وحشتينى ..
عشتار .. رفيقة العقل و القلب فى القاهره , سافرت منذ نحو أسبوع لقضاء أجازة الأعياد مع الأهل فى فلسطين و أعترف أن القاهره فى غير وجودها .. ممله ..
أغلب من نعرفهم لا يتفهموا طبيعة علاقتى بعشتار ألا بعد شرح و تأكيد و جهد جهيد .. تقابلنا بشكل قدرى جدا منذ نحو ستة سنوات , و صار الأتفاق الأصلى بيننا هو أننا كائنين بشريين متقاربين فى الأفكار و الأهتمامات .. لا وجود لفكرة الذكر و الأنثى بيننا .. هناك فقط رجل و امرأه .. الاحترام و المشاركه هما كل شىء .. و بالتالى صارت صداقتنا العميقه التى اعتبرنى محظوظا أن صادفت مثلها فى حياتى , و على هذا الأساس صار تقاربنا و استكشافنا لأبعاد و أعماق بعضنا مجردا من أى تشويش .. و تعاملنا مجردا من أى محاولات للتجميل .. أنسان مجرد يتعامل مع أنسان مجرد ..لا قيمه ألا للقيمه الأنسانيه فقط .. نقبل بعضنا على علاتنا كما نحن .. ولا يحاول أحدنا مجرد المحاوله تغيير أى شىء فى الآخر .. و عليه صارت عشتار رفيقة عقل و أفكار أيا كانت الأفكار .. فالأمان الذى أشعر به فى هذه الصداقه لا يعادله شعور آخر .. اتكلم بمنتهى الوضوح و الشفافيه , لا احتمال لتقلبات أو انفعالات متهوره .. و هى أيضا .. نختلف كثيرا و نتفق أحيانا .. لكن بشعور فائق من الأمان .. فصداقتنا أقوى من أى اختلاف .. و التحضر الأنسانى الذى نستفزه فى بعضنا البعض يحقق لنا أشباع لا يمكن تحقيقه ألا فى علاقتنا
أعتبر عشتار واحة أمان متحضره أنتهى أليها بعد رحلاتى اليوميه فى صحراء مجتمع مصبوغ بالتخلف
____________
بدأت معرفتى بعشتار و أنا فى حاله ماديه برجوازيه صرفه .. و منذ نحو عامين تعرضت لأزمه ماليه أتت على الأخضر و اليابس , حدث ماتوقعته من الجميع ماعداها خيبت ظنونى .. فبعد الأزمه و الأنهيار المالى الساحق , ماكان من كل من سميتهم أصدقاء ( رجالا و نساء ) ألا أن ابتعدوا عنى بمسافات متباينه .. ألا عشتار .. اقتربت أكثر .. و شاركت و ساهمت بمشاعر و فكر و حضور أيجابى طاغى .. و أعترف أنى أن كنت الآن فى طريقى بحمد الله لأعادة البناء .. أعترف أن من ساعدنى فى الوقوف على قدماى مره أخرى كان هو .. عشتار .. القيمه الأنسانيه الراقيه الأصيله .. و تأكد لدى أن علاقتنا لا تضمن سوى قيمنا الأنسانيه فقط .. ولا معنى لأى شىء آخر
__________
و الآن .. بما أن الاعترافات بدأت .. نيجى للجد .. تكلمت أعلاه عن مشاعر راقيه جدا من التفاهم و المشاركه و الود و آداب الاختلاف .. .. قلناش حاجه عن السعاده ؟؟.......... ماحصلش
ليه بقى ..؟ أحد أهم جوانب اتفاقى مع عشتار فى الميول الشخصيه هو .. السوداويه .. شخصيتين فى منتهى الكآبه فى حالة صداقه عميقه .. ماذا نتوقع ..؟ أيام زى الطين طبعا ..
عشتار خارقة الذكاء , موسوعية الثقافه , نبيلة الأخلاق , جذابة الشخصيه .. و ..و .. و .. بعيوطه
فعلا بعيوطه .. تبكى لأى سبب .. و أحيانا بدون سبب محدد .. تبكى وخلاص .. أحيانا لأنها مش لاقيه حاجه تانيه تعملها
فى بداية تعارفنا و لا أذكر ماهو الموضوع الذى كنا نناقشه فوجئت أثناء المناقشه بصوت اعتدته بعد ذلك
سنيفف .. سسسنييف ..
