الوضع تطبيقا بالغ الوضوح لحالة ( سيطرة راس المال على الحكم ) بلا أى قواعد سوى مصالح الأثرياء 
فى محاوله من ( الخليفه العثمانى ) مستفيدا من بقايا ( شرعيته الدينيه ) يقوم بتعيين خورشيد باشا حاكما لمصر عام 1804 .. و استنادا ل (الشرعيه ) الدينيه . يأتى خورشيد باشا ليعيث فى أرض مصر فسادا أبشع حتى من فساد المماليك السابقين فيتنازع مصر و شعبها ثلاثة ميليشيات شريره بدلا من اثنتين .. و تصير الحياه فى مصر جحيما لا يطاق .. و تبدأ ثورة المصريين الأولى من نوعها ضد الظلم و الطغيان و البطش 
و بفطرة المصريين الموروثه منذ عهد الفراعنه يوقن المصريون أن حقهم فى الحياه سيظل مجرد حلم لا يتحقق بلا قوه تحميه .. و فورا و بأجماع شعبى غير مسبوق فى التاريخ المصرى المعروف يقرر المصريون تكليف القوه العسكريه الملتزمه الوحيده الباقيه فى مصر .. القوه التى لم تنخرط فى صراع السلطه و لم تبع نفسها للمال .. الفرقه الألبانيه بقيادة محمد على باشا  .. و يقوم الشعب المصرى العظيم لأول مره فى تاريخه الحديث باختيار حاكمه صاحب القدره العسكريه الشريفه الأمينه عام 1805 و يرضخ الخليفه العثمانى صاحب الشرعيه الدينيه لأمر الشعب المصرى و يعترف بمحمد على باشا حاكما على مصر 

و بمقاييس عصره يواجه محمد على باشا طرفى الشر المستطير المحيق بالبلاد متمثلا فى 
مماليك دولة الخلافه الدينيه 
و مماليك الاستعمار الغربى 
و مع المواجهه و مجرياتها و تفاصيلها يصير بناء مصر الحديثه معتمدا ثلاث محاور رئيسيه ( وفقا لوجهة نظر كاتب المقال ) ترتيبهم كالتالى 
أولا : بناء جيش وطنى قوى يتم فيه تجنيد أبناء المصريين لأستعادة احساس المصريين بقوميتهم المتميزه بدلا من الغرق فى تبعيه دينيه تذيب خصوصيتهم و تقضى على حضارتهم أو الغرق فى تبعيه استعمار غربى يكسر نفس المصريين من اساسه , و يكون الجيش الوطنى الأول فى العصر الحديث مدربا بالنظم الحديثه على يد جنرال فرنسى من خبراء الحمله الفرنسيه هو سليمان باشا الفرنساوى و تكون أول كليه حربيه مصريه فى اسوان مع مدارس للمدفعيه و فن البحر و الفرسان فى مدن الصعيد و ثغور الأسكندريه و السويس.. هذا الجيش الذى سيبلى بلاء حسنا في اعوام تاليه و يتمكن من فرض السيطره المصريه على أراض تمتد من شمال اليونان وجزيرة كريت و الشام كلها حتى حدود عاصمة الخلافه ألى منابع النيل فيما يسمى حاليا بأوغندا  

ثانيا : الأنفتاح العلمى على الدول المتقدمه و ارسال البعثات و استقدام العلماء للتدريس مع التوسع فى أنشاء مدارس و كليات تعلم أبناء المصرين و تخدم الأنشطه الأقتصاديه الحديثه من صناعات ثقيله و دقيقه و زراعه و عمران 

 ثالثا : ( و أظنه الأهم ) يستقدم محمد على عددا من خبراء الأقتصاد و الأداره المنتمين لجماعه السان سيمينيون .. نسبة للكونت كلود   هنرى دور فوروا 
هى الجماعه صاحبة الفكر الحديث وقتها فى نظرية الدوله و التى تقضى بحتمية ان تتولى الدوله تنظيم الأنتاج و النشاط الاقتصادى و  تعهد للقادرين بأدراة النشاط لصالح المجموع مع توجه ( بصيغة عصر سان سيمون ) يقضى بضرورة تملك الدوله لمشاريع تدر لها  دخلا يكفى للأنفاق على الحكم و ليس فقط البقاء فى موقف جابى الضرائب من الشعب و أتاحة تكافؤ الفرص بين ابناء الشعب وفقا للكفائه و القدرات العلميه و العمليه  
جدير بالذكر أن أحد أتباع تلك المدرسه كان فرديناند دليسيبس مؤسس شركة قناة السويس المصريه التى كان من شأنها أدرار دخل هائل لمصر يكفى لتمويل تطويرها لولا سقوط اسهم الشركه فى يد بنوك أجنبيه نظرا للتوسع فى الأستدانه فى عصور لاحقه .. علما بأن قناة السويس حاليا تمثل ركيزة الدخل القومى المصرى فى العصر الحديث 

و بهذا الفكر تخرج مصر من ( سيطرة راس المال على الحكم ) الى وضع اقرب ما يكون لسيطرة الحكم على راس المال .. و تبدأ الحياه الأقتصاديه و الأجتماعيه للمصريين فى اتخاذ مسار التقدم و النهضه الحقيقيه 

منذ العام 1848 عام وفاة محمد على باشا و حتى العام 1952 تجرى فى النهر مياه كثيره و و سبحان من يغير ولا يتغير .. فيكون أول وريث من أحفاد محمد على باشا ( بعد ولديه ابراهيم و عمر طوسون ) هو عباس حلمى الأول . المولود فى مدينة جده ( حين كانت الحجاز أماره مصريه ) و صاحب الميول الدينيه المتطرفه و الميال للمذهب الوهابى الذى حاربه جده و أعمامه من قبل !!! بل يقوم عباس حلمى الأول بتهريب احد أبناء محمد بن عبد الوهاب من السجون المصريه و يأمر بأنشاء جماعة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر فى مصر فور توليه الحكم !!! .. فترة حكمه لم تطل أكثر من ستة سنوات و اغتيل فى قصره ببنها و توالت الأحوال و الخطوب  على البلاد بين انصارات و انكسارات لكن دوما كانت تتنازع مصر قوتين شريرتين هما 
ميليشيات التطرف الدينى و انصارهم 
و ميليشيات التبعيه للغرب و انصارهم 
و فى العام 1952 كان الحال فى مصر ملخصه كما توضح أسباب ثورة 23 يوليو كالتالى 
سيطرة راس المال على الحكم و سيطرة النظام الأقطاعى على الحياه الاقتصاديه و الأجتماعيه 
سقوط مصر تحت الاستعمار الأجنبى و سيطرة الأجانب على أهم موارد الدوله المصريه المتمثله فى قناة السويس 
فساد الحياه النيابيه و البرلمانيه 

و هنا يكون تبادل الأدوار بين شطرى الدوله المصريه الجيش و الشعب .. فبعد أن خرج الشعب مطالبا القوه العسكريه بالأنتصار له فى 1805 .. يتحرك الجيش المصرى فى 1952 و بفطرة المصريين من عهد الملك المحارب مينا .. يتحرك الشعب مناصرا جيشه و تكون مطالب الثوره وقتها كالتالى 
القضاء على الأقطاع و سيطرة راس المال على الحكم 
القضاء على الأستعمار الأجنبى 
أقامة حياه ديموقراطيه سليمه
أقامة جيش وطنى قوى 
تحقيق العداله الأجتماعيه 

