أزمة الرئيس عبد الفتاح السيسى ... فقه الأزالات
مقدمه لابد منها :
الدوله الريعيه rentier state تعريفها وفقا للبنك الدولى و الموسوعات العمليه هو :
A state which derives all or a substantial portion of it's national revenues from the rent paid by foreign individuals , concerns or governments
و الترجمه الحرفيه :
الدوله التى عائدها القومى كله او أغلبه مشتق من الأيجارات التى يدفعها افراد او مؤسسات او حكومات اجنبيه
و أحيانا تزيد على التعريف جملة ( دون تقديم قيمه مضافه )
.
و للتوضيح بالمثال فعملية استخراج النفط مثلا تعتبر دخل ريعى حيث تؤجر الدوله مصادر التعدين او ابار البترول و تحصل على أيجار ( ريع ) دون تقديم اى قيمه مضافه على المنتج , الضرائب و الجمارك و رسوم التصاريح تعتبر دخل ريعى , و فى الماليه العامه المصريه تسمى رسوم عبور قناة السويس باسم ( أتاوة ) عبور القناه , لكن .. بالتدبر فى تفاصيل التعريف اعلاه و بالتطبيق مثلا على قناة السويس المصريه , نرى ان القناه ملكيه مصريه حقا , لكن قبل العام 1956 كان ايراد /ريع قناة السويس يتحصل لصالح دول أجنبيه لا تملك القناه !!
و للتوضيح بالمثال فعملية استخراج النفط مثلا تعتبر دخل ريعى حيث تؤجر الدوله مصادر التعدين او ابار البترول و تحصل على أيجار ( ريع ) دون تقديم اى قيمه مضافه على المنتج , الضرائب و الجمارك و رسوم التصاريح تعتبر دخل ريعى , و فى الماليه العامه المصريه تسمى رسوم عبور قناة السويس باسم ( أتاوة ) عبور القناه , لكن .. بالتدبر فى تفاصيل التعريف اعلاه و بالتطبيق مثلا على قناة السويس المصريه , نرى ان القناه ملكيه مصريه حقا , لكن قبل العام 1956 كان ايراد /ريع قناة السويس يتحصل لصالح دول أجنبيه لا تملك القناه !!
بوضوح لأن تلك الدول الأجنبيه حققت ( السطوه و السيطره ) على الأصل المملوك لمصر و هو قناة السويس , لكن بعد 1956 فملكية القناه لم تتغير , لكن سطوة / سيطرة مصر على قناة السويس على التى عادت و تحققت فصار لمصر ان تحصل الدخل المتحقق منها , و بناء عليه و لمزيد من عمق فهم الفكره قبل المضى فى موضوع البحث سمحت لنفسى بتعديل التعريف المشار اليه ليصبح كالتالى :
الدخل الريعى هو الدخل المتحقق من فرض السطوه / السيطره على مورد محدد دون تقديم اى قيمه مضافه
و يقابل الدخل الريعى على الجهه الأخرى الدخل المتحقق من ( القيمه المضافه ) و هو دخل ناتج عن عمليات انتاج و تطوير و بحث علمى , و المثال الأوضح هو ما يفعله مستأجر بير البترول بما يحصل عليه من خامة البترول , المستأجر يكرر البترول و يخضعه لعمليات تحويليه بأضافة ( قيمه ) للخامه الأصليه بحيث يصبح ( الناتج ) اكثر فائده و اعلى قيمه .
فى العالم نوعين من الدخل .. الدخل الريعى و هو المتحقق من فرض السطوه ( لدوله او لشركه او لأفراد ) بدون أى عمل انتاجى او قيمه مضافه مطلقا . دخل الدول / الحكومات فى الأصل هو دخل ريعى , أى دوله فى العالم يكون مصدر تمويل خزانتها هو الضرائب و الجمارك و الرسوم , الغرامات ... الخ .المتحصله عن الأنتفاع / أيجار الأصول و الموارد التى ( تسيطر ) عليها الدوله / الحكومه , و اعيد كلمة (سيطره ) هنا لأنه مثلا فى الدول الأستعماريه كلها كان دخل الدوله يتحقق من جباية المكوس المحصله من الأراضى التى ( تسيطر ) عليها الدوله / الحكومه المركزيه , فمن استعمار فارسى الى يونانى الى رومانى و حتى عربى كانت الدول المركزيه أيا كانت عاصمتها تحصل من المصريين المكوس و الضرائب بموجب ( السيطره ) على الأصول المصريه , حتى مع بدايات استقلال مصر فى عهد محمد على , كانت مصر ترسل ( أتاوه ) للباب العالى فى تركيا كدخل متحقق لتركيا العثمانيه بموجب ( سيطرتها ) على المملكه المصريه و لو من باب منح ( البركه الدينيه ) من خليفة المسلمين فى اسطنبول لحاكم مملكة مصر و السودان فى القاهره , تلك الأتاوه اوقفها الزعيم جمال عبد الناصر سنة 1954
وعكس الريع يكون العائد من القيمه المضافه الأنتاجيه و يسمى ( الربح ) على اى عملية ااضافة قيمه كالصناعه او الزراعه او التجاره .