هذا الصوت هو الشن بالأنف كأعلان عن بداية الشحتفه
ثم لمحت دموع فى عينيها .. ثم طأطأت رأسها لأسفل لينسدل شعرها الأسود الحريرى ليغطى وجهها و يداها الدقيقتين على عينيها .. ثم يرتفع صوت الشحتفه
ياليه طين ؟؟ طبيعى أندهش بل و أنزعج .. فتاه رقيقه تبكى فى حضورى ؟؟ اللعنه .. ماذا فعلت لها ؟؟ ماذا قلت أغضبها ؟؟ أعلم سلفا أن كل النساء بيتلككوا عشان يعيطوا ( الستات بطبعهم يحبوا النكد زى عينيهم ) لكن الآن .. ما هو السبب .. ماذا حدث ؟؟ ماذا فعلت لها ؟؟ .. و أنهار مذعورا محاولا بحمق سؤالها عن سبب البكاء و التطوع الأحمق بفعل أى شىء لتكف عن بكائها ( أيضا الرجال بطبعهم حمقى ) و يزيد صوت ال سسسسسسسنييف .. و يتطور بفعل كلمات التعاطف الصادره منى ألى صوت : عااااااااااااااااا...واااااااااااااااااا .. هااااااااااااااااااااه سنييييييفف
يانهار اسود .. احدث نفسى .. عملت ايه فى البنت ؟ تخرجها تقوم تعيطها يا حمار ؟ راجع نفسك كنت بتقول أيه ؟؟ الله يخرب بيتك
أفكر بسعار و هى تبكى لأفتش عن غلطتى .. لا أجدنى قلت شىء قد يتسبب فى بكائها .. اصمت مذعورا و أنا أنظر أليها منتظر أى تلميح منها لخطئى .. و مستعدا فورا لقتل نفسى بطريقة الساموراى أمامها أعلانا عن اعتذارى للخطاء البشع الذى ارتكبته و مش عارف هو أيه .. فقط لتكف عن البكاء الحار اللى يقطع القلب
تنتهى نوبة البكاء .. و يعود الحديث لأكتشف أنها بكت لسبب ذكرى عابره مرت بذهنها و أنا أتكلم
يعنى مش زعلانه منى ؟
أزعل ايه ؟؟ انا كده .. بانفعل بس ساعات ..
و بالتكرار أعتاد على هذا الموقف .. أثناء الحوار .. عادة يبدأ الموضوع بأن تنظر لأسفل و يتهدل شعرها على وجهها .. ثم تبدأ يدها الدقيقه فى البحث عن مناديل استعدادا لأنهمار الدموع .. ثم .. الأشاره الصوتيه لبداية وصلة البكاء .. سسسسسسسسنننيييييفففف
صار اتفاقنا التعاقدى .. أنه فى حالة كان هناك سبب لبكائها فهى ستقول لى .. أما أن لم تقل .. أذا فالنوبه البكائيه عابره لا محاله .. على فقط أن أمنحها بعض الوقت , و عليه .. تم تجاوز كل قواعد الأرستقراطيه و الفروسيه المتعارف عليها من أجيال سحيقه فى مثل هذه الحاله ( بكاء امرأه رقيقه فى حضور رجل ) و أصبح الحل أنها حين تبكى ... أنفضلها خاالص .. ولا كأنى شايف حاجه
بل صارت نوبات بكائها بمثابة استراحه قصيره خلال المناقشه أفعل خلالها أى شىء حتى تنتهى من البكاء و نعود للحوار الشيق مره أخرى .. أقرأ جريده .. مجله .. أطلب قطعة جاتوه ألتهمها على انفراد و بتلذذ ..لكن طبعا لا أتركها تجلس وحدها ابدا و أيضا لا أتدخل فى بكائها حتى ينتهى
مره أخرى , كان ماسبق أحد قواعد صداقتنا الثابته و التى لا يفهمها سوانا .. بل و يصعب على غيرنا تفهم منظر أنسانه تبكى بحرقه بينما الجالس معها يلتهم الجاتوه .. و كان لهذا مواقف و مغامرات .. قبل أن يعتاد أغلب من اعتادوا رؤيتنا على هذا المنظر العجيب
فى البدايات .. جلسنا فى القهوه السويسريه و التى صارت مكاننا المفضل بعد ذلك ..و يشاء القدر أن نكون أنا و هى على ترابيزه تتوسط المحل تقريبا .. و يشاء القدر أيضا أن نكون محاطين بترابيزات مشغوله فى أغلبها بنساء فى مراحل عمريه تتراوح بين الثلاثينيات و الستينات .. و أثناء حوارنا الراقى الهامس عادة أسمع الأشاره الصوتيه الشهيره .. سسسسنييففففففففففف