و منذ العام 1952 تجرى مياه كثيره فى النهر و تتوالى حوادث و خطوب ..و تتحقق بعض أهداف الثوره و تنتكس فى بعضها فالعهد كان جديدا بالنظام الجمهورى كله .. و المحرك الأساسى للمصير المصرى تم تحييده لفترات ( الشعب ) و منعه من المشاركه فى القرارات المصيريه . لكن باختصار يمكن توصيف الجمهوريتين الأولتين ( جمهورية ناصر و جمهورية السادات ) من وجهة نظر كاتب المقال على النحو التالى 
فى جمهورية ناصر تحقق جلاء الأستعمار و استرداد قناة السويس المصريه فى بدايات العهد ..  و عادت الدوله لممارسة دورها فى الخياه القتصاديه لكن بمبالغه رعناء .. اضطرت الحاكم فى مرحله من المراحل الى ( رشوة ) الشعب بالرخاء و الأمن الاقتصادى مقابل تنازل الشعب عن جزء كبير من حريته و مشاركته فى تقرير مصير البلاد .. فكما تم أنشاء القطاع العام الأنتاجى العظيم و تحقيق  طفرات فى معدلات التنميه تم ايضا فتح المعتقلات و السيطره الأمنيه على حريات الافراد خصوصا فى حقوق الممارسه السياسيه .. صحيح أنه تم القضاء ( مؤقتا) على ميليشيات التطرف الدينى المتمثله فى الأخوان المسلمين لكن تم أيضا اسكات كل اصوات الفكر السياسى المتنوع ودخلت مصر عصر التنظيم السياسى الواحد الأوحد ( الأتحاد الاشتراكى ) مع حل جميع الأحزاب السياسيه بل و تجريم ممارسة (  الفكر ) السياسى خارج تنظيم الدوله مع اصدرا تشريعات تخص نظم العمل و قواعده كانت تصب فى خانة رشوة الشعب للحفاظ على شعبية الرئيس و التضحيه بعلاقة العامل بالعمل فانخفضت الأنتاجيه و بدأ الفساد الأدارى مع اعتماد قاعدة تولية أهل الثقه بدلا من أهل الخبره و الكفائه 
و انتهى عصر ناصر بعودة الأستعمار بصوره اكثر سفورا باحتلال سيناء و اغلاق قناة السويس بعد عودة ملكيتها لمصر مع 
خسائر اقتصاديه فادحه و اغراق فى ديون و ايضا بداية تلف الحياه السياسيه و النيابيه 

فى جمهورية السادات تحقق جلاء الاستعمار تماما فى حرب 1973 العظيمه .. و تحررت أرض مصر كلها لاحقا جراء الأنتصار فى تلك الحرب و أعيد افتتاح قناة السويس المصريه , لكن منذ العام 1974 يعلن راس الدوله أن ( أوراق اللعبه فى يد أميركا ) فنسقط فى التبعيه رغم تحررنا من الأستعمار .. و مع عجز ادارة الحكم عن التعامل مع مشكلة الديون و تلف أدارة القطاع العام , و بدلا من تدعيم قدرات الدوله الأقتصاديه و اصلاح  تشريعات الأفساد الأدارى و محاولة أصلاح علاقات العامل بعمله لرفع الأنتاجيه .. بدأ انسحاب الدوله من النشاط الاقتصادى تماما فى ظل قوانين انفتاح غير مدروسه .. فغرق الشعب فى ضغوط اقتصاديه عصفت بالقيم قبل أن تعصف بالثروات .. و بدأت معارضه عنيفه تظهر لتقاوم فكرة الدوله الرخوه فلم يجد رئيس البلاد حلا سوى أن يفتح ابوبا السجون لميليشيات التطرف الدينى التى كادت تنقرض من مصر ليستعيض عنهم بالأتحاد الأشتراكى لمواجهة المعارضه بعد أن تم حل الأتحاد الأشتراكى لا لفساده فقط لكن ايضا كخطوه هامه فى انسحاب الدوله من مسؤوليتها فى حل المشكلات الاقتصاديه .. و مع تعديل الدستور المصرى فى أبشع جريمه فى حق المصريين فى العصر الحديث بحيث يتيح الدستور لرئيس البلاد البقاء فى الحكم  مدى الحياه .. شعر المصريون مره أخرى بأنهم مهددين بالأرهاب الأعمى من الميليشيات الدينيه .. و ايضا تابعين لميليشيات استعمار غربى غير صريح
و كما أن الجزاء من صنف العمل .. يستشهد الرئيس السادات على يد نفس الوحش الذى اطلقه على المصريين ليقضو على هامش الحريه الذى حلمو به .. و يكون الأستقطاب البشع فى العصر التالى 

جمهورية مبارك بدأت بحادث مصرع السادات ..و يتحول نموذج ( البقره الضاحكه ) ألى رئيس دوله عظمى غارقه فى أرهاب بشع .. بوعى الشعب و أحساسه الفطرى بالمسؤوليه يصبر الشعب على قانون طوارىء بغيض على أمل نجاتهم من الأرهاب الاسود الىذى عصف بالبلاد وقتها .. يبدأ الأرهاب فى الأنكماش بقبضه أمنيه غاشمه دون أى معالجه للكارثه الأجتماعيه و حالة الأستقطاب المرعب .. و يستمر انسجاب الدوله الى مزيد من الحاله الرخوه .. فيكون توظيف الأموال حلا بارعا فى عبقريته .. فهو يكفل دخلا ريعيا للمصريين بدون جهد حقيقى و ايضا يحقق لهم الرضا النفسى وفقا لمبادئ الاستقطاب الدينى .. فالربح حلال بدون مجهود .. و يتسع نطاق الأستقطاب الدينى .. و رغم ارتماء راس الحكم فى معسكر مماليك الاستعمار الغربى ألا انه لا يقوى على مواجهة معسكر مماليك التطرف الدينى بشكل حقيقى .. فراس الحكم فارغ فاقد المواهب منخفض الشعبيه .. و يستمر نفاق الشعب و رشوته بدعم يغرق الشعب فى ديون غير مسبوقه .. و لعشرون عاما من حكم مبارك كان الشعب مازال يرى أملا فى اصلاح المنظومه .. فمساحة (الكلام ) بحريه صارت غير مسبوقه .. صحيح هو مجرد كلام لكن طعم الحريه يلوح فى ألأفق .. الى ان تمت الأطاحه بالدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء المحبوب متزامنا مع الأطاحه بعمرو موسى وزير الخارجيه ذو الشعبيه و بعيد الأطاحه بالمشير عبد الحليم ابو غزاله وزير الدفاع المحبوب أيضا .. و تبدأ نوايا الحاكم فى الأتضاح .. هو راسخ فى مكانه لن يتركه ألا لأبنه فاقد المواهب أيضا .. و بعد أن كانت الدوله تمارس الأنسحاب من حياة المصريين .. بدأت الدوله فى ممارسة الأختفاء من حياة المصريين تماما .. و تبدأ الخصخصه البذيئه 
و تبدأ مماليك الغرب فى الأنتشار و السيطره .. فاصدقاء الوريث الخائب ينتشرون و يسيطرون .. من مديرى بنوك ألى وزراء ألى مفوضين لتصفية شركات القطاع العام التى بناها المصريون بعرقهم فى عهد الجمهوريه الأولى .. و يبدأ الوريث الخائب فى التوغل حتى فى سيادة الدوله فيبدأ بوزارة الأعلام السياديه .. فيسن قوانين تسمح لرجال الأعمال بأنشاء محطات فضائيه واسعة الأنتشار و جرائد مملوكه لهم ليس فقط لترويج سلعهم لكن .. لترويج افكارهم .. و تسقط عملية تصعيد النخب المصريه كلها فى يد رجال أعمال جمال مبارك .. المسيطرين على البرلمان و الأعلام و الاقتصاد 
و يكون سيطرة راس المال على الحكم فى أبشع صورها .. فالنخب كلها بلا استثناء تمت رشوتها بتشريعات جمال مبارك التى أتاحت لهم التمويل الخارجى تاره تحت بند حقوق الأنسان و تاره تحت بند جمعيات اهليه
و بعد أن كان تلقى اموال من الخارج مقابل ارسال تقارير عن مصر يسمى بالقانون خيانه .. صار متاحا بقوانين اصدرها برلمان جمال مبارك تحت بند جمعيات المجتمع المدنى 
و بعد أن كان ستار الجواسيس هو(منظمات السلام العالمى ) صار غطاؤهم هو منظمات حقوق الأنسان 
و فى خديعه بشعه .. يتحالف مماليك معسكر الأستعمار الغربى مع مماليك معسكر الدوله الدينيه .. فيعلن مرشد الأخوان انه لا مانع لديه من ترشح جمال مبارك للرياسه .. و يكافئه مبارك بارسال شباب الأخوان للتدرب فى صربيا مشتركين مع شباب جيل المستقبل من لجنة السياسات و بعض قيادات ميليشيات المرتزقه مثل 6 ابريل و الأناركيين و الاشتراكيين الثورين .. جميعهم كانو تحت أشراف جمال مبارك و لجنة سياساته ووزارة داخليته 
دوله ناصر قايضت عيش الشعب بحريته .. و دولة السادات قايضت انتصار الدوله بالحريه .. دولة مبارك و ابنه الخائب سلبت المصريين حريتهم و عيشهم و أمنهم و كرامتهم و لم تعطهم شيئا قط