و الأستنتاج الأهم من تقسيمة الدخل اعلاه :
ان الأقتصاد الريعى يقاوم اى تغير او تطور حتى لو استمر لألاف السنين .. فهو اقتصاد قائم على الثبات و بقاء الحال كما هو عليه
بينما الأقتصاد الأنتاجى و العمل بالقيمه المضافه يحتم التوسع فى التطور و التعليم و البحث العلمى و التمدن
و الفرق بين ( طبيعة ) المجتمعات تتحدد من اسلوب الدخل المتحقق داخلهم ..
------------------------
و يقابل الدخل الريعى على الجهه الأخرى الدخل المتحقق من ( القيمه المضافه ) و هو دخل ناتج عن عمليات انتاج و تطوير و بحث علمى , و المثال الأوضح هو ما يفعله مستأجر بير البترول بما يحصل عليه من خامة البترول , المستأجر يكرر البترول و يخضعه لعمليات تحويليه بأضافة ( قيمه ) للخامه الأصليه بحيث يصبح ( الناتج ) اكثر فائده و اعلى قيمه .
فى العالم نوعين من الدخل .. الدخل الريعى و هو المتحقق من فرض السطوه ( لدوله او لشركه او لأفراد ) بدون أى عمل انتاجى او قيمه مضافه مطلقا . دخل الدول / الحكومات فى الأصل هو دخل ريعى , أى دوله فى العالم يكون مصدر تمويل خزانتها هو الضرائب و الجمارك و الرسوم , الغرامات ... الخ .المتحصله عن الأنتفاع / أيجار الأصول و الموارد التى ( تسيطر ) عليها الدوله / الحكومه , و اعيد كلمة (سيطره ) هنا لأنه مثلا فى الدول الأستعماريه كلها كان دخل الدوله يتحقق من جباية المكوس المحصله من الأراضى التى ( تسيطر ) عليها الدوله / الحكومه المركزيه , فمن استعمار فارسى الى يونانى الى رومانى و حتى عربى كانت الدول المركزيه أيا كانت عاصمتها تحصل من المصريين المكوس و الضرائب بموجب ( السيطره ) على الأصول المصريه , حتى مع بدايات استقلال مصر فى عهد محمد على , كانت مصر ترسل ( أتاوه ) للباب العالى فى تركيا كدخل متحقق لتركيا العثمانيه بموجب ( سيطرتها ) على المملكه المصريه و لو من باب منح ( البركه الدينيه ) من خليفة المسلمين فى اسطنبول لحاكم مملكة مصر و السودان فى القاهره , تلك الأتاوه اوقفها الزعيم جمال عبد الناصر سنة 1954
و الأستنتاج الأهم من تقسيمة الدخل اعلاه :
ان الأقتصاد الريعى يقاوم اى تغير او تطور حتى لو استمر لألاف السنين .. فهو اقتصاد قائم على الثبات و بقاء الحال كما هو عليه
بينما الأقتصاد الأنتاجى و العمل بالقيمه المضافه يحتم التوسع فى التطور و التعليم و البحث العلمى و التمدن
و الفرق بين ( طبيعة ) المجتمعات تتحدد من اسلوب الدخل المتحقق داخلهم ..