ببساطه .. و قبل المعمعه أسرع بطلب قطعة جاتوه لأتسلى بها اثناء الأستراحه البكائيه .. و افرد الجريده لأقرأها متلذذا بتناول الحلوى .. و تنخرط عشتار فى نوبتها المعتاده .. و لأن الله حبانى بحاسة سمع مرهفه .. ولأننها فى وسط المكان بالظبط .. تترامى ألى أذنى تعليقات السيدات الجالسات حولنا ولا يعرفونا
شوفى و النبى قلة الذوق ؟ يعيطها و يقعد ياكل جاتوه ؟
ألهى يطفحه .. ماهو باين عليه مفترى و هى ياعينى رقيقه
و الله خسارتها فيه .. شوفى شعرها جميل ازاى ؟؟ و يعيطها الأقرع ده .. جته نيله
هم الرجاله كلهم كده .. دى ضفرها برقبته .. منه لله
ماتسيبه و خلاص .. هى أيه اللى مقعدها معاه ؟
شكلها غلبانه قوى .. و تلاقيه مفترى و خايفه منه
أشعر بالخطر المحيط بشخصى من الرأى العام .. و عشتار غاطسه تحت شعرها الأسود المنسدل على وجهها و يديها الدقيقتين ..و منهمكه فى البكاء .. أمد يدى محاولا تنبيهها ألى ضرورة أنهاء السيل حالا .. أنا ممكن أنضرب هنا لو مابطلتش عياط ..
عشتار .. عشتار
سننيييفف
طيب بس لو ممكن تبطلى عياط دلوقتى و تكملى فى حته تانيه ؟.. أو فى البيت
سسسسنييففففف
طيب .. اقولك نكته
سسسسسنننننننننننننننييففففففففففف
طب اصل يعنى .. لو ممكن .. يعنى
عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
و تتوالى التعليقات
الله يخرب بيته .. و تلاقيه متجوز عليها ولا عامل مصيبه
ماهم كلهم كده .. صنف يستاهل الحرق بجاز
أتذكر فورا أن عشتار تتميز أيضا بنوع من الطفوليه الشديده .. فهى سريعة التصديق لأى شىء .. فاقول لها بسرعه و بصوت مبهور .. ايه ده ..؟ شفتى البغبغان ؟ و أشير ألى ماوراء ظهرها .. و يحدث ماتوقعته بالظبط .. تستدير بكليتها للخلف و تفتح عينيها باحثه عن البغبغان
..
هاهاهاه .. عليكى واحد .. تستدير ألى و هى تبتسم من تحت دموعها .. و أضحك أنا فتبدأ هى فى الضحك بوجه غارق فى الدموع و تبدأ نوبه من السخريه و التريقه و الضحك على طفولتها و أيضا شكل اصابعها شديدة الصغر .. و ننخرط فى موجة ضحك و تأتى التعليقات مره أخرى من عجوزات الفرح الجالسات حولنا بعيون مفترسه باحثات عن أى جنازه يشبعن فيها لطم
آآآه شفتى بقى دلع البنات
أيوه و النبى .. ظلمنا الراجل
ماهو كهن النسوان ده هو اللى ساعات بيودى فى داهيه
أيوه طبعا .. كيدهن عظيم
و النبى شكله طيب و تلاقيها بتدلع عليه كده عشان يحايلها
آه .. هو فعلا شكله عبيط و برياله و بيصدقها
هاهاهاه أضحك من قلبى .. أنقلب الرأى العام متعاطفا معى .. و عشتار الآن مبتسمه و طبعا لم تسمع أغلب التعليقات .. فشعرها المنسدل على أذنيها و انهماكها فى البكاء ثم البغبغان المزعوم ثم الضحك منعوها من التركيز فى المناخ المحيط بنا كما فعلت أنا
__________________
أنا باقرف من القطط .. بس .. لكن مش باخاف طبعا
هذا ما تقوله عشتار .. و اعديها بمزاجى . اللى يقرف من القطه يهشها .. يشوطها .. يدور وشه الناحيه التانيه .. لكن اللى يصرخ و ينط مترين فى الهوا مايبقاش قرفان .. يبقى خايف ..