و يكون الغضب المتراكم .. و تكون لحظة الأنفجار فى 25 يناير 2011 .. انفجار شعبى حقيقى أخرج ملايين المصريين من بيوتهم كارهين و رافضين لحكم مبارك .. لكن الأغلبيه لم يدر بخلدها ابدا ان تكون أزاحة مبارك الفاسد ثمنها تدمير دولتهم العريقه .. ينحاز الجيش لأغلبية الشعب تماما كما حدث فى 1805 .. لكن مع وعى القلب الصلب للدوله المصريه بطبيعة مؤامرة مماليك الجناجين الشريرين (مماليك الدوله الدينيه و مماليك الدوله التابعه للغرب ) يكون العمل سرا و علانيه .. و فى عام واحد يسقط الشعب فى أخطاء كبيره نتيجه لتزييف وعيه بأعلام رجال الأعمال الموالين جميعهم بلا استثناء لمعسكر من معسكرى الشر .. فيوافق الشعب على دستور عجيب و ينتخب برلمانا متخلفا من القرون الوسطى ثم ينتخب رئيسا مجرما عتيدا فى الأجرام .. سنه كامله هى لحظه فى عمر الشعوب .. و يستدعى الشعب العبقرى موروثه الفطرى العريق .. و يفيق من كبوته .. و يتخلص من قيود الوعى التى فرضها عليه أعلام خائن مرتشى فى مجمله .. و يتحرك الشعب بأغلبيه ساحقه فى 30 يونيو 2013 .. تماما كما تحرك فى 1805 مطالبا قواته المسلحه الملتزمه بتنفيذ أرادة الشعب .. و يكون النداء .. فيكون الجواب .. و يتحرك جيش المصريين حقا ليزيح الغمه .. و يهزم جحافل المماليك الأشرار الذين ربضو فى غفوه من الزمان على قلوب المصريين .. توحد جناحى الشر لأول مره ضد مصر .. مماليك الدوله الدينيه و مماليك الأستعمار الغربى .. كلاهما ضد مصر .. لكن بفضل الله .. انتصر الشعب المصرى و جيشه فى المعركه الأولى 
و يتم انتخاب الرئيس المحبوب عبد الفتاح السيسى .. ليتسلم البلاد فى وضع ملخصه كالتالى 

سيطرة راس المال على الحكم و على آليات سيادة الدوله و أهمها الأعلام .. فيعيث راس المال فسادا فى البلاد و يشيع احساسا بالظلم بين العباد و يمارس أعلامهم التضليل و تزييف الوعى لتفتيت بلادنا الحبيبه 
فساد الحياه النيابيه و السياسيه فالاحزاب كلها بلا معنى ولا هدف و جميع النخب التى قدمها أعلام رجال الأعمال ملوثة ايديهم بمال التمويل ألأجنبى 
جيل كامل من شباب مصر نشأ فى ظل حكم الفاسد مبارك و صار الشاب حين ينهى تعليمه لا يحلم بوظيفه ولا منصب ولا حتى مال فى بلاده .. بل يحلم بالهجره على أول مركب قراصنه تحمله فى البحر .فالموت فى البحر غرقا أهون لهذا الجيل من العيش فى دولة مبارك الفاسد أو مرسى الخائن 
دوله انسحبت تماما من حياة المصريين فلا تدخل فى الاقتصاد ولا الوعى ولا التعليم ولا العلاج .. دوله كانت رخوه فى عهد السادات ثم صارت مختفيه فى عهد مبارك و ابنه من بعده 
خزانه غارقه فى ديون تم تبديدها كلها بلا طائل على شراء مماليك لمعسكر جمال مبارك بتعيين مستشاريين يمسكون مفاصل الدوله و يتسلمون رواتب خياليه كل شهر .. و دعم لم يصل يوما لمستحقيه و بنيه اساسيه منهاره فى تعليم و طاقه و صحه 

لكن أهم ما يتسلمه الرئيس اليوم فى مصر هو 
 جيش وطنى قوى متماسك متقدم المكانه فى العالم و جهاز مخابرات بارع يحمل كنوزا من المعلومات 
شعب أتم نضج نفسه بنفسه فى اربع سنوات صعبه .. شعب ايقن أنه يملك بلاده و يشارك فى حكمها و مسؤولية ادارتها و مستعد لتقديم الغالى و النفيس فقط .. حتى يظل علم مصر مرفوعا مهابا .. شعب عريق عبقرى قادر على استيعاب الظروف كلها و العمل و التقدم فقط أذا وجد الأراده السياسيه لدى قيادته و لمس الأمانه فى من يتولى أمره 

ارى ( وهى وجهة نظرى الشخصيه ) ان ثورة المصريين فى 30 يونيو 2013 هى امتداد لحراك شعبى بدأ منذ 1805 و استمر فى مد و جذر .. انتصار و انتكاس .. مواجهه و تراجع .. لكن فى كل مراحله كان وعى المصريين يتراكم و ضميرهم الجمعى يزداد نضوجا .. و أظن أن المصريون الأن جاهزون للمواجهه لتحقيق حلمهم بالدولة العظمى العادله .. الحلم الذى بدأ منذ العام 1805 و مازال فى وجدان المصريين حتى تاريخه
و الله المستعان 