------------------------
و من هنا اشرع فى عرض ما اظنه تحليلا للوضع المصرى على النحو التالى :
بعد رحيل الحمله الفرنسيه و بداية تسلم محمد على لزمام السلطه فى مصر طامحا لبناء قوه اقليميه اتبع محمد على مذهبا كان الأحدث فى زمنه هو مبدأ سان سيمون , حيث تسيطر الدوله على كل وسائل الأنتاج و الأصول تؤسسها و تديرها و تمارس اضافة القيمه لتعظيم موارد الدوله بالأنتاج و ( الربح ) بدلا من قصرها على الريع كما سبق ايضاحه , و كانت بدايات التصنيع و التوسع فى استصلاح الأراضى و انشاء القناطر و بناء الترسانه البحريه و الصناعات الحربيه و غيرهم .. و بطبيعة الحال فحين اللجوء لأقتصاد الأنتاج ( القيمه المضافه ) لابد من رعاية العلم و البحث العلمى و التطوير فكان تأسيس المدارس المتخصصه و التوسع فى البعثات العلميه , و بالفعل .. بأضافة ( الموارد الأنتاجيه ) للموارد الريعيه الطبيعيه للدوله .. تأسست مصر الحديثه القويه , و كانت الأضافه الأنتاجيه تحت ( سطوة ) الدوله المصريه و سيطرتها لكن بتوالى الحكام و عدم تمتعهم بالقوه اللازمه لممارسة السيطره على الأصول و الموارد , بدأ حكام مصر من الأسره العلويه فى ممارسة ما أسميه ( بيع السيطره ) .. بمعنى التخلى عن سيطرة الدوله على الموارد لشركات او افراد او هيئات .. حتى وصلت الدوله المصريه لمرحله من الضعف و التردى حين ( باعت سيطرتها على قناة السويس المصريه ) فى عهد الخديوى اسماعيل .. يلاحظ انه لا يمكن بيع القناه نفسها .. فهى مورد مصرى فى ملكيته .. لكن ما تم بيعه / رهنه .. هو سيطرة الدوله المصريه على المورد
قامت ثورة 1952 و اتبع الزعيم جمال عبد الناصر الجيل الأحدث من افكار الأشتراكيه , فأعادت الدوله سيطرتها على الموارد الريعيه و أهمها قناة السويس مع التوسع الشديد فى تأسيس و امتلاك الأصول الأنتاجيه التى تمثلت فى اكثر من 1200 مصنع امتلكتهم الدوله بمسمى القطاع العام ( و رحمة الله على المهندس عزيز صدقى وزير الصناعه وقتها ) مع تقييد نسبى لحركة القطاع الخاص الذى سبق و اخرج فسادا مرعبا اصطلح على تسميته ( زواج المال بالسلطه )او ( رأسمالية المحاسيب ) و كان من اسباب قيام ثورة 53 نفسها و اهدافها ( القضاء على سيطرة راس المال على الحياه السياسيه و اصلاح الحياه النيابيه ) !!!!
من التاريخ القصير اعلاه اقول ان الدوله المصريه القويه مارست سيطرتها على الموارد و الأصول و تحركت فى اتجاه اقتصاد الأنتاج و القيمه المضافه و ما يستتبع ذلك من نمو العلم و التحضر و الأبداع مرتين فى تاريخها الحديث , ايام محمد على ثم ايام عبد الناصر , و فى التجربتين نجحت الدوله فى فرض سطوتها و سيطرتها لتحقيق النفع الأكبر للبلاد , و التجربتان انتكستا بمجرد تحقق ( ضعف الحاكم و ميله لبيع السطوه للغير ) و هو ما سنشرحه كالتالى :
بعد حرب 73 جنحت الدوله المصريه ( فكرا و تطبيقا ) لما اسمته الأنفتاح الأقتصادى .. خروجا من حالة ( سطوه مطلقه ) للدوله على النشاط الأقتصادى عموما , و الأخطر بالتوازى مع ( طفرة بترول ) صنعت اهم و أكبر مجتمعات ريعيه فى التاريخ .. مجتمعات الخليج
باختصار مصر دخلت الأنفتاح الأقتصادى ( طامحه ) لثروه , دون أدنى تدقيق ل(مصدر ) و طريقة تحقيق تلك الثروه !!
فكان أن اصيبت مصر بما يسمى علميا ( المرض الهولندى ) و هو باختصار
جنوح المجتمعات للكسب الريعى بدلا من الكسب المتحقق من الأنتاج و القيمه المضافه ,
فصار اعل النشاط الأقتصادى يتلخص فى ثلاث مجالات ..
- الاستيراد ( حتى لو كان سفهيا )
- المضاربه سواء باكتناز الدولار او غيره او الدفع بالثروات لشركات توظيف الأموال التى تقدم ربح يفوق فوائد البنوك دون اى عمل مقابل الربح و طبعا لا قيمه مضافه مطلقا
- و التسقيع باعتبار ان امتلاك مخازن ثروه آمنه هو استثمار!!! ,, مع ان العقارات هى اصول عقيمه لا تنتج , لكن تخت ضغوط طلب جارف على العقارات بسبب قوانين سابقه للأيجارات صار امتلاك العقارات و لو لغلقها و حفظ ملكيتها فقط مسلكا يستوعب اكبر ثروات الأمه !!!