فى أغلب الأماكن السياحيه فى وسط البلد أعتقد أنه يتم توزيع عدد واحد قطه على كل تلات أو اربع مواطنين .. قطط الشارع منتشره جدا فى القاهره
مش فاهمه أنتوا بتتعاملوا ازاى مع القطط دى .. انتوا شعب غريب
تعلق عشتار و أنا أحكى لها عن والدتى التى تحتفظ فى البيت الكبير بحوالى عشر قطط .. و نمضى ألى حالنا نجلس فى أحد أماكن اعتدنا التواجد فيها .. لأجد عشتار كل خمس دقايق تنظر ألى جهة ما بذعر و تهم بالوقوف ..فأسارع بالنظر ألى ذات الجهه لأرى قطه تتمشى بهدؤ أو تتقافذ بشقاوه .. و تتركز مهمتى هنا فى تطمينها و هش القطه .. طبعا أحيانا ماتفلت منى قطه أو اثنتين .. أعلم عن اقتراب أيهم عند سماع الصوت الذى اعتدته أيضا .. يييييييييييييييييييييييييييييييييااااااااااااااااااااااااااااااااااا
و قفزه فى الهواء .. أسرع بالتشليت فى الهواء لهش القطه التى جرؤت و اقتربت لمسافه خطيره من عشتار تقل عن عشرة أمتار !!! و نتعايش مره أخرى .. و ننخرط فى حوارنا و تواصلنا الأنسانى
_____________
عميقة التحليل عشتار , طبيعتها و ثقافتها و ايضا تدريبها العملى جعلاها تستطيع تحليل المواقف بشكل شديد الدقه و الواقعيه .. ايضا يميزنا معا قدرتنا على التعامل مع أخطائنا .. فما أن يثبت لأحدنا خطأ وجهة نظره حتى يستجيب فورا للرأى الآخر و يعيد ترتيب أفكاره و وجهة نظره .. أعتقد أن هذا ناتج عن الأمان الذى يشعر به كلانا فى التواصل معا .. فلا خطر على أذا اعترفت بخطأ رأيى أمامها .. و هى كذلك .. كانت فى البدايه مغرقه فى العروبه .. تنهل من الثقافه العربيه مواصله مرحلة تثقيفها الأولى فى فلسطين .. كان أستاذها فى الثانوى شاعرا له دواوين و دراسات فى الشعر و الأدب العربى .. تنهل من موارد الحضاره العربيه كأنها عطشى لتثبيت هويه كادت تتوارى تحت الأحتلال .. لنصطدم بأول خلافاتنا .. أنا أرى الرافد الحضارى العربى هو أحد أسباب التخلف .. و هى ترى الرافد العربى الحضارى سفينة نوح التى ستنجو بمريديها من طوفان الغرق و الفناء
نتحاور .. أرى كما رأى الكواكبى و ابن خلدون أن الأستبداد فى الأصل صناعه عربيه .. و ترى هى و يتفق معها عمر قناوى أن العروبه حضاره تمر الآن فقط بظروف صعبه .. نتحاور .. نتشاجر مره ..ثم نصمت معا نراقب و نحلل و نتسائل .. و نطرح أسئلتنا بشجاعه و شفافيه .. و ننتهى ألى تقارب حقيقى فى وجهات النظر مع احترام راقى للأختلاف
____________
مره منذ نحو ثلاث سنوات اتخذنا بشكل فجائى قرار متهور جدا .. أننا ننبسط .. بمعنى .. أن نخرج و نتقابل بدون كآبه أو عياط أو خلافه ..