Saturday, July 19, 2014

خواطر مبعثره


الحرب الحاليه لم تنتهى ضد مصر .. السلاح الأول الموجه الى نحورنا جميعا هو الأعلام و الأعلان .. كلاهما يرتكب جرائمه مستفيدا من قوانين تم وضعها كلها فى عهد لجنة السياسات الفاسده .. و بفضل تلك القوانين الفاسده المفسده بحجة ( الحريه ) صار من المستحيل أن تواجه (الدوله ) جرائم الأعلام .. لكن الشعب يستطيع مواجهتها .. و بذات القوانين .. القوانين التى تتيح تأسيس جمعيات أهليه يمكنها أن تمارس الدور الدفاعى المطلوب ضد الأعلام المجرم أولا .. دور دفاعى عن ( القيم ) و ( الأخلاق ) و المنظومه الأجتماعيه المصريه .. و الأتفاقيات الدوليه تتيح هذا بوضوح شديد .. فجمعيات أهليه هى من منع الأعلان عن السجائر مثلا حفاظا على النسق الأجتماعى و أخلاق و صحة الشباب .. و جمعيات أهليه هى من اشترط وضع تصنيف أخلاقى على الاعمال الفنيه والأعلانات من أول تصنيف X الى تصنيف XXX لتوضيع مدى الأباحيه فى العمل الأعلامى أو الأعلانى .. جمعيات أهليه هى من يتولى رفع القضايا ضد الأعمال الفنيه المسيئه لأفراد و طوائف و أجهزة دولهم و فى قوانين معاداة الساميه مثل صريح .. و قانون الجمعيات الأهليه الذى وضعته لجنة السياسات حتى الآن .. لم يستفد منه سوى جمعيات الأخوان بعد جمعيات الحزب الوطنى !!!

الحرب الحاليه هى حرب ( الوعى ) و ( الأدراك ) .. لو خرجنا منها منتصرين سنواجه الجيل التالى من الحروب .. و هو جيل جارى الأعداد له من الآن .. الجيل القادم من الحروب سيكون عصبه ( نوعية الفرد ) .. و ( جودة الأداء الفردى ) .. و للتوضيح .. فلنقارن بين جيل الشباب المصريين الحالى ( 60% من الشعب المصرى ) و الجيل المقابل لهم فى اسرائيل .. و نتسائل 
كم كتابا يقرأ الشاب الأسرائيلى فى الشهر ؟ الأجابه 1200 صفحه .. 
كم كتابا يقرأ الشاب المصرى فى الشهر ؟
كم لغه يجيدها الشاب الأسرائيلى فوق سن ال 20 ؟؟ الأجابه لغتين على الاقل 
كم لغه يجيدها الشاب المصرى فوق سن ال 20 ؟
كم كيلو متر يستطيع الشاب الأسرائيلى أن يجريهم فى اليوم ؟ الأجابه سبعه كيلو متر و يتم استدعائه للتدريب العسكرى كل سنه حتى سن الأربعين 
كم كيلو متر يستطيع الشاب المصرى أن يجريهم فى اليوم ؟؟
كم كتابا تترجمه اسرائيل فى الشهر ؟؟ الأجابه 200 كتاب فى المتوسط
كم كتابا تترجمه مصر فى الشهر ؟؟
ما هى نسبة الأميه فى الشباب السرائيلى ؟؟ الأجابه صفر 
ما هى نسبة ا لأميه فى الشباب المصرى ؟
كم هو عدد حالات التحرش فى اسرائيل ؟؟
كم هو عدد حالات التحرش فى مصر ؟؟
كم عدد الشباب الأسرائيلى الهاتف بسقوط جيشه و حكومته ؟؟ الأجابه صفر 
كم عدد الشباب المصرى الهاتف بسقوط جيشه ؟
كم دوله يستطيع الشاب السرائيلى السفر اليها بلا تأشيره مسبقه ؟؟ الأجابه كل العالم ماعدا الدول العربيه 
كم دوله يستطيع الشاب المصرى اسفر اليها بلا تأشيره ؟
كم جامعه اسرائيليه يتعلم فيها الشباب مصنفه ضمن افضل 100جامعه فى العالم ؟؟ الأجابه جامعتين 
كم جامعه يتعلم فيها الشاب المصرى و مصنفه ضمن افضل 500 جامعه فى العالم ؟

الأجابات على الأسئله أعلاه بخصوص الشباب المصرى ( 60% من السكان ) معروفه .. و صادمه .. لكن حقيقتين هامتين وجب ذكرهما هنا الحقيقتين هما 

كل شاب اسرائيلى يتم تجنيده فى الجيش بلا اى استثناء .. الأولاد و الفتيات يخضعون للتدريب العسكرى الألزامى .. علما بأن .. التجنيد فى اسرائيل قبل دخول الجامعات .. اى ان التجنيد يتم بمجرد أتمام الدراسه الثانويه ... و أداء الشاب فى فترة تجنيده يعتبر من مصوغات قبوله فى الجامعه .. 
الشعب الأسرائيلى يدفع ثمن تعليم أبنائه فى الجامعات و بالتالى .. الشعب الأسرائيلى من حقه أن يتم توجيه أنفاقه على التعليم لأفضل أبنائه و أكثرهم وفاءا لبلده و انتماءا لها .. بينما من يتخاذل عن خدمة وطنه أو لا يحترم جيشه .. فعليه أن ينفق على تعليم نفسه بنفسه .. فالشعب الأسرائيلى لا ينفق على ( أعدائه ) من الداخل ليعلمهم 

هل نرى قريبا فى مصر من يطالب بتعديل نظام التعليم الجامعى الذى ننفق عليه من لحمنا الحى .. و يستفيد منه شباب منهم من يريدون حرقنا و حرق مصر و هدم جيشها ؟؟ هل نرى يوما جمعيات أهليه تراقب ما تنفقه الحكومه و تتأكد من أن ( أموالنا ) لا تصل الى جيوب أعدائنا ليتسلحو بالعلم ثم يديرو اسلحتهم ألى نحورنا ؟؟؟ 

السلاح الذى يهاجمنا اليوم هو سلاح ( حرية ) الأعلام و ( حرية ) تأسيس الجمعيات الأهليه و المنظمات ... و هو نفسه السلاح الذى علينا أن نقاوم به فى الحرب الضروس علينا .. فهل من مجيب ؟؟ هل من مبادر من المتخصصين ؟؟ هل من سند لهذا الشعب فى حربه الحاليه و الحرب القادمه ؟؟؟
و الله المستعان 

Wednesday, July 16, 2014

نوايا و خطايا .. فى فقه المسار و التنميه

نتدبر ما حدث 
لنوقن حقيقة ما يحدث 
فنصل الى القدره على تكوين رؤيه دقيقه لما سوف يحدث 

بعض حقائق علينا أن نلقيها أمام أعيننا كما هى .. ولا يهم الترتيب .. كالتالى :

- تكوين أمناء الشرطه وفقا لأسلوب العادلى خلال آخر عشر سنوات فى وزارته حول أمناء الشرطه ألى شوكه فى ظهر الداخليه .. و من ثم شوكه فى ظهر الوطن كله .. تغيير هذا النظام جذريا صار لزاما .. علما بأن 30 سنه فى ظل قانون طوارىء خلقت أجيال كامله من قيادات الشرطه .. لم تمارس عمليا القانون المدنى قط .. فمن تخرج من كلية الشرطه دارسا للقانون عام 1981 .. و حتى العام 2011 .. لم يمارس فى حياته العمليه سوى قانون الطوارىء الأستثنائى و لم يمارس قط القانون المدنى .. ولا يعرف كيف يطبقه بل 
غالبا نسى مواده و قواعده و ضوابطه .. 