بالتوازى شرعت الدوله المصريه من رأسها فى ( بيع السطوه ) كما سبق فى اواخر عهود الأسره العلويه , ففى مجال الأستيراد سمحت مصر بان يكون على ارضها ( مناطق حره خاصه ) لا تخضع للجمارك و لا تسدد ضرائب على الأرباح !! فتحولت تلك المناطق الى بؤر تهريب و مضاربه على العملات الأجنبيه لا اكثر ولا اقل
و فى مجال المضاربات المصبوغه بالصبغه الدينيه .. فقد سمحت الدوله باستبدال ( شهادات الأستثمار ) الطيبه الذكر التى شجعت مدخرات المصريين و ساندت استثماراتهم الأنتاجيه و التجاريه لعقود .. بصكوك مضاربه ( اسلاميه ) فيما عرف لاحقا بكارثة توظيف الأموال
اما فى مجال العقارات و البناء فقد نزعت الدوله يدها تماما عن الموضوع , و قررت بيع ( سلطة ) التخطيط العمرانى ..فنشأ ما يسمى شركات (تقسيم الأراضى ) او ما سمى لاحقا ( التطوير العقارى ) و هو فى الحقيقه نوع من استلاب / شراء سلطة الدوله فى التخطيط و تنظيم البناء بعد تخلى الدوله عن سلطة الدخول فى سوق البناء او تنظيمه اراديا .. !!!
صار جل ثروات الأفراد و اهم اسباب اغترابهم .. امتلاك شقه .. مجرد امتلاك شقه كان الحلم الأكبر لكل اسره مصريه و المبرر لكثير من التصرفات الماليه و الأجتماعيه لاحقا , و أذكر انى قرأت بحثا فى التسعينات يحمل ( الأزمه العقاريه فى مصر ) مسؤلية انهيار التعليم !! .. فالأساتذه و المعلمين البارعين شرعو للحصول على عمل و أعارات فى الخليج ( الريعى باقتدار ) لمجر الحصول على ثروه تمكنهم من شراء شقه لاحقا .. بينما شرع من تبقى من معلمين داخل البلاد فى اتلاف التعليم العام عمدا ليلجأ التلاميذ للدروس الخصوصيه التى تحقق للمدرس دخلا اضافيا كبيرا يكفيه .. لشراء شقه !!!
اكرر .. العقار اصل عقيم .. لا ينتج .. و امتلاكه هو استخدام استهلاكى لو كان للسكن , بينما مجرد امتلاكه و اغلاقه هو نوع من ( الكنز ) المستحق عليه شرعا زكاة كنز ..
اكرر .. العقار اصل عقيم .. لا ينتج .. و امتلاكه هو استخدام استهلاكى لو كان للسكن , بينما مجرد امتلاكه و اغلاقه هو نوع من ( الكنز ) المستحق عليه شرعا زكاة كنز ..
فى النهايه .. و بموجب تعداد السكان و العقارات عام 2017 وصلنا لأن فى مصر نحو 12 مليون شقه مغلقه ( فى تقديرات اخرى وصل الرقم الى 20 مليون شقه مغلقه ) .. بينما فى 2010 اخبرت الأحصائيات ان 60% من المصريين يسكنون ( خارج التنظيم ) بمعنى يسكنون فى عشوائيات او مبانى مخالفه للتنظيم و بدون مرافق مخططه مطلقا !!!
كيف وصلنا لهذا الحال ؟؟
و الأهم
ماهى تبعيات هذا الوضع الريعى ؟
كما قلنا فأن المجتمعات الريعيه هى مجتمعات تتمسك بثبات الحال كما هو عليه , بل تميل انحدارا للأرتداد الى حاله اجتماعيه سلفيه فى فكرها ( ليس سلفيه دينيه فحسب ) تعيد الحال لأيام المجتمعات القديمه ماقبل نهضة مصر الأولى ايام محمد على , المجتمع الريعى منصاع ( بطبيعته ) للنقل لا العقل . تركيبته اقرب للقبليه منها للدوله , ميوله كلها ارتداد لماضى سحيق ليس فيه اى تطوير .. بل .. يكره التطوير و العقل و يخشاهم , و يرتد فورا الى النقل عن السلف الماضين اذا ما تعرض لأى مسأله
المجتمع الريعى يعيش حاله من ( الطموح الأستهلاكى ) الغير مبرر منطقيا , فينفق جل ماله لأمتلاك ( ماركه ) او ( شهره ) للتفاخر ( على نهج اشعار الفخر فى الجاهليه ) دون ادنى نظر لوظيفة السلعه و منطقية امتلاكها من الأساس .. المجتمع الريعى استهلاكى بغزاره ولا يقدم اى قيمه مضافه و لا ينتج ما يستهلكه .. و طبعا يكره مجرد فكرة البحث العلمى او التطوير او التمدن .. فالتطوير عكس السلفيه الضامنه لثبات الريع !!!