بص نخرج بقى من غير ماتقعد تقولى أزمة الليبراليه و تلعن الناصريه و الكلام المقرف ده
ماشى .. وانتى كمان لا تقولى فتح ولا حماس و لا بتاع
آه .. صح .. عاوزين ننبسط بقى مره كده ... يعنى زى الناس اللى بنشوفهم خارجين بيضحكوا
أيوه صح .. فعلا عندك حق .. نروح فين طيب ؟
الأوبرا
أيوه الأوبرا .. صح عندك حق .. ننبسط كده و مانتكلمش ف حاجه تزعل
خلاص اتفقنا
تذكرتين فى الصف الأول الفاخر .. ارتدى بذله سوداء بيير كاردان .. و أبحث فى الدولاب عن الكرافاته الأرمانى ..و قميص سان لوران .. ألمع حذائى تلات مرات مش فاهم ليه .. بس باستعد بقى .. هاننبسط أنشاء الله .. هييييييييييييييييه .. مش هانعيط .. اخيرا
تحضر عشتار بسواريه راقى جدا .. يشى بجمالها ولا يفضحه .. نبتسم من أول اللقاء ( حاجه غريبه جدا علينا بس ماشى ) نتحرك بهدوء و استرخاء ..كأننا سعداء بطبيعتنا
طبعا لأن اختيارنا الواعى هو انعكاس لحالة عقولنا الباطنه دون أراده .. فقد كانت الأوبرا التى اخترناها هى اوبرا توسكا لفيردى .. روايه رومانسيه جدا .. تنتحر البطله فى نهايتها بعد مصرع البطل فى السجن و ينتحر صديق البطل و أعداء البطل .. و يتطربق المسرح على دماغ اللى قاعدين .. نلتفت لبعض فى النهايه لنكتشف دموع تترقرق فى عيون كل منا .. ثم .. سنننيييييييييفف ... عااااااااااااااااااااااااااااا
و نمشى مطأطئى الرأس نبحث عن مكان للعشاء و استكمال نوبة الكآبه
___________
كنت من قبل أسكن فى عمارات العبور بصلاح سالم .. تحديدا أعلى محل ألفا ماركت الشهير الذى اكتشفت لاحقا أنه مغالى فى أسعاره بشده .. و اعتدت استسهالا و حمقا أن أشترى كل احتياجاتى من هناك .. و كنت امارس الحمق الرجالى المعتاد مرتين أو ثلاثه فى الأسبوع .. لأشترى اشياء لا أحتاج لها اساسا .. و أحيانا لا أعرف ماهى بالظبط .. عشتار كانت تقطن فى منطقه قريبه و قررت مره أن نذهب معا ألى ألفا ماركت للتسوق .. و أمارس طبيعتى المعتاده فى الشراء الغير مفهوم .. و هى كأريبه واعيه تبدأ فى تنبيهى بطريقة السؤال الأستنكارى أولا .. بمعنى حين آخذ شىء أضعه فى عربة تسوقى تسألنى .. ايه ده ؟ هاتعمل بيه ايه ؟؟
و لما افشل فى الأجابه على السؤال كالمعتاد .. تنظر لى بابتسامه بسيطه معناها رقيق جدا ( رجع البتاع ده يا حمار ) و أحيانا أستجيب لنظرتها و ابتسامتها الرقيقه و أحيانا لا .. فبدأت تتبع أسلوب تقريرى واضح لعلى افهم .. البتاع ده مالوش لزمه خالص .. و بكام ؟؟ كمان ؟؟ ده فى كل حته تانيه بنص التمن .. رجعه
أستجيب أحيانا و أعند بحمقى المعتاد أحيان أخرى .. فتتحرك بقوة شخصيتها الطبيعيه و تمد يدها تأخذ من عربتى ما قررت شراؤه لتعيده على الرف بحسم و حزم .. و ساعتها أستجيب طبعا
لأكتشف فى نهاية رحلة التسوق أنى دفعت ربع المبلغ الذى اعتدت دفعه أسبوعيا .. أروبه عشتار
_____________
أحكى لها كل شىء تقريبا .. حتى حماقاتى .. تعلق طبعا لكن لا تدلى برايها ألا أذا سالتها صراحة .. أو تحدثت مذعورا استنجد برأيها ... و اشهد لها بالرؤيه الصائبه فى جميع الأحوال , خلال السنوات الست الماضيه دخلت فى عشرات المحاولات للأرتباط العاطفى المستقر تمهيدا لتأسيس بيت مره أخرى يحتوينى و يحتوى أولادى .. عشتار صديقتى الصدوق عاصرت و عاشرت معى كل هذه المحاولات شاركتنى برأيها و تحليلها و رؤيتها , ساندتنى حتى فى حماقاتى .. و احترمت اختياراتى كلها حتى العبيط منها .. بعض