- الدخول الريعيه ( العائده من فرض السطوه ) سواء بفرض السطوه على عقارات و أراضى و ( تسقيعها ) أو بفرض السطوه الوظيفيه للحصول على مميزات ماديه ( فى صورة رشاوى و أتاوات ) أو بفرض السطوه السياسيه للحصول على تراخيص اقتصاديه أو احتكار أنشطه ( كأغلب رجال اعمال جمال مبارك و من بعدهم رجال أعمال الشاطر ) . تلك الدخول الريعيه هى المنبع الأساسى للفساد فى الاقتصاد و السياسه .. و أثر تلك الدخول مدمر على أى مجتمع حتى أن دول الخليج ( التى يميزها تعاظم الدخول الريعيه بطبيعتها ) انتبهت لتلك المشكله منذ عقود و جنحت للتعامل معها فى محاولات للأصلاح الأجتماعى 
أى اجراءات اقتصاديه أو سياسيه لا تشتمل على ( تحجيم ) الدخول الريعيه و ( تعظيم ) الدخل الناتج عن القيمه المضافه المترتبه عن عمل و علم و أتقان  ..ستذهب نتائجها سدى فى وقت قريب .. استمرار الريع يكرس استمرار حالة ( الأقطاعيين ) الجدد فى مجالى 
الاقتصاد و السياسه .. لابد من مواجهة تلك الممارسات و بحسم و بسرعه 

- التجربه الناصريه فى التنميه شأنها شأن تجربة محمد على باشا .. كانت أنطلاقة تنميه و تطوير ة نهضه لا مثيل لها . و كان من 
شأنها وضع مصر فى مصاف الدول العظمى حقا و صدقا .. ألا ان التجربه الناصريه سقطت فى فخين أساسيين أديا لفشلها فى النهايه .. 
 الفخ الأول هو ( رشوة الغوغاء ) و استمالة طبقات الشعب بالتدليل و دعم الأنفاق الأستهلاكى مع أتلاف علاقة العامل بالعمل بمنح العمال حقوق لا نهائيه بدون مطالبتهم بأى واجبات 
الفخ الثانى هو الأنغماس فى هموم غير مصريه و بشكل استنزف قدرات الشعب المصرى و الدوله بالكامل .. و أعنى هنا مغامرة احتلال اليمن بغرض ( تحريرها ) 1962 الى 1965 .. و ايضا الأنغماس الأنفعالى الأرعن فى ما يسمى بالقضيه الفلسطينيه .. فصارت مصر فلسطينيه أكثر من الفلسطينيين .. و انتهى الحال لأن متوسط دخل الفلسطينى حاليا و تأمينه الصحى و مستوى تعليمه ارقى بكثير مما يتمتع به المصرى على أرضه .. دون أى عائد يذكر سوى اصابة مصر كلها بخسائر و هزائم تكررت و مازالت 
تتكرر 

- أنور السادات كان بطلا حقيقيا .. حاول تصحيح أخطاء التجربه الناصريه .. فسقط فى ثلاثة أخطاء أخرى مهدت لعصر ظلام دام 
33 عاما بعد أغتياله .. و أخطائه كانت :
 أولا .. تعديل الدستور فيما سمى ب( تعديل الهوانم ) و جعل الرئاسه حكرا على فرد طوال حياة الرئيس .. و هى الماده التى أدت  لركود مصر كلها ثلاثون عاما هى فتره ( تكلس ) حسنى مبارك على كرسى الحكم 
ثانيا .. يقينه بأن خيوط اللعبه فى يد أمريكا .. و هو ما أعطى أمريكا سلطات واسعه للتحكم فى مجريات الأمور فى الشرق الأوسط كله دون أدنى حق ولا حتى قدرات .. و تضائل دور الشعب المصرى و الشعوب العربيه كلها فى أدارة بلادهم و تحديد مصائرهم .. حتى تاريخه 
ثالثا .. استمرارا فى ( رشوة الغوغاء ) تراجع السادات عن الأصلاحات القتصاديه الحتميه من وقته بعد أن أساء تطبيق تلك الصلاحات مره .. و بدأ فى تطوير فكرة ( الدوله الرخوه ) التى تعاظمت بعده بانسحاب الدوله من النشاط الأقتصادى تدريجيا .. حتى وصلت الى مستوى الدوله المتوفيه بعد موت السادات ب 30 سنه 

أما خطايا مبارك و مزاياه . فلها سافرد كتابا لا مجرد مقال .. فمن حق الكل أن يتدبر فيما حدث .. و يوقن حقيقة ما يحدث .. ليصل ألى تصور دقيق لما سوف يحدث بأمر الله ..
و الله المستعان 

Tuesday, July 08, 2014

تقنيات (كسر النفس ) بين الأعلام و الأعلان ... الجريمه الكامله ...

كان شتاء العام 2004 و كنت أباشر عملية تصدير فى احدى مدن الدلتا و اقتضى العمل ان اسافر كل اسبوعين تقريبا لمعاينة العمل و بالتالى كنت اسافر مستخدما الأتوبيس العام من موقف عبود بالقاهره .. اسافر فى اول اتوبيس فى الصباح الباكر .. الرحله تستغرق ساعتين اقضى عملى هناك و أعود لموقف الأتوبيس و اعود للقاهره ظهرا ..و كان سعر التذكره وقتها خمسة جنيهات لا اكثر

..و فى يوم نموذجى للعمل بلسعة برد و شمس مشرقه  فى صباح شتوى ولا أروع .. وقفت فى طابور الحجز و شعور سائد لدى الجميع بتفاؤل بالصباح الشتوى النموذجى .. الكل متجه غالبا لقضاء أعماله و تحيات الصباح المصريه الدافئه تترامى بين رواد المحطه .. فى الطابور كان أمام الشباك امرأه ريفيه متوسطة العمر و معها ولد و بنت اظنهما فى العاشره و التاسعه من العمر تقريبا ..يقف خلف المرأه ريفى عجوز أنيق المظهر فى نموج للعمده الوقور بجلبابه الصوفى و عبائته  .. و اقف انا خلف الرجل ...  المرأه متحفظه كديدن الريفيات من ربيبات العائلات المحترمه .. الولد طفل على مشارف المراهقه و البنت اصغر منه بقليل .. و دار حوار سمعه الجميع بين المرأه المتقدمه لحجز ثلاث تذاكر و بين السيده الموظفه فى شباك الحجز .. الحوار مفاده 
أن سعر التذكره اصبح ستة جنيهات و نصف بدلا من خمس جنيهات المعتاده .. و ذلك لأول اتوبيس يقوم من المحطه نظرا لتطوير الأتوبيس .. و لو رغبت الراكبه فى دفع خمسة جنيهات فقط فى التذكره فعليها الأنتظار نحو ثلاث ساعات فى المحطه لحين موعد قيام الأتوبيس العادى و ليس المطور 
الحوار لم يدم طويلا و لم يحتد مطلقا .. المرأه المتأففه من الزياده المفاجئه فى قيمة التذاكر تضطر لسداد مبلغ 19.5 جنيه .. ( تسعة عشر جنيها و نصف ) ثمن التذاكر الثلاث لها و لأبنها و بنتها .. و موظفة الحجز تعتذر بموده عن الزياده التى لا تملك منها شيئا ..حتى هنا و الأمر بسيط .. لكن حين استدارت المرأه للأنصراف من امام الشباك حدثها ابنها بفرحه قائلا :
هاتى بقى اجيب سندوتشات الفطار زى ما قلتيلى 
( ملحوظه : سندوتشات الفطار فى محطة عبود هى سندوتشات فول او طعميه أى أرخص وجبة أفطار يمكن أن يحصل عليها المواطن المصرى و سعر السندوتش وقتها كان حوالى نصف جنيه فقط )
هنا كانت المفاجأه و محور القصه كلها 
نهرته المرأه بعنف .. و قالت خلاص .. العشرين جنيه الى معايا مش فاضل منهم غير نص جنيه .. مافيش فطار لحد ما نروح .. النص جنيه يادوبك يوصلنا البلد - غالبا تعنى أن قريتها خارج مدينة المحله و ستضطر لركوب مواصله اخرى داخليه لتصل الى بيتها - 
الطفل الجائع لا يعى الموقف .. و يتسمر قليلا متململا و مخاطبا أمه .. بس انا جعان و انتى قلتى هانفطر بعد ما نقطع التذاكر 
 الأم تنفعل فى محاوله منها لمداراة عجزها عن اطعام و لدها و تنهره بل و تدفعه بيدها ليتحرك من الطابور فى  اتجاه الأتوبيس .. قائلة انها لم تملك سوى العشرين جنيه و ان اربعة جنيهات و نصف كانو هم ثمن الأفطار و قد دفعتهم فى التذاكر .. و الولد يقطب جبينه بل و يبدو على وشك البكاء .. فهو فى النهايه طفل .. و يشعر بالجوع و اقل حقوقه كأنسان أن يحصل على أرخص وجبه فى مصر للأفطار 