فما كان اتجاه ( الأستثمار ) فى ظل هذا المجتمع و ما هى طبيعة الأستهلاك فى مثل تلك الحال ؟
اما اهل الاستثمار ( فى اغلبه ) صارو الى اقتناص ( سطوة الدوله ) المعروض للبيع , فصار اتفاق جماعات المال ( لا رجال الأعمال ) بالتوافق مع ( البائعين ) من ممثلى الدوله لتأسيس حاله من (رأسمالية المحاسيب ) متفقين على تقاسم منتظم بينهم لسطوة الدوله ( المباعه عمدا ) فكان احتكارا بدأ من استيراد القمح بدلا من زراعته و انتهى الى احتكار صناعة و تجارة الأدويه و لبن الأطفال و اللحوم و غيرها من المستهلكات و انتهاء باستلاب مصانع القطاع العام الضامنه لانتاجية الدوله المصريه فى الأساس .., ( راسمالية المحاسيب ) تشكل قبيله فئويه فى ذاتها , تخلط بين المال و السلطه ( المباعه عمدا ) فيكون منهم نواب برلمان يشكلون المجلس التشريعى لسن القوانين التى تخدم مصالحهم !!
ثم يتوسعون فى شراء السطوه حتى الوصول لشراء التنفيذين السياديين فيسهل عليهم ترشيح وزراء و محافظين يعملون لخدمتهم !!
ثم ينتظمون فى شكل مؤسسى كالغرف التجاريه و اتحادات الأعمال للتوسع فى الحصول على القروض البنكيه و التمويل الخارجى ليتقاسموه بينهم !!
طبعا بالتركيب اعلاه لا غرو ان يكون من ( المحاسيب ) القائم على تطبيق القانون و الممثل للدوله و النائب عن الشعب .. !!
كل هذا و هم مستمرون فى ( شراء السطوه ) لتمويل ( اجهزة ) الحكم السياديه من ( بائعى سطوه ) الى ( حزب حاكم بفلوسه ) كما كان حال الحزب الوطنى
على الحانب الموازى لتوسع ( المحاسيب ) و شرائهم لسطوة الدوله يكون المضاربون , سواء المضاربون على سعر الدولار او اسعار العقارات او اسهم البورصه من صغار اصحاب المال , ينتمون بشكل او باخر للمحاسيب الكبار و يمارسون ما يظنون أنه اداره لثرواتهم الصغيره باحساس كبير بالخطر و طموح اكبر للترقى الأستهلاكى , فيصير الطلب على العقارت و الاصول العقيمه مستهلكا لاكبر ثروات الأمه بدلا من الزراعه و الصناعه , بل ان كل مالك ارض زراعيه صغيره يكون حلمه أن ( يشترى سطوة الدوله ) فى لحظة زمنيه ليجرف ارضه و يبنى عليها عقارا يظن انه يحفظ قيمة ثروته و يزيدها .. فيستبدل الأصل المنتج سنويا - الأرض الزراعيه - بأصل عقيم لا ينتج شيئا و لا يمنح سوى التباهى و التفاخر - العقار -
.
على جانب الأستهلاك و الأكتناز .. كانت حتميه لأهل رأسمالية المحاسيب و اهل المضاربه ان يتفننو فى ( صناعة المغفلين )
اينعم .. صناعة ( المغفلين ) .. اى جمهور المستهلكين الطامعين بسفه الى توسعة انفاقهم الاستهلاكى , او جمهور المتنطعين الناظرين بشغف للطبقه المخمليه يحلمون بالأنضمام لها او حتى الأقتراب منها فى اى فرصه سانحه و باى ثمن
لكن صناعة المغفلين ( المستهكلين بسفه ) استلزمت مسارين محتمين ..
الأول .. نشر الأحساس بالدونيه الأستهلاكيه .. اى نشر احساس بعدم رضا الفرد عن قدرته الأستهلاكيه ..