المحاولات تطورت بشكل جيد و بعضها لم يصمد لأيام .. منهم علاقه انتهت بخطبه رسميه فعلا منذ نحو سنتين .. كانت الخطيبه سيده سكندريه مناسبه من حيث الظروف الأجتماعيه .. أيضا رغم ارستقراطيتها الواضحه قبلت بظروفى الماديه وقتها و تمت الخطبه الرسميه .. عشتار كانت فى غاية السعاده .. فعلا فرحانه أن صديقها الصدوق أخيرا سيستقر .. و يكون لها بيت مفتوح فى القاهره كبيوت أخوانها فى فلسطين .. ساندتنى بل وضغطت على لمقاومة حالات التململ المعتاد التى تنتابنى بعد البدايه بقليل .. شجعتنى على الأستمرار بل و تكرار زيارة الأسكندريه أكثر من مره فى الأسبوع .. خلال شهر تقريبا من الخطوبه بدأت المتطلبات الغير منطقيه من خطيبتى .. و بدأت الضغوط الغير مفهومه .. أشهد بأن عشتار كانت دوما ماتجد لخطيبتى مبرر لما تفعله .. و اطلع فى الآخر أنا اللى غلطان و باتدلع
انتهت الخطبه و لم أخبر أحد بسبب أنهائها حتى عشتار نفسها .. و بما أنى بدأت الأعترافات ...فليكن .. فى آخر مكالمه هاتفيه مع الخطيبه المذكوره طلبت منى الحضور العاجل للأسكندريه لحضور حفل عيد ميلاد ابنة صديقتها .. كنت وقتها مرتبطا بعدة أعمال فى القاهره و اعتذرت عن الحضور .. فما كان منها ألا أن تطاولت قائله : يعنى لو كانت عشتار هى اللى عزمتك كنت رفضت تيجى برضه .. كان رد فعلى فورى و صريح جدا .. خلعت الدبله من يدى على الفور .. فقد أحتمل الكثير من الرعونه الأنثويه ألا التطاول على علاقتى بعشتار .. لم أذكر لأحد ولا لعشتار حتى الآن سبب فسخ الخطوبه بل و احتملت تقريظ عشتار لى على فسخ الخطوبه .. لكن بما أن المسأله اعترافات .. يبقى نعترف
_________________
عشتار لها قدره فائقه على السرد .. كما أنها رغم غزارة قرائتها ألا أن لها ذاكره حديديه فى الأدب ..و بما أن فى أسرائيل يتم ترجمة نحو أربعمائة كتاب فى الشهر بينما فى مصر يتم ترجمة أقل من مائه كتاب فى السنه .. و بزياراتها المتكرره لأهلها هناك .. فعشتار مطلعه على أحدث الأصدارات الأدبيه التى نحرم منها هنا نحن فى عهد الرئيس المثقف الحالى .. نهايته .. تقرأ عشتار الكتاب أو الروايه .. و بذاكره حديديه و قدره رائعه على الألقاء تحكى لى القصه .. فى جلساتنا الشبه يوميه ..منها سمعت / عايشت قانون الأربعه ..أشرار و طيبون .. و غيره و غيره .. كلمتها اليوم و قد انهت مؤخرا قصة بوابة العقرب ..و أنتظر عودتها سالمه لتحكيها لى بأسلوبها الشيق فى ليل الشتاء الطويل
___________
أكتبى يا عشتار
أكتب أيه ؟ و بعدين أنا ماباعرفش اكتب زيكم .. ماعنديش موهبه
أكتبى يا عشتار
مش عارفه بس طب و بعدين ؟ لو كتبت يعنى هايحصل أيه ؟
اكتبى يا عشتار
فى النهايه و تحت ألحاح شديد تستجيب عشتار .. و تبدأ التدوين .. و تفاجأ بترحاب القراء و الأصدقاء بها و تقديرهم .. و تنضم ببساطتها و تلقائيتها لشلة وسط البلد .. بل و تصبح نجمه تضىء اجتماعاتنا .. مستغرقه فى عروبتها و ملتحمه بمصريتنا .. و متمسكه ألى أقصى حد بأنسانيتها
تطرب لألحان فنان الشعب .. تقع فى غرام و احترام توتا ..تضحك لعمايل عمر قناوى و تنبهر بثقافة جرجس .. تصير منا أكثر ممن هم بالميلاد منا
فى أجواء احتفاليه هذه الأيام أفتقد وجود عشتار ألى درجه كبيره ..أشتاق لحواراتنا .. و آرائها .. أحبس بداخلى نقاط نقاش كثيره انتظارا لعودة عشتار لأنى ببساطه .. لا أجد سواها أطمئن لمناقشته
و أجدنى أقول لها ببساطه و عمق
وحشتينى