هنا و بتداعيات الموقف .. يهم العمده الوقور و يمد يده بورقه بعشرة جنيهات للطفل و يحدثه كأنه حفيده قائلا له خد يا ولدى ماتزعلش نفسك هاتلنا كلنا فطار 

ما فعله ( العمده ) هو ما كنت اهم انا نفسى بفعله و أظن أغلب الواقفين فى الطابور .. فطفل جائع منظر لا يمكن أن يتقبله أنسان ابدا .. خصوصا أن طلب الطفل لا يتعدى الجنيهات القليله بأى شكل .. العمده سبقنا فقط فى تقديم المال للطفل 

هنا تبدأ الدراما .. المرأه الريفيه المتحفظه تلتفت للعمده و تنهره بعنف شديد .. طبيعى .. تربيتها المتحفظه تمنعها أصلا من مجرد الحديث مع رجل غريب .. ما بالك أن تقبل منه مالا لأطعامها أو أطعام اطفالها ..  المرأه عزيزة النفس متحفظة التربيه ..تشعر بالعجز عن اطعام طفلها فلذة كبدها و تتألم لكن كبريائها الريفيه و تربيتها المحافظه تدفعها لموقف عدوانى تجاه الرجل العجوز الذى لم يقصد سوى الخير 

تتطور المناقشه و تكاد المرأه تتهم العجوز بالتحرش بها .. و الطفل مندهشا لا يفهم لماذا تمنع عنه أمه طعاما يحتاجه خصوصا أن من يقدم المال هو تقريبا فى سن جد الطفل .. الولد يحاول الحديث .. تحت تأثير الأنفعال و الأحساس بالعجز الشديد .. تندفع المرأه لتلطم ..أبنها فلذة كبدها الجائع على وجهه لطمه وضعت فيها كل أحساسها بالعجز و القهر و أيضا دفاعها عن كرامتها و عزة نفسها .لطمه مزقت نياط قلبها قبل ان تصل الى وجه الطفل الجائع المذهول من قسوة امه الفجائيه 
 .. هنا يتكهرب الجو كله .. الجميع يشعر بألم شديد .. الطفل جائع و أمه عاجزه عن أطعامه رغم مظهر الأصل الطيب البادى على الأم و أطفالها .. العجوز حسن الهندام يشعر بأحراج بالغ فهو لم يفعل ما يستحق أن يقف متهما .. الجميع شاهد الموقف و تألم .. و الطفل ذو الكبرياء يكتم بكاءا حارا احتبس فى حلقه من أثر الجوع و الصفعه المهينه أمام الناس .. الولد أنكسرت نفسه بمعنى الكلمه

موقف شكسبيرى نموذجى .. فليس من أطراف الموقف من أخطأ أبدا .. الموظفه لا تملك ألا تحصيل قيمة التذكره الجديده .. و الأم لا تملك ألا سداد المبلغ و لا تستطيع عندها أطعام طفلها .. والعجوز الأنيق سبق الجميع فى عرض المساعده .. لكن المرأه الريفيه ذات الكبرياء و عزة النفس ترفض أن يطعم غريبا اطفالها .. و تنطق بحكمه قاسيه أن الجوع أهون على الحر من التسول .. لم يخطىء أحد ولا يمكن أن نلقى اللوم على أحد ..
اولاد الحلال و أهمهم سائق الأتوبيس تكرم بأنهاء الموقف بلطف بأن حمل حقيبة المرأه و ادخلها الأتوبيس مع ابنها و ابنتها .. ثم صعد العمده و باقى الركاب وأنا بينهم .. جلستى كانت بجوار الصبى المكسور النفس بلا ذنب ولا جريره ..و لم اتجرأ على النظر الى وجهه مطلقا لكن شعرت بوطأة القهر و الأهانه التى تلقاها هذا الصغير ..
 السائق رغب فى تلطيف الجو قليلا بمجرد التحرك بالأتوبيس و فتح الراديو على محطه من تلك التى تذيع الأغانى باستمرار ولا يتخللها ألا اعلانات .. و بالفعل انسابت اغانى الصباح المرحه التى اشتركت مع شكل الزرع فى اول الطريق الزراعى لتلطيف مشاعر الناس قليلا 
و فى اول فاصل اعلانى صدح صوت فتاه شابه يغرى بحماسه و الحاح أن 
اغتنمو الفرصه الأخيره .. فرصة العمر .. يا بلاش .. 
الحقو الحجز بسرعه فى المرحله التالته من المشروع .. لأن المرحله الأولى و التانيه تم بيعهم بالكامل 
اغتنمو فرصة العمر .. شاليه فى العين السخنه بأسعار اقتصاديه . تبدأ من تلتميت الف جنيه بس 
يابلاش .. ( يرد صوت شاب لا يقل عنها حماسه ) متسائلا بدهشه . تلمتميت الف جنيه بس ؟
فترد الفتاه .. آه و الله تلتميت الف جنيه بس 
لكن المهم تلحقو تحجزو بسرعه .. الشاليهات بتخلص فورا 
ثم تعود الأغانى مره اخرى 

يا الله .. يا الله .. أقسم برب العزه أنى ارتعبت من مجرد لمحه لوجه الولد المصرى الذى اهانه جوعه بسبب اربعة جنيهات و نصف مصروف مفاجىء لأسرته .. الولد المصرى الجميل أهانته أمه أمام الجميع و هو جائع لعجز أسرته ( التى لا يعرف عائلا غيرها ) عن تدبير اربعة جنيهات و نصف فى صبيحة يوم جميل لأفطاره و أخته .. و فى نفس البلد .. على نفس الأرض . و تحت ذات نظام الحكم .. هناك من يسدد ثلاثمائة ألف جنيه لشراء شاليه يستخدمه اسبوعين كل سنه 
نعم .. فى نفس البلد .. و على نفس الأرض .. و فى ظل نفس نظام الحكم .. هناك ولد مصرى تستطيع أسرته أنفاق ثلاثمائة الف جنيه ثمنا لترفيه اسبوعين فى السنه .. و هناك ولد مصرى فى نفس سنه .. تعجز أسرته عن تدبير وجبة افطار له فى صبيحة يوم شتوى رائع بسبب مصروف مفاجىء قدره اربعه جنيهات و نصف .. بل أن تعبير الولد الأخير عن جوعه كان مدعاه لأن يتلقى صفعه مهينه على وجهه أمام الناس .. و الصفعه كانت من أمه الحبيبه التى لا يعرف غيرها عائلا
نعم على نفس الأرض و فى ظل نفس نظام الحكم هناك ولد مصرى يتباهى أمام اصحابه بقدرة اهله على شراء شاليه للترفيه اسبوعين فى السنه بثلاثمائة الف جنيه .. و هناك ولد فى نفس سنه يتوارى خجلا من الجميع بل يتمنى الموت فى التو و اللحظه ليدفن الأهانه التى تلقاها أمام الجميع 
يا لله .. يا الله .. يا رحيم بالعباد 