الثانى .. فك الأرتباط بالمنطق الاستهلاكى و أغراق المجتمع فى اوهام الكسب السريع
فى المسارين كانت المهمه الأكبر لنشاط ... ( الأعلانات )
الأعلانات التى غزت الوعى المصرى منذ منتصف السبعينات فغيرت نمط الاستهلاك للقادرين و نشرت حالة احساس بالدونيه الأستهلاكيه لدى الباقين , فحفزت ( طمعا ) شديدا فى الأستحواز و دفعت باسراف شديد فى الأستهلاك , و لا اسوق مثلا على السفه الأستهلاكى اكثر من تكاليف الزواج فى الأرياف !!! مقارنة بتكاليف الزواج فى اوروبا مثلا
صناعة المغفلين تقضى بتنمية الشعور بالتفاخر بالاقتناء عوضا عن الأهميه الوظيفيه للسلعه المشتراه .. بما يمكن تسميته ببيع ( التفاخر) , بل ان التوسع فى ( بيع التفاخر ) امتد بدئا من مطاعم باسماء عالميه ( اغلبها مملوك لشركة امريكانا التى كانت المسؤول الأول عن نشر اعلانات تغير نمط الاستهلاك المصرى كله ) الى تأسيس فكرة التجمعات المخمليه و المجتمعات المترفه لتصبح ( الطبقه المخمليه المصريه ) مجرد طبقا واسعة الأستهلاك بلا أى نتاج حضارى , بل العكس .. صارت الطبقه المخمليه المصريه مستهلكا للحضاره و مستهينا بقواعدها , على عكس الطبقه المخمليه المصريه فى عصور النهضه التى كانت ترعى فنونا و علوما و ابداعا .. صار استيراد نمط الاستهلاك من مناطق الرعاه ( من الجلباب القصير الى النظاره الريبان ) بدلا من انتاج معادل محلى لاستهلاك المتحضرين كما كان ايام عصور النهضه .. فدخل المجتمع الى حاله اطلق عليها البعض ( السوق الفلبينى ) .. فالفلبين بعد الغزو الأمريكى وويلات الحروب صار اهلها رغم ضيق حالهم و اضطرارهم للعمل فى ادنى الاعمال خارج بلادهم .. اكبر مستهلك لنظارات الريبان و الولاعات الأمريكيه كنسبه مستهلكين من عدد السكان !!!!
و بداية من ( المغفل الأستهلاكى ) الطامع طفيليا لكسب الثروه لتوسعة استهلاكه بدون اى انتاج .. لابد ان نصل الى ما اصطلخ على تسميته
( الكاحول ) و جمعها ( كواحيل) بالعاميه المصريه
الكاحول هو مغفل , طامع فى الاستهلاك فقط و هو بلا مهاره اصلا فلا يمارس اى عمل انتاجى .. الكاحول يهجر ارضه الزراعيه فى الريف الى العاصمه او الأسكندريه ليعمل حارس عقار او مجرد مشرف على فرشة بضاعه على الرصيف فى خدمة مستورد / مهرب يعرض بضاعه تركيه ..و يسكن فى حجره فى بدروم او عشه فوق السطح .. ليتمكن من انجاب خمسه الى سبعه اطفال فى المتوسط !!!!
الكحول يطمع فى السكن فى شقه .. حتى لو كانت فى الدور العاشر بدون اسانسير .. لكنها فى المدينه .. ليشعر بانه ( تمدن ) بدلا من احساسه بالدونيه فى الريف كما تلقنه الأعلانات اليوميه !!
الكاحول هو من يقبل تسجيل عقارات مخالفه باسمه او تسجيل صفقات استيراد مشبوهه باسمه ( قبل تنظيم الأستيراد مؤخرا ) .. ليتلقى العقوبات بدلا من ( المحاسيب ) المخمليين الذين يطمع فى القرب منهم لقناعته انها السبيل الوحيد للترقى
الكاحول ريعى بطبيعته .. يفرض سطوته على ما دونه , فيختن ابنته و يشوه جسدها .. و يجبر ابنه على العمل على توكتوك او الوقوف فى كشك بدلا من الدراسه . و فى نفس الوقت هو خاضع تماما لسطوة من يظنهم اعلى منه .. فيقبل ان يزوج ابنته قاصرا لعربى ثرى جاء من ( الأراضى المقدسه ) فقط ليحصل على مال بلا تعب و لا انتاج .. يشبع شراهته فى الأستهلاك .. فيشترى موتوسيكل او تكوتوك ليزوده بمكبرات صوت ضخمه ليعلن عن وجوده مخالفا لنظام المرور .. الكاحول يستمع للمهرجانات و يتباهى بتدخين الممنوعات .. الكاحول بلا مهاره .. ولا يستطيع اثبات وجوده الا بطريقه من ثلاثه :
مخالفة النظام
الأسراف فى الاستهلاك
الانجاب بلا ظابط
..الكواحيل فيما بينهم شكلو قبائل حقيقيه .. تكاثرت باعلى من معدلات تكاثر المنتجين .. و تغللو الى العواصم الكبيره .. ولانهم بلا مهارات .. صارو يستهلكون حضارة العواصم الكبيره .. و يتكتلون فى عشوائيات .. و يمارسون مخالفة النظام و فى نفس الوقت .. هم اسرى لشعورهم بالدونيه الأستهلاكيه .. فبعشوائيتهم لا يحصلون على خدمات حقيقيه .. و بشهوتهم لأثبات الذات يجورون على الخدمات و المرافق التى لم تصمم لتستوعب اعدادهم .. مأساة الكواحيل بدأت فى العشوائيات .. و استمرت لسكنى المقابر .. و تطورت لأحتلال العواصم و السكن فى ابنيتها المخالفه و ترييف المدن الكبرى و فرض اسلوب حياتهم على المتحضرين من اهل المدن
و الدوله مستمره فى بيع ( سطوتها ) .. بدأت بالأراضى و تخصيصها للمحاسيب , الى حصص فى استيراد مستلزمات التموين , الى محاصصات فى المجالس النيابيه و البرلمان .. الى حصص ( لأبناء المحاسيب ) فى المناصب السياديه !!!! و حال التصويت الأنتخابى .. فالكواحيل جاهزون تماما لبيع الأصوات و امداد ( المحاسيب ) بما يحتاجونه من ( ديموقراطيه ) مقابل كراتين بسيطه !!
ببساطه و باختصار
بعد أن كان الترقى فى عصور النهضه ( محمد على و جمال عبد الناصر ) مقرونا بالعلم و العمل , حيث كان المجتمع متجها للأنتاج بدلا من الريع .. و كان كل ذى جهد و علم مفتوح له الطريق لأعلى قمم الترقى المالى و الأجتماعى ... صار الترقى مرتبطا بالقرب من طبقة ( المحاسيب ) المخمليه حين عاد المجتمع ريعيا يتكسب من السطوه المشتراه من الدوله التى قررت أبقاء محاسيبها ظنا انها بذلك تحل مشاكلها و تثبت كراسيها حتى التوريث !!!
ثم حدث ما حدث فى 2011 الى 2013 .. و جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى .. ليعلن على الملاء أنه :
- ليس عليه فواتير لأحد .. و معناها .. انه لا محاسيب مطلقا
- ان مصر دولة انتاج .. و معناه .. عكس ما سبق و اعلنه جمال مبارك ان مصر مجرد دولة خدمات .. ( ريعيه مطلقه ) و بالتالى فلا كواحيل و بطاله مقنعه و على الجميع ان يعمل و الجوله تساعد الجميع على البدايه و الأستمرار
- ان مصر ستسترد الدوله او يزيد ... و معناها .. لا بيع لسطوة الدوله مره اخرى .. بل .. ستسترد الدوله ما سبق استلابه من سطوتها من قبل فى عصور التردى الريعى و سيطرة المحاسيب
و هنا ....
بدأت ازمة الرئيس عبد الفتاح السيسى
الرئيس يطلب تغييرا .. تغيرا جذريا .. يحول المجتمع و الدوله من مجرد حاله ريعيه .. الى دوله و مجتمع انتاجى
الرئيس يطمح فى وقف ممارسات المجتمع الريعى .. و يسترد سطوة الدوله السابق استلابها للمحاسيب
الرئيس يطمح فى فتح سبيل الترقى بالعلم و العمل للجميع .. بدلا من قصر الترقى على الأقتراب من الطبقه المخمليه
الرئيس يشفق على قبائل الكواحيل و يعمل لأخراجهم من العشوائيات الغير آدميه ليرتقى باسلوب حياتهم قبل مجرد الأرتقاء بمسكنهم
الرئيس يحلم .. و يرد للشعب قدرته على الحلم
فيبدأ الصراع
صراع الرئيس و معه اغلب الشعب .. ضد ( المحاسيب ) السابقين و مفردات الطبقه المخمليه من مضاربين و مسقعين و تابعيهم من الكواحيل .. صراع مرير ..
المشكله ان دولاب الدوله نفسه .. يفكر باسلوب ( ريعى ) فى أغلبه .. و البرلمان الحالى و القادم طبعا .. يفكر باسلوب ريعى .. و الفكر الريعى يتعارض متصارعا مع فكر الرئيس الطامح للتحول الى المجتمع الأنتاجى بضراوه
فمثلا
سبق تقديم قانون الخدمه المدنيه للبرلمان الحالى .. و تفائل الجميع .. فالقانون يعيد الترقى فقط بالعلم و العمل و يمنع فكرة قبلية ابناء العاملين و يحرر الدوله و العاملين فيها ايضا من المحسوبيه . لكن حين العرض على البرلمان ( المختلق اصلا بالمحاسيب ) تم تفريغه من فحواه الأصلى .. فلا صار تطويرا و لا صار توفيرا !!
و مثلا .. ( و هو موضوع المقال الحالى )
تفتق ذهن نوابنا ( نوائبنا ) لمواجهة التعديات على اراضى الدوله و مخالفات البناء .. للوصول الى قانون ( التصالح ) مع مخالفات البناء .. !!!