قلت لنفسى فى لخظتها ولا أدرى كيف قلتها .. قلت : هذا الولد حين يشب و اول ما يشتد عوده .. سيحرق مصر ..سيحرق مصر بكل طاقة القهر و الغضب و الأهانه التى ملأت قلبه الأخضر من سلوك هذا المجتمع و استهلاكه و أنفاقه و ساعتها سيكون صعبا على ان الومه أو أن انظر اليه كمجرم حرق بلدا يعيش فيها  
و ياسبحان الله .. عام 2011 أى حين بلغ هذا الولد ( و امثاله ) السادسة عشر او السابعة عشر . شاهدت بعينى رأسى كما شاهد الجميع .. مراهقون فى نحو السادسة عشر يحرقون المجمع العلمى المصرى 
و يحرقون مولات و مبانى الأسواق و المحلات الفاخره و ينهبون محتوياتها .. و ياسبحان الله

اعود بذكرياتى لنفس اللحظه التى لمحت فيها ابتسامة المرار على وجه الولد المصرى الأسمر .. ابتسامة مرار قطرة منها تسمم أنهار العالم .. مرار يشعر به .. و اكبر من مرارة الولد المح وجه الأم الجالسه فى صف أمامى بجوار ابنتها .. و المح يأسا يغشى نظرتها .. ففلذة كبدها ابن قلبها .. الرجل الذى تتمناه من الدنيا .. انكسرت نفسه على يدها .. نعم حافظت على كرامته و كرامتها .. نعم مارست عزة النفس كما تعلمت .. لكن ابن قلبها .. فلذه حشاها .. انكسرت نفسه و مازال جائعا .. عجز يائس يجتاح وجه المرأه الريفيه .. لا يقطعه سوى عيناها التى رفعتها فى نهاية اليأس الى السماء .. و لمحت شفتيها تتمتم أن ( ياااااارب ) ثم حولت نظرى عنها مع بادرة اول دمعه ستنزل من عينيها 

كان صباحا شتويا نموذجيا نعم .. و كان حدث شيكسبيرى حقا لا يمكن فيه لوم أحد بعينه على ماحدث .. لكن الحدث و توابعه كانو سببا فى أن اعود لفتح بوابه فى عقلى . .. و بحكم التخصص و التكوين .. تقفز الأسئله الى  رأسى و تلح على تطلب أجابات .. و كلما أجبت كلما ظهرت المزيد من الأسئله .. و فى تلك اللحظه كانت بداية الرؤيه بالنسبة لى .. كأنها كانت لحظة كشف .. رؤيه اتسائل فيها عما حدث ؟ و كيف حدث ؟ و لماذا ؟؟ 
و اليوم بعد مرور عشر سنوات على هذا الحدث المفصلى فى رؤيتى لما يحدث فى بلادى .. ارانى مسؤولا عن أن اطرح الأسئله و بعض من أجابتها المحيره على الجميع .. اسجل رؤيتى و رأيى 
الأسئله كلها كانت محيره فلا مجال لتصنيفها بشكل او بآخر الآن .. لكنى سأسجلها كما هى ..القيها فى وجه المجتمع كما هى .. و قد القى بعض الأجابات المحيره التى تلقيتها من بعض الأسئله 

سؤال أول : فى علم التسويق و فن الأعلان .. من المعروف ان السلعه تفرض اسلوب تسويقها على المسوق , و خصوصا بعد تحديد شريحة السوق التى تحتوى العملاء المرتقبين فيما يسمى بعملية تشريح السوق 
market segmentation
فمثلا لو أردت تسويق حلويات فعلى أن اتوجه لشريحة الأطفال و امهاتهم .. فالأطفال هم صانعو قرار التسويق ( بالزن و الألحاح المعتاد من الأطفال ) و الأمهات هن من يتخذن قرار الشراء و ينفذن الصفقه 
و أذا اردت أن ابيع مستحضرات تجميل فعلى التوجه لقطاع صالونات التجميل أولا .. فهم من يصنعون القرار و يحفزون السيدات على الشراء .. ثم يقمن السيدات باتخاذ قرار الشراء و تنفيذ الصفقه 
و لو أردت أن ابيع سياره فاخره .. فعلى أن اتوجه لشريحة السوق القادره على شراء تلك السياره و أيضا اسلوب حياتهم يتيح لى 
كمسوق فرصه لأقناعهم بشرائها .. فاحدد شريحة رجال الأعمال أو المهنيين الناجحين و اخاطبهم بمستواهم الثقافى لأقنعهم بالشراء ..

و هكذا .. المسوق دوما يخاطب صانع القرار فى الشراء .. و فى حالة ان يكون صانع القرار هو نفسه متخذ القرار فالأمر أكثر 
يسرا .. اما لو ذهب المسوق لشريحه مجتمعيه لا تحتوى عملائه المرتقبين .. فهو مسوق فاشل يضيع وقت و جهد و أموال الشركه التى يعمل به
لنحتفظ يتلك الحقيقه الأولى حتى نرى بقية الأسئله 

سؤال ثانى : بطبيعة العمليه التسويقيه على أن أخاطب الحاسه البشريه التى يبنى على اساسها قرار الشراء .. فمثلا عند بيع بارفانات .. فعلى أن اتوجه بعينات من المنتج ألى حاسة شم العملاء .. لأقنعهم بشراء منتجى .. فلا يكفى ابدا أن اقنع مشترى بشراء بارفان بمجرد رؤية العبوه أو سماع اسمها .. لا بد من مخاطبة الحاسه التى تستخدم فى قرار الشراء .. الشم 
و عند بيع الأقمشه لابد من وجود عينه ( يراها ) العميل و ( يلمسها ) بيده .. فقرار شراء القماش يخاطب حواس البصر و اللمس 
بالتالى عند تسويق مبانى عقاريه .. فأنا أخاطب ( نظر ) العميل المحتمل .. غالبا ما يكون بعرض صور و ما كيتات و نماذج مصغره للمبانى 
بالتالى فأن مخاطبة عميل منتجات عقاريه عن طريق أذنيه فقط بدون صور او نماذج هو درجه من فشل المسوق و أضاعة وقت و أموال الشكره .. لنحتفظ بتلك الحقيقه أيضا  لما بعد 


ومن طبيعة عملاء السلع الغاليه الفاخره .. رغبتهم فى حجب أى معلومات عن سلعتهم ألا على ( الطبقه الأجتماعيه ) التى ينتمون اليها و هو ما يعرف بدور الشراء فى تحقيق التميز الأجتماعى .. و اذكر هنا مثالا درسته فى علم التسويق .. حول السيجار الكوبى الفاخر .. فزبائن السيجار الكوبى الفاخر يفضلون شراء أصناف ( لا تنشر عنها أعلانات ) بحيث يكون السيجار المشتعل فى يد الرجل الغنى منتج غامض لأغلب من هم حوله .. لا يميز هذا المنتج ألا رجل غنى مثله .. و بتلك الطريقه يضمن الثرى مستهلك السيجار أن سيجاره الفاخر كان اسلوبا لتحقيق تميز طبقته الأجتماعيه و الماليه .. وهو ما كان يهدف له من البدايه حين قرر دفع مبلغ باهظ لشراء السيجار الفاخر .. و كثير من شركات المنتجات الفاخره فى العالم و فى مصر تجحب مواصفات و أسعار منتجاتها ألا على العملاء المتوقعين .. و أراهن أن يعرف تفاصيل و مواصفات و سعر سيارات المرسيدس او البى ام دبليو احد سوى ملاك تلك السيارات أو القادرين بالفعل على شرائها 
حقيقه ثالثه نخرج بها لنحتفظ بها الى وقت لاحق .. ان تسويق المنتجات الفاخره يستلزم حجب المعلومات سواء السعر او المواصفات عن الوعى العام .. و أدراك العامه .. بل من مميزات شراء سلعه فاخره غاليه بالنسبه للعميل هو ( غموض ) تفاصيلها عن الجميع ما عدا من ينتمون لطبقته من ألاثرياء تحقيقا للتميز الأجتماعى المطلوب من جانب الأثرياء .. بالتالى فأن اعلان تفاصيل منتج فاخر وسعره هو خطأ تسويقى مهنى واضح .. لا يخدم الشركه المسوقه ابدا بل يضرها 

بترتيب الحقائق أعلاه .. و بتطبيقه على اعلان الراديو عن شاليهات أرخصها بمبلغ ثلاثمائة الف جنيه نجد التالى 

المسوق لم يخاطب شريحة المجتمع المستهدفه للشراء مطلقا .. بل خاطب المجتمع كله بأكمله ..علما بأن المجتمع لا يحوى أكثر من 5% منه قادرين على شراء مثل هذا المنتج .. المسوق أذا ارتكب خطأ فى التسويق ؟؟ أم أنه فعلا كان برسالته ( الأعلانيه ) يستهدف المجتمع كله ؟؟ يستهدف أن يعلم 95% من المصريين أن هناك سلعا يشتريها 5% من المصريين و الباقون لا يستطيعون حتى أن يحلمو بأن يشتروها ؟؟ 
ماذا كان هدف المسوق هنا من هذا الأعلان  هل حقا كان يهف لتسويق منتجه ؟ ام كان يهدف لأرسال رسالة يأس لأغلبية المصريين ؟
المسوق فى الأعلان اعلاه لم يخاطب الحاسه البشريه التى على اساسها يمكن أن يبنى قرار الشراء .. حاسة البصر .. فمستحيل تخيل أن انساسنا يشترى عقار بمئات الآلاف ألا لو رأى على الأقل صوره له او نموذج واضح لتفاصيله .. أما مخاطبة حاسة السمع ؟؟ فتلك   عجيبه من العجائب .. و أعود فأتسائل .. هل كان المسوق يرغب فعلا فى بيع منتجاته ؟؟ هل كان يخاطب عملاء مستهدفين فعلا ؟؟ أم كان يرسل رساله للمجتمع كله مفادها ..
 أنتم عاجزون عن مجرد الحلم بامتلاك منتجاتنا .. ؟؟ هل كان الأعلان فعلا بغرض تحقيق مبيعات ؟؟ ام كان لغرض آخر ؟؟

المسوق ايضا خالف حتى قواعد شريحة عملائه حين قرر أن يعلن عن تفاصيل المنتج الفاخر على الملأ كله .. كما قلنا من يشترى منتجا مترفا فاخرا من نوعية شاليه للسياحه اسبوعين فى السنه .. يهمه أن لا يعلم تفاصيله ألا من هم من نفس مستواه الأجتماعى و المالى 
اذا .. هل كان المسوق فعلا يرغب فى تسويق منتجه ؟ أم انه كان ينفر عملائه المحتملين من الشراء بعد أن حرمهم من التميز الأجتماعى و الغموض اللازم للطبقه الثريه ؟؟؟

 ماذا كان يفعل المسوق بالظبط فى هذا الأعلان ؟؟
ما هى أهدافه الحقيقيه ؟ اذا كان كل ما فعله يتنافى مع القواعد العلميه لعلم التسوق و فنونه ؟؟
كيف كان هذا المسوق يرى المجتمع المصرى و شرائحه ؟؟ 

يال الهول .. كيف كان يرى المسوق شرائح المجتمع المصرى ؟؟ هذا السؤال يحمل الأجابه على كل ما فات .. نعم .. سؤال فيه كل الأجابه .. كيف يرى المسوق شرائح المجتمع المصرى ؟؟

ببساطه .. المسوق .. و صاحب الشركه .. و ايضا عملائهم .. كانو لا يرون .. أينعم .. لا يورن فى المجتمع المصرى .. سوى أنفسهم .. و طبقتهم الثريه فقط 
حقا هذا ما يفسر كل شىء .. المسوق كان يعلم أن زبائنه المعدودين على اصابع اليدين هم مهنيون أو رجال اعمال يستمعون للراديو صباحا كموضة تلك الأيام .. و المسوق أراد أن يسمعهم اسم المنتج الذى يشترونه .. و يعلم أنهم فورا سيلتقطون هواتفهم الغاليه و يكلمون بعضهم بعضا عن تفاصيل صفقاتهم العقاريه بمئات الآلاف من الجنيهات .. و سيروجون لمنتجه أكثر بالاتصال بمزيد من ألاصدقاء من عينتهم و طبقتهم للشراء أيضا .. ليكونو جيرانا للأثرياء فى المتجع الفاخر 
ماذا عن بقية مستمعى الراديو البالغ عددهم قرابة التسعون كمليون فردا لا يملكون ثمن هذا المنتج ولا حتى يحلمون بشرائه ؟؟ ماذا عنهم .. .؟؟؟ 
ببساطه شديده ..طبقة العملاء المترفين .. و الشركات التى تبيع للمترفين .. لا ترى فى مصر سوى طبقتهم فقط .. أما بقية الأغلبيه 
الجارفه من الشعب .. فهم هاموش .. مجرد هاموش .. لا يأخذ فى الحسبان حتى لو كان حيا يمشى على قدميه 
و للاسف .. و بعد ثورتين أطاحتا بحاكمين للبلاد و نظامى حكمهما .. مازلت اطالع نفس النوعيه من الأعلانات !!!و كأن درسا صعبا لم يتلقاه هذا المجتمع 

ماسبق كان تمهيد لما أعتزم كتابته لاحقا .. محاولا تفسير ما حدث فى عهد حرم فيه المصريون أولا من الأمل فى تحقيق الأحلام .. ثم حرمو من مجرد القدره على الحلم .. 
عهد القى فيه خيرة شباب مصر أنفسهم فى قوارب قراصنه تعبر بهم للشاطىء الأخر من البحر أو يموتون غرقا .. فقد استوى عندهم احتمال الموت باحتمال الحياه فى مصر 
عهد تزاوج فيه المال و السلطه بأسلوب لم تعرفه مصر حتى فى عهد المماليك الذى انتهى باحتلال فرنسى ثم .. بثوره حقيقيه جائت بمؤسس مصر الحديثه على رأس السلطه .. محمد على باشا 

للحديث بقيه و الله المستعان