فهمنا ( كما يفهم الرئيس ) ان مخالفات البناء هى ( استلاب لسطوة الدوله ) فى الأساس قبل ان تكون عمل اقتصادى .. و برلماننا يرى ان من يملك المال .. يمكنه ان يستلب ( سطوة الدوله ) كما يشاء .. ما دام سيدفع المخالفه .. !!!!
فى فكر برلماننا ( و الكثير من اهل دولتنا ) مازالت سطوة الدوله مباحه للبيع لمن يدفع الثمن
لكن فى فكر الرئيس ( المتأزم باختلاف فكره الأنتاجى مع فكر البرلمان الريعى ) قرر فى القيام بثوره حقيقيه على الريع و ان يقود تغيرا حقيقيا .. قرر الرئيس الغيور على سطوة الدوله المستلبه ان يجتث جذور الفساد الريعى من الأصل .. فكانت قرارات الأزاله الحاليه التى امتدت لمحاسبة ( ريعيين ) من موظفى المحليات السابقين و الحاليين ..
الأزالات .. هى قرار تغيير حقيقى .. يتجاوز بكثير مسألة العقارات و الأراضى ..
الأزالات .. هى اولى الضربات الحقيقيه لفكر الريع .. و اهله
أزمة الرئيس بدأت لتوها
فالمحاسيب المدركين لخطورة ( الفكر الأنتاجى ) وراء الأزالات .. يشعرون بالخطر الجسيم على ( روابط و قبائل ) محاسيبهم .. فنراهم يتجمعون و يتكتلون مره اخرى .. مره كاتحاد ( قبائل ) برعاية احد المحاسيب معلنين مناصرتهم للرئيس بطريقه تؤسس عنصريه بشعه و ترتكن لفصل عنصرى بغيض
و تاره يتكتلون باشتراك ( بائعى السطوه ) من داخل اجهزه الدوله ليؤسسون حزبا حاكما ( بفلوسه ) ليعيدو السيطره المطلقه على البرلمان كما كان قبل 2011 !!! . و حين يتمادون فى الفجاجه و تنفضح اعمالهم .. لا يتغير فكر الريعيين ابدا .. فهم جهله بالحتميه عقولهم قاصره عن التفكير بالطبيعه ( الريعى سلفى الفكر متحجر لا يتطور ) .. فلا يجد الريعيين من ( بائعى السطوه ) حلا للمعضله سوى .. بتكرار انشاء حزب أخر ( بفلوسه ) لينافس الحزب الأولانى ( بفلوسه ) ايضا ..
بل يصل الأرتداد السلفى فى عقل الريعيين و ( بائعى السطوه ) من الأجهزه لأستجعاء رموز فساد محكوم عليها جنائيا كيوسف بطرس غالى لأعادة تقديمه كرمز للخبره المصريه فى الأقتصاد .. و هو المدان بالفساد الأقتصادى !!!
الرئيس فى أزمه صراع .. يقود شرفاء و بتبعه أمناء .. لكنه يواجه فصيل مرعب من المتمولين ( و طبعا متربحين ) من ريعين جدد دفعو ثمن مقاعد البرلمان الجديد !!! . ريعين متربحين .. جهلهم حتميه و قصور عقلهم طبيعه .. يختلقون شكلا ديموقراطيا .. و يظنون أنهم بذلك يرضون الرئيس عبد الفتاح السيسى ..
بينما الرئيس نفسه يراهم على حقيقتهم .. مفسدون .. لا مهارة لهم .. متنطعون على السياسه كما تنطعو على الأعلام .. و بقرارات الأزاله و تعيين مستشارين عسكريين فى المحافظات .. برغم صدور قانون التصالح من البرلمان .. الرئيس يرسل رساله بالغة الوضح
افسادكم واضح .. و الفارق بين فكر الريعيين و فكر الرئيس الأنتاجى شاسع .. و فى لحظه حاسمه .. سيطيح الرئيس بكل ما يأفكون حتى لو كان قانونا من البرلمان كقانون التصالح حتى يخرج بالدوله من حالة التخلف الريعى .. الى حالة المجتمع الأنتاجى .. حتى يسترد سطوة الدوله المسلوبه .. و يوقف ( قبائل ) المحاسيب عند حدهم .. بل .. و يشرع فى محاسبتهم
الرئيس يقود صراعا للتغيير .. بدأ للتو .. و لن ينتهى قريبا
اما عن مفردات الصراع .. ووواجب الشرفاء من المصريين و دورهم فى هذا الصراع .. ففى الجزء الثانى ان شاء الله